معرض آيات الزعبي وجومانة مرتضى.. اختزال تدريجي وتشكيل بالكولاج واللون
ثقافة
# صحيفة الثورة آخر تحديث 24 آب , 2023 بتوقيت دمشـــق
أديب مخزوم:
معرض آيات الزعبي وجومانة مرتضى، في قاعة آرت هاوس، الذي حمل عنوان ( ألوان ) يشكل فسحة حوار بين فنانتين شابتين من جيل واحد، ومن نفس دفعة التخرج، في كلية الفنون الجميلة، وهما تلتقيان في اتجاههما نحو الاختزال التدريجي في صياغة عناصر المشهد الطبيعي، وتفترقان في أن آيات تصل إلى مساحات اللون باستخدام صفحات ورقية كولاجية، أما جومانة فتستخدم خليط مواد مختلفة ( ميكست ميديا ) في تشكيل لوحاتها.
– آيات الزعبي..
لوحات الفنانة (آيات الزعبي) بقياساتها المختلفة، تشكل امتداداً لأعمالها التي سبق وشاهدناها في معارض سابقة، وهي قائمة على طريقة أو تقنية إلصاق قطع وقصاصات ورقية من المجلات والصحف، ولقد أصبحت لوحاتها الكولاجية الورقية، متجهة أكثر نحو التجريد الذي يوحي بإيقاعات المنظر الطبيعي المحلي، ولوحاتها قائمة على استبدال الألوان المستوردة والجاهزة، بألوان الكولاج الورقي، وهذا يعبر عن تقشف حياتنا الراهنة، رغم أن الكولاج يمنح لوحاتها تأثيرات بصرية لايمكن الوصول إليها بطريقة أخرى.
وعلى هذا فهي تعتمد على التشكيلات الورقية الملونة عبر مساحات متجاورة ومتداخلة تعطيها بصمة وأسلوبية خاصة، وفي حين كانت تعتمد في السابق أكثرعلى مشاهد أحياء دمشق القديمة، تبدي في هذه المرحلة رغبة بتقديم تشكيلات أكثر ميلاً نحو إيقاعات المشهد الخلوي، تتخلله ألوان وكتابات مطبوعة.
ولعل هذا الإيقاع أو تلك الرغبة البادية في ابتداع تكوينات جديدة متملصة من مواضيعها السابقة، أضفت حركة راقصة، وذهبت إلى بلورتها بالتشكيلات الورقية، التي تتهافت بإيقاع موسيقي بصري كامل أمام أعين المشاهدين.
وهي تصل في هذه المجموعة من اللوحات ( بعضها بقياسات كبيرة ) إلى إضفاء أسلوب التجريد الورقي أو القريب من التجريد، والأقرب إلى التشكيل الهندسي العفوي، الذي يكسر حدة المساحات المنتظمة ( حيث نجد أحياناً مساحات تأخذ أشكال المستطيلات والمربعات والزوايا ) كل ذلك بلغة فنية بحتة، لاتقع في هاوية الخطاب التقريري والأدبي والسردي، وإنما تترك لآصداء الحوار التشكيلي البصري، مساحة من الحرية التعبيرية والفنية والتقنية، ولعل هذه الفكرة التي انطلقت منها، تجعلنا نتذكر نوافذ الفن الكولاجي، الذي أطلقه في العقد الأول من القرن العشرين الفنان الفرنسي (جورج براك) الذي يعتبر واحداً من رواد ظهور النهضة الحديثة في الفن الكولاجي المعاصر، إلى جانب فنان العصر بابلو بيكاسو.
– جومانة مرتضى..
وفي أعمالها تقدم الفنانة ( جومانة مرتضى ) بعض الحلول التشكيلية الجديدة، المستمدة من أختبار المناخ اللوني الضبابي والشاعري، والذي يترك خلفه تشكيلات قريبة من التجريد اللوني، المنطلق من أجواء الطبيعة الخلوية، وتبدو أكثر اتجاهاً في أعمالها نحو التبسيط والاختصار والاختزال، وصولاً إلى طريقة التعبير بحركات لونية سريعة، عن تداعيات الحالة الداخلية الانفعالية في حركات المساحات المتلاشية دون حدود أو ضفاف، وهذا يفتح أمدية داخلية في فراغ السطح التصويري، وتأثيرات بصرية ناتجة عن اختباراتها التقنية وحساسيتها البصرية.
وهي تمارس حريتها في إبراز إيقاعات اللون وتداخلات الإشارات، حتى إن ألوانها تشكل فسحة طمأنينة، وتبدو بمثابة رمز لذاكرة لونية، مع إعطاء أهمية كبيرة أحياناً للكثافة والطبقات اللونية المتراكبة، وتعمل على إظهار التوازن والتوافق بين الألون الساطعة والخافتة.
ومن الضروري الانطلاق في الحديث عن تجربة جومانة، في إطلالتها المشتركة مع زميلتها آيات، بالقول إنها تدمج في حالات استعادة إشارات الطبيعة المحلية بين التعبيرية والتجريدية.
وعلى هذا لم ترسم المشهد على الطريقة التقليدية، وإنما جسدت الإحساس بالواقع، رسمت المشاعر والأحاسيس وعفوية اللون والتصورات التي تلامس روح الأشياء في لحظة حضورها وغيابها، وثبتت إشارات الطبيعة وإيحاءاتها، وأبرزتها كرؤيا تعبيرية لما بعد الانطباع، وبذلك بدت لوحاتها قادمة من معطيات الذاكرة البصرية لا من حالات التجسيد المباشر في الهواء الطلق، وذلك لإيجاد تناغم إيقاعي بين خط الأرض وخط الأفق، والتأكيد من جديد على أهمية الانفتاح على الحرية التعبيرية في خطوات الارتباط بإيقاعات الحداثة التشكيلية.
