القلب (زرع ـ)
كان لُِور Lower وشَموي Shumway أول من أجريا عمليات زرع القلب في الحيوان عام 1960، استعملا لتنفيذها المجازة bypass القلبية ـ الرئوية المؤقتة، والتبريد الموضعي للحفاظ على القلب المنقول، واستُغني عن كثير من المفاغرات anastomosis الوعائية بإبقاء الجزء الخلفي من الأذينين (الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين) ومفاغرته مع أذيني القلب المغروس.
وطبّق بارنارد Barnard هذه الطريقة أول مرة في الإنسان في 3 كانون الأول/ديسمبر عام 1967، إلا أن معظم العمليات التي تلت العملية الأولى في السنوات القليلة التالية باءت بالإخفاق لصعوبة السيطرة على ظاهرة الرفض النسيجي بالعقاقير المعروفة آنذاك، مما أدى إلى إعراض أكثر المراكز الطبية عن إجراء هذه العملية في العشر سنوات اللاحقة.
وفي عام 1976 اكتُشِف عقار جديد كابت للمناعة اسمه سايكلوسبورين أ cyclosporine A مشتق من الفطور، وسرعان ما ثبتت فعالية هذا المحضَّر في الوقاية من الرفض النسيجي بعد عمليات غرس القلب متى أضيف إلى العقاقير التي كانت تستعمل في البداية، خاصة منها مشتقات الكورتيزون Cortisone، مما جعل عمليات غرس القلب تُستخدم من جديد، وعلى نحو متعاظم، في كثير من بلاد العالم بعد أوائل الثمانينيات.
شروط نقل القلب
تُجرى هذه العملية اليوم لاستطبابين أساسيين: المرحلة النهائية لمرضى نقص التروية الإكليلي (الإقفار ischemia) عندما يصاب البطين الأيسر بقصور وظيفي شديد نتيجة الاحتشاءات infarctions والتنكسات الليفية الواسعة التي لا تنفع معها العمليات الجراحية الإكليلية المعروفة؛ والمرحلة الأخيرة لمرضى اعتلال القلب الغامضidiopathic cardiomyopathy. كما تُجرى العملية في بعض المراحل النهائية للآفات الصمامية valval، وفي بعض الآفات الولادية المعقدة، وفي الحالات النادرة التي يصيب القلب فيها ورم غير قابل للاستئصال.
ومن موانع استخدام هذه العملية تقدم سن المتلقي فوق الـ 55سنة، وإصابته بارتفاع المقاومة الرئوية فوق 6وحدات وود Wood، ووجود خمج فعال أو داء سكري غير مستقر أو مرض عضوي أو نفسي صعب العلاج.
ومن المهم أن يكون هناك توافق بين المريض المتلقي recipient والمُعطي donor من ناحية فصيلة الدم، وتصالب سلبي مناعي بين المعطي والمتلقي، وتقارب نسبي بين حجم المعطي والمتلقي ووزنهما.
ويكون المعطي عادةً أحد المصابين بأذية دماغية أدّت إلى موت الدماغ إما من جراء حادث رضي أو ـ بنسبة أقل ـ بعد حادث وعائي دماغي، ويُفضَّل أن يكون عمره أقل من 55سنة، وذا قلب سليم، وجسم خال من الأمراض، كما يستوجب أن تطبق عليه كل الإجراءات للإبقاء على وظيفة القلب والدوران بحالة أقرب ما يمكن للحالة السوية، وأن يحصل الأطباء على سماح رسمي من ذويه الأقربين على إجراء العملية. ويمكن اليوم استئصال قلب المعطي في مستشفى بعيد عن مكان المريض المتلقي، وشحن القلب محفوظاً بمحلول فيزيولوجي مبرد إلى المستشفى التي ستجرى فيه عملية الزرع، شريطة ألا تتجاوز فترة انقطاع التروية عن القلب ساعات قليلة.
وقد عولجت أهم المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والقانونية المتعلقة بعمليات غرس الأعضاء عندما عُدَّ موت الدماغ المثبت من قبل عدد من المتخصصين بمنزلة وفاة المعطي الرسمية التي تسمح للأطباء المعنيين بغرس بعض أعضائه التي ما تزال على قيد الحياة لمريض متلقٍ بحاجة ماسة إليها.
