صناعة البرمجيات
نشأ مصطلح صناعة البرمجيات نتيجة للتطور المتسارع في المعلوماتية عموماً وفي البرمجيات خصوصاً. يُقصد بصناعة البرمجيات software industry، النشاط الاقتصادي المتعلق بتطوير المنتجات البرمجية وتسويقها، وكذلك الخدمات المرافقة لهذا النشاط مثل الخدمات الاستشارية، وأعمال تطويع البرمجياتcustomization، والتدريب على استخدامها، وتشغيلها، وتقديم خدمات استضافة البرمجيات والبيانات، وغيرها من الخدمات التي ترافق اقتناء المؤسسات والشركات لبرمجيات تطورها شركات أخرى متخصصة في هذا المجال.
تُصنَّف صناعة البرمجيات ضمن فئة الصناعات المعتمدة على المعرفة knowledge-based industries، والخبرة من جهة، وعلى العائد الاقتصادي المرتفع من جهة أخرى.
مقومات صناعة البرمجيات
يتطلب إنشاء شركات البرمجيات الناجحة توافر مايأتي:
ـ الموارد البشرية: يعد توافر الأعداد الكافية من العاملين في تطوير البرمجيات وتشغيلها وصيانتها من أهم العوامل في نشوء صناعة للبرمجيات تلبي الاحتياجات المحلية وتسهم في الاقتصاد الوطني. وتواجه جميع البلدان، بما فيها البلدان المتطورة، نقصاً في القوة البشرية المدربة تدريباً متوافقاً مع احتياجات صناعة البرمجيات، ويزداد هذا النقص نتيجة التغييرات المستمرة في تقانات المعلوماتية، ونشوء حاجات جديدة تؤدي إلى أسس ومنهجيات جديدة في تطوير البرمجيات، ويستدعي هذا توفير تدريب مستمر للطاقات البشرية، يتوافق مع هذه التقنيات ويبقيهم قادرين على متابعة العمل بالكفاءة المطلوبة.
ـ رأس المال: يعد رأس المال اللازم لتأسيس شركات صناعة البرمجيات منخفضاً نسبياً إذا ما قورن برأس المال اللازم لتأسيس الصناعات التقليدية الأخرى، مثل الصناعات الكيمياوية أو الكهربائية أو الإلكترونية، إلا أن رأس المال الذي يُستثمر عادةً في صناعة البرمجيات يصنف عادة ضمن فئة رأس المال المغامر risk capital، وذلك لعوامل الإخفاق الكثيرة التي يمكن أن ترافق تأسيس هذا النوع من الصناعات.
ـ الإدارة: يتوقف نجاح شركات صناعة البرمجيات واستمراريته على توافر الإدارة الجيدة، إذ تعتمد هذه الصناعة على القدرة على استشراف الحاجات المستقبلية من البرمجيات وتحضير المنتجات التي تلبيها، وإدارة فرق العمل المُكلَّفة بتطويرها. وتعتمد كذلك على القدرة على المنافسة في سوق سريع التغير. وقد عانت شركات كثيرة الركود في السنوات العشر الأخيرة، وأعلن إفلاس عدد منها، نتيجة عدم قدرة إداراتها على مجاراة متطلبات المنافسة، أو استخدام مديرين ذوي خلفية وخبرة تقنية فحسب، من دون امتلاكهم خبرات إدارية واقتصادية كافية.
ـ التسويق: يحتاج انطلاق شركات صناعة البرمجيات من الأسواق المحلية إلى الأسواق العالمية إلى تخصيص الأموال والخبرات والقدرة على التعريف بمنتجاتها في السوق العالمية. وتشير الاتجاهات العالمية إلى أن كلفة تسويق المنتج البرمجي قد تتجاوز كلفة تطوير البرمجيات، وتشمل هذه الكلفة نفقات إعداد نسخ تجريبية (تكون عادة مجانية) وتوزيعها، ونفقات الإعداد النهائي للمنتج وتعليبه وترويجه والدعاية له، والتدريب على استعماله، إلى جانب الاشتراك في المعارض التخصصية، وغيرها.
