ثلاثة فنانين يقدمون لوحات بعد خمسين عاما من رسمها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثلاثة فنانين يقدمون لوحات بعد خمسين عاما من رسمها

    ثلاثة فنانين يقدمون لوحات بعد خمسين عاما من رسمها


    لوحات تقف على أطلال زمن جميل جمع فنانين حول شغف الفن.
    السبت 2023/07/15
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    أعمال مضت على إنجازها خمسة عقود

    تبدو علاقة المبدع بماضيه وخطواته الأولى محكومة بفيض من العواطف والذكريات الجميلة، التي تولّد حالة من الشجن وتصبح عند البعض شغفا لملاحقتها وتوثيقها والتعريف بها. ثلاثة من أبرز الفنانين التشكيليين السوريين جمعهم القدر قبل خمسين عاما في بداية خطواتهم الفنية، وهم يجتمعون اليوم مجددا ليقيموا معرضا يثبت الزمن في تلك المرحلة لجمهور اليوم.

    كتب سيد حجاب في تتر (شارة) مسلسل “ليالي الحلمية” الشهير: “منين بيجي (من أين يأتي) الشجن، من اختلاف الزمن”. فالزمن بما يغيره في جوهر الإنسان، يوجد حالة شغف ورغبة في معرفة الماضي وتفاصيله. القائمون على غاليري البيت الأزرق في دمشق ترجموا الفكرة إلى معرض فني يزخر بحالة من الشجن والشغف، فقدموا معرضا ينزاح الزمان فيه خمسين عاما إلى الوراء بين ثلاثة فنانين ترافقوا في بدايات الطريق فقدموا لوحات رسموها، وصارت في وجدان الناس.

    المعرض حمل اسم لوحات ورسوم 1970 – 1971 وخُص به ثلاثة فنانين تشكيليين سوريين هم مأمون صقال ومنذر المصري وسعد يكن، وكانت أعمارهم في بدايات العشرين عندما رسموا هذه اللوحات بين عامي 1970 و1971.


    سعد يكن تشكيلي مسكون بتجليات الروح وما يمكن أن يكونه الإنسان في الظروف الصعبة


    تلك الحقبة جمعت بين الفنانين الثلاثة ووثقت أحداث الخطو الأول لهم في عوالم الرسم، ورغم التباعد الكبير الذي حدث لاحقا في التوجهات الفنية والتشكل النهائي لكل منهم بقيت حالة من الوحدة الوجدانية متجذرة فيما بينهم.

    فصقال كرس جهوده في الخط العربي وصار في المغترب العالمي صاحب باع كبير فيه. بينما اتجه المصري إلى الشعر والأدب وحقق به مكانة عالية وصار شاعرا ورساما، في حين بقي يكن في صومعته كرسام مازال يقدم تجليات الإنسان بمعان عميقة ومختلفة.
    الشاعر الرسام


    منذر المصري، ابن مدينة اللاذقية الذي ابتعد ولم يهجر فن الرسم، يحضر في المعرض ليس كمشارك فحسب بل باعتباره المحرك الأساس فيه، فمعظم اللوحات التي شاركت من مقتنياته الشخصية التي نجت من الحريق الذي طال مرسمه قبل سنوات.

    المصري يسميه الرسامون شاعرا ويسميه الشعراء رساما، وهو قادر على توليد الأفكار الجديدة التي تهب الحياة التشكيلية مزيدا من الألق. ويقول “السنين باعدت بيننا، كنا ومازلنا أصدقاء، ونَحن للأيام البعيدة التي عشناها، ونحن نحلم بأن نكوّن فضاءات إبداعية تحكي همومنا وتطلعاتنا. معظم لوحات المعرض جلبتها من مرسمي، هي لوحات ماضية جمعت بيننا في لحظات جمال هاربة، لكن الفن وثقها، بدأت الفكرة بوجود بعض اللوحات، لكن الأمر تطور فيما بعد إلى ضرورة وجود لوحات أكثر لأن المكان فسيح، فأتى سعد يكن ببعض اللوحات وكانت هذه الفسحة من الجمال”.


