الفن في القرن التاسع عشر
يُعد القرن التاسع عشر الميلادي قرن الثورات في مجال الفنون ؛ فقد حاول الفنانون إعادة النظر عدة مرات في تقييم أعمالهم الفنية والطرق التي يمكن أن تنفَّذ بها الأعمال الفنية ونتيجة لهذا ظهرت عدة مدارس نعرضها فيما يلي:
الكلاسيكية الجديدة (الكلاسيكية المحدثة):
اشتهرت هذه المدرسة التشكيلية في فرنسا عقب الروكوكو في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين. وسبب شهرتها أن الحكام الفرنسيين بعد الثورة الفرنسية 1789م حاولوا تشكيل عاصمتهم على غِرَار روما القديمة، وتأثرت الفنون بذلك وعاد الفنانون للأساليب والموضوعات الرومانية في التصوير ؛ فظهر فنانون تقليديون أهمهم جاك لويس ديفيد. ومع مطلع القرن التاسع عشر تخلّت مجموعة من الفنانين عن الموضوعات الرومانية وبدأت تصوّر موضوعات من الحياة المعاصرة واهتمّت بالخطوط والاتزان والوضوح في العمل التشكيلي.
الرومانسية:
ظهرت الرومانسية في فرنسا كرد فعل للكلاسيكية الجديدة التي ركّزت على الاتزان والوضوح والتنظيم في العمل. ودعا الفنانون الرومانسيون إلى الاهتمام بالخيال والعواطف الخاصة بالفنان. واستبدلوا بأسلوب الكلاسيكية الجديدة الذي تميّز بالألوان النظيفة الناصعة والتكوينات المنسجمة تصوير مناظر تعبّر عن الحركة، ومنفَّذة بألوان قوية، وبلمسات فرشاة توحي بالحيوية، وبظلال عميقة. وأسلوب الفنان ثيودور جريكو الفرنسي خير ما يعبّر عن هذه المدرسة، إضافة إلى الفنان الأسباني فرانسسكو جويا الذي كان رومانسيًا وواقعيًا في آن واحد، فقد رسم الملوك وعامة الناس والجنود، ويعد يوجين ديلاكروا أعظم فنان رومانسي فرنسي.
وظهر في إنجلترا المصوران التشكيليان الرومانسيان جون كونستابل وج. م. و تيرنر. فدعا كونستابل إلى أن الفنانين ينبغي أن يستمدّوا موضوعات لوحاتهم من مشاهدتهم الخاصة في الحياة، وأن يعبّروا عن عواطفهم الخاصة في أعمالهم، فاهتم بالمناظر الطبيعية. أما تيرنر فقد اهتم بتأثيرات الألوان ؛ ففي بعض أعماله يجعل الشكل يذوب على سطح اللوحة، لأنه غيرمحدّد بخطوط خارجية واضحة. وكان لهذين الفنانين أثر كبير على الفن الفرنسي، فقد ظهرت الانطباعيه أو التأثيرية الفرنسيه لتؤكّد أسلوبهما. ★ تَصَفح: تيرنر، ج م و .
الواقعية:
أصبح الأسلوبان الكلاسيكي الجديد والرومانسي غير مرغوبين في فرنسا منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. وخلفهما الأسلوب الواقعي الذي بدأ بتصوير القيم الطبيعية الهادئة كما في أعمال كميل كورو، وفرانك تيلييه. فأعمال هؤلاء الفنانين ـ إضافة إلى أعمال مجموعة من معاصريهم ممن تسمّوا بمدرسة الباربيزون، كانت لوحات بسيطة تصور المراعي والغابات، والأكواخ الريفية. وأشهر فناني الواقعية في فرنسا في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي هو غوستاف كوربيه الذي صور الواقع من حوله كما هو. وبعض أعماله تعدّ نقدًا اجتماعيًا، ولهذا عدَّها كثير من الناس لوحات غير جديرة بالتقدير.
وقد ظهرت في إنجلترا جماعة من الفنانين عام 1848م، تدعو إلى العودة بالفن إلى أسلوب ماقبل رفائيل، حيث كانت موضوعات الفنون واضحة ونقية ودينية. غير أنها لم تدم طويلاً.