أسس صناعة البرمجيات ومعاييرها
تستند صناعة البرمجيات إلى أسس علمية أكاديمية وأسس اقتصادية إدارية، وقد استحوذ هذان النوعان اهتمام المعلوماتيين والاقتصاديين على حد سواء. ففي المجال العلمي التقني نشأت فروع عديدة من المعلوماتية تتناول الجوانب المختلفة للعمل البرمجي التقني، أهمها هندسة البرمجيات، وهندسة المتطلبات، وتقانات الاختبار والتحقق، كما اهتمت مؤسسات حكومية وأكاديمية عديدة بوضع معايير لضبط جودة المنتج البرمجي وللتأكد من تطبيق شركات صناعة البرمجيات للإجراءات التي تضمن الجودة، كما نشأت معايير كثيرة في هذا المجال أهمها، نموذج نضج الإمكانات (CMM:Capability Maturity Model) والمعيار الدولي ISO 9002 [ر. معايير الجودة].
أما في المجال الاقتصادي والإداري، فقد طُوِّعت علوم إدارة المشروعات والتسويق وتقاناتها لتناسب سوق البرمجيات السريع التطور والشديد المنافسة.
الجوانب القانونية وحماية الملكية الفكرية
المنتج البرمجي منتج فكري تنطبق عليه طرائق حماية العمل الفكري، ويتميز من غيره من المنتجات الفكرية (مثل الكتب والمجلات) بأن كلفته مرتفعة ونسخه أسهل. تعد ظاهرة قرصنة البرمجيات المنتشرة في السوق العالمية من أهم العقبات التي تعوق ازدهار صناعة البرمجيات، وذلك للخسائر الكبيرة التي تتكبدها الشركات الصانعة نتيجة أعمال النسخ والاستخدام غير المشروع لمنتجاتها [ر:حماية البرمجيات].
تُعد قوانين حماية الملكية الفكرية من أهم الوسائل القانونية لحماية شركات صناعة البرمجيات وذلك لتطبيقها في معظم دول العالم، ولأنها توفر للشركات البرمجية وسيلة قانونية قوية لمعاقبة قراصنة البرمجيات، كما يسعى الكثير من الدول والشركات والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم حملات لتوعية مستخدمي البرمجيات بشأن أهمية الحصول على نسخ أصلية ومخاطر استخدام النسخ المقرصنة، كما تلجأ إلى حملات التفتيش المفاجئ لاكتشاف نسخ البرمجيات غير النظامية المُستخدمة لدى المؤسسات والشركات.
الجوانب الاقتصادية لصناعة البرمجيات
تُعد صناعة البرمجيات من الصناعات الواعدة للمجتمعات والدول التي لم تتمكن من امتلاك اقتصاد متطور ومنافس في القطاعات الاقتصادية التقليدية، وقد استفادت بعض الدول النامية، مثل الهند وماليزيا، من هذا الواقع وحققت نجاحات باهرة تبدَّت نمواً ملحوظاً في صادراتها من المنتجات المعلوماتية.
ماتزال شركات البرمجيات العملاقة مثل مايكروسوفت Microsoft تهيمن على سوق البرمجيات، وتسعى إلى تعزيز هذه السيطرة بفضل البنية التحتية المتطورة التي توفرها الدول المتقدمة، والبيئة التشريعية والقانونية المواتية، والخبرات التي طورتها هذه الشركات.
تحتل كلفة البرمجيات نسبة مرتفعة من كلفة الأنظمة المعلوماتية، وللتنوع الكبير في النظم البرمجية التي تغطي طيفاً واسعاً يمتد من التطبيقات الشخصية ليصل إلى التطبيقات المصرفية والحكومية، فقد شهد سوق صناعة البرمجيات نمواً متزايداً في العقدين الماضيين. وفي حين استقرت صناعة التجهيزات وسيطرت عليها مجموعة من الشركات العملاقة، وُجد أن شركات صناعة البرمجيات مازالت في حركة مستمرة، تتجلى بإنشاء شركات جديدة تختص بأنواع جديدة من البرمجيات، واندماج شركات، وزوال شركات لم تعد منتجاتها تحظى بما كانت تتمتع به من أهمية.
تُعد الاستثمارات التي تنفقها الحكومات والشركات لتطوير مواردها البشرية من أهم العوامل اللازمة لنشوء صناعة البرمجيات، وتشجع بعض الحكومات تأسيس شركات صناعة البرمجيات وتقدم لها التسهيلات المالية الضرورية، وخاصة في بداية أعمالها، كما أنشأت العديد من الدول ما يسمى حاضنات الأعمال business incubators التي تقدم الخبرات القانونية والإدارية والتقنية والمساعدة المالية لأصحاب الأفكار الخلاّقة الذين يسعون إلى تأسيس شركات لصناعة البرمجيات، فتوفر لهم بذلك فرصاً أكبر للنجاح.
