نداء أخضر
شعر
نسرين حسن/ سورية
أول الصّباح
قريباً من الجدارِ البارد
فوقَ الترابِ الأخضر
كنتُ أتأملُ
الحطامَ المبعثر في الفضاء
أرواحٌ متهتّكة
أمواتٌ يتبعهم ظلهم
بشرٌ معدمون
فقراءٌ يتعكّزونَ على الرّغيف
قواربُ صيّدٍ
بحارةٌ يتصببونَ عرقاً
أشجارٌ تتقشّرُ في خريفها
زمنٌ يمرُّ بدمٍ بارد
أسقطُ من السقفِ المتصدع بذاكرتي
بيدي عشرينَ ياسمينة
سأقذفها في الماء
وألمس ندوبها في ضوء القمر
حيثُ الضوءُ يتشابكُ بالتراب
رائحةُ البنفسجِ تعلقُ على عنقِ الريح
فراغٌ كثيرٌ في ساعة يدي
عقاربٌ تنبضُ في جلدي
يخرجُ الزفيرُ عارياً مني
أشعرُ بعيني تتحول
لفراخِ عصافيرٍ حريرية
فستاني أسودٌ متجعدٌ
ككتابٍ قديم
منقط ببثورِ التاريخ
يبدو عسليّاً تحتَ خَدَرِ الشّمس
هديرُ الحياة يتسارع
الجو حار..الأصابعُ الدّبقةُ
تربطُ خيطانَ الملل
بشجرِ العليق
امرأةٌ تقتربُ مني
تفوح رائحةَ البرتقال
والأثداءَ الجائعةَ للحرية
ظهرٌ منتفخٌ من القضبان
إنها الحياة
أرى الحقيقةَ واضحة الملامح
بشعرها المبلل
الحبُ طرفٌ مشوّه
اللاهوتُ بحرٌ بيدها
ياسيدتي...
احضني حزني..
لاأريدُ أن ابكي طويلا
الحرارةُ في روحي أكثر عمقاً
الدّمُ يفرُّ كظّبي من جسدي
لأعلى الدغلِ هناك
سأصعدُ
بحذائي الورديِّ الناعم
لأرشقَ كراتِ الثّلجِ
على جدرانِ العبيد
أيتها الحياة
علّميني كيفَ أُغطي رأسي بالرّيش
أتقمصُ صورةَ بوذا
وان أرقصَ بغوايةٍ في مدخلِ القصيدة
علّميني أن أصبَّ الينابيعَ بجسد المفردة
أن أمتلكَ جزءاً من قلبي
أن أكتب الله على ورقةٍ
ليطيرَ من ذاتي
أن أصممَ من الهيولاتِ بناءً
كوناً...خاتماً لبلقيس
اريدُ أن أرى المعدنَ الابيضَ للأفكار
وان اطردَ الخرافات من غرفتي
كحشراتٍ مصابةٍ بالجذام
علّميني كيفَ أحملُ عصا موسى
في الدّروبِ التي تغسلُ أقدامنا كالموتى
كيفَ أهشُّ الخرافَ
التي باضتها السّماءُ غيوماً
كيفَ أسمعُ الموت
وهو ينسلُ من أذني كالبوق
علّميني
كيفَ أعودُ إلى رحمِ أمي