مسيرة الشاعرة السورية :سنية صالح..زوجة محمد الماغوط..مواليد ١٩٣٥م- عام 1985م

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مسيرة الشاعرة السورية :سنية صالح..زوجة محمد الماغوط..مواليد ١٩٣٥م- عام 1985م


    معلومات عن الشاعرة السورية :سنية صالح
    زوجة الشاعر السوري: محمد الماغوط

    سنية صالح


    سوريا

    سنية صالح، كاتبة وشاعرة سورية، ولدت سنة ١٩٣٥. عاشت بين بيروت ودمشق. بلبنان حيت تعيش أختها خالدة سعيد زوجة الشاعر أدونيس، تعرفت على زوجها محمد الماغوط، الشاعر الكبير. أنجبوا ابنتين شام وسلافة. قضت عمرها في خدمة عائلتها، خصوصا زوجها الذي كان ملاحقا من حزب البعث بسوريا. لها أعمال جميلة من بينها “الزمان الضيق” (شعر) عن المكتبة العصرية – بيروت ١٩٦٤. “حبر الإعدام” (شعر) عن دار أجيال – بيروت ١٩٧٠. “قصائد” (شعر) – عن دار العودة – بيروت ١٩٨٠. “ذكر الورد” – (كتاب) الصادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر- بيروت ١٩٨٨. “الغبار” (قصص) عن مؤسسة فكر للأبحاث والنشر بيروت ١٩٨٢. بعد صراع مع مرض عضال توفيت سنة ١٩٨٥ بباريس.
    ************************
    قصائد سنية صالح

    مخصّصات النسر الميت
    قصيدة عامه

    أغنية للجزائر
    قصيدة وطنيه

    دموع الأميرة
    قصيدة حزينه

    الصيف
    قصيدة عامه

    البراري النائمة
    قصيدة صبر

    الانتظار
    قصيدة حزينه

    الطوفان
    قصيدة عامه

    حطام النافذة الوحيدة
    قصيدة عتاب

    سنية صالح سنية صالح (14 نيسان 1935 - 1985) كاتبة وشاعرة سورية، ولدت في مدينة مصياف في محافظة حماة.

    وهي زوجة الأديب السوري محمد الماغوط، التقت به في بيت الشاعر السوري أدونيس في بيروت في الفترة التي قضاها الماغوط هناك في أواخر الخمسينيات، وتزوجته عندما كانت طالبة في كلية الآداب في جامعة دمشق بسوريا في الستينات وأنجبت منه ابنتين هما شام وسلافة، لها عدة دواوين شعرية، توفيت سنية صالح عام 1985 في مستشفى في ضواحي باريس بعد صراع مع المرض استمر 10 شهور.[1]
    أعمالها:
    الزمان الضيق (شعر) عن المكتبة العصرية - بيروت (1964).
    1. حبر الإعدام (شعر) عن دار أجيال - بيروت (1970).
    2. قصائد (شعر) - عن دار العودة - بيروت 1980.
    3. ذكر الورد - (كتاب) الصادر عن دار رياض الريس للكتب والنشر- بيروت 1988.
    4. الغبار (قصص) عن مؤسسة فكر للابحاث والنشر بيروت 1982.
    جوائز فازت بها :
    جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة حديثة عام 1961.
    1. جائزة مجلة «حواء» للقصة القصيرة عام 1964.
    2. جائزة مجلة «الحسناء» للشعر عام 1967.
    ***********************
    حدث في مثل هذا اليوم 17 آب وفاة الشاعرة السورية سنية صالح 1985


    Mahmoud Abdelwahed

    أمينة عباس جريدة البعث

    سنية صالح (1935-1985) كاتبة وشاعرة سورية، ولدت في مدينة مصياف في محافظة حماة عام 1935.

    وهي زوجة الاديب السوري محمد الماغوط، التقت به في بيت الشاعر السوري أدونيس في بيروت في الفترة التي قضاها الماغوط هناك في أواخر الخمسينيات، وتزوجته عندما كانت طالبة في كلية الآداب في جامعة دمشق بسوريا في الستينات وأنجبت منه ابنتين هما شام وسلافة.

    سنية صالح من أسرة تعنى بالأدب والفن، فشقيقتها الكبرى، خالدة سعيد، زوجة أدونيس، ناقدة مهمة. وشقيقتها الأخرى، مها الصالح، ممثلة معروفة وهي زوجة أسعد فضة.

    أصدرت وزارة الثقافة السورية أعمالها الكاملة، وهي أربعة دواوين شعرية: «الزمان الضيق» و«حبر الإعدام» و«قصائد» و«ذكر الورد»، بالإضافة الى مجموعة قصصية وحيدة "الغبار".

    توفيت سنية صالح عام 1985 بعد صراع مع المرض استمر عشرة شهور.

    للاستزادة

    في ذكرى مولدها: الشاعرة سنية صالح “آخر طفلة في العالم”

    أمينة عباس

    جريدة البعث 26- أبريل-2023

    http://newspaper.albaathmedia.sy/2023/04/26/في- ذكرى-مولدها - الشاعرة - سنية - صالح- آخر- ط/

    يجمع النقاد على أن الشاعرة الراحلة سنية صالح التي ولِدت في مثل هذه الأيام من عام 1935بمدينة مصياف - محافظة حماة - صوت شعري متفرد في إطار قصيدة النثر العربية ومن أعذب التجارب الشعرية العربية وأكثرها فرادة وصدقية، لذلك بقيت قصائدها حية وستظل لأنها منبثقة من المادة الحية للوجود، قصيدة ذات أفق إنساني وقد قال عنها أدونيس: “لا أبالغ إن قلت إنّ سنية صالح قد تكون أهم شاعرة عربية في السنوات الخمسين الأخيرة” ومع هذا وبشهادة كل النقاد لم تأخذ حقها وهي التي كانت ميالة إلى الخفر والتواضع والابتعاد عن النجومية والترويج الإعلامي، فكانت دائماً في الظل بالرغم من فرادة قصيدتها وحداثتها ورؤاها الفلسفية التي عمّقتها على مدار دواوينها الأربعة “الزمان الضيق، حبر الإعدام، قصائد، ذكر الورد”.