لمحة عن الإجراء الجراحي
يُستأصل القلب من المريض المُعطي عبر شق في منتصف عظم القص بعد إعطاء زرقة محلول مبرد شالٍ لعضلة القلب عن طريق جذع الشريان الأبهر aorta، ويكون الاستئصال بقطع الأجوفين v. cava والأوردة الرئوية الأربعة ثم الشريانين الرئوي والأبهري.
وتُجرى قثطرة catheterisation قلب المريض المتلقي في هذه الأثناء ووصله بجهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي حسب الطريقة المعهودة في عمليات القلب المفتوح وعبر شق في منتصف عظم القص، وبعد بدء المجازة القلبية - الرئوية المؤقتة وإغلاق جذع الأبهر مؤقتاً بملقط، يُجرى قطع الأبهر والشريان الرئوي على مستوى زوايا الصمامين، كما يجرى قص الأذينتين فوق التلم sulcus الأذيني البطيني (مع الحفاظ على الجدار الخلفي من الأذينتين الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين). ويستخدم عدد متزايد من الجراحين اليوم طريق قطع الأجوفين ـ إضافة إلى ما سبق ـ لأنه يعطي نتيجة أفضل للقلب المزروع تشريحياً ووظيفياً.
أخيراً تجرى مفاغرة بين الجزء الخلفي لقلب المتلقي وقلب المعطي (الطعم) (أي بين الأذينتين اليسريين، ثم الأذينتين اليمنيين، ثم الأجوفين إن كانا قد قطعا، ثم الأبهرين، وأخيراً الشريانين الرئويين)، قبل رفع الملقط الأبهري وإعادة الدوران الطبيعي.
العناية بعد العملية
تشبه العناية بمرضى غرس القلب ما يُنصح به بعد شتى عمليات القلب المفتوح، مع فارق الحذر الشديد من الخمج، وتحري علامات الرفض النسيجي، ومعالجة ظاهرة الرفض بمجرّد ظهورها.
يعالج المرضى وقائياً ضد ظاهرة الرفض بنظام دوائي يشمل السايكلوسبورين أ، ومركبات الكورتيزون المديدة التي تعطى بجرعات متناقصة حتى الوصول إلى مستوى جرعات الصيانة في مدى أسبوعين إلى أربعة أسابيع بعد العملية، والعقارات المضادة لتصنيع البيورين purine مثل الأزاثايوبرين azathioprine. وتفضل معايرة مستوى السايكلوسبورين في المصورة plasma لتحديد الجرعات الداعمة لهذا الدواء بالنسبة لكل مريض لتفادي آثاره السمّية، وخاصة على الكليتين، ويضيف بعض الأطباء عقاقير أخرى مضادة للمناعة مثل غلوبيولين الأرنب المضاد لخلايا غدة التوتة thymus (ATG)، والأضداد الوحيدة النسيلة الفأرية (OKT3).
وقد تُكشف ظاهرة الرفض النسيجي بوساطة بعض العلامات السريرية، إلا أن هذه العلامات لا تحصل عادةً إلا في مراحل الرفض المتأخرة. ومن علامات الرفض المتوسط الشدّة حصول الخبب gallop الانبساطي، والضعف العام، وعلامات قصور القلب الوظيفي. ومن العلامات التخطيطية الكهربائية نقص فولتاج الـ QRS، وظهور بعض اضطرابات النظم وتبدل محور القلب.
وقد أصبح للخزعة القلبية دور أساسي في تشخيص ظاهرة الرفض المبكر. وتُجرى هذه العملية الصغرى بالتبنيج (بالتخدير) الموضعي عن طريق الوريد الوداجي أو تحت الترقوة، حيث يدخل خازع بهيئة قثطار إلى البطين الأيمن، ويتم بوساطته الحصول على عدد من الخزعات الشغافية العضلية. وينصح بإجراء الخزعات القلبية أسبوعياً في المراحل الأولى بعد العملية، وعند أدنى شك بحصول الرفض النسيجي، وبعد معالجة ظاهرة الرفض لمعرفة مدى استجابة المريض للعلاج.
