فيليب الثاني أوغست
(1165 ـ 1223)
فيليب الثاني أوغست Philippe II Augustue ابن لويس السابع ملك فرنسا، من أسرة كابيه الفرنسية الباريسية. ولد قرب باريس، أمه أديل Adèle صاحبة مقاطعة شامبانيه Champagne. تولى عرش فرنسا في حياة أبيه عام 1179م، وعمره أربع عشرة سنة وحكمها فترة طويلة تجاوزت الأربعين عاماً. اتصف بالقوة والعزيمة والذكاء وحسن التقدير. تنبأ له معاصروه منذ طفولته بالوصول إلى مكانة رفيعة، فعلى الرغم من صغر سنه عند توليه الحكم فإنه حكم فرنسا حكماً مستقلاً، ورفض تدخل أمه وأخواته في شؤون الدولة، وتمكن من السيطرة على الصعوبات التي اعترضته، وواجهها بنفسه، وتغلب عليها الواحدة تلو الأخرى.
عمل فيليب على تقوية الملكية في فرنسا وبسط نفوذها، فقد أصلح الحكم والإدارة، ووحّد فرنسا، وضم إليها مناطق متعددة، (فرماندوا Vermandois وأمينوا Amiénois وآرتوا Artois) عن طريق زواجه بإيزابيل ابنة كونت هاينو Hainaut. كما أخضع لسلطته أمراء فلاندرز Flanders وشامبانيه وبورغونيه Bourgogne، وخاض مع أمراء هذه المناطق حروباً امتدت فيما بين (1181ـ1185)، بعد أن ضمن حياد هنري الثاني ملك إنكلترا، فسيطر بذلك على المنطقة الغنية الممتدة من فرماندوا حتى آرتوا. كما استولى فيليب على نورمانديا وآنجو Anjou ومين وتورين Touraine من إنكلترا بالحرب تارة، وبالرشوة تارة أخرى حتى انحصرت ملكية إنكلترا في الجزر، وخسرت ممتلكاتها على ساحل فرنسا. وغدا فيليب أوغست أقوى أمير إقطاعي في البلاد، والرجل الثاني في أوربا بعد امبراطور الدولة الرومانية المقدسة، وتضاعفت أملاكه وموارده في الرجال والأموال, وأخذ يتدخل في شؤون أوربا، فقد تدخل في تعيين امبراطور ألمانيا بعد وفاة امبراطورها هنري السادس سنة 1197م.
حاول ملك إنكلترا استعادة المناطق التي فقدها، فعقد تحالفاً ضد فيليب، ولكن الأخير تمكن من الانتصار عليه وعلى تحالفه في تموز/يوليو 1214م، كما أخفق ملك إنكلترا في الهجوم على اللوار.
نظم فيليب علاقة الملكية بالإقطاعيين في فرنسا، فقد ساعدته مدة حكمه الطويلة التي تبدل فيها معظم كبار الأمراء الإقطاعيين على تأكيد حقوقه الإقطاعية لدى الأمراء الجدد دون استخدام العنف. وجعل مدينة باريس من أهم المدن الأوربية، ومقراً لأعظم جامعة شمالي الألب في العصور الوسطى، ومركزاً للإشعاع الثقافي, وقد حصلت جامعة باريس في عهده على أول براءة ملكية ضمنت لها امتيازاتها وحقوقها، وقصدها الفلاسفة والعلماء ورجال الفكر من أرجاء أوربا كافة، كما أصبحت باريس في أيامه أول عاصمة حديثة لدولة مركزية في أوربا، بعد أن شيد لها سوراً قوياً ضم بين جنباته القصر الملكي والمدارس والكاتدرائية والأحياء التجارية والصناعية، واهتم برصف شوارعها وطرقها.
وقف فيليب في وجه احتكار الوظائف الكبرى في الدولة وبقائها وراثية، فقلل من نفوذ كبار الموظفين، وأوجد طبقتين من الموظفين الإداريين، الأولى من الوكلاء الملكيين، واختارهم من الطبقة الوسطى لضمان إخلاصهم له، وارتباطهم به، ومهمتهم الإشراف على العدالة وجمع الإيرادات، وكان لا يدعهم فترة طويلة في المنطقة لئلا ينشئوا علاقات قوية مع أهالي المناطق العاملين فيها، والثانية من المديرين للإشراف على المناطق الواقعة على الحدود، وهؤلاء من الفرسان والبارونات الذين يملكون خبرة بشؤون الحرب، إضافة إلى قيامهم بوظائف الوكلاء الملكيين في مناطقهم.
