ام دباغيه
Umm al-dabaghiyah - Umm al-dabaghiyah
أم الدباغية
أم الدباغية Umm Al-Dabaghiyah تل أثري في سفوح جبل سنجار في شمال غربي العراق، أبعاده 100×85م وارتفاعه 4م، وقد نقبت الباحثة الإنكليزية ديانا كيركبرايد D.Kirkbride في الأعوام 1971- 1974 عن الآثار التي يضمها هذا التل، وتم تحديد اثنتي عشرة طبقة أثرية سُكنت كلها بين نهاية الألف السابع وبداية الألف السادس ق.م، أي بين نحو 6200 و5750ق.م.
شيدت منشآت هذا الموقع وفق مخطط مسبق وكانت من الطين لندرة الأحجار، كما طليت جدران المنازل وأرضياتها بالملاط. ويمكن تمييز نوعين من الأبنية في هذا الموقع، النوع الأول: غرف صغيرة كشفت العشرات منها في صفوف متقابلة، أحياناً على شكل حرف T، يصل طولها حتى 25م، وتفصل بينها جدران سميكة بدعامات خاصة، وهي مبنية من الطين، والقصب والأغصان، مساحة كل منها 150×175سم، وليس لهذه البيوت أبواب ولا نوافذ ولا اتصال بينها، ويعتقد أن مداخلها كانت من سقوفها مما يشير إلى استعمالها مخازن أو مشاغل حرفية، وذلك أنه قد كشف عن أقنية تصريف وأحواض من الجص محفورة في الأرض. والنوع الثاني: بيوت سكنية يتألف كل بيت من ثلاث غرف، واحدة للسكن والثانية مطبخ والثالثة مستودع، والجدير بالاهتمام هنا هو استخدام العقود الطينية في هذه المساكن، وهذا يعد من أقدم الأدلة على بناء الأقواس في الشرق القديم، إضافة إلى المواقد والتنانير والمداخن.
إن من أهم ما يميز هذا الموقع هو الأواني الفخارية كالأباريق والصحون والجرار والأواني ذوات القواعد والأرجل التي عثر على أنواع مختلفة منها، بعضها بدائي بسيط وخشن والبعض الآخر دقيق الصنع مصقول وجميل ويحمل زخارف هندسية ملونة بالأحمر، أو زخارف بأشكال حيوانية وإنسانية (الحمار البري والوجوه البشرية). وهناك أنواع من الأواني، مزخرفة بطريقة الحز والتمشيط، والأواني المصنوعة من الفخار الأسود المصقول المعروف في الساحل السوري مما يدل على صلة واضحة بين المنطقتين. وعموماً فإن فخار هذا الموقع، الذي تضمَّن أواني تخزين ضخمة، هو أقدم فخار معروف في بلاد الرافدين.
كما وجدت الأواني الحجرية والأدوات الحجرية التي ضمت رؤوس النبال والمناجل والنصال الصغيرة من حجر السبج (الأوبسيديان)، والأدوات المصنوعة من أحجار البازلت، وأهمها الفؤوس المصقولة إضافة إلى أحجار المقاليع المستخدمة في الصيد، والتماثيل الطينية الإنسانية والحيوانية، التي تمثل في معظمها نساء في وضعية الجلوس دليلاً على انتشار عقيدة الخصب لدى السكان. وهناك أدوات الزينة والخرز المصنوعة من الأحجار الخضراء والرخام والصدف والسبج وهي مواد مستوردة من مناطق مجاورة، سواء من الأناضول شمالاً أو من الخليج العربي جنوباً، والصناعات العظمية كالمخارز والإبر والملاعق والنصال.
لقد عمل سكان المستوطنة بالزراعة وبتربية القطعان إذ وجدت دلائل على زراعة القمح والشعير والحمص والعدس وتدجين الحيوانات ولاسيما المعز والضأن والبقر والخنزير والكلاب، ويبدو أن حيوان الحمار البري كان له أثر مهم في حياة هذه المستوطنة وتدل على ذلك كثرة عظامه فيها. كما دلت على الحمار البري بقايا الصور الجدارية، ومن بينها لوحة ملونة على جدران أحد المنازل تمثل صيد هذا الحيوان بعد مطاردته ليقع في شباك صيد قوية.
يعد الموقع من أهم وأبكر القرى الأولى في مناطق الزراعة البعلية في شمالي بلاد الرافدين. ويحمل تأثيرات حضارية أتت من الجزيرة السورية والفرات والساحل السوري، ومنه انتشرت الزراعة الباكرة باتجاه وسط بلاد الرافدين وجنوبيها. وتعتقد المنقبة في الموقع، استناداً إلى دلائل المخازن والأحواض والأقنية الحرفية والصور الجدارية، أن المستوطنة قد تخصصت بصيد الحمار البري وتحضير جلوده وتصديرها والمتاجرة بها. وهكذا كانت قطعان الماشية أحد أهم مصادر ثروة أولئك الناس إضافة إلى الموارد الزراعية، وكلها تدل على مرحلة رخاء وتنظيم وإنجازات تقنية عالية ما لبثت أن وجدت طريقها إلى المناطق الأخرى المجاورة.
