صَاعِد بن الحسن بن صاعد
(كان حياً سنة 464هـ/1072 م )
أبو العلاء، صَاعِد بن الحسن بن صَاعِد المتطبب، ينتسب إلى مدينة رحبَة مالك بن طـَوْ ق ٍ بن عَـتـّاب التغلبي، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ نهر الفرات؛ عُرف صاعد باسم «زعيم الدولة»، ولم تُشر المصادر والمراجع إلى سبب ذلك، سوى ما ذكره ابن بدران في تهذيبه لتاريخ ابن عساكر عن تقربه من السلطان وملازمته للديوان، حيث قال: «وصل إلى دمشق، وقرب من السلطان، ولابس الديوان، واستقر قراره مدة مقامه»، كما أغفلت كتب التراث تاريخ ولادته ووفاته، وأشارت إلى تاريخ الفراغ من تأليف كتابه الثاني، «التشويق الطبي» في 464 هـ/1072م، أي إنه كان حياً في ذلك التاريخ0
ميز بعض المؤرخين صاعداً الطبيب من صاعد الفلكي، وتشير القرائن كافة إلى أن صاعداً بن الحسن إنما هو شخصية واحدة، كان طبيباً وفلكياً ومهندساً ميكانيكياً وأديباً.
وضع صاعد بن الحسن الطبيب كتاباً في أدب الطب وسلوك الأطباء، وأسماه «التشويق الطبي» وقدمه لخزانة الرئيس الأجل الكامل أبي المكارم علي بن عبد الوهاب، وفصّـل كتابه في ثلاثة عشر باباً، عالج فيها السبب الداعي لوضع الكتاب، والتنبيه على جلالة قدر صناعة الطب وأهلها؛ وفي صفة الطبيب الماهر الذي يستحق التقدم على من ينتحل هذه الصناعة وينتهي إليها؛ ووضح الشروط والقوانين التي يجب أن يعملها ويكون عليها الطبيب الأبقراطي؛ وتحدث عن الآداب والوصايا والقوانين التي ينبغي أن يلزمها الطبيب. يعد كتاب «التشويق الطبي» من أوائل الكتب التي اهتمت بأخلاق الأطباء، ويكشف عن مقدرة المؤلف المتميزة بالجانب العملي والعلمي لمهنة الطب، فقد حدد صاعد للطبيب تسلسل مراحل العلاج، فأولها بالغذاء ثم بالدواء ثم بالعمل الجراحي كتسلسلها في الطب الحديث.
تأثر عدد من الأطباء بكتاب التشويق، واستفادوا منه في مؤلفاتهم، منهم العالم محمود بن مسعود الشيرازي (توفي 710 هـ/1311م).
نشر المستشرق أوتو سبيس Otto Spiesالكتاب مخطوطةً مصورة مع بعض التصحيحات في ألمانيا عام 1968م، ثم قام مريزن عسيري بتحقيق الكتاب ودراسته ونشره في الرياض عام 1996م. كان صاعد «من الفضلاء في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها، وكان ذكياً بليغاً»، كما وصفه ابن أبي أصيبعة في كتابه عيون الأنباء في طبقات الأطباء.
وكتب صاعد بن الحسن المطبب في سنة 459 هـ/1066م إلى بعض إخوانه ـ من دون أن يحدد اسمه ـ مقالة في علم الفلك اختصاراً، ولقبها بالتشويق التعليمي، كما يشير المؤلف في مقدمة نسخة مخطوطة التشويق التعليمي المحفوظة في مكتبة طوبقابي سراي باصطنبول والتي يبلغ عدد أوراقها154ورقة.
قسم صاعد مخطوطته إلى ثمانية عشر باباً، عالجت موضوعات شتى، فقد تحدث عن شكل الأرض ووضعها في الفلك، وعن مراتب أفلاك الكواكب الخمسة والنيّرين، وعن فلك الكواكب الثابتة، وعن الفلك الأعلى وما يتوهم في سطحه الأعلى من الدوائر المتحركة المختلف وضعها عند المساكن المختلفة في العرض، ومقادير الليل والنهار، ووضح حركات الكواكب الثابتة وصورة منازل القمر، وكمية حركات الكواكب المتحيرة والنيّرين في الشهور والسنين بالتقريب، وأسباب الكسوف والخسوف، وأظهر كيفية كتابة الأعداد بالحروف وعلامات البروج والكواكب بها.
