30 عاما من التشكيل في "كل شيء... وأشياء أخرى"
يقدم المعرض صورة عن تطور تجارب فنية مصرية بارزة
ياسر سلطان
الأحد 13 أغسطس 2023 14:55
لوحة للرسام عادل السيوي (خدمة المعرض)
يستضيف غاليري مشربية في القاهرة حتى 20 أغسطس (آب) معرضاً تحت عنوان "كل شيء... وأشياء أخرى". يضم المعرض أعمالاً لـ25 فناناً من مختلف الأجيال والاتجاهات الفنية، تغطي أعمالهم ما يقرب من ثلاثة عقود من النشاط الفني. الأعمال المعروضة تمثل نماذج من المعارض التي نظمها الغاليري خلال هذه الفترة الزمنية للفنانين المشاركين. يسهم المعرض في رسم صورة قريبة لتطور التجربة الفنية عند بعض الفنانين البارزين على ساحة التشكيل المصري اليوم، وكيف وظفوا تقنيات وأساليب مختلفة في أعمالهم خلال العقود الثلاثة الماضية. يتيح لنا المعرض على سبيل المثال إطلالة على الأعمال المبكرة للفنان عادل السيوي من مجموعة الوجه، وهي التجربة التي استحوذت على اهتمامه حتى بداية الألفية. إلى جانب مجموعة الوجه للسيوي نجد نماذج أخرى من تجربته المهمة التي قدمها في عام 2019 تحت عنوان "في حضرة الحيوان" وتضمنت تصوراته البصرية لأشكال الحياة المتنوعة في عالم الحيوان.خدمة المعرض)
لوحة للرسام عمرو الكفراوي (خدمة المعرض)
يعكس المعرض في جانب منه التقاطعات بين الماضي والحاضر، عبر إتاحته مساحة لعرض الموضوعات التي كانت طاغية على الممارسات التصويرية حتى التسعينيات من القرن الماضي، كالميل إلى الاستلهام من البيئة المحلية مثلاً. إلى جانب هذه الموضوعات والممارسات المرتبطة بالبيئة المحلية نجد موضوعات أخرى تتسم بالمعاصرة والابتكار وتجاوز الأطر التقليدية. تطالعنا هنا أعمال توظف الفوتوغرافيا مثلاً، كأعمال الفنانين هاني راشد وعمرو الكفراوي وهالة أبوشادي. في هذه التجارب الثلاث يمكننا تلمس الأساليب المختلفة في توظيف الفوتوغرافيا، من التعامل معها كمثير بصري عند هاني راشد، إلى توظيفها كعنصر من مكونات العمل لدى الفنانين الآخرين. ثمة أعمال أخرى تتميز بمستويات أسلوبية يغلب عليها التحرر في صوغ الأشكال والعناصر، كأعمال الفنانين عمرو هيبة وأحمد صبري.
لوحة للرسام عمرو هيبة (خدمة المعرض)
من اللافت هنا أيضاً هذا التجاور لأعمال الفنانين الشباب مع أعمال أخرى لفنانين لهم تجارب راسخة، هذا الحضور والتجاور بين الأجيال قد يبرز لنا الاختلافات الأسلوبية التي طرأت على المعالجات الفنية خلال فترة زمنية معينة. لا يقتصر الأمر هنا على المعالجات الأسلوبية فحسب، بل يمكننا أيضاً المقارنة بين القضايا والتساؤلات الملحة واختلافها أو ثباتها من جيل إلى جيل.
لوحة للرسام إبراهيم الحداد (خدمة المرض)
إن مثل هذه المعارض التي تتسم بالتنوع تشجع الحوار بين الفنانين والمتذوقين والمجتمع الفني بشكل عام، كما تعد فرصة للنقاش حول العديد من الأساليب والمفاهيم، بل وحول طبيعة الممارسة الفنية نفسها. إلى جانب هذه النقاشات والتساؤلات التي يمكن طرحها على خلفية هذه العروض، فهي تمثل أيضاً مساحة رحبة لتبادل الخبرات بين الأجيال والثقافات. إلى جانب الفنانين المصريين يضم المعرض عدداً من أعمال الفنانين الأجانب المقيمين في مصر، كأعمال الإيطالي كارمينيه كارتولانو والإسباني خافيير بوغمارتي.
وما يميز أعمال الفنانين كارتولانو وبوغمارتي أن تجربتهما البصرية متأثرة إلى حد كبير بالبيئة المصرية، بحكم إقامتهما الطويلة في مصر. نلاحظ أن هذا الحضور الواضح للعناصر المصرية عند كلا الفنانين يمتزج ويتداخل مع رؤيتهما المختلفة لهذه البيئة، كما يتداخل كذلك مع خلفيتهما البصرية والثقافية على نحو واضح. هذه الإطلالة التي يتيحها المعرض على أساليب وتجارب فنية من ثقافات مختلفة تسهم بلا شك في استحداث مساحات للتأثير والتأثر والحوار، ودراسة التفاعل بين التقاليد والحداثة، كما قد يوفر لنا هذا المزيج فهماً أعمق للهوية البصرية والتداخل بين الثقافات.
