السوري منير الشعراني يُلحّن إيقاعاته الخطيّة في باريس حسن مطلق – عنب بلدي
ينقّل الحاضرون نظراتهم بين تشكيلات فنية تعكس خبرةً طويلة في استخدام الخط العربي، كوسيلة للتواصل مع الجمهور، فتتصدر لوحاتٌ عرضها الفنان السوري منير الشعراني في باريس، إيقاعات خطيّة تتلقاها أعين الناظرين بشغف، في مشهد تكرر خلال معارضَ جابت أنحاء العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي.
بين الإبداع والحرية والتصوّف والإنسانية والحكم والأمثال، تنوعت لوحاتٌ للشعراني عُلّقت على جدران صالة “أروبيا” في باريس، مجسدة جمال الحرف والتشكيل، بأسلوب مختلف يعتمد عليه الخطاط السوري في كتابة ورسم فنّه منذ أكثر من أربعين عامًا، ويرى الناظر إلى اللوحات التي خطّها الشعراني خلال السنوات الثلاث السابقة، وعرضت بدءًا من منتصف أيلول الجاري، في باريس، صورًا تُجسّد رؤية الفنان حول مصطلح الحرية وموضوعات أخرى.
ويرى الشعراني أن أعماله تهتم بالحق والخير والجمال، وبالإنسان من زوايا مختلفة، إذ تحرّضه على السؤال واستعمال العقل، “وخصوصًا إنساننا الذي يعاني من القهر والظلم والتخلف”، ويعتبر في حديثه إلى عنب بلدي أن المعرض (الذي يستمر حتى تشرين الأول المقبل)، لا يختلف عن غيره من ضمن قرابة أربعين معرضًا شارك فيها، بعضها فردية وأخرى جماعية، “بل يكملها في السياق نفسه”.
تأثرت لوحات ابن مدينة السلمية في حماة، والمولود فيها عام 1952، منذ الأيام الأولى للثورة السورية، كما يقول، ويأتي معرضه “إيقاعاتٍ خطيّة”، مجسدًا لموضوعات الحرية والديمقراطية ورفض الاستبدادين النظامي والظلامي، بشكل يلتقي مع طموح الشعب السوري لبناء دولته التي تساوي بين أبنائها جميعًا بغض النظر عن الدين أو المذهب أو الإثنية أو الجنس، وفق تعبيره.
لا يُخرج الشعراني، الذي تتلمذ على يد كبير خطاطي دمشق الراحل بدوي الديراني، أعماله ليراها الجمهور إلا بعد اقتناعه بها، “ولهذا لا يجد عملًا محببًا أكثر من الآخر إلى قلبه”.
خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 1977، شارك في عشرات المعارض بين الدول العربية والأوروبية وصولًا إلى أمريكا، مستخدمًا خطوطًا عدة أبرزها: الرقعة، والنسخ، والفارسي، والديواني، والثلث، والكوفي، كان آخرها معرضين في سيدني والأردن، ويعتبر أن أمثال هذه المعارض “تسهم في إعطاء صورة حقيقية عن ثقافتنا وفنوننا بعيدًا عن تنميط الإعلام و الصورة المشوهة التي يقدمها”.
ويسعى الشعراني، الذي يقيم في دمشق منذ عام 2004، إلى أن تكون أعماله الخطية العربية موسيقى تخاطب العين، راجيًا من أقرانه الفنانين المضي إلى الأمام في إعادة الاعتبار إلى فن الخط العربي، بصفته فنًا وليس ملحقًا بالمقدس أو مرتبطًا بوظائف دينية، أو بصفته حرفة.
لا يرغب الخطاط السوري مغادرة دمشق حتى يكون لاجئًا في بلد آخر، كما يقول، ويؤكد استمراره في التصميم والفن، ليضيف جوائز ومؤلفاتٍ وأبعادًا جديدة للخط العربي، تزيد من صداقة خصبة كوّنها مع حروفه وكلماته، ساعيًا لمزج مهاراته بجمال الحرف العربي كإرث متأصل منذ عشرات السنين.