جديد السينما
محمد جميل خضر 20 يوليه 2023
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
الفيلم البريطاني الأميركي "طائرة" Plane
تأليف: تشارليز كومينغ وج. ب. ديفيز.
إخراج: الفرنسي جان- فرانسوا ريتشيت.
107 دقائق.
رغم تعاملي، عادة، مع أفلام الإثارة والحركة والمغامرات بوصفِها أفلامًا للتسلية الاستهلاكية، إلا أن هذا الشريط يحمل ما يساعد على مشاهدته؛ المواجهات العنيفة فيه مقنعة، شخصية كابتن الطائرة برودي تورّانس (أدّى دوره باقتدار الممثل جيرارد بوتْلر)، إضافة إلى أنها فذّة من حيث التزامه، بمختلف الوسائل، الحفاظ على حياة ركاب الطائرة البالغ عددهم 14 راكبًا فقط، بينهم مطلوب للعدالة تفاجأ بوجوده معه على الطائرة في اللحظات الأخيرة قبل إقلاع الطائرة (الصغيرة القديمة) من مانيلا إلى طوكيو، فهو اسكتلنديّ وهو ما انعكس على فدائيتهِ لإنقاذِ ركاب الطائرة الذين تحولوا لاحقًا إلى رهائن لدى عصابات خارجة عن القانون وصاحبة الأمر والنهي في الجزيرة التي اُضطر الكابتن تورّانس للهبوط فيها. يقول برودي لمساعدهِ سموائيْل ديلي (يُوسون آن) من هونغ كونغ، قبل محن الرحلة وتعرجاتها، إن سلطات الطيران البريطانية ظلّت لِزمنٍ ليس بعيد تمنع الاُسكتلنديين من قيادة الطائرات وأن يكونوا كباتِن في الرحلات الجويّة، لكنه صبر وتحمّل الأمر الواقع إلى أن فرض نفسه بالقوّة على هذه السلطات.
عن اللحظات القصوى بين الموت والحياة، عن غير المتوقع من جوانيّات البشر، عندما انبرى لويس غاسبير (أدّى دوره باقتدار مايك كولتِر) المطلوب للعدالة بتهمة قتلٍ قبل 15 عامًا، وبعد أن فكّ الكابتن قيده فَـ"في الأدغال يتساوى الجميع"، للدفاع عن الكابتن والطائرة وكان حاسمًا في إنقاذ الرحلة من كارثة حقيقية.
كثيرة هي أفلام الطائرات التي تتحطم، أو تضطر للهبوط في الأدغال، أو البحار، أو أماكن أخرى، وكثيرة هي أفلام الخطف الجماعيّ، ولكن من قال إن التسلية ليست مطلبًا سينمائيًا في بعض الأحيان؟
الفيلم الإيطاليّ "اليوم الأول في حياتي"
The First Day of My Life
اسم الفيلم باللغة الإيطالية: Il primo giorno della mia vita
تأليف وإخراج: باولو جينوفيزي.
شارك في الكتابة: إيزابيلا إغْويلار وباولو كوستيلا.
121 دقيقة.
يعيدنا الفيلم الإيطاليّ الأخّاذ إلى أيام مجد السينما، وحِرْصِ صانعيها على تقديم أفلام خالدة تنحفرُ عميقًا في الذاكرة. والحق يقال إن الفيلم الجديد للمخرج الحفّار باولو جينوفيزي، يحتاج إلى كتابةٍ مستقلّةٍ تُخصص له، ولعل زميلًا من كتّاب "ضفة ثالثة" الملحق الثقافيّ العربيّ الأسْطع والأبْلغ والأعمق، يتولّى، لاحقًا، تلك المَهمّة.
فكرةٌ فانتازيّة سورياليّة غريبة تقوم عليها حدوتة الفيلم وسرديّته: متبرعون أخيار يسمحون لأنفسهم جمع أشخاص قاموا بالانتحار، ويقيمون معهم أسبوعًا يستأنفون خلاله مراجعة شاملة لِمجمل حياتهم، وصولًا إلى اللحظة التي قرّر كل واحدٍ منهم، أو قرّرت فيها الانتحار، لعله/ لعلها يعْدِلُ/ تعدِلُ عن قرار الانتحار، ويستعيد حياته، حيث، وفي إطار خياليّة الفيلم وغرائبيّته، هم يقيمون خلال أسبوع الاستضافة العجيبة، في منطقة البرزخ (مساحةٌ زمنيةٌ افتراضيّةٌ أثيريّة) بين عالميّ الموت والحياة.
