الفونسو سادس
Alfonso VI - Alphonse VI
ألفونسو السادس
(1042 ـ 1109م)
ألفونسو السادس Alfonso VI هو الابن الثاني لفريدريك الأول (ت 1065م)، ملك ليون (1065 - 1109م) وقشتالة (1072- 1109م)، عُرف لدى المؤرخين العرب المسلمين بالأذفُنش الثالث (أذفونشن، أو أذفنشو). كان من أبرز ملوك العصور الوسطى في إسبانية، تمكن من إرساء جذور المسيحية في إسبانية، واتّصف حكمه في ليون وقشتالة بإزالة جو العزلة الذي كان يكتنفهما في العهود السابقة، وحاول تثبيت قواعد حكمه في إطار السياسة المسيحية لدولة تضم طوائف دينية متعددة (مسلمين ومسيحيين)، كما كان لكل من البابا وملك فرنسة تأثيرهما الخاص في عهده. تزوج من كونستانس أخت «هوغ» دوق «بورغوندية» Burgundi عام 1079م، وهذا ما أثار الأمراء البورغونديين بقيادة هوغ نفسه.
قام والده بتقسيم المملكة بين ولديه، فأعطى ألفونسو مدينة ليون وأعطى أخاه سانشو قشتالة، مما أدى إلى سوء تفاهم بين الأخوين لجأ ألفونسو على أثره إلى بلاط يحيى الأول ملك طليطلة، وأتيح له في هذه المدة اكتساب كثير من المعارف العملية حيال السياسة الأندلسية الإسلامية، لكنه ما لبث، بعد وفاة شقيقه سانشو عام 1072م، أن أصبح ملكاً على ليون وقشتالة. وما أن حلَّ عام 1077م حتى تم له إخضاع الإمارات الإسبانية كافة وغدا ملكاً على إسبانية. وفي 27 من المحرم عام 478هـ/ 25 من أيار 1085م، استولى على طليطلة من المسلمين وجعلها حاضرته بعد أن شاد فيها قصراً حصيناً على نمط قصر طليطلة الإسلامي، متجاوزاً حدود دولته إلى نهر التاجة Tagus وإلى مركز شبه الجزيرة الإيبرية. وغدت طليطلة في عصره ملتقى الثقافة الإسلامية ـ المسيحية في أوربة. أما المملكة الإسلامية في سرقسطة فكانت تحت وصاية رودريغو دياز دي فيفاز السيد (ت 1140م) Rogrigo Diaz de Vivaz le Cid، وكان المعتمد بن عباد (ت 488هـ/1095م) يدفع الجزية لألفونسو. ولوضع حد للتوسع الإسباني، أرسل ابن عباد وفداً إلى أمير المرابطين يوسف بن تاشفين غرة جمادى الأولى 478هـ/14 آب 1085م، طالباً منه نجدة الأندلس ودفع القوات الإسبانية عنها، ولبّى ابن تاشفين نداء مسلمي الأندلس فجاز البحر إليها، والتقى بقوات ألفونسو في منطقة بداخوث Badajoz الواقعة على بعد 12كم شمال شرقي بطليوس، وخاض معها معركة حاسمة عرفت لدى المؤرخين العرب باسم معركة الزلاّقة Sagrajas, Sacralias Badajoz وانتهت بهزيمة القوات الإسبانية في يوم الجمعة 12 رجب 479هـ/23 تشرين الأول 1086م. وتمكن أحد المحاربين المسلمين من إصابة ألفونسو بجرح في فخذه لاذ بعدها بالفرار إلى أحد الحصون القريبة مع ثلاثمئة من جنوده الفرسان. وقد كان من نتائج معركة الزلاقة إطالة أمد الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وكانت في الوقت نفسه أول انتصار يحققه ملوك الطوائف المسلمون منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن.
وفي رجب عام 483هـ/1090م تمكّن ابن تاشفين من استعادة بلنسية من زوجة إلسِيْد الإسباني مع محاولة ألفونسو مساعدتها، وفي عام 487هـ/1094م استرد ألفونسو بلنسية كما استولى على مدينة إقليش Uclés سنة 1108م بعد أن قُتل فيها وريثه الشرعي.