برمجيات المصادر المفتوحة
برمجيات المصادر المفتوحة هي نوع من البرمجيات يوزع مجاناً مرفقاً بالصيغ المصدرية لها. انتشر هذا النوع من البرمجيات بكثرة في السنوات العشر الماضية، نتيجة الانتشار الواسع للإنترنت وماقدمته لمطوِّري البرمجيات من إمكانات للتواصل وتبادل الأفكار والنتائج والنصوص البرمجية.
بدأت فكرة برمجيات المصادر المفتوحة في الجامعات والمعاهد التعليمية، وانتشرت بعد ذلك لتشمل الشركات والمؤسسات المتخصصة في حقل البرمجيات، والمثال الأكثر انتشاراً لبرمجيات المصادر المفتوحة هو نظام التشغيل لينكسLinux، الذي طورت إحدى الجامعات النروجية نواته، ووزعتها مجاناً على المؤسسات التعليمية وشركات البرمجيات، ثم أضاف مبرمجون من شتى أنحاء العالم أجزاءً مكملة، مكَّنت هذا النظام من أن يضاهي بجودته وإمكاناته التي يقدمها أنظمة التشغيل المعروفة مثل ويندوز Windowsويونكس Unix، من دون أن تكون لأي شركة حقوق بيعه.
الآفاق المستقبلية
مازالت صناعة البرمجيات تحظى باهتمام المعلوماتيين والمخططين الاقتصاديين على حد سواء، ويتوقع أن يستمر نمو هذه الصناعة مع الازدياد المطَّرد في المهن المعرفية وظهور ما يسمى اقتصاد المعرفة، أي النشاط الاقتصادي الذي يتطلب قدراً كبيراً من التعليم والتدريب والخبرة العملية والتقنية.
ويتوقع أن تسعى الدول النامية للاستفادة من هذا القطاع الاقتصادي الجديد إذا تمكنت من تهيئة الإمكانات المناسبة والطاقات البشرية، ووفرت البيئة التشريعية والإدارية والتقنية اللازمة لتأسيس شركات صناعة البرمجيات وإنجاحها، وتصدَّت لظاهرة هجرة الأدمغة التي تحرم هذه الدول من الاستفادة من الاستثمارات المصروفة على إعداد الطاقات البشرية لديها.
مادلين عبود
نشأ مصطلح صناعة البرمجيات نتيجة للتطور المتسارع في المعلوماتية عموماً وفي البرمجيات خصوصاً. يُقصد بصناعة البرمجيات software industry، النشاط الاقتصادي المتعلق بتطوير المنتجات البرمجية وتسويقها، وكذلك الخدمات المرافقة لهذا النشاط مثل الخدمات الاستشارية، وأعمال تطويع البرمجياتcustomization، والتدريب على استخدامها، وتشغيلها، وتقديم خدمات استضافة البرمجيات والبيانات، وغيرها من الخدمات التي ترافق اقتناء المؤسسات والشركات لبرمجيات تطورها شركات أخرى متخصصة في هذا المجال.
تُصنَّف صناعة البرمجيات ضمن فئة الصناعات المعتمدة على المعرفة knowledge-based industries، والخبرة من جهة، وعلى العائد الاقتصادي المرتفع من جهة أخرى.
مقومات صناعة البرمجيات
يتطلب إنشاء شركات البرمجيات الناجحة توافر مايأتي:
ـ الموارد البشرية: يعد توافر الأعداد الكافية من العاملين في تطوير البرمجيات وتشغيلها وصيانتها من أهم العوامل في نشوء صناعة للبرمجيات تلبي الاحتياجات المحلية وتسهم في الاقتصاد الوطني. وتواجه جميع البلدان، بما فيها البلدان المتطورة، نقصاً في القوة البشرية المدربة تدريباً متوافقاً مع احتياجات صناعة البرمجيات، ويزداد هذا النقص نتيجة التغييرات المستمرة في تقانات المعلوماتية، ونشوء حاجات جديدة تؤدي إلى أسس ومنهجيات جديدة في تطوير البرمجيات، ويستدعي هذا توفير تدريب مستمر للطاقات البشرية، يتوافق مع هذه التقنيات ويبقيهم قادرين على متابعة العمل بالكفاءة المطلوبة.