كما يمكن تشخيص ظاهرة الرفض بإجراء فحوصات مخبرية مناعية، ولو أن هذهِ أصبحت أقل أهمية بعد استعمال دواء السايكلوسبورين، لأنه ثبت أن هذا العلاج يُموِّه ردود الفعل المناعية المدرسية.
ومتى شُخِّصت نوبات الرفض الحادة عولجت الحالة بمركبات الكورتيزون الوريدية، وأجريت الخزعة القلبية كل بضعة أيام لتقدير استجابة المريض للعلاج.
الإنذار ونتائج العملية القريبة والبعيدة
تحتل الأخماج المقام الأول في تسبيب المرض والوفاة بعد عمليات غرس القلب نظراً لضرورة معالجة مرضى هذه العمليات بكابتات المناعة، وتحدث الأخماج خاصة في الأشهر القليلة الأولى بعد العملية.
أما السبب الثاني للوفاة الباكرة بعد عمليات الغرس فهو نوبات الرفض النسيجي الحادة التي لايمكن السيطرة عليها بالمعالجة المناعية. كما تحدث الوفاة أحياناً من قصور القلب الأيمن الحاد الناتج من ارتفاع المقاومة الرئوية.
ومن أسباب الوفاة المتأخرة إضافة إلى الأخماج ونوبات الرفض النسيجي، إصابة القلب (الطعم) بالتصلب العصيدي في شرايينه الإكليلية، والإصابة بالأورام الخبيثة وخاصة الأورام اللمفية، والقصور الكلوي، وارتفاع الضغط الشرياني.
وتقدر خطورة العملية في المراكز المتخصصة بـ 5ـ10%، كما تقدر نسبة البقيا بـ 85ـ90% بعد السنة الأولى من العملية و70ـ80% بعد خمس سنوات، ولا تختلف هذه عن النسب المقبولة في كثير من العمليات السرطانية.
عمليات غرس القلب المغايرة الموضع heterotopic heart transplantation
أجرى هذه العملية للمرة الأولى في الإنسان الجرّاح بارنارد عام 1975 بوساطة مفاغرة القلب (الطعم) لقلب مريض على جانبه الأيمن داخل الصدر، وتُجرى هذه العملية اليوم كمجازة للقلبين الأيسر والأيمن في المرضى الذين يحتاجون إلى نقل القلب، لكنهم يشكون من ارتفاع المقاومة الرئوية التي لا تسمح بالنقل المدرسي السوي الموضع orthotopic، كما تُجرى أحياناً عندما يكون حجم القلب (الطعم) أقل بكثير من حجم قلب المريض المتلقي.
انتشار عمليات زرع القلب
أصبحت عمليات زرع القلب اليوم، بفضل التطورات التي حصلت في حقل تشخيص معالجة ظاهرة الرفض النسيجي خاصة، من أفضل الخيارات المتوافرة للمرضى الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية من قصور العضلة القلبية، إذ تُجرى منها بضعة آلاف عملية سنوياً، وقد أُجري منها حتى عام 2005 ما يقرب من 100.000عملية حول العالم، معظمها أُنجز في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن ما يحدّ من انتشار العملية، وتوسيع تطبيقها هو عدم توافر العدد الكافي من المرضى المعطين مقارنة بعدد المرضى المصابين بالمراحل النهائية لقصور القلب، والذين يتوقع أن تزداد أعدادهم مع ازدياد توقعات الحياة في الدول الصناعية خاصة. كما يحد من انتشارها الكلفة الباهظة التي تفوق إمكانات الدول النامية.
وتتطور اليوم الحلول الميكانيكية لمساعدة القلب القاصر أحياناً كمرحلة انتقالية قبل زرع القلب، وقد يأتي اليوم الذي يتمكن فيه الأطباء من زرع قلب ميكانيكي كامل مكان القلب المريض على نحو تقل أو تنعدم فيه الحاجة إلى عملية زرع القلب البشري.