    حزن دفين

    عاشت سنية صالح حياة يلفها الحزن من جميع الجهات، فقد ولِدت لأبوين عائدين من دفن ابنهما الوحيد، وفي عامها الثالث فقدت أمها حاسة السمع وهذا ما جعلها تقتصر في كلامها، حتى أن شقيقتها الناقدة والكاتبة خالدة سعيد تقول في مقدمتها للأعمال الشعرية الكاملة لسنية صالح: “لا أكاد أذكر من كلامها في تلك السنوات الأولى إلا ما يعبر عن حاجة.. كان موت الأم هو الفجيعة الأولى التي فتحت باب الحزن في حياة سنية التي واجهت ذلك بالصمت والانطواء على جرحها السري الذي تتحاشى الإشارة إليه، لكن صمتها لم يكن صمتاً خالياً مقفراً، بل كان ينحني على أسراره وآلامه وأخيلته”.. تقول سنية صالح: “في طفولتي لم أكن أحلم إلا بالموت وبأشياء مخيفة، فكنت لا أشعر بالاطمئنان إلا في سرير أبي وفي حضنه.. كنت أحدّثه عن أحلامي فيقول لي حاولي أن تفكري بالغابات الخضراء والأشجار العالية حيث العصافير تغرد.. وعبثاً كنتُ أحاول رؤية تلك الغابات في أحلامي، وكنت أخاف أن أنام فينام قلبي”.

    أعجز من أن تغير العالم

    كانت سنية صالح تكتب الشعر على هوامش كتبها المدرسية دون أن تهتم بالاحتفاظ بالنصوص أو عرضها على أحد، ولم تكن تعتبر المسألة أكثر من خربشة عفوية شخصية ولدَت نتيجة إحساسها العميق بالأشياء، إلى أن شاركت - بحكم وجودها في لبنان التي كانت تدرس فيها الأدب الإنكليزي- بمسابقة مجلة “شعر” وحصول قصيدتها “جسد السماء” على الجائزة عام 1961 ووصفت حينها لجنة المسابقة القصيدة الفائزة بأنها يتيمة من يتيمات الشعر الحديث، ليس لها أب فارع ولا نسب، أي أنها كانت من خارج التيارات الجديدة والموروث الشعري، وكانت هذه الجائزة إعلاناً عن ميلاد الحياة الشعرية الحقيقية لها وانطلاقتها المدوية التي وضعتها في قلب الساحة الشعرية وسط مجموعة من الشعراء آنذاك بصوتها الشعري المتفرد وألمها الشخصي :”لا صوت لي ولا أغان.. خلعتُ صوتي على وطن الرياح والشجر، وما من أغنية تضيء ظلمات الأعماق، لكن الأصداء تدق صدر الليل، فأنام في صدري” وفي أول تصريح لها بعد نيلها الجائزة قالت بعد أن سُئلت ”ما طموحك الشعري؟”: “ليس لي أي طموح من أي نوع كان.. أنا أعجز من أن أغير العالم أو أجمّله أو أهدمه أو أبنيه كما يقول بعض الشعراء ..أحس أنني كمن يتكلم في الحلم.. ماذا يؤثر في العالم الكلام في الحلم؟ باختصار ليس لي أي طموح من أي نوع كان.. فقط أسترخي وأترك زحام العالم يتدافعني كشيء صغير جداً لا وجود له، وأحتفظ لنفسي بحرية الحلم والثرثرة”.

    صالح والماغوط

    في بيت الشاعر أدونيس زوج شقيقتها خالدة سعيدة اندلع الحب بين سنية صالح الشاعرة الرقيقة الخجولة والشاعر محمد الماغوط البدوي الأحمر الحادّ صاحب الأمزجة المتقلبة، وقد اعترف حينها لأختها: “أروع ما في سنية روحها.. أستطيع أن أراها تماماً كما أرى قطرة المطر وراء الزّجاج كما أرى الطائر بين الأغصان” أما هي وفي حوار أجرته معها مجلة الحسناء عام 1980، أعلنت أنها: “أحبّت الماغوط بعنف وصدق وإخلاص لا مثيل له، لقد غزاني بالشعر في وقت لم يكن يملك فيه إلاّ الشعر” وحين تزوجا كانت شهرة الماغوط مدوية فيما كانت سنية صالح تكتب وتنشر بصمت مطبق، فكان هو يزداد حضوراً وهي تزداد خفوتاً وتعيش حياة مضطربة معه، فيها الكثير من الحدة والعنف إلى جانب الحنان والحب، وقد عانت من سوء التفاهم المزمن بينهما ومن قسوته وظلمه لها بتقلبات مزاجه والطعن بشِعرها الذي خاطبت به المرأة وعذاباتها: “ألا تشعرين بتأنيب الضمير وأنت تكتبين بمعزل عن قضايا أكثر أهمية وإلحاحاً من عذاب امرأة غير متآلفة مع بيئتها؟” وقد حاولت سنيّة صالح ترويض شراسة البدوي الأحمر دون جدوى فخاطبته في إحدى قصائدها: “إنك من الزرنيخ يا سيدي.. أفتح فمي كل صباح وأبتلع جزءاً فيك ولم تنته” ومع هذا عاشت فخورة بأعماله ومؤمنة بمكانته الأدبية فيما لم يبادلها هو ذلك الإعجاب كما تشير كتابات تناولت حياتهما، تقول سعيد واصفة علاقة شقيقتها بالماغوط والتضحيات التي قدمتها إلى جانبه: “سالبان لا يصنعان زواجاً ناجحاً” فيما يعترف محمد الماغوط أنه في حياته كلها لم يتفق معها: “نحن من عالمين مختلفين رغم التشابه.. لم تأخذ حقها نقدياً.. ربما آذاها اسمي، فقد طغى على حضورها.. كانت شاعرة كبيرة.. في كل قصائدها تبدو زهرة عارية إلا من عطرها وعمرها القصير، تبحث وسط عري الكتب والأشخاص والأيام عن ربيع ما، ربيع ضائع قد لا يأتي أبداً.. تبدو قصائدها وسط اللطخ الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تغطي العالم العربي بيضاء ناصعة كثياب الراهبات”.

