الكسائي (علي بن حمزة ـ)- أحد الأئمة في القراءة والنحو واللغة وأحد القرّاء السبعة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكسائي (علي بن حمزة ـ)- أحد الأئمة في القراءة والنحو واللغة وأحد القرّاء السبعة

    كسايي (علي حمزه) Al-Kasai (Ali ibn Hamza-) - Al-Kasai (Ali ibn Hamza-)
    الكسائي (علي بن حمزة ـ)

    (119ـ 189هـ/737 ـ 805م)



    علي بن حمزة بن عبد الله بن بَهْمَن ابن فيروز، من موالي بني أسد، أحد الأئمة في القراءة والنحو واللغة، وأحد القرّاء السبعة. لُقِّب بالكسائي، لأنه كان يرتدي في بادئ أمره زيّاً معيّناً مخالفاً لزيّ أهل الكوفة كان يحضر به مجلس حمزة بن حبيب الزيّات (ت 156هـ) ومجلس معاذ الهرّاء (ت 187هـ)، كما أنه حج وهو يرتديه بدلاً من أن يرتدي ملابس الإحرام؛ فاشتهر بذلك.

    وتذكر بعض المصادر أنه من أهل «باحَمْشا» وهي قرية من أعمال بغداد من جهة تكريت، فلعله ولد فيها، ثم انتقلت أسرته إلى الكوفة وهو غلام، فحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، وقد تلقّاه مشافهة عن قرّاء الكوفة المعروفين في عهده، وأشهرهم حمزة الزيات.

    أما النحو فتعلّمه وهو كبير بعد أن عيب عليه أنه كان يَلحن في كلامه، فلزم معاذاً الهرّاء، ثم انتقل إلى البصرة، فلقي الخليل بن أحمد (ت175هـ)، وجلس في حلقته، وارتحل بعد ذلك إلى البادية يسائل البدو عن لغتهم، ويكتب عنهم ما يروونه، حتى أنفذ خمس عشرة قنينة من الحبر، سوى ما حفظ، ثم عاد إلى البصرة، فوجد الخليل قد مات، وجلس في موضعه يونس بن حبيب (ت 182هـ)، فجرت بينهما مسائل ومناظرات ظهر فيها علم الكسائي، وذاع صيته بعد ذلك، واشتهر، وكان هذا سبباً في انتقاله إلى بغداد واتصاله بالخلفاء العباسيين، فاتصل أولاً بالمهدي، وأدّب ابنه الرشيد، وأصبح من طائفة المؤدّبين لأولاد الخلفاء إلى جانب إقراء الناس القرآن الكريم وتعليمهم النحو واللغة في بغداد.

    ولما وُلِّي الرشيد الخلافة أحضر إليه الكسائي سنة 182هـ، وطلب إليه أن يتعهد ولديه الأمين والمأمون، وقيل: إنه أدّب الأمين فقط، أما المأمون فكان يؤدّبه اليزيدي (ت202هـ)،

    وقد أغدق عليه الرشيد كثيراً من المال، فتحسنت حاله، وظهر عليه أثر النعمة، وظل كذلك حتى أصيب بالبرص في وجهه ويديه في أواخر أيامه، فكره الرشيد ملازمته أولاده، وطلب منه أن يختار لهم من ينوب عنه، فأناب تلميذه علي بن المبارك الملقب بـ«الأحمر»، وخرج الكسائي من طبقة المؤدبين إلى طبقة الجلساء والمؤانسين، فكان ملازماً للرشيد يصحبه في أسفاره ورحلاته إلى أن مات في إحدى زياراته إلى الري، ودفن في قرية من قراها تدعى «رنبويه».

    اشتهر الكسائي بإقراء القرآن حتى غدا أحد السبعة الذين اختارهم ابن مجاهد (ت 324هـ) في كتابه المعروف بـ«السبعة في القراءات». ووصف قراءته في هذا الكتاب فقال: «اختار الكسائي من قراءة حمزة وقراءة غيره قراءة متوسطة غير خارجة عن قراءة من تقدّم من الأئمة».