تكشف الموضوعات الفلكية التي عالجها صاعد عن تعمقه بعلم الفلك، ويدعم هذا الرأي ما ذكره ابن عساكر أن صاعداً عمل لشرف الدولة ـ أبو المكارم مسلم بن قريش، أحد أمراء بني عقيل في منطقة الموصل والمتوفى في سنة 478هـ/1085م ـ «فلكاً بالقابوسية فيه نجوم وما يشبهها»، وهذا يدل على مقدرة متميزة ومعرفة خاصة ببناء المراصد الفلكية أيضاً.
ولصاعد مهارات ميكانيكية أشار إليها ابن عساكر إشارة عابرة منها:
ـ قلم الحبر: صنع صاعد قلماً من الحديد يُملأ حبراً ويخدم نحو شهر، فالقلم المخزِّن للحبر، الذي قام صاعدبإعادة صنعه، إبداع عربي منذ القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، أي قبل ثمانية قرون من أول قلم حبر خزّان عُرف في أوربا، وهو قلمF.B.Foelsh سنة 1809م، وقلم J.Schefferسنة 1819م.
ـ آلات ميكانيكية: وقد أبدع صاعد آلات ميكانيكية عديدة منها: آلة ترفع الحجارة الثقال، وصورة شخص من حديد ينفخ النار عدة ساعات، هكذا ذكرها المؤرخون بدون أية معلومات تفصيلية أخرى 0
كان صاعد بن الحسن مثالا ًللعَالِم العربي المتعدد المواهب، فقد كان طبيباً موهوباً، وفلكياً ناجحاً، ومهندساً ميكانيكياً مبدعا،ً وأديباً معبّراً.
مصطفى موالدي
(كان حياً سنة 464هـ/1072 م )
أبو العلاء، صَاعِد بن الحسن بن صَاعِد المتطبب، ينتسب إلى مدينة رحبَة مالك بن طـَوْ ق ٍ بن عَـتـّاب التغلبي، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ نهر الفرات؛ عُرف صاعد باسم «زعيم الدولة»، ولم تُشر المصادر والمراجع إلى سبب ذلك، سوى ما ذكره ابن بدران في تهذيبه لتاريخ ابن عساكر عن تقربه من السلطان وملازمته للديوان، حيث قال: «وصل إلى دمشق، وقرب من السلطان، ولابس الديوان، واستقر قراره مدة مقامه»، كما أغفلت كتب التراث تاريخ ولادته ووفاته، وأشارت إلى تاريخ الفراغ من تأليف كتابه الثاني، «التشويق الطبي» في 464 هـ/1072م، أي إنه كان حياً في ذلك التاريخ0
ميز بعض المؤرخين صاعداً الطبيب من صاعد الفلكي، وتشير القرائن كافة إلى أن صاعداً بن الحسن إنما هو شخصية واحدة، كان طبيباً وفلكياً ومهندساً ميكانيكياً وأديباً.
وضع صاعد بن الحسن الطبيب كتاباً في أدب الطب وسلوك الأطباء، وأسماه «التشويق الطبي» وقدمه لخزانة الرئيس الأجل الكامل أبي المكارم علي بن عبد الوهاب، وفصّـل كتابه في ثلاثة عشر باباً، عالج فيها السبب الداعي لوضع الكتاب، والتنبيه على جلالة قدر صناعة الطب وأهلها؛ وفي صفة الطبيب الماهر الذي يستحق التقدم على من ينتحل هذه الصناعة وينتهي إليها؛ ووضح الشروط والقوانين التي يجب أن يعملها ويكون عليها الطبيب الأبقراطي؛ وتحدث عن الآداب والوصايا والقوانين التي ينبغي أن يلزمها الطبيب. يعد كتاب «التشويق الطبي» من أوائل الكتب التي اهتمت بأخلاق الأطباء، ويكشف عن مقدرة المؤلف المتميزة بالجانب العملي والعلمي لمهنة الطب، فقد حدد صاعد للطبيب تسلسل مراحل العلاج، فأولها بالغذاء ثم بالدواء ثم بالعمل الجراحي كتسلسلها في الطب الحديث.