سـامي القباني
كان لُِور Lower وشَموي Shumway أول من أجريا عمليات زرع القلب في الحيوان عام 1960، استعملا لتنفيذها المجازة bypass القلبية ـ الرئوية المؤقتة، والتبريد الموضعي للحفاظ على القلب المنقول، واستُغني عن كثير من المفاغرات anastomosis الوعائية بإبقاء الجزء الخلفي من الأذينين (الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين) ومفاغرته مع أذيني القلب المغروس.
وطبّق بارنارد Barnard هذه الطريقة أول مرة في الإنسان في 3 كانون الأول/ديسمبر عام 1967، إلا أن معظم العمليات التي تلت العملية الأولى في السنوات القليلة التالية باءت بالإخفاق لصعوبة السيطرة على ظاهرة الرفض النسيجي بالعقاقير المعروفة آنذاك، مما أدى إلى إعراض أكثر المراكز الطبية عن إجراء هذه العملية في العشر سنوات اللاحقة.
وفي عام 1976 اكتُشِف عقار جديد كابت للمناعة اسمه سايكلوسبورين أ cyclosporine A مشتق من الفطور، وسرعان ما ثبتت فعالية هذا المحضَّر في الوقاية من الرفض النسيجي بعد عمليات غرس القلب متى أضيف إلى العقاقير التي كانت تستعمل في البداية، خاصة منها مشتقات الكورتيزون Cortisone، مما جعل عمليات غرس القلب تُستخدم من جديد، وعلى نحو متعاظم، في كثير من بلاد العالم بعد أوائل الثمانينيات.
شروط نقل القلب
تُجرى هذه العملية اليوم لاستطبابين أساسيين: المرحلة النهائية لمرضى نقص التروية الإكليلي (الإقفار ischemia) عندما يصاب البطين الأيسر بقصور وظيفي شديد نتيجة الاحتشاءات infarctions والتنكسات الليفية الواسعة التي لا تنفع معها العمليات الجراحية الإكليلية المعروفة؛ والمرحلة الأخيرة لمرضى اعتلال القلب الغامضidiopathic cardiomyopathy. كما تُجرى العملية في بعض المراحل النهائية للآفات الصمامية valval، وفي بعض الآفات الولادية المعقدة، وفي الحالات النادرة التي يصيب القلب فيها ورم غير قابل للاستئصال.
ومن موانع استخدام هذه العملية تقدم سن المتلقي فوق الـ 55سنة، وإصابته بارتفاع المقاومة الرئوية فوق 6وحدات وود Wood، ووجود خمج فعال أو داء سكري غير مستقر أو مرض عضوي أو نفسي صعب العلاج.
ومن المهم أن يكون هناك توافق بين المريض المتلقي recipient والمُعطي donor من ناحية فصيلة الدم، وتصالب سلبي مناعي بين المعطي والمتلقي، وتقارب نسبي بين حجم المعطي والمتلقي ووزنهما.
ويكون المعطي عادةً أحد المصابين بأذية دماغية أدّت إلى موت الدماغ إما من جراء حادث رضي أو ـ بنسبة أقل ـ بعد حادث وعائي دماغي، ويُفضَّل أن يكون عمره أقل من 55سنة، وذا قلب سليم، وجسم خال من الأمراض، كما يستوجب أن تطبق عليه كل الإجراءات للإبقاء على وظيفة القلب والدوران بحالة أقرب ما يمكن للحالة السوية، وأن يحصل الأطباء على سماح رسمي من ذويه الأقربين على إجراء العملية. ويمكن اليوم استئصال قلب المعطي في مستشفى بعيد عن مكان المريض المتلقي، وشحن القلب محفوظاً بمحلول فيزيولوجي مبرد إلى المستشفى التي ستجرى فيه عملية الزرع، شريطة ألا تتجاوز فترة انقطاع التروية عن القلب ساعات قليلة.
وقد عولجت أهم المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والقانونية المتعلقة بعمليات غرس الأعضاء عندما عُدَّ موت الدماغ المثبت من قبل عدد من المتخصصين بمنزلة وفاة المعطي الرسمية التي تسمح للأطباء المعنيين بغرس بعض أعضائه التي ما تزال على قيد الحياة لمريض متلقٍ بحاجة ماسة إليها.