    وهو إلى ذلك من علماء النحو واللغة، ومع أن أبرز شيوخه من أهل البصرة كالخليل ويونس وأبي الحسن الأخفش (ت 215هـ) وأبي عمرو بن العلاء (ت 154هـ) وعيسى بن عمر الثقفي (ت 149هـ) إلا أنه عُدَّ رأس المدرسة الكوفية في النحو، وهي مدرسة تختلف في منهجها عن مدرسة البصرة، ولاسيما في باب القياس والسماع، فالبصريون اقتصروا في باب السماع على قبائل بأعيانها، واطّرحوا ما سواها، أما الكوفيون فقد احتجوا بكلام العرب جميعهم، وقاسوا على القليل والشاذ خلافاً للبصريين، فلا غرابة أن يتحامل على الكسائي علماء البصرة، ولاسيما بعد المناظرة التي جرت بينه وبين سيبويه في مجلس يحيى بن خالد البرمكي، ومن هذا الباب ما قاله أبو حاتم السجستاني (ت 255هـ): «لم يكن لجميع الكوفيين عالم بالقرآن ولا كلام العرب، ولولا أن الكسائي دنا من الخلفاء، فرفعوا ذكره لم يكن شيئاً، وعِلْمُه مختلط بلا حجج ولا علل إلا حكايات عن الأعراب مطروحة»، وقال ابن درستويه (ت 347هـ): «كان الكسائي يسمع الشاذ الذي لايجوز إلا في الضرورة، فيجعله أصلاً، فيقيس عليه، واختلط بأعراب الأُبلّة؛ فأفسد بذلك النحو»، وعن أبي زيد أنه قال: «قدم علينا الكسائي البصرة، فلقي الخليل وعيسى وغيرهما، وأخذ منهما نحواً كثيراً، ثم صار إلى بغداد، فلقي أعراب الحُطَمة، فأخذ عنهم الفساد من الخطأ واللحن؛ فأفسد بذلك ما كان أخذه من البصرة كله».

    وقد حفظت كتب التراجم طائفة من المسائل التي تناظر فيها الكسائي مع معاصريه كالأخفش والأصمعي وعيسى بن عمر ويونس والفراء والفقيه محمد بن الحسن الشيباني والقاضي أبي يوسف، وأشهرها مناظرته مع سيبويه الذي ورد بغداد مؤمّلاً؛ لكنه أخفق بعد أن نصر الأعراب الكسائي، ووقفوا إلى جانبه فيما قاله عن المسألة الزنبورية.

    وللكسائي تلامذة مشهورون، أبرزهم الفرّاء (ت 207هـ) والبزّاز (ت 229هـ) واللحياني والأحمر (ت 194هـ) وأبو عمرو الدوري (ت 246هـ) وأبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ) وابن الأعرابي (ت 231هـ) وهشام بن معاوية الضرير (ت209هـ).

    وله مؤلفات في النحو واللغة والقراءات لم يصل إلينا شيء منها؛ اللهم إلا كتابه المسمّى «ما تلحن به العامة» إن صحّت نسبته إليه، فهو كتاب لم يذكره أحد ممّن ترجم للكسائي، وفيه نقول عن أناس لم يرو عنهم كأبي زيد الأنصاري، زيادة عما فيه من آراء تخالف ما اشتهر عنه، ومهما يكن فهو كتيّب صغير، الغرض منه التنبيه على بعض الألفاظ التي يخطئ فيها الناس.

    أما كتبه الأخرى فليس لنا منها إلا أسماؤها، مثل: «معاني القرآن»، «المصادر»، «أشعار المعاياة»، «الحدود في النحو»، «الحروف»، «مقطوع القرآن وموصوله»، «النوادر».

    نبيل أبو عمشة
يعمل...
X