ترفرفينَ عالياً فوقَ أجنحةِ الغمامِ
[نقلاً عن جريدة الوسط الجزائريّة]
صبري يوسف - ستوكهولم،
تبزغُ شهقةُ القصيدةِ
مِنْ وميضِ عينيكِ
مِنْ رهافةِ خدَّيكِ
مِنْ مذاقِ الحنينِ بينَ جفنَيكِ
مِنْ إغفاءَةِ الرُّوحِ
فوقَ سفوحِ القلبِ
تزهو روحُكِ ألقاً
كلّما طَنَّتْ أذنُكِ طنينَاً
منبعثاً مِنَ هبوبِ العشقِ
كلّما تمايلتْ خاصرتُكِ
على أنغامِ الذّكرياتِ
في كينونَتِكِ تنمو أزاهيرُ السَّوسنِ
وفي وجنتيكِ تزهرُ براعمُ الحنينِ
أحنُّ إلى أمواجِكِ الهائجةِ
إلى خصوبةِ دنياكِ
إلى دندناتِ البوحِ
في أوجِ الاشتياقِ
تُشبهينَ نسيمَ الصَّباحِ
عندَ انبلاجِ الشَّفقِ
رفرفاتِ القطا في عزِّ الرَّبيعِ
أغاني الحصّادينَ في مواسمِ الخيراتِ
أنتِ مزاميرُ فرحي في صباحِ العيدِ
في مساءِ العيدِ
أنتِ شهوةُ حرفِي في كلِّ الأوقاتِ!
أكتبُ شهقاتِ الحنينِ
فوقَ مآقي عينيكِ
قلبُكِ منارةُ بوحي
في أوجِ اشتياقي
تتمايلُ بتلاتُ القَرنْفُلِ
فوقَ مرامي نهديكِ
تُهدهدينَ جموحَ حرفي
بكلِّ انتعاشٍ
فأزدادُ شوقاً إلى مروجِ دُنياكِ
يا جنَّةَ الجنَّاتِ!
تعالي عندما ترقصُ النُّجومُ
على إيقاعِ سطوعِ السَّماءِ
عندما يزدادُ قلبُكِ اخضراراً
وأنتِ في أوجِ الاهتياجِ
عندما تجمحُ أحلامُكِ
إلى أشهى تخومِ الانتشاءِ
تعالي عندما ترقصُ الرُّوحُ
رقصةَ ممهورةً بأصفى جموحاتِ الشَّوقِ
عندما تهفو وجنتاكِ إلى طقوسِ العناقِ
عندما تصفو رؤاكِ كأمواجِ البحرِ!
تعالي يا أميرةَ البرِّ والبحرِ
عندما يجنحُ بكِ الشَّوقُ
إلى هدهداتِ اللَّيلِ الحنونِ
كي أنقشَ فوقَ خدَّيكِ رضابَ الرُّوحِ
وأبوحَ لكِ عَنْ بهجةِ الرَّوضِ
عَنْ أشهى أسرارِ المساءِ!
بيني وبينَ جموحاتِ الحنينِ
تنمو أزاهيرُ الفرحِ
تغرِّدُ البلابلُ تغريدةَ حرفٍ مصفّى
مِنْ لواعجِ الاشتياقِ
تزهو براعمُ الخمائلِ
فوقَ شواطئِ الرُّوحِ!
بيني وبينَكِ شوقٌ حارقٌ
يناغي لهبَ الجمرِ
شوقٌ طافحٌ بوهجِ القصيدِ
قصيدي يهدهدُ سموَّ السَّماءِ
يبلِّلُ خدودَ الزَّنبقِ البرّي
يرقصُ النَّسيمُ مِنْ بهجةِ انبلاجِ الشَّفقِ
البارحةَ رسمتُكِ على خدودِ اللَّيلِ
على أمواجِ البحرِ
على أغصانِ التِّينِ البرّي
على أجنحةِ اليمامِ
محلِّقاً في زرقةِ السَّماءِ
تُشبهينَ زهرةً مبرعمةً
مِنْ نكهةِ القُبلةِ
للقُبلةِ نكهةٌ تضاهي أزاهيرَ الكونِ
أنتِ كَونيَ المنبلجُ
مِنْ شهوةِ الرُّوحِ!
عندما أقبِّلُ خدَّكِ ترتعشُ مقلتاكِ
ترقصُ روحُكَ ابتهالاً بدفءِ العناقِ
تشرقُ الشَّمسُ فوقَ قُبّةِ الحلمِ
أنتِ منارةُ حرفٍ مندَّى بشهوةِ المطرِ!