    وحدها في السماء

    اكتملت حياة سنية صالح التراجيدية بإصابتها بمرض السرطان الذي عانت منه كثيراً، وحين رحلت كتب الماغوط مرثية مليئة بالندم والحزن ضمَّنها في مؤلفه “سياف الزهور” وصفت بأنها من أفضل المراثي الأدبية في العصر الحديث، تحدث فيها عن قسوته وظلمه لها كامرأة وشاعرة عانت كثيراً من أجل حياتهما معاً، وأنها كانت حبه الوحيد، وقد عاشت معه ظروفاً صعبة، لكنها ظلت على الدوام أكبر من مدينة، وأكبر من كون، وكان رأيها أساسياً بما يكتب، فإذا كتب شيئاً وترددت أمامه ولو للحظة كان يمزقه ويعيد كتابته من جديد، أما إذا قالت “جميل” فكان يشعر باطمئنان.. لقد كانت قارئته الأولى ومعلمته الأولى في الشعر والحياة، وحين كانت مريضة جلس بقربها وهي على فراش الموت يقبّل قدميها المثقوبتين من كثرة الإبر، فقالت له: “أنت أنبل إنسان في العالم” وحين رحلت قال:” ثلاثون سنة وأنتِ تحملينني على ظهركِ كالجندي الجريح، وأنا لم أستطع أن أحملك بضع خطوات إلى قبرك.. أزوره متثاقلاً، وأعود متثاقلاً لأنني لم أكن في حياتي كلها وفياً أو مبالياً بحبّ أو بطولة”.. وعلى شاهدة قبرها كتب: “هنا ترقد الشاعرة سنية صالح آخر طفلة في العالم” وكان يقول: ”حزني عليها لا أعرضه في المقاهي والشوارع.. إنه إحساس شخصي جداً ومدفون في الأعماق دون شاهدة.. سنية هي المرأة في كل ماكتبت.. كانت كعروق الذهب في الأرض.. كل النساء من بعدها نجوم تمرّ وتنطفئ وهي وحدها في السماء”.

    مشبعة بالحساسية

    وصفها الشاعر ممدوح عدوان بأدق وصف حين قال: “سنية صالح امرأة مشبعة بالحساسية وموشكة دائماً على البكاء.. توشك أن تبكي حناناً، وتوشك أن تبكي وحشةً، وتوشك أن تبكي غضباً، وتوشك أن تبكي حكمةً وحباً للطبيعة وخوفاً عليها، والأمر الذي يبعدها قليلاً عن البكاء هو المرض الذي يشدُّها نحو الموت”.. في حين تقول أختها الناقدة خالدة سعيد: “في شعر سنية صالح عالم معطوب ورؤيا جامحة وفوران سديم وأحشاء غاضبة وخيال طفولي.. إنها من هؤلاء الشعراء الذين يتعاملون مع الشعر كالأمومة، فعل وجود، وهي ألقت بكيانها في الشعر، فكان حربها وصراخ جسدها وروحها، وكان ثأرها وخشبة الخلاص.. هو شعر على حدة لا يشبه أحداً وليس منضوياً في تيار”. وفي تقديمها للأعمال الكاملة الصادرة عن وزارة الثقافة كتبت سعيد تحت عنوان الشعر فخ الأمل: “سنية صالح من الشعراء الذين علقوا الخط الفاصل بين مستوى الشعر ومستوى الحياة، مع ذلك لا يمكن أن نعرف شعرها، استناداً إلى حياتها، ولا نقدر أن نكتب حياتها، انطلاقا من شعرها، مهما كانت الوشائج بين المستويين، لأن لسنية صالح كيمياؤها الشعرية الخاصة شأن الشعراء الحقيقيين”.

    “ذكر الورد”

    كتبت صالح ديوانها الأخير “ذكر الورد” وهي على سرير الاحتضار بين باريس ودمشق، وكانت قصائده من أكثر قصائد الشعر العربي صدقاً وتعبيراً عن الألم :”لا تُخــرجني من وكري عنوة أيها الشتاء، فقبل أن أنحني لك تكون قد طعنتَني ولم يبق في داخلي إلا ممــر طويل للنفايات يعبره العالم الخارجي، لذا أسـوق باطــني بعصاي وأعود إلى نقطة لا تطالها الجهات”.. وفي مقدمة هذا الديوان الذي صدر بعد وفاتها تحدثت صالح عن استراتيجيتها الشعرية: “عندما تحضر الحمّى الشعرية أخفف من حدة يقظتي وأستسلم، ألغي مقاومتي لأعماقي إلى أقصى حد ممكن، تلي ذلك عملية تدفق داخلية، ترافقها عملية استسلام في الإرادة والحواس، ثم أدوّن ما أحصل عليه في مرحلة الهذيان هذه”.

    سنية صالح

    توفيت عام 1985 بعد رحلة علاج طويلة من مرض السرطان، أصدرت أربع مجموعات شعرية “الزمان الضيق، حبر الإعدام، قصائد، ذكر الورد، كما أصدرت مجموعة قصصية حملت عنوان “الغبار” فازت بجوائز منها: جائزة مجلة “حواء” للقصة القصيرة 1964وجائزة مجلة “الحسناء” للشعر 1967.



