الان (اميل كارتييهAlain (Emile Chartier-)فيلسوف فرنسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الان (اميل كارتييهAlain (Emile Chartier-)فيلسوف فرنسي

    الان (اميل كارتييه)

    Alain (Emile Chartier-) - Alain (Emile Chartier-)

    آلان (إميل كارتييه ـ)
    (1868 ـ 1951)

    إميل كارتييه Emil Chartier المعروف باسم آلان Alain فيلسوف فرنسي ولد في مورتاني أوبرش (مقاطعة أورن) وتوفي في الفيزينيه Le Vésinet (من ضواحي باريس). كان ابن طبيب بيطري، قضى طفولة عادية، رأى أنها كانت ضرباً من الحماقة. فقد إيمانه بالدين وهو بعد طالب في الثانوية من غير أزمة روحية، لمع في دراسته الثانوية في الرياضيات، حتى إنه كان يحلم بدخول مدرسة البوليتكنيك لكن حلمه لم يتحقق، إذ إن إخفاقه في امتحانات الشهادة الثانوية بفرعها العلمي جعله يستعد لدخول المعهد العالي للمعلمين سنة 1889، إذ انصرف إلى قراءة أعمال كبار الفلاسفة، مثل أفلاطون وأرسطو وأوغست كونت، ولكنه أولى الفيلسوف الألماني كَنت اهتماماً خاصاً طبع تفكيره بطابع دائم. تخرج في المعهد وبدأ حياته التدريسية سنة 1892، وتنقل في مدن عدة قبل أن يأتي إلى باريس سنة 1919 مدرساً للبلاغة العالية في ثانوية هنري الرابع حتى تقاعده 1933، وانضم إلى الدريفوسيين Dreyfusards، وبدأ عمله في الصحافة، ففرض على نفسه واجب الكتابة اليومية، مستلهماً تجربته في الحياة؛ فكان مؤلفه «خواطر» حصاد هذه التجربة.
    ومع اندلاع الحرب العالمية الأولى، التحق بالجيش الفرنسي وعمره ست وأربعون سنة. وبقي في الخدمة سنتين ونصف السنة، بدأ في غضونهما تأليف كتابه «مارس أو الحرب في قفص الاتهام» لكنه لم ينشره إلا سنة 1921. وحينما سرح من الجيش استقر في الفيزينيه. وفي الثلاثينات أسس مع لانجفان P.Langevin وريفيه P.Rivet وبادي J.Bady جمعية المثقفين المناهضين للفاشية، وكان ذلك قبل التزامه المواقف السلمية عام 1939.
    تزوج في السبعين من عمره؛ ونال قبل وفاته بقليل الجائزة القومية الكبرى في الأدب. وتوفي في الفيزينيه.
    كان آلان غزير الإنتاج. ولعل أهم مؤلفاته:
    واحد وثمانون فصلاً عن الفكر والانفعالات (1917)، وقد أعاد صياغته ونشره بعنوان: مبادئ الفلسفة (1941)، ومنظومة الفنون الجميلة (1920)، ذكريات عن جول لانيو (1925)، المواطن مناهضاً للسلطات (1926)، خواطر في التربية (1932)، خواطر في السياسة (1934)، خواطر في الأدب (1934)، الآلهة (1934)، خواطر في الدين (1938)، مينرفا أو الحكمة (1939)، أوليات الاستيطيقا (1939)، العقول اليقظة (1942).
