كيف أصبح جيف بيزوس أغنى رجل في العالم؟
- 18 مايو 2021
- 2,309
- 1
مع حلول عام 2021، أصبح جيف بيزوس أغنى شخص على وجه الأرض، إذ تجاوزت ثروته الشخصية قيمة ثروتي كل من بيل غيتس ووارين بافيت. تصدّر بيزوس قائمة مجلة فوربس لأغنى 400 شخصية أمريكية لعام 2020 إذ بلغ صافي ثروته 173 مليار دولار. وارتفعت قيمة ثروته إلى 177 مليار دولار عام 2021 كما ورد في قائمة بليونيرات العالم التي أصدرتها المجلة ذاتها.
أسهَم متجر أمازون، عملاق التجارة الإلكترونية الذي أسسه ويرأسه بيزوس، في نسبة 5% من مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة، وفي نسبة هائلة بلغت 49.1% من الإنفاق الرقمي عام 2018. ومع تغير سلوكيات البشر والمؤسسات بفعل الرقمنة وثورة الحوسبة السحابية، فإنه من المتوقع أن نشهد ازدهارًا أكبر في أمازون: المتجر الإلكتروني الرائد، ومنصة الحوسبة السحابية: أمازون لخدمات الويب، ما يعني المزيد من الأخبار الجيدة لمؤسسها.
عندما طرأت على بيزوس فكرة تأسيس متجر الكتروني، حاول رئيسه، مدفوعًا بحسن نيته، ثنيه عن ترك عمله المستقر في E.D. Show، لكن لطالما كان حلم بيزوس، الذي نشأ في كنف أمه المراهقة وزوجها المهاجر الكوبي، هو خلق شيء مختلف إذ قال في مرة لأستاذه في المدرسة: «إن مستقبل الإنسان ليس على كوكبنا هذا».
يملك جيف بيزوس موقعًا الكترونيًا هو BezosExpeditions.com يتضمن تفاصيل عن 34 من أكبر مشاريعه واستثماراته وأعماله الخيرية. ويتوافق اسم «expeditions الإرساليات» مع عدم تركز استثمارات بيزوس في صناعة أو قطاع معين، إذ إنها تمثل استكشافًا للكثير من مجالات العمل والأفكار المختلفة بما يشمل الحوسبة السحابية والروبوتيات والتكنولوجيا الحيوية وحتى الزجاج المنفوخ منزليًا!
أمازون: أبعد من مجرد متجر كتب
تخرج بيزوس، صاحب النظرة المستقبلية إلى التكنولوجيا، في جامعة برنستون، متخصصًا في علوم الكمبيوتر والهندسة الكهربائية. ورفض بعد ذلك عروض عمل من شركات مثل Intel وBell Labs لينضم إلى شركة ناشئة تدعى Fitel. ثم تابع مساره مطلِقًا خدمة إرسال الأخبار عبر الفاكس بالشراكة مع هالزي ماينور مؤسس موقع CNET. وبعد فشل المشروع، انضم إلى صندوق تحوط يدعى D.E. Shaw وبدأ يصعد السلم الوظيفي حتى أصبح أصغر من يتولى منصب كبير نواب رئيس الشركة في غضون أربع سنوات فقط.
كان يمكن أن يبقى بيزوس في وول ستريت طيلة حياته المهنية، لولا أن افتُتن بمعرفة حقيقة إن معدل نمو شبكة الإنترنت بلغ 2300% عام 1995 وعندها عاجلته فكرة إنشاء أمازون، وبدأ الرئيس المستقبلي باختيار لائحة من 20 نوعًا من المنتجات يمكن بيعها على الشبكة.
بدأ Amazon.com منصةً لبيع الكتب، واتخذ، في المراحل الأولى، من مرآب سيارات فيه مدفأة عتيقة مقرًا له. استثمر بيزوس 10,000 دولار من أمواله في الشركة التي تكونت منه شخصيًا مع زوجته واثنين من المبرمجين. وقد عقد هؤلاء معظم اجتماعاتهم في متجر الكتب Barnes & Noble المجاور.
أُطلِق أمازون في يوليو عام 1995، ولم يكد يمضي شهر، حتى كان قد باع كتبًا في كل واحدة من الولايات الأمريكية، وفي 45 دولة حول العالم.