أمّا في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان الفن متأثرًا بالفن الأوروبي حتى أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. ودرس أغلب الفنانين الأمريكيين الفن في أوروبا. وأول هؤلاء بنجامين وست الذي قام بتدريس الفن لعدد من الفنانين الأمريكيين. وكانت موضوعاتهم المفضّلة هي تصوير الشخصيات أو تصوير الوقائع التاريخية. وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي شعر بعض الفنانين بضرورة إيجاد فن أمريكي ذي شخصية مستقلة عن الفن الأوروبي. فلجأوا إلى تصوير المناظر الطبيعية في الدنيا الجديدة (أمريكا) بأسلوب رومانسي، وصوّروا مناظر الأنهار، والسهول، وجبال الروكي، وحياة الهنود الحمر. وبعد الحرب الأهلية هناك (1861-1865م) عاد الفنانون الأمريكيون إلى تقليد الفن الأوروبي. بل إن البعض منهم أصبحوا أعلامًا في بعض الحركات الفنية الجديدة في أوروبا مثل ماري كاسات التي تُعد علمًا من أعلام المدرسة الانطباعية أو التأثيرية.
ومن أهم أعلام الفن في القرن التاسع عشر الميلادي بفرنسا إدوارد مانيه الذي درس على الطريقة التقليدية، غير أنه فضل ألا تكون للوحاته أي رسالة أو أن تنقل أي عواطف خاصة وإنما تكون لوحات جميلة فقط. والجمال في نظره ينتج من جمع لمسات الفرشاة، والألوان، والوحدات الزخرفية والدرجات اللونية المختلفة. ورغم أن بعض الناس في عصره لم يقدروا لوحاته، إلا أن مسألة التركيز على اللوحة نفسها دون قصة ترويها أصبحت ظاهرة تشمل أعمال أغلب الفنانين الذين عاصروه أو جاءوا بعد زمانه.
التأثيرية الانطباعية:
عُرفت المدرسة التأثيرية بعد أول معرض لها عام 1874م، واستمرت في الازدهار حتى عام 1910م. أخذت هذه المدرسة من مانيه عدم الاهتمام بالموضوع أو اللوحات التي تحكي قصصًا محدّدة. وأخذت من الواقعية اهتمامها برسم الواقع فصوّر فنانوها الحياة اليومية، وعامة الناس وحركة المواصلات في الطرقات، والمتنزهات وماشابه ذلك من موضوعات. كما أخذوا ألوان الرومانسيين الناصعة، ومن أهم أعلام هذه المدرسة كلود مونيه.
ما بعد الانطباعية:
يُطلَق هذا الاسم على مدرسة غير محددة المعالم. والمقصود به التعبير عن أعمال الفنانين بول سيزان، وبول جوجان، وفنسنت فان جوخ وكلهم فرنسيون عدا الأخير فقد كان هولنديًا. وركز سيزان على تصوير الكتلة واهتم بالبناء الأساسي لما يرسم من أشياء، وأرجع الأشكال إلى أصولها فهي إما كروية أو هرمية أومكعبة وقد استوحت المدرسة التكعيبية فكرتها من أعمال سيزان، الذي كان لقبه أبوالفن الحديث.
أما أعمال جوجان فقد اهتمت بالجانب الزخرفي. وكانت ألوانه باهتة وأشكاله التي رسمها غيرمظللة، وخطوطه التي يستخدمها مائلة عادة. وكان يهتم بالبساطة والنقاء في الحياة وجعل لوحاته تعبّر عن ذلك برحيله إلى جزيرة تاهيتي، وتصويره لحياة البسطاء هناك. ورغم اهتمامه بالبساطة فلم تخلُ أعماله من تناول موضوعات فكرية معقدة مثل لوحته الفخمة من أين أتينا؟ ومن نحن ؟ وإلى أين نذهب؟ التي صور فيها مراحل الحياة من الطفولة حتى الموت بشخصيات تبدو عليها الحيرة، والعجز عن إجابة هذه الأسئلة.
وعبّر فان جوخ عن مشاعره الخاصة في أعماله التشكيلية، باستخدام ألوان فاقعة ولمسات فرشاة عنيفة فقد كان يستخدم ألوانه الزيتية من الأنبوب مباشرة دون مزجها. وحاول سُوْرَا التلوين بوضع نقاط صغيرة من ألوان متجاورة لتختلط في عين المشاهد، وسُمِّيت طريقته هذه بالتنقيطية أو الترقيشية والتي لم يتبعها كثير من الفنانين.
