اماري (ميكيله) Amari (Michele-) - Aسياسي ورجل دولة ومستشرق ومؤرخ إيطالي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اماري (ميكيله) Amari (Michele-) - Aسياسي ورجل دولة ومستشرق ومؤرخ إيطالي

    اماري (ميكيله)

    Amari (Michele-) - Amari (Michele-)

    أماري (ميكيله ـ(
    (1806 ـ 1889)

    ميكيله بنيتوغايتانو أماري Michele Benedetto Gaetano Amari سياسي ورجل دولة و مستشرق ومؤرخ إيطالي من صقلية. ولد في بالرمو وتوفي في فلورنسة. نشأ في منزل جده لأبيه الذي كان محامياً متوسط الحال، وأخذ عنه ميكيله أماري اسمه، أما والد أماري فيدعى فرديناندو وأمه جوليا فنتوريلي. كان أبوه كاتباً متواضعاً في مصرف بالرمو، ومن رجال السياسة وهاوياً للعب الميسر، وقد كلفته هوايته هذه خسائر فادحة واضطرته إلى الانتقال مع زوجته إلى منزل متواضع في عام 1814 تاركاً ابنه ميكيله في رعاية جده، ولكنه ظل على اتصال به، وكان سبيله إلى الاحتكاك بالأوساط السياسية الليبرالية في بالرمو، وغذى فيه روح العداء للأرستقراطية الموالية للحكم الفرنسي في صقلية ونابولي ولدستور عام 1812م. وكانت صقلية في هذه الحقبة تحت حكم فرع من أسرة البوربون الفرنسية في نابولي.
    كانت دراسة ميكيله خصوصية على يد قساوسة ضعيفي الإيمان درس فيها موضوعات أولية وعامة في مدى أربع سنوات من الدراسة الثانوية، واضطر بعد ذلك إلى التفرغ للعمل في وظائف متواضعة من أجل إعالة والدته وأخته وأخويه الصغيرين بعد أن توفي جده وسجن والده لتورطه في مؤامرة سياسية سنة 1822م. ولكن العمل لم يمنع أماري من متابعة تثقيف نفسه ذاتياً، فراح يتعمق في دراسة الآداب اللاتينية وإتقان اللغتين الفرنسية والإنكليزية، وكان تأثره كبيراً بكتابات فولتير[ر] وروسو[ر] ووالتر سكوت[ر] وغيرهم، كما صب اهتمامه على مطالعة مؤلفات كبار المؤرخين، وكان يتردد على الأوساط السياسية المعتدلة ذات النزعة الاستقلالية الدستورية، وترجم في هذه المرحلة لعدد من الكتاب الإنكليز مثل: «آثار سرقسطة» لتوماس ستيوارت (1832) و«ماريوم» لوالتر سكوت (1833) و«التكوين والموت» لفرانشسكو بيراني (1833)، وكان لنشاطه الأدبي فضل التخفيف من ميوله السياسية فلم يتورط في ثورة بالرمو عام 1830، وشدته المعارك اللغوية إلى الانحياز إلى جانب اللغويين المتشددين المدافعين عن نقاء اللغة الإيطالية وتخليصها من الكلمات الدخيلة، فانتخب عضواً في مجمع (أكاديمية) العلوم والآداب الصقلي. وأصدر مع زميلين آخرين قائمة بالكلمات المعاصرة غير الداخلة في المعجم الإيطالي وما يقابلها من مفردات أصيلة (1835).
    حاول أماري ولوج باب الأدب بكتابة روايات تاريخية عن أحداث صقلية من القرن السابع حتى عام 1820 مستنداً إلى الوثائق المتوافرة وأحكام محكمة البداية في صقلية التي كـان قد جمعها عام 1822، وإلى مذكرات الشخصيات الصقلية وشهود العيان، وأراد بذلك عـقد موازنة بين الثورة الفرنسية وثورات الجزيرة وأوجه الشبه والخلاف بينها، ولكنه تعرض إلى مضايقات كثيرة اضطر إثرها إلى الاقتصار في كتاباته على البحث التاريخي. وقد انقطع عن اهتماماته هذه مدة في عام 1837 بسبب انتشار وباء الكوليرا في الجزيرة والفوضى التي عمت البلاد بسببها، وكان لأماري خدمات جليلة في مكافحة الوباء وأعمال الإنقاذ. وعمدت حكومة نابولي بعد انتهاء الأزمة إلى تطبيق قوانين جديدة لزيادة مركزية الحكم فأبعدت عدداً من الموظفين الصقليين عن مواطنهم وفيهم أماري الذي نقل إلى وظيفة في وزارة العدل في نابولي، ومع ما لقيه أماري من عنت