أمهات المؤمنين
امهات مومنين
Ummahat al-mu’minin - Ummahat al-mu’minin
أمهات المؤمنين
أمهات المؤمنين لقب ورد في القرآن الكريم وصفت به نساء النبي r في الآية الكريمة: )النبيُّ أَولى بالمؤمنين من أَنْفُسِهم وأزواجُه أُمَّهاتُهم( (الأحزاب 6). وفي ذلك إظهار الأمومة الروحية بين أزواج النبي وجميع المؤمنين وبيان مقامهنّ الكريم لصلتهن بالرسولr. وقد اعتمد هذا اللقب أهل العلم في الشريعة الإسلاميّة، وأُطلق على النساء اللاتي دخل بهنّ رسول الله ولم يسرّحهنّ.
وأمهات المؤمنين إحدى عشرة امرأة، تزوجهنّ الرسول عليه الصلاة والسلام وفق الترتيب التاريخي الآتي:
1ـ خَديجَة بنت خُوَيْلِد بن أَسَد بن عبد العُزّى القرشية[ر] تزوجها في مكة وهي بنت أربعين سنة وكانت سنه خمساً وعشرين سنة، فأقامت معه أربعاً وعشرين سنة، وولدت له القاسم وعبد الله، وزينب ورقيّة وأم كلثوم وفاطمة، وكانت أُولى من استجاب لدعوة الإسلام، وصدّقت الرسولr فيما جاء به عن ربّه، وخففت عنه وهوّنت عليه ما لقيه من المشركين، وبقيت إلى جانبه في نضاله جبروت الوثنية. ولم يتزوج الرسول غيرها في حياتها، توفيت خديجة قبل هجرة الرسولr من مكة بثلاث سنوات وهي في عامها الرابع والستين، وبقي الرسول وفياً لذكراها، وكان يكثر الثناء عليها، وقال فيها: «والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء».
2ـ سَوْدة بنت زَمْعَة بن قيس بن عبد شمس القرشية العامريّة، وأمّها من بني عديّ بن النجار، كان زوجها أحد المسلمين الأوائل، تزوجها الرسول بعد وفاته، وكانت كبيرة السن طيبة الخلق، قامت على بيت الرسول ترعى شؤونه وتسهر على راحته وراحة أولاده، حتى جاءت عائشة بنت أبي بكر فحرصت سودة على مرضاتها، وظلّت تُؤثرها على من جاء بعدها من الزوجات، ووهبت يومها لها بعد أن أسنّت وهم الرسول بطلاقها، توفيت آخر خلافة عمر.
3ـ عائشة بنت أبي بكر الصدّيق القرشية[ر] خطبها الرسول بعد موت خديجة وتركها عند أهلها حتى اكتمل نموها، وقد عرف لها موضعها من قلب الرسول الذي كان يؤثرها على بقية نسائه لحيويتها وذكائها، وقد مات الرسولr في بيتها. عاشت بعد الرسول وشاركت في الأحداث أعنف مشاركة بعد مقتل عثمان، فقادت الجيش في معركة الجمل لمحاربة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، كما غدت بعد ذلك المرجع الأول في الحديث والسنة. ماتت في السادسة والستين من عمرها سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين للهجرة.
4ـ حفَصة بنت عُمر بن الخطّاب القرشية، صحابية جليلة، أمها زينب بنت مظعون، ولدت بمكة (18ق.هـ) وقريش تبني البيت قبل مبعث الرسولr بخمس سنين، تزوجت خُنيس بن حذافة السهمي وأسلما عند ظهور الإسلام وهاجرا إلى المدينة. وكان خُنيس من أصحاب رسول الله r، ومات بعد غزوة بدر دون أن يعقب منها، ولما تأيمت تزوجها الرسولr. كانت حفصة صوامة قوامة صالحة، روت عن النبي وعن عمر وروى عنها أخوها عبدالله بن عمر وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وروى لها البخاري ومسلم في الصحيحين 60 حديثاً، وروى عنها من الصحابة أيضاً حارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن صفوان بن أمية وآخرون.