الأغاني باللغتين: الإنكليزية والإيطالية، لعبت دورًا جوهريًا في بث رسائل الفيلم وقيمه، وتعزيز جاذبيته ومتعته الاستثنائية: "أعطني قُبلة لِبناء حلم"، "الحقيبة التي على السرير لِرحلةٍ طويلة/ ومن دون أن تخبرني بِشيءٍ وجدتُ الشجاعة للرّحيل/ بكبرياءٍ جريحٍ مثل شخصٍ متمرّد"، "سوف أتابع حياتي/ لقد بدأتْ الحياة للتوّ مجدّدًا/ إلى أين يمكنني الذهاب؟ إلى أين أنتمي؟ لا أعلم/ أرني كيف أحمي عقلي/ كيف أحذف الماضي خلفي"، "هذا هو اليوم الأول في حياتي/ سأكمل الطريق/ ما الذي أنجزته سوى الانتظار/ لِذا أنا أقف هنا... أنتظر خلف بابٍ موصَد/ أعلم أن الحياة قد تسير على ما يرام/ الناس يسقطون وأنا أعود من حزني مُلْتَمِعة/ لِذا عليك أن تنجو من المطر/ لا تدع روحك تسْتلم/ لا تستسلم/ هذا هو اليوم الأوّل مِن حياتي"، "لا يهمّني لو بدوتُ مجنونًا أكلّم نفسي في الشوارع/ لا يهم... لا يهم/ فكما لو أن كل شيء مجرّد همسة في قلبي/ أبحرُ في نهر الحياة بلا بوصلة لأعثرَ على أعجوبة/ كلّها إشارات جميلةٌ، أو قبيحة/ الدهشة جيدة إنْ لم تكن خائفًا، أو مرعوبًا/ ليس سهلًا أن ترتطم بالزّجاج كذبابةٍ بِلا ممر/ كل شيء قد تقرّر/ الدهشة جيدةٌ إن لم تكن خائفًا، أو مرعوبًا/ أُبحِرُ في نهرِ الحياة... أبحِر في نهر... أُبْحِر".
مؤثّرٌ جدًا ومحزنٌ إلى حدٍّ بعيد وجودُ طفلٍ (أحد عشر عامًا) بين الأربعة الذين التقطهم العجوز الغامض أومو (توني سيرفيلّو) بعد انتحارهم، وقصّته مؤثّرة أيضًا: والداه يستثمران فيه بفيديوهات يَظهر فيه نهمًا يمكن أن يأكل دجاجتيْن خلال دقيقتيْن، غير عابئيْن بما أصابه من أمراض بسببِ كل هذا النّهم (في مقدمتها السُّكري والبَدانة)، ولا آبِهيْن بما بدأ يتعرّض له من تنمّرِ أترابِه في المدرسة عليه والنّاس في الشارع، ولا بِالحزن في كل ليلةٍ من لياليه، إلى أن قام بِتناول كميةٍ مهولةٍ من الفطائر المحلّاة (دونَتس) دون أن يأخذ الإنْسولين لا قبلَ تناولها وَلا بعدَه.
كل قصة من قصص الأربعة تحمل دلالات ومعانٍ: إيميلي (سارة سارايكّو) بطلة الجمباز الأولمبية والعالمية، التي ملّت الميدالية الفضيّة والوصافة؛ فهي في كلِّ مرّة تحل ثانية ولا مرّة كانت الأولى، أريانا (مارغريتا باي) التي عجزت عن منع المرض العضال الذي قضى على ابنتها الوحيدة، وعن معرفة مدى حُبِّ زميلها في العمل لها، فتركتْ كل شيء وراءَها وأطلقت رصاصة (الرّحمة) عميقًا عبرَ فمِها، ونابوليوني (فاليريو ماستاندريا) الأكثر مفارقةً في قصته وغرابةً في سرديته، فهو يسعد قلوب مريديه الذين يؤمّون مسرحه ويتأثرونَ بأفكارهِ ويتّبعون حرفيًا مقترحاته وَحلوله، ولكنّه هو نفسه يعاني من يأسٍ غير معروف الأسباب، وحزنٍ غير مقروء التفاصيل!
فيلمٌ عن التعاضُد... عن الآهات الإنسانية المشتركة... عن شجن الأغاني ومسرّات الهيب هوب والجَاز... عن التّعامل مع الثوابت وخُطوط البشر الحمراء، بعقلانيةٍ غير نمطية، وفكرٍ نقديٍّ شجاع.