    حدث في مثل هذا اليوم 17 آب وفاة الشاعرة السورية سنية صالح 1985مواضيع مرتبطة

  • #2

    سنية صالح.. الشاعرة المخذولة والمطمورة تحت جدار الماغوط


    ميسون شقير


    2023.05.22 - دمشق





    منذ بدء عصر سيطرة الذكورة الذي قاده اكتشاف الزراعة والمعادن في البشرية، والمرأة تعاني من تزعزع الأرض تحت قدميها، ومن سحب حضورها الحقيقي عن معظم جوانب المنجز البشري المعرفي، كما تعاني أيضا من تهميش لقدرتها الفطرية على إعادة انتاج الحياة من ذاتها، ولقدرتها على تأنيث كل ما حولها، واكسابه روحا أكثر قدرة على العطاء والحب، وعلى صناعة الجمال والسلام.

    المنجز البشري الإبداعي والفني لم يكن بمعزل عن الهيمنة الذكورية المتغلغلة في جسد الحضارة البشرية الحديثة، بما في ذلك الموسيقا والرسم والشعر.

    وفيما اذا اعتبرنا أن الغرب بشكل عام قد عاش في القرون الثلاثة الأخيرة، ثورة فكرية قادتها النهضة الصناعية وحركات تحرر المرأة والثورات الشعبية على اختلاف أشكالها وتجذر مفهوم الديمقراطية في الحكم، بالإضافة للوصول إلى ضرورة فصل الدين عن الدولة، وهو الأمر الذي قاد إلى بدء ظهور بعض علامات المساواة بين الجنسين، وإلى بدء استعادة المرأة لبعض من صفات موقعها الحقيقي في المجتمع بما في ذلك في القطاع الفني الإبداعي؛ فإن مجتمعاتنا العربية ما تزال في العمق، بعيدة كل البعد عن ثوراتها الفكرية الحقيقية، على الرغم من محاولاتها في إطلاق ثوراتها السياسية، خاصة وأن مجتمعاتنا لم تكن قادرة على الاستقلال عن الاحتلالات المتتالية إلا قبل أقل من ثمانين عاما، الأمر الذي انعكس بشدة على الحضور الإبداعي في الساحة العربية، وبشكل خاص على الحضور الشعري.

    وعلى الرغم من أنه لا يمكن لأي دراسة أو بحث أو استعراض للشعر الحديث أو لقصيدة نثر في سوريا، إهمال اسم رائدة قصيدة النثر السورية، الشاعرة سنيّة صالح، إلا أن سنية المبدعة التي تحفر عميقاً في كل من يقرؤها، وتدهشه بأنوثة مطعونة في صميمها، والمرأة المثقفة الطافحة بالشعر والتفرد والسبق والهوية والأمومة، لم تأخذ في الحقيقية حقها من الحضور والنقد والمجد الذي تستحقه، وقد رحلت كتلك "الغابات التي تعاني آلام الولادة، والتي يصفعها البحر بذكورة الملح".

    وكما تقول سيمون دي بوفوار: "إن المرأة لا تخلق امرأة، بل تصير كذلك"، فإن كلا من المحمول الثقافي الذكوري، وشخصية الشاعر المقهور محمد الماغوط المزاجية والمتقلبة، الحنونة والقاسية جدا، قد حول سنية الشاعرة الحادة الذكية المدهشة، من شابة فرضت ذاتها مبكرا جدا على الساحة الثقافية في سوريا ولبنان، إلى امرأة مكسورة مظلومة شعرياً وإنسانياً، ترحل بصمت، بسبب سرطان عشش فيها مثله مثل الظلم والخذلان.
    شهرة الماغوط التي استحقتها قصيدته بكل جدارة، بالإضافة إلى دعم هذه الشهرة من مجتمع يكرس دائما التفوق الذكوري حتى في الشعر، جعلا الحياة بين سنية وبينه تنقلب تعقيداً ومأساة

    وإن حاولنا أن نعطي بعض الحق لشاعرة أعطت الشعر جسداً من ماء ونار، وماتت من البرد والعطش، ولامرأة راهنت على الثقافة، وعلى الشعر الحقيقي، وخذلها الحب والشعر مثلما خذلتها الحياة نفسها؛ فإنه يجب علينا أن نتوجه إلى أهم مراجع ومنابع روح سنية الشاعرة، وإلى تأثير كل من هذه المنابع على لغتها ورؤاها.

    هنا، سنجد أن طفولة سنية "المعطوبة وناقصةِ الدمى"، كما وصفتها أختها الناقدة خالدة سعيد في مقدمة كتاب الأعمال الكاملة لسنية صالح الصادر عن وزارة الثقافة السورية، قد عكست أيضا تاريخ حزن بشري أنثوي كامل، لأنه وفي يوم ولادتها، كان قد دُفن أخوها الذكر الوحيد في العائلة، لتحمل بذلك سنية وزر أنوثتها، ووزر رحيل المولود الذكر الوحيد، ولتبدأ أمها بفقد حاسة السمع نهائياً، ثم الموت تاركة خلفها طفلة مكسورة ستكون حاضرة في كل أعمال سنية الشاعرة:

    "الليالي المظلمة
    خلقت للألم والذكرى
    بين الثياب والعطور
    تبكي حمامة مذعورة
    حمامة يُقال لها
    أمي".


    واستمرارا للطفلة المطعونة في أنوثتها، استمرت سيرة سنية في تدوين سردية الظلم الذكوري للأنوثة المكسورة، في أعمق وأصدق تجلياتها، وذلك من خلال ارتباطها العاطفي والعقلي والفكري والشعري بالشاعر الكبير والرعوي والمتمرد المتفرد، محمد الماغوط، بعد أن فازت بمسابقة جريدة "النهار" لأفضل قصيدة، حيث كان كل من أدونيس، وأنسي الحاج، أعضاء في لجنة التحكيم. وقد قال أنسي الحاج حينها إن هذه الشاعرة تعرف كيف تقدم العالم عارياً:

    "عاجزة أن أعيدك إلى مخيلتي أيتها الغابة
    فأية عبارة حكيت للأشياء المنسية لحظة الغروب
    وأية ورقة صمّمت لحظة البرودة
    وبأي حوار فاجأتك الفصول".