وكان أبو بكر قد أمر بجمع ما تفرق من القرآن في صحف وبقيت هذه الصحف في زمن عمر بن الخطاب لدى حفصة ابنته فلما ولي عثمان أخذ هذه الصحف من حفصة وأمر بكتابة المصاحف التي أرسلت إلى الأمصار بعد أن وقع الخلاف بين المسلمين في قراءة القرآن وتعددت المصاحف.
وقد أوصى عمر لحفصة. وأقامت في المدينة، وتوفيت عام الجماعة حين بايع الحسن معاوية بن أبي سفيان على الخلافة سنة 41هـ وهي ابنة ستين سنة ونيف، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة .
5ـ زَينَب بنت خُزَيْمة بن الحارث من بني عامر بن صعصعة. كانت طيّبة خيّرة، ولم تكن ذات جمال، وكانت زوجة صحابي جليل مات عنها في بدر، فتزوجها الرسول رحمةً بها، لقبت أمّ المساكين لرحمتها إيّاهم ورقتها لهم وكثرة صدقاتها عليهم، لبثت عند الرسول شهرين أو ثلاثة ثم توفيت في حياته. ولم يمت في حياته إلا خديجة وزينب هذه من أمهات المؤمنين.
6ـ هِند بنت أُمية بن المغيرة المخزومية القرشية[ر] أم سَلَمَة وقيل إن اسمها رَملة، تزوجها النبي سنة أربع للهجرة، وهي من السابقات إلى الإسلام، ومن أوائل المهاجرات إلى الحبشة. فلما عادت منها إلى مكة مع زوجها عبد الله بن عبد الأسد بن المغيرة الصحابي الفارس ابن عمة الرسولr وأخيه في الرضاعة، منعها أهلها من الهجرة إلى المدينة مع زوجها، وتجاذب قومها وقوم زوجها ابنها فخلعوا يده، وبقيت في مكة سنة تبكي زوجها حتى رقت لها قلوب قومها فسمحوا لها بالهجرة لتلحق بزوجها، وقد شهد زوجها أبو سَلَمة غزوة بدر وأحد وجرح فيها، ثم قاد غزوة مظفرة مع بني أسد مات بعدها متأثراً بجروحه. تزوجها الرسول صوناً لها ورحمةً بأولادها، وكانت جميلة تعرف لنفسها قدرها، وقد أعزّها مجد عتيق موروث، وكان الرسولr يعرف لها قدرها حتى قال لها يوماً إنك وابنتك من أهل البيت. وقد زوّج ابنها سلمة ابنة عمه حمزة. وكان لها دور جليل ورأي سديد في صلح الحديبية، صحبت الرسولr في خروجه عند فتح مكّة وفي حصار الطائف، و كانت آخر من مات من نساء الرسولr وذلك سنة إحدى وستين للهجرة.
7ـ زَيْنَب بنت جَحْش الأسديّة وهي ابنة عمة الرسولr وحفيدة عبد المطلب وكانت معتزّة بجمالها وحسبها وشبابها، فلمّا زوّجها الرسولr زيد بن حارثة لم تصف حياتهما، فطلقها زيد وتزوجها الرسول سنة خمس للهجرة، وجاء ذلك في قوله تعالى: )فلمّا قَضَى زيدٌ منها وَطَراً زوَّجناكَهَا لكي لا يَكُون على المؤْمنين حَرَجٌ في أزواج أَدعيائِهم إذا قضَوا مِنهنَّ وَطَراً وكان أمرُ اللهِ مَفعولا( (الأحزاب 37). فكانت تباهي نساء النبي بأن زواجها من الرسول كان بأمر من الله، وكانت تسامي عائشة في منزلتها، وعلى الرغم من غيرة أمهات المؤمنين منها فقد اعترفن لها بأنها كانت من المؤمنات التقيات الصادقات الحديث الواصلات الرحم، المتصدقات تقرّباً لله عزّ وجل، توفيت في خلافة عمر عام فتحت مصر وقيل سنة إحدى وعشرين للهجرة وهي أولى أزواج الرسول وفاةً بعده، وكانت في الثالثة والخمسين من عمرها.
8 ـ جُوَيْرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق من خزاعة، كانت من السبي بعد غزوة المصطلق، أعتقها الرسولr وتزوجها سنة ست للهجرة وأسلمت وحسن إسلامها، فكان زواجها بركة على قومها، إذ أقبل المسلمون على من بأيديهم من أسرى قومها فأرسلوهم أحراراً لأنهم غدوا أصهار رسول الله، وكان زواجها سبباً في إسلام أبيها. وتوفيت بالمدينة سنة ست وخمسين للهجرة.
9ـ أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، كانت زوجة ابن عمة الرسولr عبيد الله بن جحش، هاجرت معه إلى الحبشة وهناك اعتنق النصرانية، مما جعل رملة تعيش في غم وأسر وحسرة مع الاغتراب، ولم تكن تستطيع العودة إلى بيت أبويها بعد أن حيل بينها وبينه بعد إسلامها وثباتها على دينها. ولما علم الرسولr بأمرها وكل إلى النجاشي بأن يرسل من يخطبها إليه ويعقد عليها، وكان ذلك في السنة السادسة من الهجرة. كانت أم حبيبة تشعر بغصةٍ من شرك أبيها، فلمّا عزم الرسولr على غزو مكة أرسل أهلها أبا سفيان سفيراً للرسول، فزار ابنته، فلم ترض أن يجلس على فراش الرسول وأبقته واقفاً، فلما جهر أبو سفيان بإسلامه قبيل فتح مكة وأعلن الرسولr أنه من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن كانت فرحة أم حبيبة عظيمة فسجدت لله شاكرة. ماتت في خلافة أخيها معاوية سنة أربع وأربعين للهجرة.
10ـ صَفيّة بنت حُيَيْ بن أخطب وأمها برّة بنت سموءل، كانت يهودية من سبي غزوة خيبر. أعتقها الرسولr وتزوجها، فأسلمت وحسن إسلامها. وعندما تولى عثمان الخلافة والته، فلمّا حوصر كانت تنقل إليه الطعام والماء، وقد رويت عنها أحاديث نبوية شريفة، ماتت سنة خمسين للهجرة ودفنت مع أمهات المؤمنين.
11ـ مَيمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، آخر نساء النبي، وهي إحدى أخوات أربع قال فيْهن الرسولr: الأخوات المؤمنات، وقد كانت تهفو للزواج من الرسول فتحدثت بذلك إلى أختها أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب، فخاطب العباس في أمرها الرسول فاستجاب وخطبها وقد تزوجها سنة سبع للهجرة وتوفيت بعد منتصف القرن الأول الهجري.
وعندما حدّد الإسلام للمسلمين الاقتصار على أربع نساء مع العدل بينهن نزلت آيات في سورة الأحزاب أحلّت للرسول استبقاء أمهات المؤمنين التسع جميعاً في عصمته وجعل كلاً منهن حلاً له على ألا يزيد عليهن واحدة وذلك في قوله تعالى: )يا أيُّها النَبيُّ إنّا أَحلّلْنا لك أَزْواجَك اللاتي آتَيْتَ أُجورَهنّ(. (الأحزاب 50) وقوله تعالى: )لايَحلّ لك النِّساءُ من بعدُ ولا أن تَبَدَّلَ بهنّ من أزواج( (الأحزاب 52).
وكان للرسولr نساء لم يكنّ أمهات مؤمنين هن:
1ـ أسماء بنت النعمان بن الأسود الكندية
2ـ العالية بنت ظبيان الكلابية
وقد طلقهما بعد الدخول بهما
3ـ الشّنباء بنت عمرو الغِفارية
4ـ غَزِيّة بنت جابر الكلابية
وقد طلقهما قبل الدخول بهما
5ـ ريحانة بنت زيد من بني قريظة، وهي من السبي
6ـ مارية القبطية، وهي جارية أهداها إليه المقوقس حاكم مصر، ولدت له ابنه إبراهيم فأعتقها.
وقد نظمت علاقة المسلمين ببيوت النبيr ونسائه ـ أمهات المؤمنين ـ في سورة الأحزاب، سواء في حياته أم بعد وفاته. ففرض على المسلمين ألا يدخلوا إلى بيت النبي إلاّ بإذن، وألا يسألوا نساءه عن شيء إلا من وراء حجاب، كما أمرت الآيات الكريمة نساء النبي ونساء المؤمنين أن يغطين أجسامهن وجيوبهن في قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم( وقوله تعالى: )وإذا سَألتُموهنّ مَتاعاً فاسألوهنَّ من وراءِ حِجاب( (الأحزاب53) وقوله تعالى: )ياأيها النبيُّ قُلْ لأِزواجك وبناتِك ونساء المؤمنين يُدْنين عليهنّ من جَلابيبهنّ ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَين وكان الله غفوراً رحيماً( (الأحزاب59). كما حرّم الشرع زواج نساء النبي من بعده احتفاظاً بحرمة بيت الرسول وجلاله وتفرده قال تعالى: )وما كانَ لكم أن تُؤذُوا رسولَ اللهِ ولا أن تَنكِحوا أَزواجَه مِن بعدِه أبداً إنّ ذلكم كان عندَ اللهِ عظيماً( (الأحزاب53) ذلك لأن زوجات الرسولr كالأمهات في وجوب الإجلال والاحترام.
وللعلماء خلاف في دخول أمهات المؤمنين في آل البيت، وقد كان عمر بن الخطاب يعطيهن حين تنظيم الفيء عطاءً يفوق عطاء كل من سواهنّ من المسلمين، وكان الخلفاء والأمراء من بعده يبالغون في إكرامهن والإهداء إليهن.
نهلة الحمصي، سعدي أبو جيب
امهات مومنين
Ummahat al-mu’minin - Ummahat al-mu’minin
أمهات المؤمنين
أمهات المؤمنين لقب ورد في القرآن الكريم وصفت به نساء النبي r في الآية الكريمة: )النبيُّ أَولى بالمؤمنين من أَنْفُسِهم وأزواجُه أُمَّهاتُهم( (الأحزاب 6). وفي ذلك إظهار الأمومة الروحية بين أزواج النبي وجميع المؤمنين وبيان مقامهنّ الكريم لصلتهن بالرسولr. وقد اعتمد هذا اللقب أهل العلم في الشريعة الإسلاميّة، وأُطلق على النساء اللاتي دخل بهنّ رسول الله ولم يسرّحهنّ.
وأمهات المؤمنين إحدى عشرة امرأة، تزوجهنّ الرسول عليه الصلاة والسلام وفق الترتيب التاريخي الآتي:
1ـ خَديجَة بنت خُوَيْلِد بن أَسَد بن عبد العُزّى القرشية[ر] تزوجها في مكة وهي بنت أربعين سنة وكانت سنه خمساً وعشرين سنة، فأقامت معه أربعاً وعشرين سنة، وولدت له القاسم وعبد الله، وزينب ورقيّة وأم كلثوم وفاطمة، وكانت أُولى من استجاب لدعوة الإسلام، وصدّقت الرسولr فيما جاء به عن ربّه، وخففت عنه وهوّنت عليه ما لقيه من المشركين، وبقيت إلى جانبه في نضاله جبروت الوثنية. ولم يتزوج الرسول غيرها في حياتها، توفيت خديجة قبل هجرة الرسولr من مكة بثلاث سنوات وهي في عامها الرابع والستين، وبقي الرسول وفياً لذكراها، وكان يكثر الثناء عليها، وقال فيها: «والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء».
2ـ سَوْدة بنت زَمْعَة بن قيس بن عبد شمس القرشية العامريّة، وأمّها من بني عديّ بن النجار، كان زوجها أحد المسلمين الأوائل، تزوجها الرسول بعد وفاته، وكانت كبيرة السن طيبة الخلق، قامت على بيت الرسول ترعى شؤونه وتسهر على راحته وراحة أولاده، حتى جاءت عائشة بنت أبي بكر فحرصت سودة على مرضاتها، وظلّت تُؤثرها على من جاء بعدها من الزوجات، ووهبت يومها لها بعد أن أسنّت وهم الرسول بطلاقها، توفيت آخر خلافة عمر.
3ـ عائشة بنت أبي بكر الصدّيق القرشية[ر] خطبها الرسول بعد موت خديجة وتركها عند أهلها حتى اكتمل نموها، وقد عرف لها موضعها من قلب الرسول الذي كان يؤثرها على بقية نسائه لحيويتها وذكائها، وقد مات الرسولr في بيتها. عاشت بعد الرسول وشاركت في الأحداث أعنف مشاركة بعد مقتل عثمان، فقادت الجيش في معركة الجمل لمحاربة علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، كما غدت بعد ذلك المرجع الأول في الحديث والسنة. ماتت في السادسة والستين من عمرها سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين للهجرة.
4ـ حفَصة بنت عُمر بن الخطّاب القرشية، صحابية جليلة، أمها زينب بنت مظعون، ولدت بمكة (18ق.هـ) وقريش تبني البيت قبل مبعث الرسولr بخمس سنين، تزوجت خُنيس بن حذافة السهمي وأسلما عند ظهور الإسلام وهاجرا إلى المدينة. وكان خُنيس من أصحاب رسول الله r، ومات بعد غزوة بدر دون أن يعقب منها، ولما تأيمت تزوجها الرسولr. كانت حفصة صوامة قوامة صالحة، روت عن النبي وعن عمر وروى عنها أخوها عبدالله بن عمر وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبي عبيد، وروى لها البخاري ومسلم في الصحيحين 60 حديثاً، وروى عنها من الصحابة أيضاً حارثة بن وهب والمطلب بن أبي وداعة وأم مبشر الأنصارية وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن صفوان بن أمية وآخرون.
وكان أبو بكر قد أمر بجمع ما تفرق من القرآن في صحف وبقيت هذه الصحف في زمن عمر بن الخطاب لدى حفصة ابنته فلما ولي عثمان أخذ هذه الصحف من حفصة وأمر بكتابة المصاحف التي أرسلت إلى الأمصار بعد أن وقع الخلاف بين المسلمين في قراءة القرآن وتعددت المصاحف.
وقد أوصى عمر لحفصة. وأقامت في المدينة، وتوفيت عام الجماعة حين بايع الحسن معاوية بن أبي سفيان على الخلافة سنة 41هـ وهي ابنة ستين سنة ونيف، وصلى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة .
5ـ زَينَب بنت خُزَيْمة بن الحارث من بني عامر بن صعصعة. كانت طيّبة خيّرة، ولم تكن ذات جمال، وكانت زوجة صحابي جليل مات عنها في بدر، فتزوجها الرسول رحمةً بها، لقبت أمّ المساكين لرحمتها إيّاهم ورقتها لهم وكثرة صدقاتها عليهم، لبثت عند الرسول شهرين أو ثلاثة ثم توفيت في حياته. ولم يمت في حياته إلا خديجة وزينب هذه من أمهات المؤمنين.
6ـ هِند بنت أُمية بن المغيرة المخزومية القرشية[ر] أم سَلَمَة وقيل إن اسمها رَملة، تزوجها النبي سنة أربع للهجرة، وهي من السابقات إلى الإسلام، ومن أوائل المهاجرات إلى الحبشة. فلما عادت منها إلى مكة مع زوجها عبد الله بن عبد الأسد بن المغيرة الصحابي الفارس ابن عمة الرسولr وأخيه في الرضاعة، منعها أهلها من الهجرة إلى المدينة مع زوجها، وتجاذب قومها وقوم زوجها ابنها فخلعوا يده، وبقيت في مكة سنة تبكي زوجها حتى رقت لها قلوب قومها فسمحوا لها بالهجرة لتلحق بزوجها، وقد شهد زوجها أبو سَلَمة غزوة بدر وأحد وجرح فيها، ثم قاد غزوة مظفرة مع بني أسد مات بعدها متأثراً بجروحه. تزوجها الرسول صوناً لها ورحمةً بأولادها، وكانت جميلة تعرف لنفسها قدرها، وقد أعزّها مجد عتيق موروث، وكان الرسولr يعرف لها قدرها حتى قال لها يوماً إنك وابنتك من أهل البيت. وقد زوّج ابنها سلمة ابنة عمه حمزة. وكان لها دور جليل ورأي سديد في صلح الحديبية، صحبت الرسولr في خروجه عند فتح مكّة وفي حصار الطائف، و كانت آخر من مات من نساء الرسولr وذلك سنة إحدى وستين للهجرة.
7ـ زَيْنَب بنت جَحْش الأسديّة وهي ابنة عمة الرسولr وحفيدة عبد المطلب وكانت معتزّة بجمالها وحسبها وشبابها، فلمّا زوّجها الرسولr زيد بن حارثة لم تصف حياتهما، فطلقها زيد وتزوجها الرسول سنة خمس للهجرة، وجاء ذلك في قوله تعالى: )فلمّا قَضَى زيدٌ منها وَطَراً زوَّجناكَهَا لكي لا يَكُون على المؤْمنين حَرَجٌ في أزواج أَدعيائِهم إذا قضَوا مِنهنَّ وَطَراً وكان أمرُ اللهِ مَفعولا( (الأحزاب 37). فكانت تباهي نساء النبي بأن زواجها من الرسول كان بأمر من الله، وكانت تسامي عائشة في منزلتها، وعلى الرغم من غيرة أمهات المؤمنين منها فقد اعترفن لها بأنها كانت من المؤمنات التقيات الصادقات الحديث الواصلات الرحم، المتصدقات تقرّباً لله عزّ وجل، توفيت في خلافة عمر عام فتحت مصر وقيل سنة إحدى وعشرين للهجرة وهي أولى أزواج الرسول وفاةً بعده، وكانت في الثالثة والخمسين من عمرها.
8 ـ جُوَيْرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق من خزاعة، كانت من السبي بعد غزوة المصطلق، أعتقها الرسولr وتزوجها سنة ست للهجرة وأسلمت وحسن إسلامها، فكان زواجها بركة على قومها، إذ أقبل المسلمون على من بأيديهم من أسرى قومها فأرسلوهم أحراراً لأنهم غدوا أصهار رسول الله، وكان زواجها سبباً في إسلام أبيها. وتوفيت بالمدينة سنة ست وخمسين للهجرة.
9ـ أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، كانت زوجة ابن عمة الرسولr عبيد الله بن جحش، هاجرت معه إلى الحبشة وهناك اعتنق النصرانية، مما جعل رملة تعيش في غم وأسر وحسرة مع الاغتراب، ولم تكن تستطيع العودة إلى بيت أبويها بعد أن حيل بينها وبينه بعد إسلامها وثباتها على دينها. ولما علم الرسولr بأمرها وكل إلى النجاشي بأن يرسل من يخطبها إليه ويعقد عليها، وكان ذلك في السنة السادسة من الهجرة. كانت أم حبيبة تشعر بغصةٍ من شرك أبيها، فلمّا عزم الرسولr على غزو مكة أرسل أهلها أبا سفيان سفيراً للرسول، فزار ابنته، فلم ترض أن يجلس على فراش الرسول وأبقته واقفاً، فلما جهر أبو سفيان بإسلامه قبيل فتح مكة وأعلن الرسولr أنه من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن كانت فرحة أم حبيبة عظيمة فسجدت لله شاكرة. ماتت في خلافة أخيها معاوية سنة أربع وأربعين للهجرة.
10ـ صَفيّة بنت حُيَيْ بن أخطب وأمها برّة بنت سموءل، كانت يهودية من سبي غزوة خيبر. أعتقها الرسولr وتزوجها، فأسلمت وحسن إسلامها. وعندما تولى عثمان الخلافة والته، فلمّا حوصر كانت تنقل إليه الطعام والماء، وقد رويت عنها أحاديث نبوية شريفة، ماتت سنة خمسين للهجرة ودفنت مع أمهات المؤمنين.
11ـ مَيمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية، آخر نساء النبي، وهي إحدى أخوات أربع قال فيْهن الرسولr: الأخوات المؤمنات، وقد كانت تهفو للزواج من الرسول فتحدثت بذلك إلى أختها أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب، فخاطب العباس في أمرها الرسول فاستجاب وخطبها وقد تزوجها سنة سبع للهجرة وتوفيت بعد منتصف القرن الأول الهجري.
وعندما حدّد الإسلام للمسلمين الاقتصار على أربع نساء مع العدل بينهن نزلت آيات في سورة الأحزاب أحلّت للرسول استبقاء أمهات المؤمنين التسع جميعاً في عصمته وجعل كلاً منهن حلاً له على ألا يزيد عليهن واحدة وذلك في قوله تعالى: )يا أيُّها النَبيُّ إنّا أَحلّلْنا لك أَزْواجَك اللاتي آتَيْتَ أُجورَهنّ(. (الأحزاب 50) وقوله تعالى: )لايَحلّ لك النِّساءُ من بعدُ ولا أن تَبَدَّلَ بهنّ من أزواج( (الأحزاب 52).
وكان للرسولr نساء لم يكنّ أمهات مؤمنين هن:
1ـ أسماء بنت النعمان بن الأسود الكندية
2ـ العالية بنت ظبيان الكلابية
وقد طلقهما بعد الدخول بهما
3ـ الشّنباء بنت عمرو الغِفارية
4ـ غَزِيّة بنت جابر الكلابية
وقد طلقهما قبل الدخول بهما
5ـ ريحانة بنت زيد من بني قريظة، وهي من السبي
6ـ مارية القبطية، وهي جارية أهداها إليه المقوقس حاكم مصر، ولدت له ابنه إبراهيم فأعتقها.
وقد نظمت علاقة المسلمين ببيوت النبيr ونسائه ـ أمهات المؤمنين ـ في سورة الأحزاب، سواء في حياته أم بعد وفاته. ففرض على المسلمين ألا يدخلوا إلى بيت النبي إلاّ بإذن، وألا يسألوا نساءه عن شيء إلا من وراء حجاب، كما أمرت الآيات الكريمة نساء النبي ونساء المؤمنين أن يغطين أجسامهن وجيوبهن في قوله تعالى: )يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم( وقوله تعالى: )وإذا سَألتُموهنّ مَتاعاً فاسألوهنَّ من وراءِ حِجاب( (الأحزاب53) وقوله تعالى: )ياأيها النبيُّ قُلْ لأِزواجك وبناتِك ونساء المؤمنين يُدْنين عليهنّ من جَلابيبهنّ ذلك أدنى أن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَين وكان الله غفوراً رحيماً( (الأحزاب59). كما حرّم الشرع زواج نساء النبي من بعده احتفاظاً بحرمة بيت الرسول وجلاله وتفرده قال تعالى: )وما كانَ لكم أن تُؤذُوا رسولَ اللهِ ولا أن تَنكِحوا أَزواجَه مِن بعدِه أبداً إنّ ذلكم كان عندَ اللهِ عظيماً( (الأحزاب53) ذلك لأن زوجات الرسولr كالأمهات في وجوب الإجلال والاحترام.
وللعلماء خلاف في دخول أمهات المؤمنين في آل البيت، وقد كان عمر بن الخطاب يعطيهن حين تنظيم الفيء عطاءً يفوق عطاء كل من سواهنّ من المسلمين، وكان الخلفاء والأمراء من بعده يبالغون في إكرامهن والإهداء إليهن.
نهلة الحمصي، سعدي أبو جيب