لهذا الإبعاد فقد أتيح له الاطلاع على مصادر جديدة للمعلومات من سجلات نابولي، فشرع في كتابة مؤلفه التاريخي الشهير «حرب الفيسبرو الصقلية» La Guerra del Vespro Siciliano، وهي الحرب التي شهدتها الجزيرة إثر صلاة الغروب ILVespro في يوم جمعة الفصح سنة 1282 وذبح فيها نحو 8000 فرنسي، وانتهت إلى عقد معاهدة 1302م التي ضمنت استقلال صقلية. نشر مؤلفه هذا أول الأمر تحت اسم «حقبة من تاريخ صقلية في القرن الثالث عشر» (1842) Un periodo delle istorie siciliane del secolo XIII ونال الكتاب حظاً وافراً من النجاح، وغدا مرجعاً للدراسات التاريخية المتصلة بالجزيرة وأعـيدت طباعته مع إضافات وتنقيحات في حياة المؤلف تسع مرات، وكان مصدر إلهام لدعاة الاستقلال. وقد أراد أماري من كتابه هذا إلقاء الضوء على الأحقاد التي مزقت الجزيرة طوال خمسة قرون ونصف، ولكنه لم يسلم من المضايقات والاضطهاد وملاحقة رجال الأمن فاضطر إلى الهرب خفية إلى فرنسة، واستقر في باريس حيث رحبت به الأوساط الثقافية، وكانت نقطة تحول أساسية في توجهه الثقافي، فانكب على دراسة اللغة العربية وآدابها على يد جوزيف رينو Joseph Toussaint Reinaud وغيره من المختصين باللغة العربية. وكان اهتمامه منصباً على إعادة النظر في تاريخ صقلية في الحقبة السابقة لحكم النورمان. وتمكن أماري في مدة وجيزة من إحراز تقدم سريع في إتقان العربية وتحقيق عدد من النصوص لابن الأثير وابن حمديس الصقلي وابن جبير وابن ظَفَر الصقلي وغيرهم وترجمتها والتعليق عليها باللغة الفرنسية، كما شرع في هذا الوقت بتأليف كتابه «تاريخ مسلمي صقلية» Storia dei Musulmani di Sicilia.
    عاد أماري إلى صقلية في عام 1848 وقد عمت الثورة الصناعية أنحاء أوربة ورافقتها تبدلات اجتماعية جوهرية، فعين أستاذاً للحقوق في جامعة بالرمو، كما انتخب عضواً في اللجنة الثورية الصقلية ونائباً في البرلمان ثم وزيراً للمالية. وبقي في منصبه هذا خمسة أشهر، وانتدبته الحكومة الصقلية للحصول على دعم الحكومتين الفرنسية والإنكليزية واعترافهما باستقلال صقلية عن نابولي، ولكنه لم يحقق نجاحاً يذكر. ولما استأنفت نابولي هجومها على الجزيرة في نيسان 1849 واستسلمت بالرمو لجأ أماري إلى فرنسة مجدداً، وعين هناك مديراً لمكتب المخطوطات العربية في المكتبة الامبراطورية في باريس، وتفرغ في هذه المدة لمتابعة بحوثه حول انتشار الإسلام وأثره في إيطالية عامة وصقلية خاصة.
    وفي عام 1859 استدعي أماري لتدريس مقرر اللغة العربية والتاريخ العربي في جامعة توسكانة Toscana في إيطالية، ثم انتقل إلى العمل في جامعة بيزة Pisa ثم في معهد الدراسات العليا في فلورنسة. وأتاحت له حكومة كافور العودة إلى ممارسة السياسة فانضم إلى لجنة إغاثة الثورة الصقلية في فلورنسة، وعاد إلى صقلية بعد أن نزل غاريبالدي بقواته في مرفأ مارسالة Marsala الصقلي، وتوج فكتور عمانوئيل ملكاً دستورياً على إيطالية الموحدة. وانتخب أماري نائباً في أول مجلس للنواب في إيطالية وعين وزيراً للتعليم في الحكومات التي تعاقبت على الحكم في النظام الجديد حتى عام 1864، ثم عاد إلى التدريس في جامعة فلورنسة حتى إحالته على التقاعد في عام 1866.
    تزوج أماري في عام 1865 من الفرنسية لويز بوشير التي أنجبت له ثلاثة أولاد. واقتصر نشاطه حتى وفاته في فلورنسة على الدراسة والبحث، وعلى إعادة نشر كتبه بعد تنقيحها والتوسع فيها، ولاقى ترحيباً كبيراً من الأوساط العلمية والأدبية في كل أوربة، ومنحته عدة جامعات لقب الدكتوراة الفخرية كما حاز أوسمة وجوائز علمية قيمة.
