كيمياء النفطPetrochemistry

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيمياء النفطPetrochemistry

    كيمياء نفط

    Petrochemistry - Pétrochimie

    كيمياء النفط

    عرف الإنسان النفط منذ قديم الزمان، واستخدمه البابليون والهنود الحمر في حروبهم.
    بدأ استخدام الكيروسين (زيت الكاز) منذ القرن الثامن عشر في إنارة المنازل والشوارع. وبعد اختراع محركات الاحتراق الداخلي في القرن التاسع عشر صار النفط مصدر وقود مختلف وسائل النقل.
    يعدّ النفط في الوقت الحاضر المصدر الرئيسي للطاقة في معظم بلدان العالم، وتعتمد عليه معظم وسائل النقل البرية والبحرية والجوية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية.
    بيد أن الاستخدام الأمثل للنفط هو استثماره كيميائياً مادة أولية، في صناعة اللدائن والمطاط والخيوط الصنعية والمنظفات والمبيدات الكيميائية وكذلك البروتينات.
    تميّزت الخمسينات من القرن العشرين باكتشاف حقول نفطية غنية جداً في منطقة الخليج العربي، وارتفاع معدلات استخراجه ومعالجته في أنحاء مختلفة من العالم. واحتل النفط مركز الصدارة بين مصادر الطاقة في معظم البلاد. وازدادت حدة التنافس والصراع بين الدول الكبرى من أجل الحصول على النفط، فكان سبباً للعديد من النزاعات الدولية والتوسع الاستعماري.
    وقد دفع الاهتمام المتزايد بالنفط، كونه مادة أولية للصناعات العضوية والبتروكيميائية، العلماء لإجراء دراسات معمقة لمعرفة تركيبه وخواصه، وإلى تطوير الوسائل المتبعة في معالجته. وقد تميزت دراسة الهدروكربونات النفطية في الوقت الراهن باستخدام أحدث الطرائق الكيميائية والفيزيائية بهدف تحديد المواصفات الكيميائية الفيزيائية للمنتجات التجارية النفطية وتحديد نسبتها وأجزائها، إضافة إلى إجراء دراسات مفصلة لتركيب هذه الأجزاء من الناحية البنيوية والوظيفية، وتقدير نسبة البرافينات والعطريات والأوليفينات وغيرها فيها.
    تجمعت إبان السنوات الأخيرة معلومات ضخمة حول تركيب النفط وأجزائه ومركباته كل على حدة. ودرست المركبات الخفيفة (البنزينية) من النفط دراسة مفصلة جداً شملت كل دقائقها إضافة إلى دراسة التركيب الهدروكربوني للأجزاء المتوسطة كالزيوت والقطران، وكذلك المركبات ذات الذرات غير المتجانسة الموجودة في أجزاء الوقود والزيوت، ومازالت دراسة القسم الأكثر تعقيداً من مركبات النفط مستمرة، وخاصة تلك التي تتألف من جزيئات ضخمة.
    ساعد كل ذلك على تطوير عمليات المعالجة المعمقة للنفط، والبحث عن طرائق جديدة تزيد في جودة المنتجات النفطية بهدف الحصول على مواد كيميائية وأنواع جيدة من الوقود.
    مراحل تطور الصناعات النفطية:
    1- نشوء الصناعات النفطية: ورد ذكر تحضير النفط والغاز الطبيعي من الصخور في مختلف المخطوطات القديمة. فقد وصف هيرودوت وبلوتارخُس وبلينيوس منابع النفط التي كانت موجودة في ذلك الوقت بالقرب من البحر الميت وفي سورية والهند وبلاد فارس وعلى شاطئ بحر قزوين. وكان الأقدمون يستعملون النفط في الطب ولأغراض حربية ومادة للبناء. ويحكى أن العلامة العربي أبا الحسن المسعودي قام بزيارة لمنابع النفط في مدينة باكو في القرن العاشر، واقترح تصديره إلى شبه جزيرة العرب وسورية وبلدان أخرى.