ثقافة
# صحيفة الثورة آخر تحديث 24 آب , 2023 بتوقيت دمشـــق
أديب مخزوم:
معرض آيات الزعبي وجومانة مرتضى، في قاعة آرت هاوس، الذي حمل عنوان ( ألوان ) يشكل فسحة حوار بين فنانتين شابتين من جيل واحد، ومن نفس دفعة التخرج، في كلية الفنون الجميلة، وهما تلتقيان في اتجاههما نحو الاختزال التدريجي في صياغة عناصر المشهد الطبيعي، وتفترقان في أن آيات تصل إلى مساحات اللون باستخدام صفحات ورقية كولاجية، أما جومانة فتستخدم خليط مواد مختلفة ( ميكست ميديا ) في تشكيل لوحاتها.
– آيات الزعبي..
لوحات الفنانة (آيات الزعبي) بقياساتها المختلفة، تشكل امتداداً لأعمالها التي سبق وشاهدناها في معارض سابقة، وهي قائمة على طريقة أو تقنية إلصاق قطع وقصاصات ورقية من المجلات والصحف، ولقد أصبحت لوحاتها الكولاجية الورقية، متجهة أكثر نحو التجريد الذي يوحي بإيقاعات المنظر الطبيعي المحلي، ولوحاتها قائمة على استبدال الألوان المستوردة والجاهزة، بألوان الكولاج الورقي، وهذا يعبر عن تقشف حياتنا الراهنة، رغم أن الكولاج يمنح لوحاتها تأثيرات بصرية لايمكن الوصول إليها بطريقة أخرى.
وعلى هذا فهي تعتمد على التشكيلات الورقية الملونة عبر مساحات متجاورة ومتداخلة تعطيها بصمة وأسلوبية خاصة، وفي حين كانت تعتمد في السابق أكثرعلى مشاهد أحياء دمشق القديمة، تبدي في هذه المرحلة رغبة بتقديم تشكيلات أكثر ميلاً نحو إيقاعات المشهد الخلوي، تتخلله ألوان وكتابات مطبوعة.
ولعل هذا الإيقاع أو تلك الرغبة البادية في ابتداع تكوينات جديدة متملصة من مواضيعها السابقة، أضفت حركة راقصة، وذهبت إلى بلورتها بالتشكيلات الورقية، التي تتهافت بإيقاع موسيقي بصري كامل أمام أعين المشاهدين.
وهي تصل في هذه المجموعة من اللوحات ( بعضها بقياسات كبيرة ) إلى إضفاء أسلوب التجريد الورقي أو القريب من التجريد، والأقرب إلى التشكيل الهندسي العفوي، الذي يكسر حدة المساحات المنتظمة ( حيث نجد أحياناً مساحات تأخذ أشكال المستطيلات والمربعات والزوايا ) كل ذلك بلغة فنية بحتة، لاتقع في هاوية الخطاب التقريري والأدبي والسردي، وإنما تترك لآصداء الحوار التشكيلي البصري، مساحة من الحرية التعبيرية والفنية والتقنية، ولعل هذه الفكرة التي انطلقت منها، تجعلنا نتذكر نوافذ الفن الكولاجي، الذي أطلقه في العقد الأول من القرن العشرين الفنان الفرنسي (جورج براك) الذي يعتبر واحداً من رواد ظهور النهضة الحديثة في الفن الكولاجي المعاصر، إلى جانب فنان العصر بابلو بيكاسو.
– جومانة مرتضى..
وفي أعمالها تقدم الفنانة ( جومانة مرتضى ) بعض الحلول التشكيلية الجديدة، المستمدة من أختبار المناخ اللوني الضبابي والشاعري، والذي يترك خلفه تشكيلات قريبة من التجريد اللوني، المنطلق من أجواء الطبيعة الخلوية، وتبدو أكثر اتجاهاً في أعمالها نحو التبسيط والاختصار والاختزال، وصولاً إلى طريقة التعبير بحركات لونية سريعة، عن تداعيات الحالة الداخلية الانفعالية في حركات المساحات المتلاشية دون حدود أو ضفاف، وهذا يفتح أمدية داخلية في فراغ السطح التصويري، وتأثيرات بصرية ناتجة عن اختباراتها التقنية وحساسيتها البصرية.
وهي تمارس حريتها في إبراز إيقاعات اللون وتداخلات الإشارات، حتى إن ألوانها تشكل فسحة طمأنينة، وتبدو بمثابة رمز لذاكرة لونية، مع إعطاء أهمية كبيرة أحياناً للكثافة والطبقات اللونية المتراكبة، وتعمل على إظهار التوازن والتوافق بين الألون الساطعة والخافتة.
ومن الضروري الانطلاق في الحديث عن تجربة جومانة، في إطلالتها المشتركة مع زميلتها آيات، بالقول إنها تدمج في حالات استعادة إشارات الطبيعة المحلية بين التعبيرية والتجريدية.
وعلى هذا لم ترسم المشهد على الطريقة التقليدية، وإنما جسدت الإحساس بالواقع، رسمت المشاعر والأحاسيس وعفوية اللون والتصورات التي تلامس روح الأشياء في لحظة حضورها وغيابها، وثبتت إشارات الطبيعة وإيحاءاتها، وأبرزتها كرؤيا تعبيرية لما بعد الانطباع، وبذلك بدت لوحاتها قادمة من معطيات الذاكرة البصرية لا من حالات التجسيد المباشر في الهواء الطلق، وذلك لإيجاد تناغم إيقاعي بين خط الأرض وخط الأفق، والتأكيد من جديد على أهمية الانفتاح على الحرية التعبيرية في خطوات الارتباط بإيقاعات الحداثة التشكيلية.