عمر بن مختارأشهر مجاهدي طرابلس الغرب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عمر بن مختارأشهر مجاهدي طرابلس الغرب

    مختار (عمر)

    Al-Mukhtar (Omar-) - Al-Mukhtar (Omar-)

    المختار (عمر ـ)
    (1279 ـ 1350هـ/1862ـ 1931م)
    عمر بن مختار بن عمر، أشهر مجاهدي طرابلس الغرب في حربهم مع المستعمرين الإيطاليين، من قبيلة المنفة (من قبائل بادية برقة). توفي والده في طريقه إلى الحج، وعادت والدته عائشة لتعتني بولديها عمر ومحمد اللذين يقيمان ويدرسان في زنزور، فعاش عمر يتيماً.
    ذهب عمر إلى زاوية الجغبوب لمتابعة دراسته في العلوم الدينية واللغوية، فمكث فيها ثمانية أعوام، وقد أحبه شيوخ السنوسية وزعماؤها لصفاته الخلقية السامية إذ ظهرت عليه علامات الشدة والصراحة، وتبين للقادة السنوسيين نجابته وقوة مراسه، فاصطحبه السيد محمد المهدي السنوسي معه عند انتقاله من واحة الجغبوب إلى الكفرة عام 1313هـ/ 1895م.
    وفي عام 1315هـ/1897م عينه السيد المهدي شيخاً لزاوية القصور بالجبل الأخضر قريباً من المرج. وكان يقطن في هذه الزاوية وحولها قبيلة العبيد، وهم أناس عرفوا بشدة المراس وقوة الشكيمة. وقد اختاره السيد المهدي لهذه الزاوية حتى يسوس شؤونهم باللين تارة وبالعنف تارة أخرى، وحقق المختار ما عقده السيد المهدي على إدارته الحازمة من آمال.
    كانت طرابلس الغرب إحدى ولايات السلطنة العثمانية، وتقع غرب مصر وتفصلها عن ولايات تونس والجزائر.
    ولما كانت السلطنة العثمانية تقاوم العداء الأجنبي الأوربي وتتصدى لمشروعاته التوسعية في بلاد المسلمين شجعت الحركات الإصلاحية التي قامت في كل منطقة والتي كان منها الحركة السنوسية في شمالي إفريقيا التي استقرت في طرابلس الغرب بصورة رئيسية.
    وكانت إيطاليا تطمح ليكون لها حصة في اقتسام أراضي السلطنة العثمانية ولذلك قطعت علاقتها بالدولة العثمانية فجأة، وأعلنت الحرب عليها عام 1329هـ/ أواخر أيلول/سبتمبر 1911م، ثم أطلق أسطولهم قذائفه على موانئ طرابلس وبرقة في 3 /10/1911م وأعلنت إيطاليا في 6/11/1911م وضع طرابلس وبرقة تحت السيادة الإيطالية واستقدموا الجنود من مستعمرة أريتريا ومن الحبشة ثم احتلوا المدن الأخرى الرئيسية، وبدأت المقاومة التي استمرت مدة ثلاثين عاماً وقد شارك فيها السنوسيون، ومتطوعون من العالم الإسلامي لإنقاذ قطر عربي من دولة الخلافة الإسلامية.
    وكان عمر المختار في مقدمة الذين خفّوا إلى مشاركة الجيش العثماني والالتحام مع العدو في برقة. حتى جاء القائد العثماني أنور إلى بنغازي ليقود حركة المقاومة العثمانية الرسمية والشعبية ضد الاحتلال الإيطالي والتي شارك فيها متطوعون مسلمون من مختلف البلاد الإسلامية وخاصة بلاد الشام ومصر.
    وعندما توسع الإيطاليون في الداخل كان عمر المختار يتنقل من منطقة إلى أخرى وفي عام 1332هـ/1913م قاد المختار المجاهدين إلى معسكرات جبل العبيد، وفي عام 1341هـ/1922م أسهم في تأليف جبهة متحدة من البرقاويين والطرابلسيين من أجل القتال ضد إيطاليا. ولما قرر السيد إدريس مبارحة برقة واللجوء إلى مصر عهد بقيادة المجاهدين العليا إلى السيد عمر المختار فجعل مقره في الجبل الأخضر إلى وقت استشهاده بعد عشرة أعوام تقريباً.