وفي حين أثار فيلم جينوفيزي (وليس جينوفيز كما ترجمت بعض المواقع) "غرباء بِالمطلق" جدلًا، ليس بنسخته هو عن هشاشةِ العلاقات الإنسانية، بل بِالنّسخة العربية المأخوذة عنه "أصحاب ولّا أعز"، فإن فيلمه الجديد سيثيرُ جدلًا أصيلَ الأسئلة، جوهريّ التّداعي، حول الحياة وَالموت، وتصاريفِ القدر، وَعدالة الوجود، ما يعيدُنا إلى قصة موسى والخِضر في سورة الكهف.
الفيلم التركي "أنت تصنع نفسك" You Do You
اسم الفيلم باللغة التركية: Merve Kült
تأليف: سيلان ناز بايكان.
إخراج: كمال ألبان.
ساعة و41 دقيقة.
يُحسب للفيلمِ التركي البسيط على أصعدةِ الصورة والأداء والحبكة، ميلُه لِفقراء الناس، وتلك النغمة اليسارية في طرحه.
تكره بطلته ميرفي كَلت (أحسِن إيروغلو) الروتين والقيمَ الرأسمالية في عالم الوظائف، وتحلمُ أن تصبح مصممة أزياء، قبل أن تدفعها مِحنةُ أسرتها وعرْضُ والدها عمارتهم للبيع، من تغيير وجهاتِ حياتها.
في قالبٍ كوميديٍّ ليس خفيف الظل دائمًا، يعرض الفيلم مشاهده، ويبْني منظومته المتقلّبة بين أكثر من إيقاع، بعضها يصل درجة الرشاقة والحيويّة.
حتى فقراء الناس باستطاعتِهم فرْضَ عالمِهم الخاص من الموضة والأزياء، تلك الطالعة من بساطةِ بيئتِهم، ومفرداتِ كرامتِهم.
استغلال عمارة موقع التصوير، والدرج اللولبيّ الجميل منها، كان لافتًا.
ماذا لَوْ توارى البشر خلف أقنعةٍ تتيح لهم قول الحقيقة دون تردّدٍ، أو وَجَل؟ ماذا لَوْ قرّروا عدم ترك الماضي يلاحقهم بمختلفِ سوئهِ ومآسيهِ وكوابيسِه؟
مرّة ثانية يخفق التقييم الغربيّ/ الأوروبيّ للأفلام في تحييد عنصريته ونظرته الفوقية؛ مقيّمو موقع (IMDb) منحوا الفيلم تقييم (4.8)، هذا لا يعني أن الفيلم يستحق (8) على سبيل المثال، ولكن، حتمًا، ليس تقييمَهم المُجحِف.
محمد جميل خضر 20 يوليه 2023
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
الفيلم البريطاني الأميركي "طائرة" Plane
تأليف: تشارليز كومينغ وج. ب. ديفيز.
إخراج: الفرنسي جان- فرانسوا ريتشيت.
107 دقائق.
رغم تعاملي، عادة، مع أفلام الإثارة والحركة والمغامرات بوصفِها أفلامًا للتسلية الاستهلاكية، إلا أن هذا الشريط يحمل ما يساعد على مشاهدته؛ المواجهات العنيفة فيه مقنعة، شخصية كابتن الطائرة برودي تورّانس (أدّى دوره باقتدار الممثل جيرارد بوتْلر)، إضافة إلى أنها فذّة من حيث التزامه، بمختلف الوسائل، الحفاظ على حياة ركاب الطائرة البالغ عددهم 14 راكبًا فقط، بينهم مطلوب للعدالة تفاجأ بوجوده معه على الطائرة في اللحظات الأخيرة قبل إقلاع الطائرة (الصغيرة القديمة) من مانيلا إلى طوكيو، فهو اسكتلنديّ وهو ما انعكس على فدائيتهِ لإنقاذِ ركاب الطائرة الذين تحولوا لاحقًا إلى رهائن لدى عصابات خارجة عن القانون وصاحبة الأمر والنهي في الجزيرة التي اُضطر الكابتن تورّانس للهبوط فيها. يقول برودي لمساعدهِ سموائيْل ديلي (يُوسون آن) من هونغ كونغ، قبل محن الرحلة وتعرجاتها، إن سلطات الطيران البريطانية ظلّت لِزمنٍ ليس بعيد تمنع الاُسكتلنديين من قيادة الطائرات وأن يكونوا كباتِن في الرحلات الجويّة، لكنه صبر وتحمّل الأمر الواقع إلى أن فرض نفسه بالقوّة على هذه السلطات.