تأثر عدد من الأطباء بكتاب التشويق، واستفادوا منه في مؤلفاتهم، منهم العالم محمود بن مسعود الشيرازي (توفي 710 هـ/1311م).
نشر المستشرق أوتو سبيس Otto Spiesالكتاب مخطوطةً مصورة مع بعض التصحيحات في ألمانيا عام 1968م، ثم قام مريزن عسيري بتحقيق الكتاب ودراسته ونشره في الرياض عام 1996م. كان صاعد «من الفضلاء في صناعة الطب، والمتميزين من أهلها، وكان ذكياً بليغاً»، كما وصفه ابن أبي أصيبعة في كتابه عيون الأنباء في طبقات الأطباء.
وكتب صاعد بن الحسن المطبب في سنة 459 هـ/1066م إلى بعض إخوانه ـ من دون أن يحدد اسمه ـ مقالة في علم الفلك اختصاراً، ولقبها بالتشويق التعليمي، كما يشير المؤلف في مقدمة نسخة مخطوطة التشويق التعليمي المحفوظة في مكتبة طوبقابي سراي باصطنبول والتي يبلغ عدد أوراقها154ورقة.
قسم صاعد مخطوطته إلى ثمانية عشر باباً، عالجت موضوعات شتى، فقد تحدث عن شكل الأرض ووضعها في الفلك، وعن مراتب أفلاك الكواكب الخمسة والنيّرين، وعن فلك الكواكب الثابتة، وعن الفلك الأعلى وما يتوهم في سطحه الأعلى من الدوائر المتحركة المختلف وضعها عند المساكن المختلفة في العرض، ومقادير الليل والنهار، ووضح حركات الكواكب الثابتة وصورة منازل القمر، وكمية حركات الكواكب المتحيرة والنيّرين في الشهور والسنين بالتقريب، وأسباب الكسوف والخسوف، وأظهر كيفية كتابة الأعداد بالحروف وعلامات البروج والكواكب بها.
تكشف الموضوعات الفلكية التي عالجها صاعد عن تعمقه بعلم الفلك، ويدعم هذا الرأي ما ذكره ابن عساكر أن صاعداً عمل لشرف الدولة ـ أبو المكارم مسلم بن قريش، أحد أمراء بني عقيل في منطقة الموصل والمتوفى في سنة 478هـ/1085م ـ «فلكاً بالقابوسية فيه نجوم وما يشبهها»، وهذا يدل على مقدرة متميزة ومعرفة خاصة ببناء المراصد الفلكية أيضاً.
ولصاعد مهارات ميكانيكية أشار إليها ابن عساكر إشارة عابرة منها:
ـ قلم الحبر: صنع صاعد قلماً من الحديد يُملأ حبراً ويخدم نحو شهر، فالقلم المخزِّن للحبر، الذي قام صاعدبإعادة صنعه، إبداع عربي منذ القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي، أي قبل ثمانية قرون من أول قلم حبر خزّان عُرف في أوربا، وهو قلمF.B.Foelsh سنة 1809م، وقلم J.Schefferسنة 1819م.
ـ آلات ميكانيكية: وقد أبدع صاعد آلات ميكانيكية عديدة منها: آلة ترفع الحجارة الثقال، وصورة شخص من حديد ينفخ النار عدة ساعات، هكذا ذكرها المؤرخون بدون أية معلومات تفصيلية أخرى 0
كان صاعد بن الحسن مثالا ًللعَالِم العربي المتعدد المواهب، فقد كان طبيباً موهوباً، وفلكياً ناجحاً، ومهندساً ميكانيكياً مبدعا،ً وأديباً معبّراً.
مصطفى موالدي