أصبح الملك في عهد فيليب أوغست مصدر السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فقد شكل مجلساً استشارياً كان بمنزلة هيئة تشريعية وقضائية عليا، يتكون من عدد من المستشارين العلمانيين والدينيين إضافة إلى مجموعة من النبلاء والأساقفة لهم حق الاقتراح فقط ولايلتزم الملك برأيهم، ولم يكن يحد من سلطته إلا أصحاب الإقطاعات الكبيرة، إذ لم يتمكن من القضاء على نفوذ الإقطاعيين نهائياً بعد، ولإضعاف نفوذهم عمل على تقوية الطبقة البرجوازية، وأعطى براءات للمدن الفرنسية تضمن حريتها، وساعدها على تقوية أسوارها واستحكاماتها وحماية تجارتها وتشجيع صناعتها، وشجع التجار الأجانب على التردد إلى الأسواق الفرنسية، فتمكن بفضل ذلك من أن يجعل الملك صاحب السلطة على الإقطاعيين.
شدد فيليب أوغست قبضته على الكنيسة في فرنسا دون أن يفقد صداقتها، وألزم رجالها بدفع ما عليهم من ضرائب والتزامات، كما عمل على الحد من تدخل البابا في شؤون الكنيسة الفرنسية، وحرر ملوك فرنسا بعده من الحاجة إلى التتويج من قبل البابا ليضمنوا العرش لأنفسهم.
شارك فيليب أوغست في الحملة الصليبية الثالثة على بلاد الشام، متحالفاً مع ملك انكلترا ريتشارد الأول بن هنري الثاني وفريدريك بربروسا، ولم تطل إقامته في بلاد الشام فقد اعتذر لسوء حالته الصحية، وعاد إلى فرنسا سنة 1191م، والسبب الأساسي لعودته وفاة والد زوجته كونت فلاندرز، ورغبته في الحصول على نصيبها من هذا الإقليم بعد وفاة والدها، إلى جانب رغبته في الاستفادة من غياب ريتشارد ملك إنكلترا عن بلاده للسيطرة على مقاطعة النورماندي Normandy ـ مخالفاً الأعراف الصليبية من أنه لايجوز الاعتداء على أراضي صليبي يحارب في الأراضي المقدسة، لأن ممتلكاته تحت وصاية البابا وحمايته، وتوفي فيليب في باريس ودفن بها.
أمينة بيطار
(1165 ـ 1223)
عمل فيليب على تقوية الملكية في فرنسا وبسط نفوذها، فقد أصلح الحكم والإدارة، ووحّد فرنسا، وضم إليها مناطق متعددة، (فرماندوا Vermandois وأمينوا Amiénois وآرتوا Artois) عن طريق زواجه بإيزابيل ابنة كونت هاينو Hainaut. كما أخضع لسلطته أمراء فلاندرز Flanders وشامبانيه وبورغونيه Bourgogne، وخاض مع أمراء هذه المناطق حروباً امتدت فيما بين (1181ـ1185)، بعد أن ضمن حياد هنري الثاني ملك إنكلترا، فسيطر بذلك على المنطقة الغنية الممتدة من فرماندوا حتى آرتوا. كما استولى فيليب على نورمانديا وآنجو Anjou ومين وتورين Touraine من إنكلترا بالحرب تارة، وبالرشوة تارة أخرى حتى انحصرت ملكية إنكلترا في الجزر، وخسرت ممتلكاتها على ساحل فرنسا. وغدا فيليب أوغست أقوى أمير إقطاعي في البلاد، والرجل الثاني في أوربا بعد امبراطور الدولة الرومانية المقدسة، وتضاعفت أملاكه وموارده في الرجال والأموال, وأخذ يتدخل في شؤون أوربا، فقد تدخل في تعيين امبراطور ألمانيا بعد وفاة امبراطورها هنري السادس سنة 1197م.
حاول ملك إنكلترا استعادة المناطق التي فقدها، فعقد تحالفاً ضد فيليب، ولكن الأخير تمكن من الانتصار عليه وعلى تحالفه في تموز/يوليو 1214م، كما أخفق ملك إنكلترا في الهجوم على اللوار.