أما على الصعيد الداخلي فكان ألفونسو يطمح إلى إصلاح الكنيسة، فجلب مجموعة من رهبان دير كُلوني في فرنسة فكانوا حجر عثرة في وجه التسامح الديني، وأَلحَّ أولئك المتعصبون بقيادة مطران طليطلة برنارد على الشعائر الدينية، ومارسوا أعمال الإرهاب السياسي لزيادة الضغوط والأعباء المالية المفروضة على ملوك الطوائف وإرغامهم على الخضوع لسياسة الأمر الواقع وتنفيذ رغبات رجال الدين المتزمتين. وكانت لألفونسو يد في ظهور الأسرة البورغوندية في ليون وقشتالة والبرتغال، فقد زَوَّج ابنته أوراكا من ألفونسو الأول (ملك أرغون) وابنته تيريزا من الكونت هنري البورغندي (أحد فرسان الصليبيين الإسبان) جاعلاً بائنتها مقاطعة من مقاطعات ليون تدعى البرتغال، منحها إياها إمارة إقطاعية، بعد أن تمَّ استردادها من المسلمين قبل مدة تزيد على ربع قرن، كذلك عاش في بلاطه إلسِيد الذي سبق ذكره والذي كانت سيرته موضوع عمل مسرحي من أعمال «كورني» فيما بعد.
خلدت أعمال ألفونسو السادس اسمه، إذ نجح في إقامة حكم القانون في الإمارات التي كانت خاضعة له، وكان له اهتمام في توطيد العلاقات الإسبانية مع أوربة الشمالية، فضمن سلامة الحجاج على طريق الحج المؤدية إلى سانتياغو Santiago ووفّر لمواطنيه الحج بسهولة ويسر. توفي في الثلاثين من حزيران في طليطلة بعد أن أمضى أكثر من أربعين عاماً في الحكم.
عبد الله محمود حسين
Alfonso VI - Alphonse VI
ألفونسو السادس
(1042 ـ 1109م)
ألفونسو السادس Alfonso VI هو الابن الثاني لفريدريك الأول (ت 1065م)، ملك ليون (1065 - 1109م) وقشتالة (1072- 1109م)، عُرف لدى المؤرخين العرب المسلمين بالأذفُنش الثالث (أذفونشن، أو أذفنشو). كان من أبرز ملوك العصور الوسطى في إسبانية، تمكن من إرساء جذور المسيحية في إسبانية، واتّصف حكمه في ليون وقشتالة بإزالة جو العزلة الذي كان يكتنفهما في العهود السابقة، وحاول تثبيت قواعد حكمه في إطار السياسة المسيحية لدولة تضم طوائف دينية متعددة (مسلمين ومسيحيين)، كما كان لكل من البابا وملك فرنسة تأثيرهما الخاص في عهده. تزوج من كونستانس أخت «هوغ» دوق «بورغوندية» Burgundi عام 1079م، وهذا ما أثار الأمراء البورغونديين بقيادة هوغ نفسه.