ـ رأس المال: يعد رأس المال اللازم لتأسيس شركات صناعة البرمجيات منخفضاً نسبياً إذا ما قورن برأس المال اللازم لتأسيس الصناعات التقليدية الأخرى، مثل الصناعات الكيمياوية أو الكهربائية أو الإلكترونية، إلا أن رأس المال الذي يُستثمر عادةً في صناعة البرمجيات يصنف عادة ضمن فئة رأس المال المغامر risk capital، وذلك لعوامل الإخفاق الكثيرة التي يمكن أن ترافق تأسيس هذا النوع من الصناعات.
ـ الإدارة: يتوقف نجاح شركات صناعة البرمجيات واستمراريته على توافر الإدارة الجيدة، إذ تعتمد هذه الصناعة على القدرة على استشراف الحاجات المستقبلية من البرمجيات وتحضير المنتجات التي تلبيها، وإدارة فرق العمل المُكلَّفة بتطويرها. وتعتمد كذلك على القدرة على المنافسة في سوق سريع التغير. وقد عانت شركات كثيرة الركود في السنوات العشر الأخيرة، وأعلن إفلاس عدد منها، نتيجة عدم قدرة إداراتها على مجاراة متطلبات المنافسة، أو استخدام مديرين ذوي خلفية وخبرة تقنية فحسب، من دون امتلاكهم خبرات إدارية واقتصادية كافية.
ـ التسويق: يحتاج انطلاق شركات صناعة البرمجيات من الأسواق المحلية إلى الأسواق العالمية إلى تخصيص الأموال والخبرات والقدرة على التعريف بمنتجاتها في السوق العالمية. وتشير الاتجاهات العالمية إلى أن كلفة تسويق المنتج البرمجي قد تتجاوز كلفة تطوير البرمجيات، وتشمل هذه الكلفة نفقات إعداد نسخ تجريبية (تكون عادة مجانية) وتوزيعها، ونفقات الإعداد النهائي للمنتج وتعليبه وترويجه والدعاية له، والتدريب على استعماله، إلى جانب الاشتراك في المعارض التخصصية، وغيرها.
أسس صناعة البرمجيات ومعاييرها
تستند صناعة البرمجيات إلى أسس علمية أكاديمية وأسس اقتصادية إدارية، وقد استحوذ هذان النوعان اهتمام المعلوماتيين والاقتصاديين على حد سواء. ففي المجال العلمي التقني نشأت فروع عديدة من المعلوماتية تتناول الجوانب المختلفة للعمل البرمجي التقني، أهمها هندسة البرمجيات، وهندسة المتطلبات، وتقانات الاختبار والتحقق، كما اهتمت مؤسسات حكومية وأكاديمية عديدة بوضع معايير لضبط جودة المنتج البرمجي وللتأكد من تطبيق شركات صناعة البرمجيات للإجراءات التي تضمن الجودة، كما نشأت معايير كثيرة في هذا المجال أهمها، نموذج نضج الإمكانات (CMM:Capability Maturity Model) والمعيار الدولي ISO 9002 [ر. معايير الجودة].
أما في المجال الاقتصادي والإداري، فقد طُوِّعت علوم إدارة المشروعات والتسويق وتقاناتها لتناسب سوق البرمجيات السريع التطور والشديد المنافسة.
الجوانب القانونية وحماية الملكية الفكرية
المنتج البرمجي منتج فكري تنطبق عليه طرائق حماية العمل الفكري، ويتميز من غيره من المنتجات الفكرية (مثل الكتب والمجلات) بأن كلفته مرتفعة ونسخه أسهل. تعد ظاهرة قرصنة البرمجيات المنتشرة في السوق العالمية من أهم العقبات التي تعوق ازدهار صناعة البرمجيات، وذلك للخسائر الكبيرة التي تتكبدها الشركات الصانعة نتيجة أعمال النسخ والاستخدام غير المشروع لمنتجاتها [ر:حماية البرمجيات].
تُعد قوانين حماية الملكية الفكرية من أهم الوسائل القانونية لحماية شركات صناعة البرمجيات وذلك لتطبيقها في معظم دول العالم، ولأنها توفر للشركات البرمجية وسيلة قانونية قوية لمعاقبة قراصنة البرمجيات، كما يسعى الكثير من الدول والشركات والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم حملات لتوعية مستخدمي البرمجيات بشأن أهمية الحصول على نسخ أصلية ومخاطر استخدام النسخ المقرصنة، كما تلجأ إلى حملات التفتيش المفاجئ لاكتشاف نسخ البرمجيات غير النظامية المُستخدمة لدى المؤسسات والشركات.