يقدم المعرض صورة عن تطور تجارب فنية مصرية بارزة
ياسر سلطان
الأحد 13 أغسطس 2023 14:55
لوحة للرسام عادل السيوي (خدمة المعرض)
يستضيف غاليري مشربية في القاهرة حتى 20 أغسطس (آب) معرضاً تحت عنوان "كل شيء... وأشياء أخرى". يضم المعرض أعمالاً لـ25 فناناً من مختلف الأجيال والاتجاهات الفنية، تغطي أعمالهم ما يقرب من ثلاثة عقود من النشاط الفني. الأعمال المعروضة تمثل نماذج من المعارض التي نظمها الغاليري خلال هذه الفترة الزمنية للفنانين المشاركين. يسهم المعرض في رسم صورة قريبة لتطور التجربة الفنية عند بعض الفنانين البارزين على ساحة التشكيل المصري اليوم، وكيف وظفوا تقنيات وأساليب مختلفة في أعمالهم خلال العقود الثلاثة الماضية. يتيح لنا المعرض على سبيل المثال إطلالة على الأعمال المبكرة للفنان عادل السيوي من مجموعة الوجه، وهي التجربة التي استحوذت على اهتمامه حتى بداية الألفية. إلى جانب مجموعة الوجه للسيوي نجد نماذج أخرى من تجربته المهمة التي قدمها في عام 2019 تحت عنوان "في حضرة الحيوان" وتضمنت تصوراته البصرية لأشكال الحياة المتنوعة في عالم الحيوان.خدمة المعرض)
لوحة للرسام عمرو الكفراوي (خدمة المعرض)
يعكس المعرض في جانب منه التقاطعات بين الماضي والحاضر، عبر إتاحته مساحة لعرض الموضوعات التي كانت طاغية على الممارسات التصويرية حتى التسعينيات من القرن الماضي، كالميل إلى الاستلهام من البيئة المحلية مثلاً. إلى جانب هذه الموضوعات والممارسات المرتبطة بالبيئة المحلية نجد موضوعات أخرى تتسم بالمعاصرة والابتكار وتجاوز الأطر التقليدية. تطالعنا هنا أعمال توظف الفوتوغرافيا مثلاً، كأعمال الفنانين هاني راشد وعمرو الكفراوي وهالة أبوشادي. في هذه التجارب الثلاث يمكننا تلمس الأساليب المختلفة في توظيف الفوتوغرافيا، من التعامل معها كمثير بصري عند هاني راشد، إلى توظيفها كعنصر من مكونات العمل لدى الفنانين الآخرين. ثمة أعمال أخرى تتميز بمستويات أسلوبية يغلب عليها التحرر في صوغ الأشكال والعناصر، كأعمال الفنانين عمرو هيبة وأحمد صبري.
لوحة للرسام عمرو هيبة (خدمة المعرض)
من اللافت هنا أيضاً هذا التجاور لأعمال الفنانين الشباب مع أعمال أخرى لفنانين لهم تجارب راسخة، هذا الحضور والتجاور بين الأجيال قد يبرز لنا الاختلافات الأسلوبية التي طرأت على المعالجات الفنية خلال فترة زمنية معينة. لا يقتصر الأمر هنا على المعالجات الأسلوبية فحسب، بل يمكننا أيضاً المقارنة بين القضايا والتساؤلات الملحة واختلافها أو ثباتها من جيل إلى جيل.
لوحة للرسام إبراهيم الحداد (خدمة المرض)
إن مثل هذه المعارض التي تتسم بالتنوع تشجع الحوار بين الفنانين والمتذوقين والمجتمع الفني بشكل عام، كما تعد فرصة للنقاش حول العديد من الأساليب والمفاهيم، بل وحول طبيعة الممارسة الفنية نفسها. إلى جانب هذه النقاشات والتساؤلات التي يمكن طرحها على خلفية هذه العروض، فهي تمثل أيضاً مساحة رحبة لتبادل الخبرات بين الأجيال والثقافات. إلى جانب الفنانين المصريين يضم المعرض عدداً من أعمال الفنانين الأجانب المقيمين في مصر، كأعمال الإيطالي كارمينيه كارتولانو والإسباني خافيير بوغمارتي.
وما يميز أعمال الفنانين كارتولانو وبوغمارتي أن تجربتهما البصرية متأثرة إلى حد كبير بالبيئة المصرية، بحكم إقامتهما الطويلة في مصر. نلاحظ أن هذا الحضور الواضح للعناصر المصرية عند كلا الفنانين يمتزج ويتداخل مع رؤيتهما المختلفة لهذه البيئة، كما يتداخل كذلك مع خلفيتهما البصرية والثقافية على نحو واضح. هذه الإطلالة التي يتيحها المعرض على أساليب وتجارب فنية من ثقافات مختلفة تسهم بلا شك في استحداث مساحات للتأثير والتأثر والحوار، ودراسة التفاعل بين التقاليد والحداثة، كما قد يوفر لنا هذا المزيج فهماً أعمق للهوية البصرية والتداخل بين الثقافات.