قام والده بتقسيم المملكة بين ولديه، فأعطى ألفونسو مدينة ليون وأعطى أخاه سانشو قشتالة، مما أدى إلى سوء تفاهم بين الأخوين لجأ ألفونسو على أثره إلى بلاط يحيى الأول ملك طليطلة، وأتيح له في هذه المدة اكتساب كثير من المعارف العملية حيال السياسة الأندلسية الإسلامية، لكنه ما لبث، بعد وفاة شقيقه سانشو عام 1072م، أن أصبح ملكاً على ليون وقشتالة. وما أن حلَّ عام 1077م حتى تم له إخضاع الإمارات الإسبانية كافة وغدا ملكاً على إسبانية. وفي 27 من المحرم عام 478هـ/ 25 من أيار 1085م، استولى على طليطلة من المسلمين وجعلها حاضرته بعد أن شاد فيها قصراً حصيناً على نمط قصر طليطلة الإسلامي، متجاوزاً حدود دولته إلى نهر التاجة Tagus وإلى مركز شبه الجزيرة الإيبرية. وغدت طليطلة في عصره ملتقى الثقافة الإسلامية ـ المسيحية في أوربة. أما المملكة الإسلامية في سرقسطة فكانت تحت وصاية رودريغو دياز دي فيفاز السيد (ت 1140م) Rogrigo Diaz de Vivaz le Cid، وكان المعتمد بن عباد (ت 488هـ/1095م) يدفع الجزية لألفونسو. ولوضع حد للتوسع الإسباني، أرسل ابن عباد وفداً إلى أمير المرابطين يوسف بن تاشفين غرة جمادى الأولى 478هـ/14 آب 1085م، طالباً منه نجدة الأندلس ودفع القوات الإسبانية عنها، ولبّى ابن تاشفين نداء مسلمي الأندلس فجاز البحر إليها، والتقى بقوات ألفونسو في منطقة بداخوث Badajoz الواقعة على بعد 12كم شمال شرقي بطليوس، وخاض معها معركة حاسمة عرفت لدى المؤرخين العرب باسم معركة الزلاّقة Sagrajas, Sacralias Badajoz وانتهت بهزيمة القوات الإسبانية في يوم الجمعة 12 رجب 479هـ/23 تشرين الأول 1086م. وتمكن أحد المحاربين المسلمين من إصابة ألفونسو بجرح في فخذه لاذ بعدها بالفرار إلى أحد الحصون القريبة مع ثلاثمئة من جنوده الفرسان. وقد كان من نتائج معركة الزلاقة إطالة أمد الوجود العربي الإسلامي في الأندلس، وكانت في الوقت نفسه أول انتصار يحققه ملوك الطوائف المسلمون منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن.
وفي رجب عام 483هـ/1090م تمكّن ابن تاشفين من استعادة بلنسية من زوجة إلسِيْد الإسباني مع محاولة ألفونسو مساعدتها، وفي عام 487هـ/1094م استرد ألفونسو بلنسية كما استولى على مدينة إقليش Uclés سنة 1108م بعد أن قُتل فيها وريثه الشرعي.
أما على الصعيد الداخلي فكان ألفونسو يطمح إلى إصلاح الكنيسة، فجلب مجموعة من رهبان دير كُلوني في فرنسة فكانوا حجر عثرة في وجه التسامح الديني، وأَلحَّ أولئك المتعصبون بقيادة مطران طليطلة برنارد على الشعائر الدينية، ومارسوا أعمال الإرهاب السياسي لزيادة الضغوط والأعباء المالية المفروضة على ملوك الطوائف وإرغامهم على الخضوع لسياسة الأمر الواقع وتنفيذ رغبات رجال الدين المتزمتين. وكانت لألفونسو يد في ظهور الأسرة البورغوندية في ليون وقشتالة والبرتغال، فقد زَوَّج ابنته أوراكا من ألفونسو الأول (ملك أرغون) وابنته تيريزا من الكونت هنري البورغندي (أحد فرسان الصليبيين الإسبان) جاعلاً بائنتها مقاطعة من مقاطعات ليون تدعى البرتغال، منحها إياها إمارة إقطاعية، بعد أن تمَّ استردادها من المسلمين قبل مدة تزيد على ربع قرن، كذلك عاش في بلاطه إلسِيد الذي سبق ذكره والذي كانت سيرته موضوع عمل مسرحي من أعمال «كورني» فيما بعد.
خلدت أعمال ألفونسو السادس اسمه، إذ نجح في إقامة حكم القانون في الإمارات التي كانت خاضعة له، وكان له اهتمام في توطيد العلاقات الإسبانية مع أوربة الشمالية، فضمن سلامة الحجاج على طريق الحج المؤدية إلى سانتياغو Santiago ووفّر لمواطنيه الحج بسهولة ويسر. توفي في الثلاثين من حزيران في طليطلة بعد أن أمضى أكثر من أربعين عاماً في الحكم.
عبد الله محمود حسين