تجاوز التوقعات
في أثناء السنة الأولى من عمر أمازون، حاول جيف بيزوس إقناع الممولين عبر توقع بلوغ المبيعات 74 مليون دولار بحلول عام 2000. وتبين لاحقًا أنه استخفّ بما سيتحقق إلى حد بعيد، إذ بلغت المبيعات 1.64 مليار دولار في عام 1999 وحده!
عندما نفدت الأموال التي استثمرها والدا بيزوس وعائلته، تدبر بعدها بجمع مليون دولار من الاستثمارات الأولية، إذ ساهم نحو 20 مستثمرًا من الأفراد بمبلغ 50,000 لكل منهم، أي حصة نسبتها 1% تقريبًا. وبافتراض احتفاظ كل مستثمر بحصته كاملة، واستبعاد الأثر المخفِف للاستثمارات اللاحقة، فإن قيمة كل استثمار تضاعفت 334,200 مرة، وتبلغ الآن نحو 16.71 مليار دولار. وفي يونيو 1996، حصل متجر أمازون على استثمار بقيمة 8 مليون دولار من شركة رأس المال المغامر Kleiner Perkins.
طُرحت أسهم أمازون للتداول في مايو 1997، من ثم كانت واحدة من قلائل الشركات الناشئة الناجية من انفجار فقاعة الإنترنت. ومع تنويع المنتجات المعروضة وترسيخ موقعها الريادي في السوق، حلّقت المبيعات السنوية مرتفعةً من 511,000 دولار عام 1995 إلى 3 مليارات دولار عام 2001. في 2013 كشف بيزوس عن خططه الأولية لإطلاق شركة تعتمد على اشتراكات الجمهور هي Amazon Prime وأخرى هي Amazon Prime Air لتوصيل البضائع باستخدام الطائرات المسيرة.
كان بيزوس من أوائل الذين استثمروا في غوغل عام 1998. ورغم عدم الكشف عن حجم حصته التي احتفظ بها بعد الاكتتاب الأولي عام 2004، فإن 250,000 دولار استثمرها في حينه تساوي مليارات الدولارات الآن.
في أغسطس 2013 دفع قطب الأعمال 250 مليون دولار مقابل شراء صحيفة الواشنطن بوست، ليشهد عدد متابعيها وزوار موقعها نموًا انفجاريًا منذ ذلك الحين. وفي أكتوبر 2015 تفوقت على نيويورك تايمز في عدد المتصفحين على الإنترنت من داخل الولايات المتحدة.
ينعكس هذا النمو الاستثنائي في سعر سهم الشركة الذي تضاعف بين يناير 2015 ويناير 2021 بمعدل 400%، وارتفع في سنة واحدة بين يناير 2020 ويناير 2021 بنسبة 75%.
منذ 2020 امتلك بيزوس 15.1% من الشركة التي أتمت عقدها الثاني، ما جعلها أكبر مصادر ثروته. وفي الفترة بين عامي 2017 و 2019 باع بيزوس أكثر من مليون سهم وتنازل عن المزيد لصالح زوجته السابقة في إطار إجراءات طلاقه منها. وقد بين الإعلان الصادر عن اجتماع الشركة السنوي لعام 2020 أن بيزوس يمتلك أكثر من 75 مليون سهم.
يتباهى أمازون بأنه حقق مبيعات صافية قدرها 280.5 مليار دولار في السنة المالية 2019
العقارات
يحتفظ بيزوس أيضًا باستثمارات تقليدية مثل العقارات، إذ استحوذ على مزرعة ذرة تبلغ مساحتها 66,770 هكتارًا، تُستعمل قاعدةً لعمليات لشركة أبحاث الفضاء Blue Origin، وموقع اختبار الهبوط العمودي للصاروخ المأهول New Shepard.
وتتضمن استثماراته العقارية الشخصية ممتلكات في ساحلي الولايات المتحدة الشرقي والغربي. إذ لديه منزلان في بيفرلي هيلز تبلغ قيمة كل منهما بضعة ملايين من الدولارات، وشقة مساحتها 10,000 قدم مربع في Century Tower في مانهاتن سعرها يقارب 10 ملايين دولار، الأمر الذي دفع بقيمة العقارات في ذلك المبنى إلى مزيد من الارتفاع ليتراوح سعر القدم المربع بين 2,000 و3,000 دولار.