    وبالإضافة إلى الشعر، جمع هروب الماغوط من ملاحقة الأمن السوري، وتخفيه الطويل في دمشق، الشاعر الشاب مع الشاعرة الجديدة. وعلى الرغم من حقيقة أن العلاقة بين سنية والماغوط كانت في البداية سبب توهجها الداخلي، بعد أن كتب فيها الماغوط العديد من القصائد ومسرحية "الأرجوحة" التي بقيت زادها وهي المرأة المولعة بالكلمة الحارة، وعلى الرغم من أنها وصفت الماغوط في تلك الفترة بأن "له روحاً بريةً محمية من التحجر والتكلس" وجعلت الحب بينهما في ديوانها الأول، يشهق كنسر:

    "إنك نسر من الفرح
    ونسر من الشعر
    وغدائر الحزن
    تفقد ذاكرتها"


    إلا أن سنية أرادت من الشعر أن يكون "حصانها الخشبي"، مثلما أرادت من الحب أن يكون عصاها في البقاء، لكن كلاهما قد خذلاها في الحقيقة وجعلاها تقع على الأرض منكبة على وجهها وروحها وتبقى دائما أسيرة لذلك السقوط. خاصة وأن الماغوط كانت له ثاراته الخاصة مع هذا العالم الذي لم يكن يوما عادلا معه، ومزاجه المرتعد، ومرجعتيه العربية الشرقية في التعامل مع الزوجة الأم، وهو الأمر الذي حرمه من أن يكون عادلاً مع نفسه، ومع سنية، وحرمه من أن يستطيع أن يواجه موروثه الذكوري الظالم، مثلما واجه كل السلطات السياسية، وراح ينتقم من خلال إذلالها وتهميشها من العالم والظلم، ومن الخيبة والفشل.

    كما أن شهرة الماغوط التي استحقتها قصيدته بكل جدارة، بالإضافة إلى دعم هذه الشهرة من مجتمع يكرس دائما التفوق الذكوري حتى في الشعر، جعلا الحياة بين سنية وبينه تنقلب تعقيداً ومأساة:

    "لكن الغابة بيضاء
    والعصافير ثلج
    شخص ما سيطلق الرصاص على ذاكرتي المعلقة في الهواء".


    وعلى الرغم من صمت سنية وانكفائها على نفسها والتجائها فقط إلى الشعر، إلا أن هاجس سنية الشاعرة العميق بدفاعها عن الأنوثة المطعونة فيها، والمسحوقة على مر التاريخ العربي، وإصرارها على ما تحمله هذه الأنوثة من خصبٍ قادرٍ على إنقاذ العالم، كان يشتعل في قصائدها:

    "من الحروب
    أم من دموع امرأة حقيقية
    يتكون هذا النهر العظيم الذي يسمونه الحياة؟".


    ولعل قصيدة "مليون امرأة هي أمك" من أوضح أعمال سنية التي تنتصر فيها للنسوية المقهورة، والتي تحاور فيها أماً تتلو وصيتها الشعرية والفكرية والثورية على ابنتها:

    "شدي جذعك إلى جذعي
    يا ابنتي
    ثم اسحبي ما تبقى من جسدك في جسدي واعبري
    ستكون أمامك ممرات طويلة وضيقة
    والحقيقة تكمن في أشدها ضيقاً
    حذارِ أن تنسي
    أنك ذاهبة لتصرخي وترفضي
    لا لتنحني".


    وقولها:

    "قبل أن يدركني اليأس
    أقفلي يا صغيرتي ذراعيك الخائفتين حولي
    وارمي مفتاحهما في البحر أيتها اللؤلؤة
    نمت في جوفي عصوراً
    استمعت إلى ضجيج الأحشاء
    وهدير الدماء
    حجبتك طويلاً
    ريثما ينهي التاريخ حزنه
    والمحاربون حروبهم
    والجلادون جلد ضحاياهم
    ريثما يأتي عصر آخر
    فيخرج واحدنا
    من جوف الآخر".


    هكذا، وبالرغم من منابع سنية صالح الكثيرة والوفيرة، إلا أنها تشير دائما إلى عطش طاعن لذواتنا، وعطش شديد للتعرف على شاعرة لم تأخذ حقها من الضوء أثناء حياتها، شاعرة عاشت وماتت في الظل، فقط لأنها أنثى، ولأنها زوجةٌ لاسمٍ كبيرٍ لا مكان حوله لها، شاعرة تركت لنا شعراً ينتمي فقط لنفسه، وللشعر بكل جدارة، شاعرة عمّرت أروحنا بخرابها، لكنها لم تكن قادرة على الانتصار لنفسها بقوة ربما ما تزال تنصفنا نحن أيضا.
    تابعنا عبر Google News