لمحة عن الإجراء الجراحي
منظر أمامي للقلب وجذوع العروق الكبيرة |
وتُجرى قثطرة catheterisation قلب المريض المتلقي في هذه الأثناء ووصله بجهاز القلب ـ الرئة الاصطناعي حسب الطريقة المعهودة في عمليات القلب المفتوح وعبر شق في منتصف عظم القص، وبعد بدء المجازة القلبية - الرئوية المؤقتة وإغلاق جذع الأبهر مؤقتاً بملقط، يُجرى قطع الأبهر والشريان الرئوي على مستوى زوايا الصمامين، كما يجرى قص الأذينتين فوق التلم sulcus الأذيني البطيني (مع الحفاظ على الجدار الخلفي من الأذينتين الذي تصب فيه الأوردة الرئوية والأجوفين). ويستخدم عدد متزايد من الجراحين اليوم طريق قطع الأجوفين ـ إضافة إلى ما سبق ـ لأنه يعطي نتيجة أفضل للقلب المزروع تشريحياً ووظيفياً.
أخيراً تجرى مفاغرة بين الجزء الخلفي لقلب المتلقي وقلب المعطي (الطعم) (أي بين الأذينتين اليسريين، ثم الأذينتين اليمنيين، ثم الأجوفين إن كانا قد قطعا، ثم الأبهرين، وأخيراً الشريانين الرئويين)، قبل رفع الملقط الأبهري وإعادة الدوران الطبيعي.
العناية بعد العملية
شرح رسم الإجراء الجراحي _ الطريقة المدرسية لزرع القلب 1ـ يوصل قلب المريض المتلقي بجهاز القلب الرئة الصنعي ويغلق الأبهر الصاعد بملقط 2ـ يستأصل قلب المريض المتلقي مع ترك الجدار الخلفي للأذينتين وحافة الحجاب بين الأذينتين 3ـ يوصل قلب المعطى ابتداء من جدار الأذينة اليسرى 4ـ زرع القلب ينتهي بوصل جدران الأذينتين ثم الحجاب الحاجز بين الأذينتين ثم الأوعية الكبيرة |
يعالج المرضى وقائياً ضد ظاهرة الرفض بنظام دوائي يشمل السايكلوسبورين أ، ومركبات الكورتيزون المديدة التي تعطى بجرعات متناقصة حتى الوصول إلى مستوى جرعات الصيانة في مدى أسبوعين إلى أربعة أسابيع بعد العملية، والعقارات المضادة لتصنيع البيورين purine مثل الأزاثايوبرين azathioprine. وتفضل معايرة مستوى السايكلوسبورين في المصورة plasma لتحديد الجرعات الداعمة لهذا الدواء بالنسبة لكل مريض لتفادي آثاره السمّية، وخاصة على الكليتين، ويضيف بعض الأطباء عقاقير أخرى مضادة للمناعة مثل غلوبيولين الأرنب المضاد لخلايا غدة التوتة thymus (ATG)، والأضداد الوحيدة النسيلة الفأرية (OKT3).
وقد تُكشف ظاهرة الرفض النسيجي بوساطة بعض العلامات السريرية، إلا أن هذه العلامات لا تحصل عادةً إلا في مراحل الرفض المتأخرة. ومن علامات الرفض المتوسط الشدّة حصول الخبب gallop الانبساطي، والضعف العام، وعلامات قصور القلب الوظيفي. ومن العلامات التخطيطية الكهربائية نقص فولتاج الـ QRS، وظهور بعض اضطرابات النظم وتبدل محور القلب.
وقد أصبح للخزعة القلبية دور أساسي في تشخيص ظاهرة الرفض المبكر. وتُجرى هذه العملية الصغرى بالتبنيج (بالتخدير) الموضعي عن طريق الوريد الوداجي أو تحت الترقوة، حيث يدخل خازع بهيئة قثطار إلى البطين الأيمن، ويتم بوساطته الحصول على عدد من الخزعات الشغافية العضلية. وينصح بإجراء الخزعات القلبية أسبوعياً في المراحل الأولى بعد العملية، وعند أدنى شك بحصول الرفض النسيجي، وبعد معالجة ظاهرة الرفض لمعرفة مدى استجابة المريض للعلاج.