عن اللحظات القصوى بين الموت والحياة، عن غير المتوقع من جوانيّات البشر، عندما انبرى لويس غاسبير (أدّى دوره باقتدار مايك كولتِر) المطلوب للعدالة بتهمة قتلٍ قبل 15 عامًا، وبعد أن فكّ الكابتن قيده فَـ"في الأدغال يتساوى الجميع"، للدفاع عن الكابتن والطائرة وكان حاسمًا في إنقاذ الرحلة من كارثة حقيقية.
كثيرة هي أفلام الطائرات التي تتحطم، أو تضطر للهبوط في الأدغال، أو البحار، أو أماكن أخرى، وكثيرة هي أفلام الخطف الجماعيّ، ولكن من قال إن التسلية ليست مطلبًا سينمائيًا في بعض الأحيان؟
الفيلم الإيطاليّ "اليوم الأول في حياتي"
The First Day of My Life
اسم الفيلم باللغة الإيطالية: Il primo giorno della mia vita
تأليف وإخراج: باولو جينوفيزي.
شارك في الكتابة: إيزابيلا إغْويلار وباولو كوستيلا.
121 دقيقة.
يعيدنا الفيلم الإيطاليّ الأخّاذ إلى أيام مجد السينما، وحِرْصِ صانعيها على تقديم أفلام خالدة تنحفرُ عميقًا في الذاكرة. والحق يقال إن الفيلم الجديد للمخرج الحفّار باولو جينوفيزي، يحتاج إلى كتابةٍ مستقلّةٍ تُخصص له، ولعل زميلًا من كتّاب "ضفة ثالثة" الملحق الثقافيّ العربيّ الأسْطع والأبْلغ والأعمق، يتولّى، لاحقًا، تلك المَهمّة.
فكرةٌ فانتازيّة سورياليّة غريبة تقوم عليها حدوتة الفيلم وسرديّته: متبرعون أخيار يسمحون لأنفسهم جمع أشخاص قاموا بالانتحار، ويقيمون معهم أسبوعًا يستأنفون خلاله مراجعة شاملة لِمجمل حياتهم، وصولًا إلى اللحظة التي قرّر كل واحدٍ منهم، أو قرّرت فيها الانتحار، لعله/ لعلها يعْدِلُ/ تعدِلُ عن قرار الانتحار، ويستعيد حياته، حيث، وفي إطار خياليّة الفيلم وغرائبيّته، هم يقيمون خلال أسبوع الاستضافة العجيبة، في منطقة البرزخ (مساحةٌ زمنيةٌ افتراضيّةٌ أثيريّة) بين عالميّ الموت والحياة.
الأغاني باللغتين: الإنكليزية والإيطالية، لعبت دورًا جوهريًا في بث رسائل الفيلم وقيمه، وتعزيز جاذبيته ومتعته الاستثنائية: "أعطني قُبلة لِبناء حلم"، "الحقيبة التي على السرير لِرحلةٍ طويلة/ ومن دون أن تخبرني بِشيءٍ وجدتُ الشجاعة للرّحيل/ بكبرياءٍ جريحٍ مثل شخصٍ متمرّد"، "سوف أتابع حياتي/ لقد بدأتْ الحياة للتوّ مجدّدًا/ إلى أين يمكنني الذهاب؟ إلى أين أنتمي؟ لا أعلم/ أرني كيف أحمي عقلي/ كيف أحذف الماضي خلفي"، "هذا هو اليوم الأول في حياتي/ سأكمل الطريق/ ما الذي أنجزته سوى الانتظار/ لِذا أنا أقف هنا... أنتظر خلف بابٍ موصَد/ أعلم أن الحياة قد تسير على ما يرام/ الناس يسقطون وأنا أعود من حزني مُلْتَمِعة/ لِذا عليك أن تنجو من المطر/ لا تدع روحك تسْتلم/ لا تستسلم/ هذا هو اليوم الأوّل مِن حياتي"، "لا يهمّني لو بدوتُ مجنونًا أكلّم نفسي في الشوارع/ لا يهم... لا يهم/ فكما لو أن كل شيء مجرّد همسة في قلبي/ أبحرُ في نهر الحياة بلا بوصلة لأعثرَ على أعجوبة/ كلّها إشارات جميلةٌ، أو قبيحة/ الدهشة جيدة إنْ لم تكن خائفًا، أو مرعوبًا/ ليس سهلًا أن ترتطم بالزّجاج كذبابةٍ بِلا ممر/ كل شيء قد تقرّر/ الدهشة جيدةٌ إن لم تكن خائفًا، أو مرعوبًا/ أُبحِرُ في نهرِ الحياة... أبحِر في نهر... أُبْحِر".
مؤثّرٌ جدًا ومحزنٌ إلى حدٍّ بعيد وجودُ طفلٍ (أحد عشر عامًا) بين الأربعة الذين التقطهم العجوز الغامض أومو (توني سيرفيلّو) بعد انتحارهم، وقصّته مؤثّرة أيضًا: والداه يستثمران فيه بفيديوهات يَظهر فيه نهمًا يمكن أن يأكل دجاجتيْن خلال دقيقتيْن، غير عابئيْن بما أصابه من أمراض بسببِ كل هذا النّهم (في مقدمتها السُّكري والبَدانة)، ولا آبِهيْن بما بدأ يتعرّض له من تنمّرِ أترابِه في المدرسة عليه والنّاس في الشارع، ولا بِالحزن في كل ليلةٍ من لياليه، إلى أن قام بِتناول كميةٍ مهولةٍ من الفطائر المحلّاة (دونَتس) دون أن يأخذ الإنْسولين لا قبلَ تناولها وَلا بعدَه.
"يعيدنا الفيلم الإيطاليّ الأخّاذ إلى أيام مجد السينما، وحِرْصِ صانعيها على تقديم أفلام خالدة تنحفرُ عميقًا في الذاكرة" |
فيلمٌ عن التعاضُد... عن الآهات الإنسانية المشتركة... عن شجن الأغاني ومسرّات الهيب هوب والجَاز... عن التّعامل مع الثوابت وخُطوط البشر الحمراء، بعقلانيةٍ غير نمطية، وفكرٍ نقديٍّ شجاع.
وفي حين أثار فيلم جينوفيزي (وليس جينوفيز كما ترجمت بعض المواقع) "غرباء بِالمطلق" جدلًا، ليس بنسخته هو عن هشاشةِ العلاقات الإنسانية، بل بِالنّسخة العربية المأخوذة عنه "أصحاب ولّا أعز"، فإن فيلمه الجديد سيثيرُ جدلًا أصيلَ الأسئلة، جوهريّ التّداعي، حول الحياة وَالموت، وتصاريفِ القدر، وَعدالة الوجود، ما يعيدُنا إلى قصة موسى والخِضر في سورة الكهف.
الفيلم التركي "أنت تصنع نفسك" You Do You
اسم الفيلم باللغة التركية: Merve Kült
تأليف: سيلان ناز بايكان.
إخراج: كمال ألبان.
ساعة و41 دقيقة.
يُحسب للفيلمِ التركي البسيط على أصعدةِ الصورة والأداء والحبكة، ميلُه لِفقراء الناس، وتلك النغمة اليسارية في طرحه.
تكره بطلته ميرفي كَلت (أحسِن إيروغلو) الروتين والقيمَ الرأسمالية في عالم الوظائف، وتحلمُ أن تصبح مصممة أزياء، قبل أن تدفعها مِحنةُ أسرتها وعرْضُ والدها عمارتهم للبيع، من تغيير وجهاتِ حياتها.
في قالبٍ كوميديٍّ ليس خفيف الظل دائمًا، يعرض الفيلم مشاهده، ويبْني منظومته المتقلّبة بين أكثر من إيقاع، بعضها يصل درجة الرشاقة والحيويّة.
حتى فقراء الناس باستطاعتِهم فرْضَ عالمِهم الخاص من الموضة والأزياء، تلك الطالعة من بساطةِ بيئتِهم، ومفرداتِ كرامتِهم.
استغلال عمارة موقع التصوير، والدرج اللولبيّ الجميل منها، كان لافتًا.
ماذا لَوْ توارى البشر خلف أقنعةٍ تتيح لهم قول الحقيقة دون تردّدٍ، أو وَجَل؟ ماذا لَوْ قرّروا عدم ترك الماضي يلاحقهم بمختلفِ سوئهِ ومآسيهِ وكوابيسِه؟
مرّة ثانية يخفق التقييم الغربيّ/ الأوروبيّ للأفلام في تحييد عنصريته ونظرته الفوقية؛ مقيّمو موقع (IMDb) منحوا الفيلم تقييم (4.8)، هذا لا يعني أن الفيلم يستحق (8) على سبيل المثال، ولكن، حتمًا، ليس تقييمَهم المُجحِف.