    تعليق


    • #5
      سنية صالح ومحمد الماغوط... الشعر المنتصر والحياة المهزومة

      في انتظار الإفراج عن مذكرات الشاعرة وسيرتها الخبيئة بالأدراج
      ترددت كثيراً قبل الشروع في الكتابة عن التجربة الحياتية الخاصة التي جمعت بين الشاعرة السورية سنية صالح ومحمد الماغوط، أحد أبرز رواد قصيدة النثر في العالم العربي. ولم يكن ذلك التردد متعلقاً بالشعر نفسه، وهو الذي أكسب العلاقة بين الطرفين مسوغها الأعمق والأهم؛ بل كان مرتبطاً بالمحاذير المترتبة على اقتحام الموضوعات «المحرمة» في عالم عربي لا يزال يلح على الاعتقاد بأن العلاقات الزوجية شأن عائلي وغير قابل للانتهاك. ولكن ما دفعني إلى تجاوز هذه الإشكالية هو أن الماغوط وسنية ليسا شخصين عاديين لكي يسدَل الستار على شؤونهما الشخصية، بل هما شاعران متميزان، ولا ضير بالتالي من الوقوف على تفاصيل سيرتهما الشخصية والأدبية، شأنهما في ذلك شأن معظم شعراء العالم وكتّابه ومبدعيه. والواقع أن معظم المعطيات والتفاصيل المتصلة بالعلاقة المأزومة بين الثنائي الشعري، لا تأتي من جهة الزوج أو الزوجة بشكل أساسي، بل هي مستمدة من مصادر أخرى قريبة من الطرفين، ومن بينها ما أوردته خالدة سعيد من إشارات وتلميحات دالة على متاعب شقيقتها ومعاناتها الحياتية القاسية، خلال تقديمها المسهب والعميق لأعمال صالح الشعرية، إضافة إلى السيرة الجريئة والمترعة بالتفاصيل التي وثّق من خلالها عيسى الماغوط حياة أخيه منذ النشأة حتى الوفاة، والتي ضمنها مواقف وفصولاً من حياة الزوجين. وحيث لا تخلو بعض تصريحات الماغوط من إشارات مختلفة إلى الغيوم السوداء التي تظلل مسرح علاقته بزوجته، فإن سنية، التي اتسمت منذ نشأتها بالخفر والصمت، آثرت الانكفاء داخل نفسها والاكتفاء بالشعر علاجاً وحيداً لشعورها الممض بالوحدة. على أن ما ينبغي عدم إغفاله في هذا السياق هو تأكيد خالدة على أن سنية قد تركت سيرة حياتها في عهدة ابنتيها شام وسلافة، وأنهما تملكان وحدهما حق الاحتفاظ بهذه السيرة في الأدراج، أو الدفع بها إلى النشر.
      في كتابه السردي المميز «محمد الماغوط - رسائل الجوع والفقر»، يكشف عيسى الماغوط عن جوانب خفية ومهمة من سيرة أخيه الأكبر، وعن الظروف القاسية التي أحاطت بطفولته وصباه المبكر؛ إذ تُظهر في هذا الكتاب الخلفية الاجتماعية البائسة لحياة الشاعر، الذي اضطر بسبب العوز الشديد للعائلة إلى ترك مقاعد الدراسة للالتحاق بأحد المعاهد الزراعية، دون أن تمكّنه موهبته الشعرية والنثرية من الانتقال إلى ضفة الثراء والرفاهية. وإذ يحرص المؤلف على إظهار الجانب القاسي من سلوك الماغوط، الذي اتسم منذ الطفولة بالميل إلى العنف والعراك مع الآخرين، فإنه يحرص بالقدر نفسه على ربط ذلك السلوك برفض أخيه الأكبر الواقع الصعب والمهين الذي عاشه منذ صغره، وهو ما دفع به إلى الثأر لكرامته المجروحة، لا عبر شعره «البري» المتفرد فحسب، بل عبر قدر غير قليل من المزاج المتقلب حنوّاً وعصفاً، ومن فائض العنف الذي كانت علاقته بزوجته أبرز ضحاياه.
      لم يعمد عيسى الماغوط في كتابه المهم إلى التورية والغموض وارتداء الأقنعة، للحديث عن العلاقة الشائكة والصعبة التي كانت تربط محمد الماغوط بزوجته. إلا إن اللافت هنا هو حرص المؤلف على الوقوف في مكان وسط بين الزوجين المحكومين بالقلق والتعاسة وسوء التفاهم المزمن. فهو ينقل عن أخيه امتعاضه الشديد من فشل الزوجة في لعب دورها أماً لطفلتين، ومن الامتناع الكلي عن إرضاع طفلتيها الصغيرتين، رغم إلحاحه وتوسلاته، معترفاً لأخيه بأنه نقل رغبته المقموعة إلى الشعر، حيث أشار في غير قصيدة له إلى أن الرائحة المنبعثة من حليب الأم، هي واحدة من أكثر الروائح التي تملك تأثيراً عليه. كما يطلعنا المؤلف على تذمر الماغوط المستمر من تقاعس سنية عن القيام بأبسط واجباتها الزوجية، وفيما يشبه التسويغ الضمني لمواقف الشاعر ولردود فعله القاسية، يصف عيسى متاعب أخيه المزمنة بالقول: «قضى عمره وهو يشعر بأن الجوع ينبض في أحشائه كالجنين. ورغم أطنان الطعام والطناجر والصحون بقي جائعاً. قال لي مرة إنه لم يشم رائحة طعامٍ يُطبخ في بيته قط، وإنه يبحث عن ثيابه فلا يجدها». ولكنه لا يتردد من جهة ثانية في الكشف الصريح عن أن زيارة المؤلف العائد من الخدمة العسكرية إلى منزل أخيه الأكبر، هي التي تسببت في العراك الجسدي بين الطرفين، معترفاً بأن ذلك العراك العنيف قد انتهى بكارثة مروعة، تمثلت في إجهاض سنية، التي كانت حاملاً في شهرها التاسع «لمولودها المرتقب».
      ومع أن عيسى الماغوط قد حاول جاهداً أن يُظهر كثيراً من الجوانب الإيجابية في شخصية أخيه، كالإشارة إلى حرصه المستمر على تقديم المساعدة المادية للعائلة، متى استطاع إلى ذلك سبيلاً، والإشارة المماثلة إلى أن الماغوط قد رفع عالياً سقف أحلامه، إلى حد القول: «سأكتب أشياء لم تحلم بها عذراء، ولا أمة في بلاد أخرى»، فإن عقدة الأخ الأكبر لا تلبث أن تظهر جلية في السيرة، حيث لا يتردد عيسى في الحديث عن نرجسية أخيه الفاقعة، كما عن تعامله معه باستعلاء ظاهر، رغم أن الأخ الأصغر المحال على التقاعد، كان قد اتخذ قراره الحاسم برعاية أخيه الذي أقعده المرض وأصابه بالكآبة والإحباط. وقد نقل المؤلف بكثير من المرارة قول الماغوط له، وقد طلب إليه أن يحضر إحدى المناسبات التي تخصه ولم يساعده اعتلال صحته على حضورها: «إذا ذهبت لحضور العرض، وتقدم بعضهم للسلام عليك، فلا تقل إنني أخوك». وهي الحادثة التي يقول عيسى إنها دفعته إلى الابتعاد عن أخيه المريض حد الإنهاك، بعد أن أصيب بجرح بالغ في كرامته، قبل أن يُقر بالندم على ذلك الابتعاد، لأن رحيل الشاعر اللاحق عن هذا العالم قد حال بينه وبين إصلاح الأمور.