سلطان محيسن
Umm al-dabaghiyah - Umm al-dabaghiyah
أم الدباغية
أم الدباغية Umm Al-Dabaghiyah تل أثري في سفوح جبل سنجار في شمال غربي العراق، أبعاده 100×85م وارتفاعه 4م، وقد نقبت الباحثة الإنكليزية ديانا كيركبرايد D.Kirkbride في الأعوام 1971- 1974 عن الآثار التي يضمها هذا التل، وتم تحديد اثنتي عشرة طبقة أثرية سُكنت كلها بين نهاية الألف السابع وبداية الألف السادس ق.م، أي بين نحو 6200 و5750ق.م.
شيدت منشآت هذا الموقع وفق مخطط مسبق وكانت من الطين لندرة الأحجار، كما طليت جدران المنازل وأرضياتها بالملاط. ويمكن تمييز نوعين من الأبنية في هذا الموقع، النوع الأول: غرف صغيرة كشفت العشرات منها في صفوف متقابلة، أحياناً على شكل حرف T، يصل طولها حتى 25م، وتفصل بينها جدران سميكة بدعامات خاصة، وهي مبنية من الطين، والقصب والأغصان، مساحة كل منها 150×175سم، وليس لهذه البيوت أبواب ولا نوافذ ولا اتصال بينها، ويعتقد أن مداخلها كانت من سقوفها مما يشير إلى استعمالها مخازن أو مشاغل حرفية، وذلك أنه قد كشف عن أقنية تصريف وأحواض من الجص محفورة في الأرض. والنوع الثاني: بيوت سكنية يتألف كل بيت من ثلاث غرف، واحدة للسكن والثانية مطبخ والثالثة مستودع، والجدير بالاهتمام هنا هو استخدام العقود الطينية في هذه المساكن، وهذا يعد من أقدم الأدلة على بناء الأقواس في الشرق القديم، إضافة إلى المواقد والتنانير والمداخن.
إن من أهم ما يميز هذا الموقع هو الأواني الفخارية كالأباريق والصحون والجرار والأواني ذوات القواعد والأرجل التي عثر على أنواع مختلفة منها، بعضها بدائي بسيط وخشن والبعض الآخر دقيق الصنع مصقول وجميل ويحمل زخارف هندسية ملونة بالأحمر، أو زخارف بأشكال حيوانية وإنسانية (الحمار البري والوجوه البشرية). وهناك أنواع من الأواني، مزخرفة بطريقة الحز والتمشيط، والأواني المصنوعة من الفخار الأسود المصقول المعروف في الساحل السوري مما يدل على صلة واضحة بين المنطقتين. وعموماً فإن فخار هذا الموقع، الذي تضمَّن أواني تخزين ضخمة، هو أقدم فخار معروف في بلاد الرافدين.
كما وجدت الأواني الحجرية والأدوات الحجرية التي ضمت رؤوس النبال والمناجل والنصال الصغيرة من حجر السبج (الأوبسيديان)، والأدوات المصنوعة من أحجار البازلت، وأهمها الفؤوس المصقولة إضافة إلى أحجار المقاليع المستخدمة في الصيد، والتماثيل الطينية الإنسانية والحيوانية، التي تمثل في معظمها نساء في وضعية الجلوس دليلاً على انتشار عقيدة الخصب لدى السكان. وهناك أدوات الزينة والخرز المصنوعة من الأحجار الخضراء والرخام والصدف والسبج وهي مواد مستوردة من مناطق مجاورة، سواء من الأناضول شمالاً أو من الخليج العربي جنوباً، والصناعات العظمية كالمخارز والإبر والملاعق والنصال.
لقد عمل سكان المستوطنة بالزراعة وبتربية القطعان إذ وجدت دلائل على زراعة القمح والشعير والحمص والعدس وتدجين الحيوانات ولاسيما المعز والضأن والبقر والخنزير والكلاب، ويبدو أن حيوان الحمار البري كان له أثر مهم في حياة هذه المستوطنة وتدل على ذلك كثرة عظامه فيها. كما دلت على الحمار البري بقايا الصور الجدارية، ومن بينها لوحة ملونة على جدران أحد المنازل تمثل صيد هذا الحيوان بعد مطاردته ليقع في شباك صيد قوية.
يعد الموقع من أهم وأبكر القرى الأولى في مناطق الزراعة البعلية في شمالي بلاد الرافدين. ويحمل تأثيرات حضارية أتت من الجزيرة السورية والفرات والساحل السوري، ومنه انتشرت الزراعة الباكرة باتجاه وسط بلاد الرافدين وجنوبيها. وتعتقد المنقبة في الموقع، استناداً إلى دلائل المخازن والأحواض والأقنية الحرفية والصور الجدارية، أن المستوطنة قد تخصصت بصيد الحمار البري وتحضير جلوده وتصديرها والمتاجرة بها. وهكذا كانت قطعان الماشية أحد أهم مصادر ثروة أولئك الناس إضافة إلى الموارد الزراعية، وكلها تدل على مرحلة رخاء وتنظيم وإنجازات تقنية عالية ما لبثت أن وجدت طريقها إلى المناطق الأخرى المجاورة.
سلطان محيسن