الجوانب الاقتصادية لصناعة البرمجيات
تُعد صناعة البرمجيات من الصناعات الواعدة للمجتمعات والدول التي لم تتمكن من امتلاك اقتصاد متطور ومنافس في القطاعات الاقتصادية التقليدية، وقد استفادت بعض الدول النامية، مثل الهند وماليزيا، من هذا الواقع وحققت نجاحات باهرة تبدَّت نمواً ملحوظاً في صادراتها من المنتجات المعلوماتية.
ماتزال شركات البرمجيات العملاقة مثل مايكروسوفت Microsoft تهيمن على سوق البرمجيات، وتسعى إلى تعزيز هذه السيطرة بفضل البنية التحتية المتطورة التي توفرها الدول المتقدمة، والبيئة التشريعية والقانونية المواتية، والخبرات التي طورتها هذه الشركات.
تحتل كلفة البرمجيات نسبة مرتفعة من كلفة الأنظمة المعلوماتية، وللتنوع الكبير في النظم البرمجية التي تغطي طيفاً واسعاً يمتد من التطبيقات الشخصية ليصل إلى التطبيقات المصرفية والحكومية، فقد شهد سوق صناعة البرمجيات نمواً متزايداً في العقدين الماضيين. وفي حين استقرت صناعة التجهيزات وسيطرت عليها مجموعة من الشركات العملاقة، وُجد أن شركات صناعة البرمجيات مازالت في حركة مستمرة، تتجلى بإنشاء شركات جديدة تختص بأنواع جديدة من البرمجيات، واندماج شركات، وزوال شركات لم تعد منتجاتها تحظى بما كانت تتمتع به من أهمية.
تُعد الاستثمارات التي تنفقها الحكومات والشركات لتطوير مواردها البشرية من أهم العوامل اللازمة لنشوء صناعة البرمجيات، وتشجع بعض الحكومات تأسيس شركات صناعة البرمجيات وتقدم لها التسهيلات المالية الضرورية، وخاصة في بداية أعمالها، كما أنشأت العديد من الدول ما يسمى حاضنات الأعمال business incubators التي تقدم الخبرات القانونية والإدارية والتقنية والمساعدة المالية لأصحاب الأفكار الخلاّقة الذين يسعون إلى تأسيس شركات لصناعة البرمجيات، فتوفر لهم بذلك فرصاً أكبر للنجاح.
برمجيات المصادر المفتوحة
برمجيات المصادر المفتوحة هي نوع من البرمجيات يوزع مجاناً مرفقاً بالصيغ المصدرية لها. انتشر هذا النوع من البرمجيات بكثرة في السنوات العشر الماضية، نتيجة الانتشار الواسع للإنترنت وماقدمته لمطوِّري البرمجيات من إمكانات للتواصل وتبادل الأفكار والنتائج والنصوص البرمجية.
بدأت فكرة برمجيات المصادر المفتوحة في الجامعات والمعاهد التعليمية، وانتشرت بعد ذلك لتشمل الشركات والمؤسسات المتخصصة في حقل البرمجيات، والمثال الأكثر انتشاراً لبرمجيات المصادر المفتوحة هو نظام التشغيل لينكسLinux، الذي طورت إحدى الجامعات النروجية نواته، ووزعتها مجاناً على المؤسسات التعليمية وشركات البرمجيات، ثم أضاف مبرمجون من شتى أنحاء العالم أجزاءً مكملة، مكَّنت هذا النظام من أن يضاهي بجودته وإمكاناته التي يقدمها أنظمة التشغيل المعروفة مثل ويندوز Windowsويونكس Unix، من دون أن تكون لأي شركة حقوق بيعه.
الآفاق المستقبلية
مازالت صناعة البرمجيات تحظى باهتمام المعلوماتيين والمخططين الاقتصاديين على حد سواء، ويتوقع أن يستمر نمو هذه الصناعة مع الازدياد المطَّرد في المهن المعرفية وظهور ما يسمى اقتصاد المعرفة، أي النشاط الاقتصادي الذي يتطلب قدراً كبيراً من التعليم والتدريب والخبرة العملية والتقنية.
ويتوقع أن تسعى الدول النامية للاستفادة من هذا القطاع الاقتصادي الجديد إذا تمكنت من تهيئة الإمكانات المناسبة والطاقات البشرية، ووفرت البيئة التشريعية والإدارية والتقنية اللازمة لتأسيس شركات صناعة البرمجيات وإنجاحها، وتصدَّت لظاهرة هجرة الأدمغة التي تحرم هذه الدول من الاستفادة من الاستثمارات المصروفة على إعداد الطاقات البشرية لديها.
مادلين عبود