نظم فيليب علاقة الملكية بالإقطاعيين في فرنسا، فقد ساعدته مدة حكمه الطويلة التي تبدل فيها معظم كبار الأمراء الإقطاعيين على تأكيد حقوقه الإقطاعية لدى الأمراء الجدد دون استخدام العنف. وجعل مدينة باريس من أهم المدن الأوربية، ومقراً لأعظم جامعة شمالي الألب في العصور الوسطى، ومركزاً للإشعاع الثقافي, وقد حصلت جامعة باريس في عهده على أول براءة ملكية ضمنت لها امتيازاتها وحقوقها، وقصدها الفلاسفة والعلماء ورجال الفكر من أرجاء أوربا كافة، كما أصبحت باريس في أيامه أول عاصمة حديثة لدولة مركزية في أوربا، بعد أن شيد لها سوراً قوياً ضم بين جنباته القصر الملكي والمدارس والكاتدرائية والأحياء التجارية والصناعية، واهتم برصف شوارعها وطرقها.
وقف فيليب في وجه احتكار الوظائف الكبرى في الدولة وبقائها وراثية، فقلل من نفوذ كبار الموظفين، وأوجد طبقتين من الموظفين الإداريين، الأولى من الوكلاء الملكيين، واختارهم من الطبقة الوسطى لضمان إخلاصهم له، وارتباطهم به، ومهمتهم الإشراف على العدالة وجمع الإيرادات، وكان لا يدعهم فترة طويلة في المنطقة لئلا ينشئوا علاقات قوية مع أهالي المناطق العاملين فيها، والثانية من المديرين للإشراف على المناطق الواقعة على الحدود، وهؤلاء من الفرسان والبارونات الذين يملكون خبرة بشؤون الحرب، إضافة إلى قيامهم بوظائف الوكلاء الملكيين في مناطقهم.
أصبح الملك في عهد فيليب أوغست مصدر السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، فقد شكل مجلساً استشارياً كان بمنزلة هيئة تشريعية وقضائية عليا، يتكون من عدد من المستشارين العلمانيين والدينيين إضافة إلى مجموعة من النبلاء والأساقفة لهم حق الاقتراح فقط ولايلتزم الملك برأيهم، ولم يكن يحد من سلطته إلا أصحاب الإقطاعات الكبيرة، إذ لم يتمكن من القضاء على نفوذ الإقطاعيين نهائياً بعد، ولإضعاف نفوذهم عمل على تقوية الطبقة البرجوازية، وأعطى براءات للمدن الفرنسية تضمن حريتها، وساعدها على تقوية أسوارها واستحكاماتها وحماية تجارتها وتشجيع صناعتها، وشجع التجار الأجانب على التردد إلى الأسواق الفرنسية، فتمكن بفضل ذلك من أن يجعل الملك صاحب السلطة على الإقطاعيين.
شدد فيليب أوغست قبضته على الكنيسة في فرنسا دون أن يفقد صداقتها، وألزم رجالها بدفع ما عليهم من ضرائب والتزامات، كما عمل على الحد من تدخل البابا في شؤون الكنيسة الفرنسية، وحرر ملوك فرنسا بعده من الحاجة إلى التتويج من قبل البابا ليضمنوا العرش لأنفسهم.
شارك فيليب أوغست في الحملة الصليبية الثالثة على بلاد الشام، متحالفاً مع ملك انكلترا ريتشارد الأول بن هنري الثاني وفريدريك بربروسا، ولم تطل إقامته في بلاد الشام فقد اعتذر لسوء حالته الصحية، وعاد إلى فرنسا سنة 1191م، والسبب الأساسي لعودته وفاة والد زوجته كونت فلاندرز، ورغبته في الحصول على نصيبها من هذا الإقليم بعد وفاة والدها، إلى جانب رغبته في الاستفادة من غياب ريتشارد ملك إنكلترا عن بلاده للسيطرة على مقاطعة النورماندي Normandy ـ مخالفاً الأعراف الصليبية من أنه لايجوز الاعتداء على أراضي صليبي يحارب في الأراضي المقدسة، لأن ممتلكاته تحت وصاية البابا وحمايته، وتوفي فيليب في باريس ودفن بها.
أمينة بيطار