    بدأ استخدام النفط مادة للإضاءة منذ وقت بعيد. وكان النوع الخفيف والصافي منه هو النوع المفضل بين مختلف أنواع النفط الطبيعي، ومع مرور الزمن أصبحت الكمية المستخرجة من النفط الخفيف لا تكفي احتياجات الناس. لذلك بدء بتطبيق طرائق تقطير بدائية للنفط الثقيل بهدف الحصول على زيت الكاز. وثمة معلومات تشير إلى أن وحدات التقطير البدائية للنفط كانت موجودة في القرون الوسطى في مناطق ما وراء القفقاس. وفي إنكلترا بدء بتقطير النفط في عام 1848. وفي الولايات المتحدة الأمريكية شيدت أول وحدة تقطير للنفط في مدينة تيتوسفيل Titusville (PA) (في ولاية بنسلفانيا).
    كان الجهاز الرئيسي في جميع وحدات التقطير الأولى إنبيق يعمل دورياً، والناتج الوحيد هو الكيروسين اللازم للإضاءة. إذ كان يحرق الجزء الخفيف (البنزين) والثقيل (المازوت) لعدم الحاجة إليهما في ذلك الوقت.
    في منتصف الثمانينات من القرن التاسع عشر استخدمت مجموعة من الأنابيق تعمل باستمرار، وفي عام 1876 اخترع البخاخ (المرذاذ) لحرق الوقود السائل مما ساعد على استخدام المازوت وقوداً للمراجل البخارية، وفي العام نفسه تمّ الحصول على زيوت التشحيم من المازوت، وبدأت الزيوت النفطية تحل محل زيوت التشحيم ذات المنشأ النباتي والحيواني.
    وفي عام 1890 سجل اختراع لوحدة تقطير أنبوبية للنفط تعمل باستمرار. وتتألف من مسخن حلزوني ومبخر وعمود تكرير وجهاز تبادل حراري. وسرعان ما انتشرت وحدات التقطير هذه في جميع أنحاء العالم. ولا بد من الإشارة إلى أن الوحدات الحديثة للتقطير الأولي للنفط تعتمد حتى اليوم على المبادئ الأساسية لهذه الوحدات الأنبوبية.
    الصناعات النفطية في النصف الأول من القرن العشرين:
    منذ مطلع القرن العشرين، وبعد اختراع المحركات ذات الاحتراق الداخلي وانتشارها على نطاق واسع، أصبح البنزين أهم ناتج من نواتج معالجة النفط. فازداد الطلب عليه وتطلب ذلك ضرورة بناء مصافٍ نفطية جديدة.
    في الفترة بين 1900- 1925 طبقت طرائق لمعالجة الغازات المرافقة للنفط LPG. ودرست المبادئ الأساسية لإنتاج البنزين بالتكسير الحراري للأجزاء النفطية الثقيلة. ومنذ عام 1913 تمّ، في ولاية إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية، تشغيل أول وحدة للتكسير الحراري للأجزاء الغازولينية تحت الضغط، واستمر البحث عن طرائق جديدة لعمليات التكسير الحراري لمختلف أجزاء النفط.
    وفي العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، ومع ارتفاع نسبة الضغط في محركات السيارات، ازداد الطلب على أنواع من البنزين تتصف بمقاومتها العالية للفرقعة، أعدت دراسات نظرية وعملية مكثفة لوضع عمليات تقنية جديدة لمعالجة النفط. وقد خصصت عمليات التكسير الحراري والحفزي للأجزاء النفطية المتوسطة، وكذلك عمليات ألكلة الهدروكربونات غير المشبعة بالأيزوبوتان، وبلمرة الألكنات C3 − C4 للحصول على بنزين مرتفع عدد الأوكتان.
    الصناعات النفطية في النصف الثاني من القرن العشرين
    تميز النصف الثاني من القرن العشرين بنمو الصناعات النفطية نمواً سريعاً. وأقيمت عشرات المصانع في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا واليابان وإيطاليا، كما ازداد حجم تصنيع النفط في البلدان النامية كإيران وإندونيسيا والبحرين والكويت والمملكة العربية السعودية وسورية. وانتشرت مصافي معالجة النفط وتكريره في أنحاء العالم. وبدأ النفط الخام يصل إليها بالأنابيب من حقول النفط مباشرة، كما تحسنت كثيراً نوعية المنتجات النفطية.