    كان آلان فيلسوفاً ومربياً يريد للفلسفة أن تتخذ مكانها في تربية العقول. أما الفلسفة في نظره فتنتج من تجربة الحياة اليومية. ولهذا لجأ إلى كتابة خواطر يومية جعلها منطلق تفكيره. كان يرى أن المرء لا يكتمل بالفكر وإنما بالفعل؛ وأن الحياة أحسن منطلق لكتابة مقال يتسم بالإبداع، ولهذا زاوج بين الفلسفة والتربية. أما الفلسفة فتبدأ عنده بالشك: فـ"التفكير أن تقول:لا» وهنا يكمن أثر ديكارت [ر] الأخلاقي على وجه الخصوص، فهو لم يضع العالم في إطلاقه موضع السؤال، كما فعل ديكارت؛ بل وضعه ابتداءً من لحظته وأحواله المختلفة، وهذا للتمهيد للفعل. لكن الفعل يستدعي التربية. ومن هنا احتلت تربية الفعل خاصة، والتربية عامة، جانباً كبيراً من تفكيره. وللتفكير عنده مصدران: ما أتى به معلمو الإنسانية، والتفكير الشخصي. لقد كان آلان حر التفكير لا يصغي إلا إلى صوت عقله؛ ولكن من دون أن يمنعه هذا من الانفتاح على العقول الكبيرة: فـ«العقول الأصيلة هي دائماً تلك التي أكثرت من القراءة».
    ويبدو هذا في تقديم كتابه «مبادئ الفلسفة»؛ إذ يهتم اهتمام المربي في توجيه تلامذته فيقول: «لقد فكرت طويلاً في الطلاب الشبان؛ فبحثت عما يمكن أن يمسهم مساً مباشراً». لكنه يعد كتابه هذا تمهيداً لدراسة الفلسفة؛ لا بد لمن يريد أن يرتفع درجة ثانية فيها من قراءة كتابه «أفكار»؛ لكي ينتقل منه إلى قراءة مجموعات «الخواطر» النابعة من تجربة الحياة اليومية، وواهبة التفكير الفلسفي بعداً سياسياً وأخلاقياً.
    يقول آلان في خاطرة سياسية من مؤلفه «خواطر»: «لدي استعداد خاص لكتابة المقالات القصيرة في الموضوعات كلها. لكنني رأيت في كل مكان، أن الصحف ذات النفوذ كانت في خدمة ضروب الاستبداد جميعاً؛ وأن المقاومة كانت تعبر عن نفسها بفرنسية رديئة». وهذا ما دفعه إلى كتابة خواطره اليومية، ونشرها في الصحف.
    وهكذا انصب اهتمامه الفكري على السياسة. لكنه أعطى القيمة العليا للفرد الإنساني؛ ووقف معه مقاوماً كل سلطة لا يوجهها العقل. ومن هنا كان اهتمامه متجهاً إلى كشف خداع السلطة من ناحية، وتعليم المواطن الانضباط الذي يؤدي إلى استتباب النظام الاجتماعي من ناحية أخرى. كان ديمقراطياً، وكانت الديمقراطية التي ينادي بها قائمة على سيادة الشعب؛ «ذاك الذي لا يخدع نفسه؛ ولا يتيح لأي كان أن يخدعه».
    كان مناهضاً للحرب وللجنون الذي يؤدي إليها، وقد كتب الكثير من «الخواطر» التي تظهر ويلاتها وتبين نوع النفاق الذي يتضمنه حديث الناجين منها عن النصر: «فالمحاربون الأكثر جدارة هم الذين لا يكونون على قيد الحياة، حين ترفرف رايات السلام».
    كان ضد النزعة الكليانية totalitarisme بأشكالها المختلفة؛ فهي تؤدي إلى التخلي عن العقل أمام ضغط الجماهير؛ وإلى الجبن والتراجع أمام سطوتها.
    أما فكره التربوي فكان امتداداً لفكره السياسي، فأكثر خواطره كان للتنبيه والتوجيه وكانت الغاية منها إيقاظ العقول. كان ذا نزعة أخلاقية؛ يؤمن بالقيمة التي تضمن توازن جوانب الحياة الإنسانية؛ وذا نزعة عقلية تسعى إلى توجيه الإنسان بنور العقل. ولم يلتزم بهذا وذاك في نفسه فقط؛ بل كان يحث تلاميذه على الالتزام بهما. كان يلح على كيفية التفكير أكثر مما يلح على ما يجب تعليمه. لهذا رأى أن وظيفة المربي هي احترام عقول طلابه واحترام حركتها الفكرية الحرة. وهذا جعله لا يفرض شيئاً عليهم؛ بل يسعى إلى مشاركتهم التفكير. كان يقول لهم: «لقد رأيت هذا الشئ؛ فجعلني أفكر على هذا النحو؛ وهو أمر سنفكر فيه معاً».