    مدت إيطاليا الأسلاك الشائكة على طول الحدود مع مصر من البحر حتى واحة الجغبوب جنوباً مع إقامة مراكز مسلحة للمراقبة، فأدى ذلك إلى انقطاع الإمدادات عن عمر المختار في الجبل الأخضر. ومع ذلك استمر المجاهدون في جهادهم ضد الاحتلال الإيطالي، وفي يوم 26 ربيع الثاني 1350هـ/11/9/1931م، وعلى إثر معركة غير متكافئة وبصورة مفاجئة وقع عمر المختار أسيراً بعد أن أصيب حصانه ووقع فوقه وجرحت يده ولم يتمكن رفاقه من مساعدته، فتكاثر عليه جنود الأعداء وأسروه، ونقل الأسير إلى مدينة بنغازي، وأقيمت له محاكمة عسكرية شكلية وسريعة في محكمة خاصة سميت (محكمة طيارة أي سريعة) وذلك بعد أربعة أيام من الأسر. وكان المترجم يهودياً اسمه لمبروزو وهو من الحاضرين في الجلسة، وأصدرت المحكمة حكمها بالإعدام. ولم يراعوا كبر سنه وقال: «إنا لله وإنا إليه راجعون».
    وكان المختار قد أكد لآسريه أن وقوعه في الأسر لا يضعف شيئاً من حدة المقاومة وستنتقل القيادة إلى غيره. ولما حاول القائد الإيطالي غراتسياني إقناع عمر المختار بتوقيع نداء للمجاهدين للكف عن القتال رفض ذلك لأنه لا يرضي ضميره، ولأن المجاهدين لن يصدقوا صدور مثل هذا النداء عنه كما قال.
    وكان الإيطاليون قد جهزوا المشنقة قبل بدء المحاكمة، وفور انتهاء المحاكمة الشكلية نفذ الإيطاليون الإعدام شنقاً في عمر المختار الشيخ المجاهد في اليوم الثاني وهو (الأربعاء 1 جمادى الأولى 1350هـ/16/9/1931م) في ميدان سلوق في برقة، وأمام الآلاف من الناس الذين أجبروا على الحضور وشاهدوه وهو يردد كلمة الشهادة. ودفن في مقبرة سيدي أعبيد بالصابري. وكان ما فعله الإيطاليون دليلاً على وحشيتهم وإثباتاً للشهادة في سبيل الله التي حصل عليها عمر المختار الشيخ المؤمن المجاهد.
    نزل الإيطاليون في طرابلس سنة 1329هـ/1911م وغادروها مهزومين عام 1363هـ/1943م. وكانوا يعلنون أنهم يريدون إعادة الإمبراطورية الرومانية. وفي أثناء ذلك ارتكبوا الفظائع المختلفة من قتل وتعذيب وهتك أعراض النساء وبقر بطون الحوامل وسجن ونفي ومصادرة أراضي وأملاك وهدم البيوت وحرق الأحياء السكنية، كما حاربوا المسلمين في عقائدهم فدمروا المساجد وأهانوا الإسلام ومنعوا الأهالي من إقامة شعائرهم. ودخل جنودهم المساجد وهم سكارى ومنعوا أداء فريضة الحج وأهانوا المصاحف وداس عليها بعضهم أمام الأهالي وقال: «إنكم معشر المسلمين لا يمكن أن تصيروا بشراً ما دام هذا الكتاب بين أيديكم». وألزموا خطباء الجمعة بالدعاء لملك إيطاليا، وعملوا على القضاء على اللغة العربية فأغلقت الكتاتيب، ونشروا دور الدعارة وجعلوا الأضرحة والمساجد اصطبلات لدوابهم، وشجعوا بعثات التبشير الإيطالية لإرغام النساء على التنصر والزواج من الطليان ومحاولة تنصير الأطفال في المدارس وأمور كثيرة. وأنشؤوا كثيراً من الكنائس مع عدم وجود مسيحي واحد، وقد استمرت هذه الفظائع منذ بداية الاحتلال وزادت لمقاومة ثورة الشعب بقيادة عمر المختار والسنوسيين.
    بعد نجاح الإيطاليين في إعدام الشيخ المجاهد عمر المختار قائد المجاهدين في عام 1350هـ/1931م، اطمأنت الامبراطورية الإيطالية إلى سلطانها ودانت لها المناطق الليبية حتى عام 1362هـ/1942م. وكان الناس يعانون فيها اليأس والقنوط؛ فأمير البلاد في مهجره بمصر، وأهل الحل والعقد بعيدون ومنفيون، وهلك نصف الشعب أو أكثر، والباقون مستضعفون، وبدأ قائد إيطالي آخر بنـزع الأراضي وتسليمها إلى الطليان وتحويل سكان ليبيا إلى خدم وعبيد لهم.
    في أيلول 1359هـ/1939م بدأت الحرب العالمية الثانية، وبعد أن انهارت فرنسا أعلنت إيطاليا الحرب على إنكلترا وفرنسا في 10/6/1940م بقيادة زعيمها موسوليني إلى جانب ألمانيا. وكانت الهزيمة، إذ إنه في نهاية يوم 7/2/1942م أخلت جيوش رومل المنهزمة بلاد طرابلس بأجمعها. وعادت البلاد إلى قيادة السنوسيين وصار اسم عمر المختار الشهيد عالياً ورمزاً للجهاد ضد العدوان الأجنبي وأحقاده.
    عبد الرحمن البيطار

يعمل...
X