    وبعد تطبيق عمليات التحسين الحفزية باستخدام مواد حفازة بلاتينية وأكسيدية، تمَّ تحويل أنواع البنزين المنتجة من عمليات التقطير المباشرة تحت الضغط الجوي وذات العدد الأوكتاني المنخفض إلى أنواع ذات عدد أوكتاني يراوح بين 95-100 درجة.
    كذلك استخدم الهدروجين، الناتج الثانوي من عمليات التحسين الحفزي، من أجل تنقية وقود الديزل وكيروسين الإضاءة ووقود الطائرات وغيرها من الأجزاء البترولية، من المركبات الكبريتية. وتطورت عمليات التكسير الحفزي والتحسين الحفزي والتنقية باستخدام الهدروجين، باستخدام مواد حفازة جديدة. فقد أدى استخدام حفازات تحتوي على الزيوليت في وحدات التكسير الحفزي إلى رفع مردود البنزين مرة ونصف. وانخفضت من جراء ذلك كمية فحم الكوك المتكونة في أثناء العملية.
    شهدت تقانة صناعة زيوت التشحيم تطوراً كبيراً، ودخلت حيز التنفيذ في الصناعة عمليات نزع الإسفلت ونزع البرافين والتنقية الانتقائية والمهدرجة التي حلت محل عمليتي التنقية الحمضية والقلوية القديمتين. وبذلك تمَّ التوصل إلى طرائق جديدة للحصول على زيوت تشحيم عالية الجودة من أي مادة نفطية. ومنذ نهاية القرن العشرين حتى اليوم ماتزال تطرح قضايا تقنية مهمة في مجال صناعة زيوت التشحيم، أهمها إيجاد مواد تزليق ذات لزوجة منخفضة في درجات الحرارة السالبة (تحت الصفر)، وتوسيع قاعدة المواد الخام اللازمة للحصول على الزيوت، ورفع دليل لزوجة زيوت الأساس، والبحث عن أنواع من المضافات التي تضاف لزيوت الأساس بهدف رفع مقاومتها للتآكل والأكسدة وغير ذلك. والمهمة المطروحة حالياً أمام الصناعات النفطية والبتروكيميائية هي العمل على زيادة إنتاج المواد المضافة المهمة.
    وبدأت مؤخراً مرحلة مهمة في تطوير الصناعات النفطية، هي بناء وحدات مجمعة ضخمة لمعالجة النفط، تتضمن الأقسام الآتية:
    قسم لنزع الأملاح كهربائياً والتقطير تحت الضغط الجوي، وقسم للتحسين الحفزي، وقسم للتنقية باستخدام الهدروجين لوقود الديزل والكيروسين، وقسم لتجزئة الغازات وفصلها وقسم التكسير الحراري والحفزي.
    وقد ساعدت منجزات العلم والتقنية في مجال المعالجة الحفزية الحرارية للمازوت على تحقيق زيادة في مردود المنتجات النفطية الخفيفة، والحد من استهلاك الأجزاء النفطية كوقود للمراجل والأفران. ولتنفيذ عمليات معالجة المازوت الأنفة الذكر لابد من إعداد المادة الخام، أي تخليصها من المواد المثبطة للمادة الحفازة (كالفلزات والإسفلتينات والكبريت وغيرها) وتتطلب هذه المعالجة أجهزة خاصة تعمل تحت ضغوط ودرجات حرارية مرتفعة ولا تتأثر بالهدروجين وكبريتيد الهدروجين.
    ولما كان الاستثمار الأمثل للنفط هو استخدامه مادة أولية في مختلف الصناعات العضوية والبتروكيميائية، فقد توسع استخدامه الخام لإنتاج الأحماض الدهنية والكحولات والبولي أوليفينات والمطاط الصنعي والألياف الصنعية.