      أما خالدة سعيد، وهي الأخت الكبرى لسنية، فلا تعتمد في تقديمها أعمالها الشعرية الأسلوب المباشر نفسه الذي اعتمده عيسى الماغوط في روايته للأحداث، ليس فقط لأن خالدة لا تريد صب مزيد من الزيت على نار العلاقة الصعبة بين الزوجين؛ بل لأنها كانت تتوخى الإيغال في تجربة الشاعرة الموغلة في العزلة، والتي لم تأخذ حقها من الاهتمام النقدي، ولم تكن تهدف إلى تقديم روايتها الخاصة لسيرة العائلة. ومع ذلك؛ فإن القارئ لن يبذل كبير جهد لكي يقف على الوحشة المزمنة التي تلف حياة سنية صالح، وعلى المآل المتوتر للعلاقة العاطفية التي جمعت بين الشاعر المكرس والشاعرة اللائذة بصمتها الخفر، بعد أن أخلى الحب المشتعل نيرانه لرماد الزواج. فخالدة التي تتحدث عن تضحيات سنية البالغة في سبيل الماغوط، أثناء مطاردته وسجنه من قبل السلطات، تشير في الوقت ذاته إلى أن سالبين اثنين لا يصنعان زواجاً ناجحاً؛ إذ إن أختها التي نشأت في ظروف عائلية شديدة القسوة «كانت تطلب من الحب ما تطلبه من الشعر»، وتريد له «أن يكون ثأرها من العالم وحصانها السحري للنجاة»، فيما كانت للماغوط القادم بدوره من بيئة الحرمان والشظف، محنته وثاراته المماثلة. وإذ ترى الناقدة أن الحب الذي ربط بين الطرفين كان فيه من العنف بقدر ما فيه من الحنان، تعتقد في المقابل أن الشعر هو الضوء السري الوحيد الذي كشف لسنية هول الواقع الذي تعيشه، بقدر ما قدم لها معاني الوجود الخلاصية... فهو؛ وفق خالدة، «ينبجس من الجوهر الأنثوي الخالق، والمسحوق عبر التاريخ. وهو صيحة جسد الأنثى ونبع الحياة الذي عَبر فوقه الأباطرة والبطاركة والآباء والأزواج والغزاة والمحاربون والنخاسون».
      كما أننا لن نعثر، ونحن نقرأ أعمال سنية صالح الشعرية، على ملامح الشاعر المتفرد الذي عشقته صالح بكل ما تملكه من شغف، حيث لا ينضح من قصائدها سوى الشعور الممض بخواء العالم وغربة الكائن الإنساني، باستثناء جُزر الفرح القليلة التي نجت من الطوفان، والتي تقتصر على أختها خالدة وابنتيها شام وسلافة، دون أن نتبين بينها ملامح الزوج. ومع ذلك، فإن إيمان سنية بمكانة زوجها الإبداعية الاستثنائية لن يتزعزع أبداً، وهو ما يُظهره تقديمها الناضح بالإعجاب لأعماله الشعرية والمسرحية التي صدرت في سبعينات القرن الماضي، والذي جاء فيه: «يعدّ محمد الماغوط من أبرز الثوار الذين حرروا الشعر من عبودية الشكل. دخل ساحة العراك حاملاً في مخيلته ودفاتره الأنيقة بوادر قصيدة النثر كشكل مبتكر وجديد، وحركة رافدة لحركة الشعر الحديث. وحين كانت الصحف غارقة بدموع الباكين على مصير الشعر، نشر قلوعه البيضاء الخفاقة فوق أعلى الصواري».
      أما مسألة المنافسة الشعرية بين الزوجين فلم تكن واضحة تماماً، خصوصاً أن سنية بما تحمله منذ نشأتها المبكرة من سمات الخفر والتواضع، لم تكن تطمح إلى احتلال الحيز الذي يتجاوز رغبتها في البوح والكشف عن مكنونات نفسها المعطوبة، ولم تتعامل مع الزوج «النجم»، رغم موهبتها الواضحة، بأي نوع من التنافس أو الندية. إلا إن الحوار القصير واللافت الذي أجراه الماغوط مع زوجته، إثر صدور مجموعتها الثانية «حبر الإعدام» يتسم بشكل واضح بالبرودة وغياب الحماس، بل يكاد يكون أقرب إلى التوتر، وإلى مضبطة اتهام واضحة بحق صالح. وهو ما يؤكده سؤال الماغوط لسنية: «ألا تشعرين بتأنيب الضمير وأنت تكتبين بمعزل عن قضايا أكثر أهمية وإلحاحاً من عذاب امرأة غير متآلفة مع بيئتها؟»، أو سؤاله «العدائي» الآخر: «هل أمعنت النظر ذات يوم في وجوه العمال المقطبة؟ هل رأيت مشرداً يأكل فضلات على الرصيف؟». غير أن سنية التي لم تكن طفولتها أقل شظفاً وشقاء من طفولة الماغوط، لم تستطع سوى رد كرة الاتهام إلى المرمى الذي انطلقت منه، فأجابت بالقول إن عذابات المرأة التي يشير إليها، هي أيضاً من صلب الواقع الذي يتهمها بالانعزال عنه، ثم تضيف بنبرة اتهام مضادة: «ولماذا أنت تمد ذلك الليل البشري بيني وبين الأشياء المضيئة؟».
      لم تكن غاية هذه المقالة، أخيراً، أن ترفع مضبطة اتهام دامغة ضد أحد المؤسسين الكبار لقصيدة النثر العربية، بل هي تهدف إلى إظهار الفارق الشاسع بين ما تقترحه مخيلات الشعراء على البشر من تجليات الجمال المدهش، وما يتسمون به على أرض الواقع من نزق الأمزجة وغرابة الطباع والسلوكيات. إنهم في الأعم الأغلب عشاق رائعون وأزواج فاشلون. وهو ما تؤكده تجارب كثير من الثنائيات العاشقة التي أفضت بعد الزواج إلى مآل كارثي. وإذا كانت سيلفيا بلاث قد وجدت خلاصها النهائي عن طريق الانتحار، فإن السرطان الخبيث هو الذي تكفل بالمهمة نفسها لدى صاحبة «الزمان الضيق». أما محمد الماغوط فكان عليه بمساعدة الكتابة أن يتعايش مع غياب زوجته المأساوي والمبكر. ومع شعوره المؤلم بأنه لم يعبّر عن حبه لها بما يليق من الكلمات، راح يستعيد في روايته «الأرجوحة» صورة «غيمة» التي هطلت كالمطر على صحراء الشاعر المثقلة بالوحشة وبالخوف، مثلما راح في كتابه «سياف الزهور» يهتف بالزوجة الراحلة:
      «كل من أحببت
      كنّ نجوماً تضيء للحظة
      وتنطفئ إلى الأبد
      وأنتِ وحدك السماء.
      ثلاثين سنة
      وأنت تحملينني على ظهرك
      كجندي جريح
      وأنا لم أستطع
      أن أحملكِ بضع خطواتٍ إلى قبرك».