يمتلك جيف بيزوس أيضًا عقارًا على شاطئ بحيرة في ولاية واشنطن كان أنفق عليه 28 مليون دولار في سبيل زيادة مساحة السكن لتقارب 30,000 قدم مربع.
في 2012، اشترت أمازون مبنى يدعى South Lake Union في سياتل مقابل 1.5 مليار دولار ليصبح مركزًا رئيسًا للشركة ويجعل منها أحد أكبر مُلّاك العقارات التجارية في المدينة. إضافة إلى امتلاك أمازون نحو دزينة من المباني تعادل مساحة مكتبية تصل إلى مليوني قدم مربع وتقريبًا 100,000 قدم مربع من المساحة التجارية.
ذكرت صحيفة سياتل تايمز في تقرير صادر في أغسطس 2017 إن المساحة المكتبية التي تملكها أمازون في سياتل تعادل ما تمتلكه أكبر 40 شركة في المدينة مجتمعة.
التبرعات الخيرية
أعطى بيزوس مبالغ ضخمة إلى الأعمال الخيرية. فإضافةً إلى تمويل مؤسسة آل بيزوس كثيرًا من المشاريع التعليمية، تبرع جيف شخصيًا بملايين الدولارات إلى كل من متحف التاريخ والصناعة في سياتل، وجامعة برينستون التي تخرج فيها.
في يناير عام 2018 أعلن جيف وزوجته السابقة مكنزي عن تبرعهما بمبلغ 33 مليون دولار إلى منظمة TheDream.US، التي تتعامل مع الشباب من المهاجرين غير الشرعيين الذين دخلوا أطفالًا إلى الولايات المتحدة، وتسهل وصولهم إلى التعليم الجامعي، عبر مِنح دراسية تعطى إلى 1000 من خريجي الثانويات الأمريكية المشمولين ضمن خطة خاصة تتبعها إدارة الهجرة.
الاستثمار في الإعلام والتكنولوجيا المتقدمة وصناعة الزجاج والسفر
يهوى بيزوس الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والإعلام وخدمات الاتصالات التي تسهل التواصل بين البشر، ويحب أيضًا الاستثمار في أي فرصة واعدة ومربحة. إذ اختار من قطاع الإعلام والاتصالات أن يستثمر في Twitter Inc، وفي موقع الإنترنت الشهير والمختص بعالم الأعمال Business Insider. واستحوذ على الواشنطن بوست، وأيضا منصتي التواصل ZocDoc Inc. وNextdoor.
أما في قطاع التنقل فاستثمر 35 مليون دولار في خدمة التوصيل Uber. وقد أظهر تقدم أمازون الكبير في مجال خدمات الحوسبة السحابية مدى الأهمية التي يوليها جيف إلى هذه الخدمات التي تعدت حدود شركته، بل إن أحد أنجح استثماراته كان في Workday Inc الشركة التي تقدم خدمات الموارد البشرية عبر الحوسبة السحابية. فقد طرحت أسهم الشركة للاكتتاب العام بعد أن استثمر بيزوس فيها مباشرةً، الأمر الذي عاد عليها بمبلغ 684 مليون دولار.
وفي مجال أعمال تجارة التجزئة التقليدية، استثمر بيزوس في شركة GlassBaby التي تصنع حوامل شموع زجاجية بطريقة النفخ.
يستطيع جيف بيزوس مع ازدهار ثروته الهائل، تحقيق حلم طفولته في أن يصبح رائد أعمال في مجال الفضاء. إذ يخصص مليون دولار في كل عام لصالح شركة أبحاث الفضاء خاصته Blue Origin، التي كانت في 2016 من أوائل الشركات التجارية التي أطلقت صاروخًا قابلًا لإعادة الاستعمال. وفي 18 يوليو 2018، أرسلت الشركة مركبة الفضاء New Shepard إلى ارتفاع كبير، واختبرت بنجاح أنظمة السلامة فيها.