كما يمكن تشخيص ظاهرة الرفض بإجراء فحوصات مخبرية مناعية، ولو أن هذهِ أصبحت أقل أهمية بعد استعمال دواء السايكلوسبورين، لأنه ثبت أن هذا العلاج يُموِّه ردود الفعل المناعية المدرسية.
ومتى شُخِّصت نوبات الرفض الحادة عولجت الحالة بمركبات الكورتيزون الوريدية، وأجريت الخزعة القلبية كل بضعة أيام لتقدير استجابة المريض للعلاج.
الإنذار ونتائج العملية القريبة والبعيدة
تحتل الأخماج المقام الأول في تسبيب المرض والوفاة بعد عمليات غرس القلب نظراً لضرورة معالجة مرضى هذه العمليات بكابتات المناعة، وتحدث الأخماج خاصة في الأشهر القليلة الأولى بعد العملية.
أما السبب الثاني للوفاة الباكرة بعد عمليات الغرس فهو نوبات الرفض النسيجي الحادة التي لايمكن السيطرة عليها بالمعالجة المناعية. كما تحدث الوفاة أحياناً من قصور القلب الأيمن الحاد الناتج من ارتفاع المقاومة الرئوية.
ومن أسباب الوفاة المتأخرة إضافة إلى الأخماج ونوبات الرفض النسيجي، إصابة القلب (الطعم) بالتصلب العصيدي في شرايينه الإكليلية، والإصابة بالأورام الخبيثة وخاصة الأورام اللمفية، والقصور الكلوي، وارتفاع الضغط الشرياني.
وتقدر خطورة العملية في المراكز المتخصصة بـ 5ـ10%، كما تقدر نسبة البقيا بـ 85ـ90% بعد السنة الأولى من العملية و70ـ80% بعد خمس سنوات، ولا تختلف هذه عن النسب المقبولة في كثير من العمليات السرطانية.
عمليات غرس القلب المغايرة الموضع heterotopic heart transplantation
أجرى هذه العملية للمرة الأولى في الإنسان الجرّاح بارنارد عام 1975 بوساطة مفاغرة القلب (الطعم) لقلب مريض على جانبه الأيمن داخل الصدر، وتُجرى هذه العملية اليوم كمجازة للقلبين الأيسر والأيمن في المرضى الذين يحتاجون إلى نقل القلب، لكنهم يشكون من ارتفاع المقاومة الرئوية التي لا تسمح بالنقل المدرسي السوي الموضع orthotopic، كما تُجرى أحياناً عندما يكون حجم القلب (الطعم) أقل بكثير من حجم قلب المريض المتلقي.
انتشار عمليات زرع القلب
أصبحت عمليات زرع القلب اليوم، بفضل التطورات التي حصلت في حقل تشخيص معالجة ظاهرة الرفض النسيجي خاصة، من أفضل الخيارات المتوافرة للمرضى الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية من قصور العضلة القلبية، إذ تُجرى منها بضعة آلاف عملية سنوياً، وقد أُجري منها حتى عام 2005 ما يقرب من 100.000عملية حول العالم، معظمها أُنجز في الولايات المتحدة الأمريكية. إلا أن ما يحدّ من انتشار العملية، وتوسيع تطبيقها هو عدم توافر العدد الكافي من المرضى المعطين مقارنة بعدد المرضى المصابين بالمراحل النهائية لقصور القلب، والذين يتوقع أن تزداد أعدادهم مع ازدياد توقعات الحياة في الدول الصناعية خاصة. كما يحد من انتشارها الكلفة الباهظة التي تفوق إمكانات الدول النامية.
وتتطور اليوم الحلول الميكانيكية لمساعدة القلب القاصر أحياناً كمرحلة انتقالية قبل زرع القلب، وقد يأتي اليوم الذي يتمكن فيه الأطباء من زرع قلب ميكانيكي كامل مكان القلب المريض على نحو تقل أو تنعدم فيه الحاجة إلى عملية زرع القلب البشري.
سـامي القباني