    منذر المصري قادر على توليد الأفكار الجديدة التي تهب الحياة التشكيلية مزيدا من الألق


    وتابع “منذر المصري الشاعر هو غيره الرسام، الشخصيتان منفصلتان، بل إن تنافسا ما يوجد بينهما وهما تحاولان تقديم الجديد دائما وتتصارعان في تقديم الأجمل، لم أترك الرسم أبدا، بل سحبته معي لكل ما كتبت في الشعر، وكثيرا ما أوجدت قصائد عن أصدقاء من الرسامين وفن الرسم عموما”.

    أما المصري فلفت إلى وجوب “أن تتم المحافظة على هذه اللوحات وأن تكون موجودة في متاحف فنية خاصة تحقق فرصة حمايتها من الضياع”، وأكد على ضرورة وجود المتاحف الوطنية الخاصة بالفن التشكيلي التي تحتضن هذه اللوحات في العالم.

    ومأمون صقال فنان توجه إلى فنون الخط العربي وأبحر فيها، وخطا خطوات فنية لافتة، سجلت في تاريخ فن الخط العربي عموما. سفره خارج سوريا ووجوده بعيدا بشكل دائم خارج جغرافية الوطن، لم يمنعا وجود رسوماته في المعرض ومشاركة حالة الشجن تلك.

    ويعرف الجمهور المتابع لتجربة صقال كونه يستقي تجربته الفنية من خلال منظومة من المفاهيم الكلاسيكية والرغبة في تقديم تشكيلات حديثة تخدم التطور العالمي في فنون الطباعة والتشكيل الحروفي. وأتاح المعرض للجمهور السوري معرفة ماضي صقال الفني وبدايته في تلمس طريق التشكيل.
    مآلات حروفية


    أما سعد يكن، المسكون بتجليات الروح وما يمكن أن يكونه الإنسان في الظروف الصعبة، ورغم مسحة الحزن الواضحة على محياه، فإنه كان مقتنصا للحظات السعادة التي جمعته مع صديقين مزمنين وأصدقاء من الحضور.


    مأمون صقال فنان توجه إلى فنون الخط العربي وأبحر فيها


    كتبت عنه النّاقدة اللبنانيّة لور غريّب مرة: “لوحات سعد يكن غريبة جداً ولكن الأغرب منها سعد نفسه”. شارك يكن في المعرض بمجموعة من اللوحات والإسكتشات التي تؤكد نظره في “تقديم الشخصيات في حالة التحور وليس التشوه، فوجود حالة الدراما في الشخصية أساسي وفعال، فرسم الأطراف والوجوه ليس حالة فوضوية بل عملية منظمة، لأن الأطراف وسائل تعبيرية بينما الوجوه هي العمق النفسي لها. أحاول تقديم الشخصيات في حالات مختلفة وبصياغات جديدة أحب أن أراها فيها”.

    في لوحة غريبة يقدم يكن رسالة كتبها لصديقه في تلك الفترة يخبره فيها عن أحواله ورغبته في الرسم دائما، رغم أن الأمور الصحية لم تكن جيدة حينها، وهو يرى أن “المعرض حقق حالة تواصل بين فنانين جمعت بينهم بدايات الطريق، ليلتقوا فيما بينهم مجددا في مساحة زمنية بعد خمسين عاما”، ويعتبر أن “هذه الحالة تمكّن الجمهور من التعرف على طبيعة علاقة الفنانين ببعضهم البعض وكذلك على طريقة رسم اللوحات حينها ثم التعرف على مسارات حياة هؤلاء الفنانين الفنية”.

    ويرى سامر عيد مدير غاليري البيت الأزرق أن الفكرة كانت جذابة، وتفاعل معها الفنانون بشكل حيوي، وقد وضحت شكلا فنيا سابقا لمشاهير في فن التشكيل اليوم، كما حققت تفاعلا بين جمهور اليوم ولوحات سابقة لفنانين كبار.

    ويقول “ما يهمنا في غاليري البيت الأزرق هو تقديم المختلف والمبتكر دائما، وفي هذا المعرض حققنا ذلك، فالفنان سعد يكن يتعامل معنا لأول مرة، وهو متفاعل مع المعرض بشكل ملفت ويقدم فيه حضوره الفني والإنساني العالي”.

    المعرض تكريم لتجارب مهمة




    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    نضال قوشحة
    كاتب سوري
يعمل...
X