    لكن حرية الفكر التي كان يؤمن بها، لم تتنكر للعقول الكبيرة؛ فكان يستحضر فلاسفته المفضلين في محادثات مع طلابه: أفلاطون وأرسطو واسبينوزا وكَنت وأوغست كونت. كان يعتقد أن الفكر الإنساني واحد في كل مكان. وهذا هو منطلق كتبه الفلسفية عن فلاسفته المفضلين: كان يعرضهم عرضاً خاصاً. لم تكن كتابته عنهم مجرد أفكار يقينية؛ بل هي شيء آخر نفذ إلى عقله وقلبه؛ فتمثله تمثلاً خاصاً خالعاً عليه أحوال يومه ولحظته. ومن هنا كان رأيه في أن الأفكار ليس لها وجود: فهي تولد وتموت في كل لحظة. وفي هذه الحال، لا بد من رفض المذهبية. وهذا ما فعله هو ذاته: فقد رفضها ورفض لقب الفيلسوف.
    يستلهم آلان في نظرته إلى علم الجمال كتاب كَنت «نقد ملكة الحكم»، من دون أن يتقيد بحرفيته. فهو يعتقد «أن جميع ما كتب في علم الجمال تسوده تحليلات هذا الكتاب،التي وإن أصبحت تقليدية اليوم؛ فهي مازالت مجهولة جداً في تفاصيلها النفاذة».
    وهو ينطلق في نظرته الجمالية من المخيلة بوصفها وظيفة إنسانية. لكنه يحددها تحديداً يغلب عليه طابع الجسد الإنساني بآلياته وانفعالاته. غير أنه لا يستخلص أي قواعد فنية منها؛ فالآثار الفنية هي التي تقدم هذه القواعد، إذا حاولنا أن نبرهن على أن أثراً فنياً ما جميل؛ كان الأثر الفني هو الذي يقدم لنا هذا البرهان. ومن هنا كان أمر الجميل مختلفاً عن أمر الحقيقي. فالجميل يتميز بوجوده المتعين: فإذا لم يكن في عالم الجمال إلا شيء جميل واحد في جنسه، كعمارة جميلة أو لحن جميل أو قصيدة جميلة لم نكن بحاجة إلى أكثر منه، حتى نتمكن من عرض أحكامنا النهائية من العلاقات الكلية المفترضة فيه.
    لم تقتصر أستاذية آلان على حلقات طلابه؛ بل تعدتها إلى جمهور قراءة الصحف التي كان ينشر خواطره فيها. ومنذ عام 1920 أخذ تلاميذه ينشرون صحيفة أسبوعية تحمل خواطره الحرة، التي ما لبثت أن انتقلت إلى مجلات أخرى.
    كان «كَنتياً» وكان ينتقل بملاحظاته بين الأشياء والناس دون ملل؛ فيسلط نور تفكيره على ما يحيط به؛ ويخرج بأفكار لها طابعها المستقل. كان موقظاً للعقول من دون أي مذهب يقدمه للناس، فكل ما لديه دروس في الحيطة الفكرية حيال الآراء العامة والأفكار الجاهزة. لكنه كان يهتم بتشجيع الحرية الفردية إلى جانب اهتمامه بإيقاظ العقول؛ كان احتجاجاً على الأساطير، وكان يحث طلابه على عدم تبني أي عقيدة فكرية أو أخلاقية لا تنبع من أنفسهم، حتى لو كانت عقيدته هو نفسه.
    ولكن، أين موقعه من فلسفة عصره؟ من الصعب أن يعد آلان مع أي مذهب من مذاهبها: فهو ليس مادياً ولا مثالياً ولا ذرائعياً ولا ظاهرياً ولا وجودياً. إنه فيلسوف نسيج وحده، ولا يمكن فهمه بجلاء إلا إذا أخذ في الحسبان استقلاله الفكري من ناحية، والفلاسفة الذين استلهمهم من ناحية أخرى.

    تيسير شيخ الأرض

يعمل...
X