وفي بداية القرن العشرين ظهرت مجموعة من المدارس الفنية التي لم تستمر لفترة طويلة، غير أنها ساعدت في إيجاد أساليب جديدة للتعبير. وأهم هذه المدارس الوحشية والتكعيبية.
يُعد القرن التاسع عشر الميلادي قرن الثورات في مجال الفنون ؛ فقد حاول الفنانون إعادة النظر عدة مرات في تقييم أعمالهم الفنية والطرق التي يمكن أن تنفَّذ بها الأعمال الفنية ونتيجة لهذا ظهرت عدة مدارس نعرضها فيما يلي:
ماكس شميت بمجداف واحد للفنان توماس إيكنز 1871م. رسمت بالزيت على القماش. 117x82سم. |
اشتهرت هذه المدرسة التشكيلية في فرنسا عقب الروكوكو في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين. وسبب شهرتها أن الحكام الفرنسيين بعد الثورة الفرنسية 1789م حاولوا تشكيل عاصمتهم على غِرَار روما القديمة، وتأثرت الفنون بذلك وعاد الفنانون للأساليب والموضوعات الرومانية في التصوير ؛ فظهر فنانون تقليديون أهمهم جاك لويس ديفيد. ومع مطلع القرن التاسع عشر تخلّت مجموعة من الفنانين عن الموضوعات الرومانية وبدأت تصوّر موضوعات من الحياة المعاصرة واهتمّت بالخطوط والاتزان والوضوح في العمل التشكيلي.
احتراق دار البرلمان للفنان جوزيف م.و. تيرنر حوالي 1835م. رسمت بالزيت على القماش. 1,23x0,92م. |
ستوك باي نايلاند للفنان جون كونستابل. 1836م. رسمت بالزيت على القماش. 1,69x1,26م. |
ظهرت الرومانسية في فرنسا كرد فعل للكلاسيكية الجديدة التي ركّزت على الاتزان والوضوح والتنظيم في العمل. ودعا الفنانون الرومانسيون إلى الاهتمام بالخيال والعواطف الخاصة بالفنان. واستبدلوا بأسلوب الكلاسيكية الجديدة الذي تميّز بالألوان النظيفة الناصعة والتكوينات المنسجمة تصوير مناظر تعبّر عن الحركة، ومنفَّذة بألوان قوية، وبلمسات فرشاة توحي بالحيوية، وبظلال عميقة. وأسلوب الفنان ثيودور جريكو الفرنسي خير ما يعبّر عن هذه المدرسة، إضافة إلى الفنان الأسباني فرانسسكو جويا الذي كان رومانسيًا وواقعيًا في آن واحد، فقد رسم الملوك وعامة الناس والجنود، ويعد يوجين ديلاكروا أعظم فنان رومانسي فرنسي.
وظهر في إنجلترا المصوران التشكيليان الرومانسيان جون كونستابل وج. م. و تيرنر. فدعا كونستابل إلى أن الفنانين ينبغي أن يستمدّوا موضوعات لوحاتهم من مشاهدتهم الخاصة في الحياة، وأن يعبّروا عن عواطفهم الخاصة في أعمالهم، فاهتم بالمناظر الطبيعية. أما تيرنر فقد اهتم بتأثيرات الألوان ؛ ففي بعض أعماله يجعل الشكل يذوب على سطح اللوحة، لأنه غيرمحدّد بخطوط خارجية واضحة. وكان لهذين الفنانين أثر كبير على الفن الفرنسي، فقد ظهرت الانطباعيه أو التأثيرية الفرنسيه لتؤكّد أسلوبهما. ★ تَصَفح: تيرنر، ج م و .
منظر بالقرب من فولترا للفنان كاميل كورو 1838م. رسمت بالزيت على القماش. 95x70سم. |
أصبح الأسلوبان الكلاسيكي الجديد والرومانسي غير مرغوبين في فرنسا منذ أواسط القرن التاسع عشر الميلادي. وخلفهما الأسلوب الواقعي الذي بدأ بتصوير القيم الطبيعية الهادئة كما في أعمال كميل كورو، وفرانك تيلييه. فأعمال هؤلاء الفنانين ـ إضافة إلى أعمال مجموعة من معاصريهم ممن تسمّوا بمدرسة الباربيزون، كانت لوحات بسيطة تصور المراعي والغابات، والأكواخ الريفية. وأشهر فناني الواقعية في فرنسا في أواسط القرن التاسع عشر الميلادي هو غوستاف كوربيه الذي صور الواقع من حوله كما هو. وبعض أعماله تعدّ نقدًا اجتماعيًا، ولهذا عدَّها كثير من الناس لوحات غير جديرة بالتقدير.