    تقوم الأبحاث العلمية في الوقت الحاضر بتطوير الصناعات البتروكيميائية. ففي صناعة الأوليفينات مثلاً (الإتيلين والبروبلين) يجري التحول إلى استخدام أنواع جديدة من المادة الخام والاستفادة من الأجزاء النفطية الثقيلة والأجزاء الغازية الناتجة من عمليتي التقطير الجوي وتحت الفراغ. ومن المتوقع أن تصبح، الطريقة الكومولية في تحضير الفينول والأسيتون، وعمليات اصطناع الأوكسو OXO أكثر انتشاراً.
    ومن المهمـات المطروحة أمـام العاملين في مجـال كيميـاء النفط رفع الانتقائيـة التي لا تتجـاوز في بعض العمليات 35-70٪. ومن المؤكد أن الانتقائية المنخفضة تسبب ضياع كميات من المادة الخام الأولية والمواد الحفازة.
    وقد سبب التوسع الصناعي الكبير، في مجال كيمياء النفط والبتروكيمياء في العقود الخمسة الأخيرة، زيادة في الإنتاج الصناعي وزيادة مخلفاته من الحموض والمعادن والقلويات والأملاح والزيوت التي تطرح في الأنهار والبحيرات وانتشار الغازات الضارة والرماد. ومن هذه الملوثات أكاسيد الكربون وأكاسيد الكبريت وأكاسيد الآزوت والهباب والدخان والغبار ومركبات هدروكربونية وألدهيدات ومركبتانات.
    إن معظم النواتج الصناعية ذات تأثيرات سمية ولو بنسب قليلة، وتتركز بعض هذه المواد السامة في الأسماك والنباتات إلى أن تصل أخيراً إلى جسم الإنسان.
    كذلك تستعمل المصانع النفطية المياه في عمليات التبريد، وتصرفها في درجات حرارية عالية إلى مياه الأنهار والبحيرات، مما ينتج زيادة في نمو بعض النباتات والبكتريات كالأشنيات الخضراء المزرقة، والتي تستهلك الأكسجين في الماء، فيتغير لون البحيرات وتصبح رائحتها كريهة، إضافة إلى أن ارتفاع درجة الحرارة على الحياة الحيوانية يؤثر في مياه الأنهار والبحيرات.
    وقد أدى التطور الصناعي إلى تدهور نوعية البيئة وساعد على تلوثها، وخاصة تلوث الهواء والماء والتربة. لذلك انكَّب كثير من العلماء والباحثين في العالم جهودهم على دراسة مخاطر التلوث وأساليب التخلص منه، حفاظاً على نقاوة الطبيعة وسلامة الكائنات الحية.
    وقد أعطت جهود المهندسين الكيميائيين والمهندسين الصحيين نتائج مهمة في وضع حلول لمشكلات التلوث الصناعي، على أس كيميائية وفيزيائية وميكانيكية لعمليات مشتركة unit operations لفصل ملوثات البيئة.
    ولمواجهة مشكلة تلوث البيئة يجب معرفة مقاييس التدفق ودرجة الحرارة والضغط والتراكيز والوزن النوعي واللزوجة والناقلية الحرارية ومقاييس فيزيائية أخرى، إضافة إلى معرفة صفات المخلفات الصناعية وفهم آلية عملها ودراسة التجهيزات اللازمة لمواجهة مشكلات تلوث البيئة.
    فمثلاً يتم فصل المواد الصلبة في المخلفات الغازية الصناعية بالطرائق الميكانيكية كالترسيب الإلكتروستاتي أو بغسيل الغازات بالماء أو سوائل أخرى، في حين يتم فصل المواد السائلة عن الغازات بطرائق التكاثف (أو التبخير) أو الادمصاص أو الاستخلاص بالمحلات.
    ولمعالجة المخلفات الصناعية السائلة، تحدد مكوناتها اللاعضوية والعضوية، وتستخدم عمليات الترشيح أو الترقيد أو التبخير أو التقطير المجزأ لفصلها. كما يعالج الماء الممدد بعمليات الهضم والتعديل والمبادلات الشاردية. وتسحب المخلفات السائلة إلى حراقات لحرقها إذا كانت قابلة للاحتراق، أو ترمى في حفر سحيقة في باطن الأرض.
    صباح السباعي، موفق تلاوي
يعمل...
X