أكتبُ شعري فوقَ أغصانِ الحياةِ
فوقَ وجنةِ الرُّوحِ
فوقَ منارةِ الحلمِ
فوقَ أهازيجِ الحنينِ
فوقَ خدودِ الأطفالِ
أكتبُ شِعري فوقَ شهيقِ الكونِ
كُوني كَونيَ الآتي يا قِبْلةَ الجميلاتِ!
أنتِ قصيدةُ عشقٍ
مجنّحةٌ على مساحاتِ المدى
تُرفرفينَ فوقَ أجنحةِ الرِّيحِ
تنسابينَ مثلَ عذوبة العسلِ
في حنايا حرفي ..
أشهى مِنْ نكهةِ التُّفّاحِ!
وهجُ جموحِ الحرفِ ينبلجُ
مِنْ هِلالاتِ الخيالِ
يزدادُ شوقاً إلى غمائمِ الغسقٍ
يناغي هدوءَ اللَّيلِ
يطفحُ ألقاً على إيقاعِ الموجِ
يتهاطلُ فوقَ مروجِ دُنياكِ!
تعالي عندما يناغي اللَّيلُ
أبهى تلألؤاتِ النُّجومِ!
تهمسينَ لانبعاثِ حرفي
مذهولةً مِنْ هديرِ الإشراقِ
تغوصينَ في مرافئ الرُّوحِ
ترتمينَ حولَ ينابيعِ القلبِ
تسربلينَ جموحي بوميضِ الألقِ
كأنَّكِ سرٌّ مطرَّزٌ في مهجةِ البوحِ!
عندما تشعرينَ بالمللِ
أو طغيانِ الأسى في ليلِكِ الطَّويلِ
انهضِي مِنْ ضراوةِ الضَّجرِ
المُرشَرشِ فوقَ مقلتيكِ
وتوغَّلِي في أعماقِ بوحي
ستتوارى تكلُّساتُ آهاتِكِ
حالما تلامسينَ مناسِكَ بهجتي
يتحوَّل حرفي إلى بلسمٍ شافٍ
في أوجِ الاشتعالِ!
أشرقتِ القصيدةُ مِنْ بسمةِ الصَّباحِ
مِنْ بهاءِ الفَراشاتِ
مِنْ طنينِ النَّحلِ المتراقصِ
فوقَ خدودِ الوردِ
أكتبُ شعري فوقَ أغصانِ الحنينِ
كُوني حنينيَ الغافي بينَ جفونِ اللَّيلِ!
تنمو الأحلامُ في رحابِ المروجِ
رأيتُكِ تبتهلينَ في أحضانِ الرَّبيعِ
حلَّقَ بلبلٌ فوقَ تيجانِ الشِّعرِ
تساؤلاتٌ مِنْ لونِ الفرحِ
تهاطلَتْ فوقَ مرامي الأحلامِ
تعالي أوشّحْ خدَّيكِ بنكهةِ الحبقِ!
ترقصُ أزاهيرُ الرُّوحِ
عندما أسمعُ تسارُعَ دقَّاتِ الحنينِ
تنسابُ دمعتي فرحاً
فوقَ تلالِ الدِّفءِ
أبلِّلُ خدَّيكِ بأصفى مرامي البوحِ
نهداكِ جامحانِ جموحَ الغزالِ!
تنسابُ القصيدةُ فوقَ بهاءِ دنياكِ
شوقاً إلى رذاذاتِ المطرِ
أنتَ ينبوعُ فرحٍ متطايرٍ مِنْ منارةِ السَّماءِ
حرفٌ معبَّقٌ بمذاقِ الشَّهدِ
هلْ يرقصُ قلبُكِ توقاً إلى اخضرارِ السَّنابلِ؟!
هلْ كنتِ يوماً سنبلةً
فوقَ منارةِ الرُّوحِ ولا ندري؟!
أينَ تَاهتْ أسرابُ العصافيرِ؟
هَلْ فرَّتْ بعيداً عَنْ سهامِ الحسَّادِ
عَنْ نبالِ الغدرِ
عَنْ جحوظِ العيونِ؟
تُشبهينَ عصافيرَ الخميلةِ
هبوبَ النَّسيمِ مِنْ أجنحةِ البحرِ
في قلبِكِ تنمو مزاميرُ الحنانِ
أنتِ مِنْ أنصارِ قداسةِ الحرفِ!
يتوهُ العمرُ في مهبِّ الانكسارِ
عندما ينجرفُ عَنْ مسارِ الهُيامِ
تجنَّبي دروبَ الشَّراهاتِ
لُغةَ البغضِ ورماحَ الاقتناصِ
غوصي في بحارِ العناقِ
في سموِّ السّماءِ
وأصفى تجلِّياتِ الحرفِ!
ستوكهولم: 12. 8. 2023
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم