الالاخ
Alalakh - Alalakh
ألالاخ
ألالاخ Alalakh اسم مدينة اكتشفت إثر حفريات البريطاني ليونارد وولي Leonard Wolley في موقع تل عطشانة في منتصف الطريق بين حلب وأنطاكية في سورية. يطل الموقع على سهل العمق ووادي العاصي، وأهم اكتشاف فيه هو أربعمئة نص مكتوبة بالمسمارية وباللغة الأكدية ـ الغربية على رقمٍ طينية، وجدتْ في ركن من أركان قصر ملكي ومساكن محيطة به، يضاف إلى هذا نصب الملك إدريمي Idrimi وكتاباته الشهيرة، وبعد قراءة النصوص تبين أن اسم المدينة هو ألالاخ.
تكمن أهمية النصوص في كونها تعود إلى عصرين مختلفين، وفي إتاحتها للباحث تتبع تاريخ المدينة وحياتها ولغتها وأدبها في أواسط النصف الثاني من الألف الثاني ق.م. وقد ساعدت هذه النصوص، إلى جانب نصوص رأس شمرة ـ أغاريت وشَكَربَزرْ وماري ونوزي وتل العمارنة وبوغازكوي، على فهم تاريخ سورية في الألف الثاني ق.م. عثر على النصوص في أول الأمر في الطبقة الرابعة من التل وتمثل قصر نقمبا Niqmepa، حيث وجد في غرفة المحفوظات 251 نصاً بعضها مهشم، كما وجد 175 نصاً آخر في غرفة صغيرة في قصر ياريم ليم في الطبقة السابعة الأقدم، إلى جانب نصوص متفرقة في كلتا الطبقتين.
تاريخ ألالاخ في القرنين الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد
يمكن تتبع تاريخ ألالاخ من الطبقة السادسة عشرة حتى الثامنة عن طريق الشواهد الفخارية والأثرية. ثم تبدأ النصوص بإعطاء تاريخ مكتوب بدءاً من الطبقة السابعة، ولاسيما النص الذي أعطي الرقم (1) وهو يتحدث عن تأسيس إمارة المدينة الذي قام به أبائيل ملك حلب المعاصر لملك بابل سمسو إيلونا بن حمورابي، أي قرب نهاية القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
إن التأريخ بسنوات أعمال الملوك، يتيح رسم صورة عن تاريخ المدينة السياسي وهذا التاريخ موجود في نهاية بعض النصوص الإدارية المهمة.
أما فيما يتعلق بتاريخ المدينة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد فيظن أن الطبقة السادسة من ألالاخ قد هدمت في أعقاب سقوط حلب في أيدي الحثيين نحو بداية القرن السادس عشر ق.م.
ولم يعثر في الطبقتين السادسة والخامسة على نصوص، ولا يمكن تتبع تاريخها إلا اعتماداً على اللقى الأثرية. أما الطبقة الرابعة فتشير النصوص التي عثر عليها فيها إلى تبدل في تاريخ المدينة من تبعية لمملكة يمحاض (حلب) إلى هيمنة الميتانيين السياسية الذين تركوا لحاكم ألالاخ حرية تحرك سياسي كبيرة، فمدّ سيطرته على سهل العمق وأعالي العاصي، ومناطق موكيش وتونيب في أسفله.
لقد تمَّ تعرف أَولَّ ملوك هذا الدور، وهو إدريمي بن إليميليما، من كتاباته الشهيرة على نصبه الشخصي، عندما حكمت أسرته حلب وموكيش ونيا، ويتبين منها أيضاً أنه اضطر إلى ترك المدينة عقب ثورة على أبيه، ولجأ إلى أخواله قرب إيمار (مسكنة اليوم)، وتمكن بمساعدة كنعان على الساحل وخبيرو وسوتو من القبائل البدوية الأمورية المنتشرة في بادية الشام والمناطق الغربية منها من العودة إلى عرش ألالاخ، وتمت عودته بالاتفاق والتراضي مع الملك الميتاني بَاراتَرنْا، كما عقد إدريمي معاهدة مع بيليا خليفة الأخير لمواجهة الخطر الحثي.
يحتمل أن يكون حكم إدريمي قد دام ثلاثين سنة قضى منها في النفي سبع سنوات، وتقع هذه الحقبة في النصف الأول من القرن الخامس عشر ق.م. ولم تظهر سوى أربعة نصوص إدارية من عهده، وظهر ختمه على نصوص من عهد خليفته نقمبا ليدل على استمرار شرعية حكم الأسرة. هذا وما يزال التاريخ الزمني لحكام ألالاخ موضع نقاش.
خلف إدريمي ابنُه نقمبا الذي لقب نفسه «ملك موكيش وألالاخ»، هذا ما جاء في معاهدة مع مدينة تونيب الواقعة على تخوم ألالاخ الجنوبية.
وتتوقف المعلومات التأريخية عن ألالاخ في عهد ابن هذا الأخير إليميليما الثاني قرب نهاية القرن الخامس عشر ق.م.
الدلائل الجغرافية والبشرية والاقتصادية لنصوص ألالاخ
كشفت نصوص القرن الثامن عشر ق.م عن ثماني مناطق جغرافية وثمان وخمسين بلدة (أورو Uru)، ظلت نشطة نحو ثلاثة قرون، وهناك 220 اسماً لأماكن صغيرة، وممتلكات خاصة في سهل العمق. ومن الأسماء الشهيرة المذكورة: حلب، يمحاض، بلاد الغوطيين، أدناه (أضنة)، أرازيك على الفرات، إبلا، أغاريت، تونيب، إرِّت، آرا، كورا، ألاشيا (قبرص). وجاءت إلى المدينة قوافل من بلاد أمورو، وإيمار، وهناك مدن أخرى غير معروفة الموقع. وذكرت أسماء دول كبرى مثل ميتاني، وخاتي (بلاد الحثيين) وكنعان وأسماء 125 فرداً جاؤوا من ميتاني للعمل الزراعي.
سجل أحد مترجمي نصوص ألالاخ 2100 اسم علم، الكثير منها حوري وهندي ـ أوربي، وهذا دليل على عالمية المدينة واتصالها بالمناطق المجاورة. وهناك 524 اسماً أمورياً من القرن 18 ق.م يلحظ فيها غلبة الأموريين.
وجدت 53 لوحة تناولت إحصاءً لسكان 14 قرية تابعة لألالاخ رتبت أسماؤهم بحسب حِرَفهم المهنية والزراعية، فهناك مالكو الأراضي والحرفيون ومالكو وسائط النقل والكتبة والخزنة وبعض العبيد، وكانت القرية تضم تجمعاً سكنياً.
وتدل النصوص على التركيب البدوي ـ الحضري لمجتمع ألالاخ، إذ ورد في بعضها تعبير «سا.غز» Sa.Gaz بالسومرية أي خبيرو (البدو) كما ذكرت فئتا مشكينو والسوتو وجميعهم من البدو الرعاة.
وتضم الوظائف والمهن مجموعات كبيرة من السكان ذكرت في وثائق توزيع الحصص التموينية. أما القصر فقد كان يعج بالنشاط، وكان يقيم فيه الملك أميتكو وزوجته وأفراد أسرته وحريمه، ومديرو الديوان ووكيل الخرج (مدير الأعمال المالية للملك)، وكلهم محاطون بالمرافقين والخدم والمساعدين. وثمة أسماء سبعة من كتّاب الديوان الملكي، ويعيش في القصر مربو الطيور النادرة وسائسو الخيول وصانعو العربات.
كان البيع والشراء يجريان في ساحة المدينة (البازار) كما هي الحال في أية بلدة سورية اليوم، أما المواد المتداولة فهي الإنتاج الزراعي والصناعي من نحاسيات وجلود وأصباغ وثياب. ويوجد مطاعم وطباخون، وحائكون ونجارون وهناك العبيد والمرضعات.
ذكرت نصوص من عصر إدريمي وجود 64 بيتاً للإنتاج الصناعي والحرفي، وسُجِّل إنتاج بعضها مثل 9 أوان نحاسية، أجزاء عربة نقل، 20 خنجراً، 1500 نصل، 3 جواهر وأختام. أما المعادن المستخدمة فهي النحاس والقصدير والفضة والذهب، وكان الصناع والتجار يدفعون ضريبة للملك، ولا يتوانى هذا الأخير عن مصادرة الإنتاج عند الحاجة أو لأسباب شخصية. واستخدمت مقاييس ومكاييل العصر. واشتهرت ألالاخ وحلب بأوزانهما.
وكانت الأغنام ثروة رئيسية في ألالاخ. وقد ذكر نصٌّ أن الملك أميتكو قام بمصادرة 3100 رأس غنم و320 رأس بقر من أحد معارضيه، وتلقى من حاكم كركميش (جرابلس اليوم) 28800 رأس غنم. وكان هناك ملاك صغار للقطعان. وقدمت الأصواف هدية للمعبد، واستوردت أصواف أخرى من أرازيك على الفرات ومن أغاريت. وكانت النساء يقمن بأعمال تصنيع الصوف. وكان ثمن رداء صوفي 2000 شاقل فضة، وهو يشبه الرداء الذي يشاهد في تل عطشانة اليوم، وهناك ثياب للرجال والنساء وللمناسبات ولرجال الدين والمغنين.
أما الزراعة فقد كونت العمود الفقري لاقتصاد المدينة. إذ كانت سهول العمق وبساتينه مصدر الغنى والإنتاج الزراعي الذي شمل الزيتون والعنب والتين والحبوب وغيرها.
وكانت الأراضي تستثمر من قبل الملك وأسرته بالدرجة الأولى، كما تُقطع لكبار الموظفين والنبلاء، وسجلت العقود الكثير من الملكيات الفردية.
الدين والثقافة واللغة
كان الإله الرئيسي المعبود في ألالاخ هو آدو IM = addu بالسومرية ثم الأكدية، وعشتار وخبات (الأرض) ولهم معبد واحد ولكل منهم زاويته.
ويمكن باستقراء الأسماء الشخصية إضافة آلهة أخرى عُبدت في ألالاخ، وإن لم تكن لها معابد رئيسية مثل إله القمر «سين» والشمس «أوتو» وبعل، وليم، وملك وايا وإنليل وإرّ. وإلى جانب ذلك أسماء آلهة حورية حثية.
لا توجد نصوص أدبية بالمعنى المعروف في محفوظات ألالاخ. ولكن هناك أشكال للأدعية من عصر نقمبا، ولوح معجمي يدل على أن أعمال الأدب كانت منوطة بالكتّاب الرسميين للمعبد. وضمت الأختام الأسطوانية التي وجدت بوفرة أسماء الملوك مثل أبائيل وياريم ليم، ونيقمي إيبوخ وإدريمي، و نِقْمبا وعبد آدو حاكم تونيب، وإليميليما، وعشرات الطبعات بأسماء شخصيات مهمة.
كتبت النصوص بالكتابة المسمارية وبلغة أكدية ذات لهجة محلية قريبة من لهجة تل العمارنة في مصر، ولها بعض سمات نصوص بوغازكوي. ولا شك في أن الكتّاب قد بدؤوا تعلمهم باللغة الأكدية التقليدية وبكتابة النصوص التصويرية السومرية التي استخدموها إلى جانب المقطعية الأكدية.
وللأسف لا توجد نصوص أدبية تمكن من دراسة مقارنة بين الأكدية والحورية، إذ يفترض أن هذه الأخيرة كانت لغة حديث الناس إلى جانب الأكدية، ولكن لغة كتابات إدريمي تدل بوضوح على تشابه لهجته الأكدية ولهجات الألف الثاني ق.م في فلسطين وسورية والأناضول. ويلاحظ أن قواعد الكتابة والإعراب مستمدة من الأكدية القديمة مع بعض التحريف نتيجة الموقع الجغرافي واختلاف لهجات النطق.
فيصل عبد الله
Alalakh - Alalakh
ألالاخ
ألالاخ Alalakh اسم مدينة اكتشفت إثر حفريات البريطاني ليونارد وولي Leonard Wolley في موقع تل عطشانة في منتصف الطريق بين حلب وأنطاكية في سورية. يطل الموقع على سهل العمق ووادي العاصي، وأهم اكتشاف فيه هو أربعمئة نص مكتوبة بالمسمارية وباللغة الأكدية ـ الغربية على رقمٍ طينية، وجدتْ في ركن من أركان قصر ملكي ومساكن محيطة به، يضاف إلى هذا نصب الملك إدريمي Idrimi وكتاباته الشهيرة، وبعد قراءة النصوص تبين أن اسم المدينة هو ألالاخ.
تاريخ ألالاخ في القرنين الثامن عشر والسابع عشر قبل الميلاد
يمكن تتبع تاريخ ألالاخ من الطبقة السادسة عشرة حتى الثامنة عن طريق الشواهد الفخارية والأثرية. ثم تبدأ النصوص بإعطاء تاريخ مكتوب بدءاً من الطبقة السابعة، ولاسيما النص الذي أعطي الرقم (1) وهو يتحدث عن تأسيس إمارة المدينة الذي قام به أبائيل ملك حلب المعاصر لملك بابل سمسو إيلونا بن حمورابي، أي قرب نهاية القرن الثامن عشر قبل الميلاد.
إن التأريخ بسنوات أعمال الملوك، يتيح رسم صورة عن تاريخ المدينة السياسي وهذا التاريخ موجود في نهاية بعض النصوص الإدارية المهمة.
أما فيما يتعلق بتاريخ المدينة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد فيظن أن الطبقة السادسة من ألالاخ قد هدمت في أعقاب سقوط حلب في أيدي الحثيين نحو بداية القرن السادس عشر ق.م.
ولم يعثر في الطبقتين السادسة والخامسة على نصوص، ولا يمكن تتبع تاريخها إلا اعتماداً على اللقى الأثرية. أما الطبقة الرابعة فتشير النصوص التي عثر عليها فيها إلى تبدل في تاريخ المدينة من تبعية لمملكة يمحاض (حلب) إلى هيمنة الميتانيين السياسية الذين تركوا لحاكم ألالاخ حرية تحرك سياسي كبيرة، فمدّ سيطرته على سهل العمق وأعالي العاصي، ومناطق موكيش وتونيب في أسفله.
لقد تمَّ تعرف أَولَّ ملوك هذا الدور، وهو إدريمي بن إليميليما، من كتاباته الشهيرة على نصبه الشخصي، عندما حكمت أسرته حلب وموكيش ونيا، ويتبين منها أيضاً أنه اضطر إلى ترك المدينة عقب ثورة على أبيه، ولجأ إلى أخواله قرب إيمار (مسكنة اليوم)، وتمكن بمساعدة كنعان على الساحل وخبيرو وسوتو من القبائل البدوية الأمورية المنتشرة في بادية الشام والمناطق الغربية منها من العودة إلى عرش ألالاخ، وتمت عودته بالاتفاق والتراضي مع الملك الميتاني بَاراتَرنْا، كما عقد إدريمي معاهدة مع بيليا خليفة الأخير لمواجهة الخطر الحثي.
يحتمل أن يكون حكم إدريمي قد دام ثلاثين سنة قضى منها في النفي سبع سنوات، وتقع هذه الحقبة في النصف الأول من القرن الخامس عشر ق.م. ولم تظهر سوى أربعة نصوص إدارية من عهده، وظهر ختمه على نصوص من عهد خليفته نقمبا ليدل على استمرار شرعية حكم الأسرة. هذا وما يزال التاريخ الزمني لحكام ألالاخ موضع نقاش.
خلف إدريمي ابنُه نقمبا الذي لقب نفسه «ملك موكيش وألالاخ»، هذا ما جاء في معاهدة مع مدينة تونيب الواقعة على تخوم ألالاخ الجنوبية.
وتتوقف المعلومات التأريخية عن ألالاخ في عهد ابن هذا الأخير إليميليما الثاني قرب نهاية القرن الخامس عشر ق.م.
الدلائل الجغرافية والبشرية والاقتصادية لنصوص ألالاخ
كشفت نصوص القرن الثامن عشر ق.م عن ثماني مناطق جغرافية وثمان وخمسين بلدة (أورو Uru)، ظلت نشطة نحو ثلاثة قرون، وهناك 220 اسماً لأماكن صغيرة، وممتلكات خاصة في سهل العمق. ومن الأسماء الشهيرة المذكورة: حلب، يمحاض، بلاد الغوطيين، أدناه (أضنة)، أرازيك على الفرات، إبلا، أغاريت، تونيب، إرِّت، آرا، كورا، ألاشيا (قبرص). وجاءت إلى المدينة قوافل من بلاد أمورو، وإيمار، وهناك مدن أخرى غير معروفة الموقع. وذكرت أسماء دول كبرى مثل ميتاني، وخاتي (بلاد الحثيين) وكنعان وأسماء 125 فرداً جاؤوا من ميتاني للعمل الزراعي.
سجل أحد مترجمي نصوص ألالاخ 2100 اسم علم، الكثير منها حوري وهندي ـ أوربي، وهذا دليل على عالمية المدينة واتصالها بالمناطق المجاورة. وهناك 524 اسماً أمورياً من القرن 18 ق.م يلحظ فيها غلبة الأموريين.
وجدت 53 لوحة تناولت إحصاءً لسكان 14 قرية تابعة لألالاخ رتبت أسماؤهم بحسب حِرَفهم المهنية والزراعية، فهناك مالكو الأراضي والحرفيون ومالكو وسائط النقل والكتبة والخزنة وبعض العبيد، وكانت القرية تضم تجمعاً سكنياً.
وتدل النصوص على التركيب البدوي ـ الحضري لمجتمع ألالاخ، إذ ورد في بعضها تعبير «سا.غز» Sa.Gaz بالسومرية أي خبيرو (البدو) كما ذكرت فئتا مشكينو والسوتو وجميعهم من البدو الرعاة.
وتضم الوظائف والمهن مجموعات كبيرة من السكان ذكرت في وثائق توزيع الحصص التموينية. أما القصر فقد كان يعج بالنشاط، وكان يقيم فيه الملك أميتكو وزوجته وأفراد أسرته وحريمه، ومديرو الديوان ووكيل الخرج (مدير الأعمال المالية للملك)، وكلهم محاطون بالمرافقين والخدم والمساعدين. وثمة أسماء سبعة من كتّاب الديوان الملكي، ويعيش في القصر مربو الطيور النادرة وسائسو الخيول وصانعو العربات.
كان البيع والشراء يجريان في ساحة المدينة (البازار) كما هي الحال في أية بلدة سورية اليوم، أما المواد المتداولة فهي الإنتاج الزراعي والصناعي من نحاسيات وجلود وأصباغ وثياب. ويوجد مطاعم وطباخون، وحائكون ونجارون وهناك العبيد والمرضعات.
ذكرت نصوص من عصر إدريمي وجود 64 بيتاً للإنتاج الصناعي والحرفي، وسُجِّل إنتاج بعضها مثل 9 أوان نحاسية، أجزاء عربة نقل، 20 خنجراً، 1500 نصل، 3 جواهر وأختام. أما المعادن المستخدمة فهي النحاس والقصدير والفضة والذهب، وكان الصناع والتجار يدفعون ضريبة للملك، ولا يتوانى هذا الأخير عن مصادرة الإنتاج عند الحاجة أو لأسباب شخصية. واستخدمت مقاييس ومكاييل العصر. واشتهرت ألالاخ وحلب بأوزانهما.
وكانت الأغنام ثروة رئيسية في ألالاخ. وقد ذكر نصٌّ أن الملك أميتكو قام بمصادرة 3100 رأس غنم و320 رأس بقر من أحد معارضيه، وتلقى من حاكم كركميش (جرابلس اليوم) 28800 رأس غنم. وكان هناك ملاك صغار للقطعان. وقدمت الأصواف هدية للمعبد، واستوردت أصواف أخرى من أرازيك على الفرات ومن أغاريت. وكانت النساء يقمن بأعمال تصنيع الصوف. وكان ثمن رداء صوفي 2000 شاقل فضة، وهو يشبه الرداء الذي يشاهد في تل عطشانة اليوم، وهناك ثياب للرجال والنساء وللمناسبات ولرجال الدين والمغنين.
أما الزراعة فقد كونت العمود الفقري لاقتصاد المدينة. إذ كانت سهول العمق وبساتينه مصدر الغنى والإنتاج الزراعي الذي شمل الزيتون والعنب والتين والحبوب وغيرها.
وكانت الأراضي تستثمر من قبل الملك وأسرته بالدرجة الأولى، كما تُقطع لكبار الموظفين والنبلاء، وسجلت العقود الكثير من الملكيات الفردية.
الدين والثقافة واللغة
كان الإله الرئيسي المعبود في ألالاخ هو آدو IM = addu بالسومرية ثم الأكدية، وعشتار وخبات (الأرض) ولهم معبد واحد ولكل منهم زاويته.
ويمكن باستقراء الأسماء الشخصية إضافة آلهة أخرى عُبدت في ألالاخ، وإن لم تكن لها معابد رئيسية مثل إله القمر «سين» والشمس «أوتو» وبعل، وليم، وملك وايا وإنليل وإرّ. وإلى جانب ذلك أسماء آلهة حورية حثية.
لا توجد نصوص أدبية بالمعنى المعروف في محفوظات ألالاخ. ولكن هناك أشكال للأدعية من عصر نقمبا، ولوح معجمي يدل على أن أعمال الأدب كانت منوطة بالكتّاب الرسميين للمعبد. وضمت الأختام الأسطوانية التي وجدت بوفرة أسماء الملوك مثل أبائيل وياريم ليم، ونيقمي إيبوخ وإدريمي، و نِقْمبا وعبد آدو حاكم تونيب، وإليميليما، وعشرات الطبعات بأسماء شخصيات مهمة.
كتبت النصوص بالكتابة المسمارية وبلغة أكدية ذات لهجة محلية قريبة من لهجة تل العمارنة في مصر، ولها بعض سمات نصوص بوغازكوي. ولا شك في أن الكتّاب قد بدؤوا تعلمهم باللغة الأكدية التقليدية وبكتابة النصوص التصويرية السومرية التي استخدموها إلى جانب المقطعية الأكدية.
وللأسف لا توجد نصوص أدبية تمكن من دراسة مقارنة بين الأكدية والحورية، إذ يفترض أن هذه الأخيرة كانت لغة حديث الناس إلى جانب الأكدية، ولكن لغة كتابات إدريمي تدل بوضوح على تشابه لهجته الأكدية ولهجات الألف الثاني ق.م في فلسطين وسورية والأناضول. ويلاحظ أن قواعد الكتابة والإعراب مستمدة من الأكدية القديمة مع بعض التحريف نتيجة الموقع الجغرافي واختلاف لهجات النطق.
فيصل عبد الله