    كان ميكيله أماري كاتباً ومؤرخاً موهوباً وسياسياً معتدلاً وفياً لمبادئه ووطنه ولاسيما مسقط رأسه صقلية، وكان سريع التعلم متقنا عدة لغات، واستطاع بفضل مثابرته وتعمقه في البحث وسعة اطلاعه وضع مؤلفات قيمة عُدّ بعضها من المراجع المهمة في تاريخ صقلية وإيطالية، وقد نشر بعضها في حياته وبقي قسم منها مخطوطاً لم ينشر. وتبرز اهتمامات أماري الفلسفية والتاريخية في ميدان الاستشراق في معظم مؤلفاته مع أنه لم يقم بأي زيارة إلى أي بقعة من البقاع العربية. ويشفع له حسه التاريخي ومقدرته على استنباط القضايا الجوهرية في قصور كفايته اللغوية والنحوية في ميدان اللغة العربية، وخاصة عند تصديه لأعمال أدبية أو شعرية تغلب عليها الصنعة، ويتطلب التلاعب بالألفاظ فيها قدراً كبيراً من الخبرة والممارسة، ومع ذلك فقد استطاع أماري تطويع نصوص عربية لم تكن معروفة من قبل وكان موضوعيا في طرح أفكاره، دقيقا في انتقاء مراجعه. ويبقى مؤلفه «تاريخ مسلمي صقلية» نموذجاً لفن كتابة التاريخ والبحث الكلاسيكي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكان أماري قد أمضى أعوامه الأخيرة في إعداد الطبعة الثانية من كتابه هذا ولكنه توفي قبل إنجازها، واستكملت وطبعت بعد أربعين عاماً من وفاته بإشراف كارلو نللينو وتعليقاته وفق مخطط المؤلف (1933). ويقع هذا المؤلّف في ثلاثة أجزاء تحدث فيها أماري عن تاريخ صقلية منذ العهد البيزنطي والحكم الإسلامي حتى نهاية حكم أسرة هوهنشتاوفن الألمانية وعلاقات إيطالية بالعالم الإسلامي وحوض البحر المتوسط في القرون الوسطى. وكان هدف المؤلف الواضح من كتابه هذا وكتبه الأخرى إبراز تاريخ صقلية تحت الحكم الإسلامي الذي امتد قرنين ونصف القرن (212- 484هـ/827- 1091م) وفي ظل الغالبية المسلمة حتى نهاية الوجود الإسلامي في صقلية وجنوبي إيطالية سنة 699هـ/1300م.
    ومن أعمال ميكيله أماري الأخرى: «المكتبة العربية الصقلية» (1857) وهو مختارات تاريخية وجغرافية وأدبية من المصادر العربية الإسلامية المتعلقة بصقلية، وكتاب «التعازي السياسية لابن ظفر» (1851) Solwan el Mota' Conforti politici di Ibn Zafer وهو الترجمة الإيطالية لكتاب «السلوان المطاع في عدوان الأتباع» للكاتب العربي الصقلي المسلم حجة الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن ظَفَر (497- 565هـ)، وقد أعاد نشره أماري عام 1882. وكتاب «النقوش العربية في صقلية» (1871- 1872م) Le epigrafi arabiche di Sicilia trascritte tradotte e illustrate ويقع في ثلاثة مجلدات ضمت النقوش العربية على شواهد القبور مع ترجمتها إلى الإيطالية والتعليق عليها. و«كتاب الروجري» (1878-1883م) Italia descritta nel Libro del Ruggero compilato da Idrisi وفيه وصف إيطالية المقتبس من كتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للشريف الإدريسي. وكتاب «تسجيلات عربية جديدة عن تاريخ جنوة» (1883)Nuovi ricordi arabici su la storia di Genova تناول فيه أثر الحملات العربية في الموانىء الإيطالية ونتائجها. كذلك نشر أماري عدداً غير قليل من المقالات والتراجم والرسائل والتعليقات ومنها: «مقتطفات عربية حول تاريخ إيطالية»، ووصف بالرمو في أواسط القرن العاشر الميلادي منقول عن كتاب «المسالك والممالك» لابن حوقل مع ترجمة النص إلى الفرنسية (1845) ووصف رحلة ابن جبير إلى صقلية في عهد وليم الطيب مع الترجمة الفرنسية، و«التاريخ الزمني للقرآن» Chronologie du Coran وغير ذلك.

    هيام جلاد
يعمل...
X