      تعليق


      • #6

        كيف وصفت الشاعرة سنية صالح زوجها الأديب محمد الماغوظ فى أول لقاء بينهما؟

        الأربعاء، 14 أبريل 2021 م

        محمد الماغوط وسنية صالح
        كتب أحمد منصور

        سنية صالح، كاتبة وشاعرة سورية، وهى زوجة الأديب السورى محمد الماغوط، التقت به فى بيت الشاعر السورى أدونيس فى بيروت فى الفترة التى قضاها الماغوط هناك فى أواخر الخمسينيات، وتحل اليوم ذكرى ميلادها إذ ولدت فى مثل هذا اليوم 14 أبريل من عام 1935م.



        تزوجت سنية صالح من محمد الماغوط وهى طالبة فى كلية الآداب فى جامعة دمشق بسوريا فى الستينيات وأنجبت منه ابنتين هما شام وسلافة.

        وفى أحد مقالات الشاعرة سنية صالح، فى عام 1972 حكت عن لقائهما الأول قائلة: "كان محمد الماغوط غريباً ووحيداً فى بيروت، وعندما قدمه أدونيس فى أحد اجتماعات مجلة "شعر" المكتظة بالوافدين، وقرأ له بعض نتاجه الجديد الغريب، دون أن يعلن عن اسمه، ترك المستمعين يتخبطون ( بودلير؟.. رامبو؟..) لكن أدونيس لم يلبث أن أشار إلى شاب مجهول غير أنيق، أشعث الشعر وقال: هو الشاعر.

        لا شك أن المفاجأة أدهشتهم وانقلب فضولهم إلى تمتمات، أما هو، وكنت أراقبه بصمت، ارتبك واشتد لمعان عينيه، بلغة هذه التفاصيل وفى هذا الضوء الشخصى، نقرأ غربة "محمد الماغوط"، ومع الأيام لم يخرج من عزلته بل غير موقعها من عزلة الغريب إلى عزلة الرافض".

        وللشاعرة سنية صالح التى رحلت عن عالمنا فى عام 1985م، عدة دواوين شعرية منها "ديوان "الزمان الضيق" ـ 1964م، و"حبر الإعدام – 1970م، و"قصائد" – 1980م، كما كتيت كتاب "ذكر الورد" – 1988م، و"الغبار" 1982م.

        وفازت الشاعر سنية صالح بعد جوائز منها : جائزة جريدة النهار لأحسن قصيدة حديثة عام 1961، وجائزة مجلة "حواء" للقصة القصيرة عام 1964، وجائزة مجلة "الحسناء" للشعر عام 1967.

        تعليق


        • #7

          شذرات من التاريخ العربي


          محمد الماغوط وسنية صالح


          يقول الكاتب محمد الماغوط في حديثه عن زوجته الشاعرة سنيّة صالح :- "كانت سنية أمي ومرضعتي وحبي ومرضي، وكان رأيها أساسياً فيما أكتب، فإذا كتبت شيئاً وترددت أمامه ولو للحظة كنت أمزقه وأعيد كتابته من جديد.. أما إذا قالت «حلو» فكنت أحس باطمئنان كبير، إنها قارئتي الأولى ومعلمتي الأولى في الشعر وفي الحياة.. حين كانت مريضة جلست بقربها وهي على فراش الموت أقبل قدميها المثقوبتين من كثرة الإبر فقالت لي عبارة لن أنساها.. «أنت أنبل إنسان في العالم» على شاهدة قبرها كتبت: «هنا ترقد الشاعرة سنية صالح آخر طفلة في العالم» لم أزر قبرها في مقبرة «الست زينب» إلا مرة واحدة، حزني عليها لا أعرضه في المقاهي والشوارع: إنه إحساس شخصي جداً ومدفون في الأعماق دون شاهدة، سنية هي المرأة في كل ماكتبت، كانت كعروق الذهب في الأرض.. كل النساء من بعدها نجوم تمرّ وتنطفئ وهي وحدها السماء.. والآن نادراً ما أراها في أحلامي."
          . .
          تقول سنية عن الماغوط :- "كنت أنقل له الطعام والصحف والزهور خفية، كنا نعتز بانتمائنا للحب والشعر كعالم بديل متعال على مايحيط بنا، كان يقرأ مدفوعاً برغبة جنونية وكنت أركض في البرد القارس والشمس المحرقة لأشبع له هذه الرغبة فلا ألبث أن أرى أكثر الكتب أهمية وأغلاها ثمناً ممزقة أو مبعثرة فوق الأرض، أو مبقعة بالقهوة حيث ألتقطها وأغسلها ثم أرصفها على حافة النافذة حتى تجف."

          تعليق

          يعمل...
          X