وقد ظهرت في إنجلترا جماعة من الفنانين عام 1848م، تدعو إلى العودة بالفن إلى أسلوب ماقبل رفائيل، حيث كانت موضوعات الفنون واضحة ونقية ودينية. غير أنها لم تدم طويلاً.
القناع الأزرق من رسم موريس لويس حوالي سنة 1959م. ألوان أكريليك على مشمع. متحف فوج الفني، جامعة هارفارد، كمبردج، ماساشوسيتس بالولايات المتحدة الأمريكية. هدية من مسز كولفر أورزويل وهدايا لصناديق الاستعلامات الخاصة. |
صالون الحلاق للفنان ستيوارت ديفيز 1913م. رسمت بالزيت على القماش. 109x89سم. |
ومن أهم أعلام الفن في القرن التاسع عشر الميلادي بفرنسا إدوارد مانيه الذي درس على الطريقة التقليدية، غير أنه فضل ألا تكون للوحاته أي رسالة أو أن تنقل أي عواطف خاصة وإنما تكون لوحات جميلة فقط. والجمال في نظره ينتج من جمع لمسات الفرشاة، والألوان، والوحدات الزخرفية والدرجات اللونية المختلفة. ورغم أن بعض الناس في عصره لم يقدروا لوحاته، إلا أن مسألة التركيز على اللوحة نفسها دون قصة ترويها أصبحت ظاهرة تشمل أعمال أغلب الفنانين الذين عاصروه أو جاءوا بعد زمانه.
محطة سان لازار القديمة في باريس، للفنان كلود مونيه 1877م. رسم بالزيت على القماش. 80x60سم. |
عُرفت المدرسة التأثيرية بعد أول معرض لها عام 1874م، واستمرت في الازدهار حتى عام 1910م. أخذت هذه المدرسة من مانيه عدم الاهتمام بالموضوع أو اللوحات التي تحكي قصصًا محدّدة. وأخذت من الواقعية اهتمامها برسم الواقع فصوّر فنانوها الحياة اليومية، وعامة الناس وحركة المواصلات في الطرقات، والمتنزهات وماشابه ذلك من موضوعات. كما أخذوا ألوان الرومانسيين الناصعة، ومن أهم أعلام هذه المدرسة كلود مونيه.
صانع الساعات للفنان بول سيزان 1900م. رسم بالزيت على القماش. 73x92سم. |
يُطلَق هذا الاسم على مدرسة غير محددة المعالم. والمقصود به التعبير عن أعمال الفنانين بول سيزان، وبول جوجان، وفنسنت فان جوخ وكلهم فرنسيون عدا الأخير فقد كان هولنديًا. وركز سيزان على تصوير الكتلة واهتم بالبناء الأساسي لما يرسم من أشياء، وأرجع الأشكال إلى أصولها فهي إما كروية أو هرمية أومكعبة وقد استوحت المدرسة التكعيبية فكرتها من أعمال سيزان، الذي كان لقبه أبوالفن الحديث.
أما أعمال جوجان فقد اهتمت بالجانب الزخرفي. وكانت ألوانه باهتة وأشكاله التي رسمها غيرمظللة، وخطوطه التي يستخدمها مائلة عادة. وكان يهتم بالبساطة والنقاء في الحياة وجعل لوحاته تعبّر عن ذلك برحيله إلى جزيرة تاهيتي، وتصويره لحياة البسطاء هناك. ورغم اهتمامه بالبساطة فلم تخلُ أعماله من تناول موضوعات فكرية معقدة مثل لوحته الفخمة من أين أتينا؟ ومن نحن ؟ وإلى أين نذهب؟ التي صور فيها مراحل الحياة من الطفولة حتى الموت بشخصيات تبدو عليها الحيرة، والعجز عن إجابة هذه الأسئلة.
المقهى الليلي للفنان فنسنت فان جوخ 1888م رسمت بالزيت على القماش. 92x72سم. |
وفي بداية القرن العشرين ظهرت مجموعة من المدارس الفنية التي لم تستمر لفترة طويلة، غير أنها ساعدت في إيجاد أساليب جديدة للتعبير. وأهم هذه المدارس الوحشية والتكعيبية.