لماذا تفشل السياسة الصناعية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لماذا تفشل السياسة الصناعية





    لماذا تفشل السياسة الصناعية
    بقلم: مايكل آر سترين
    واشنطن، العاصمة ــ في أيامنا هذه، أصبحت السياسة الصناعية هي الموضة الشائعة. في الولايات المتحدة، وَقَّـعَ الرئيس جو بايدن على قوانين تقدم مئات المليارات من الدولارات في هيئة حوافز وتمويل للطاقة النظيفة وتصنيع أشباه الموصلات محليا. على نحو مماثل، شَـنّ دونالد ترمب حربا تجارية مع الصين باسم إحياء الصناعة الأميركية. يؤيد الأعضاء العاديون في الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء هذا التحول من الأسواق الحرة نحو التخطيط الحكومي.

    لكن السياسة الصناعية تعمل دائما على نحو أفضل من الناحية النظرية مقارنة بالممارسة العملية. فمن المرجح أن تتسبب عوامل العالم الحقيقي في إحباط الجهود التي تبذلها الدولة لتجديد نشاط قطاع التصنيع وزيادة عدد وظائف التصنيع بشكل كبير.

    تثير السياسات الأميركية الحالية كل التساؤلات القديمة التي طُـرِحَـت من قبل حول السياسة الصناعية. لماذا ينبغي لنا أن ننتظر من الحكومة أن تُـحسِـن صُـنعا باختيار الرابحين والخاسرين، أو تخصيص الموارد النادرة على نحو أفضل من السوق؟ وإذا تدخلت الحكومة في الأسواق، فبأي درجة من الكفاءة ستتجنب التوسع في تدخلاتها والمحسوبية والفساد؟

    في العالَـم الحقيقي يفتقر المخططون الحكوميون ببساطة إلى القدر اللازم من السيطرة لإنجاح السياسة الصناعية في الأمد البعيد. يستطيع بايدن دعم تصنيع أشباه الموصلات بجرة قلم، لكنه لا يستطيع التلويح بعصا سحرية لخلق عمال مؤهلين لشغل الوظائف في مصانع إنتاج الرقائق. تشير تقديرات شركة Deloitte إلى أن صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة ستواجه عجزا يصل إلى 90 ألف عامل خلال السنوات القليلة المقبلة. في هذا الشهر فقط، أعلنت شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات أنها يجب أن تؤخر الإنتاج في مصنع أريزونا، بسبب نقص العمال من ذوي الخبرة والتدريب المناسبين.

    ولا يستطيع صُـنّـاع السياسات في الولايات المتحدة منع دول أخرى من الانتقام والتدخل لتعزيز الصناعات المفضلة لديها. لنتأمل هنا تعريفات ترمب الجمركية، التي دافع عنها وزير التجارة آنذاك ويلبر روس باعتبارها حالة من الفوائد المركزة والتكاليف الـمُـوَزَّعة. برغم أن الأميركيين جميعا قد يضطرون إلى دفع 0.6 من السِـنت زيادة لشراء علبة حساء، كما زعم، فسوف تحصل الولايات المتحدة على دَفـعة قوية في تشغيل العاملين في مجال التصنيع في المقابل.

    بدا هذا الادعاء وكأنه يفترض ضمنا أن أي دولة أخرى لن تنتقم. لكن آرون فلاين وجوستين بيرس، وكلاهما من خبراء الاقتصاد في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وجدا أن الولايات المتحدة تكبدت خسائر في تشغيل العمالة في التصنيع المحلي أكبر مما حققته من مكاسبة بحماية الواردات. ولأن التعريفات تسببت في زيادة تكلفة السلع الوسيطة التي تستخدمها الشركات الأميركية، فقد خـلص فلاين وبيرس إلى أن تحويل الصناعة من التعرض الخفيف نسبيا إلى تعرض ثقيل نسبيا للتعريفة الجمركية كان مرتبطا بانخفاض بنحو 2.7% في تشغيل العمالة الصناعية.

    يقدم قانون خفض التضخم الذي أقره بايدن 370 مليار دولار في هيئة إعفاءات ضريبية وغير ذلك من الحوافز لمشاريع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. وتدفع إعانات الدعم المرتبطة بهذا القانون الحلفاء الأميركيين إلى وضع مصطنع غير موات في صناعات مثل إنتاج البطاريات وتصنيع المركبات الكهربائية. من غير المستغرب إذن أن تستجيب كوريا الجنوبية ودول الاتحاد الأوروبي بتقديم إعانات دعم من جانبها. وقد حَـذَّرَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أن قانون خفض التضخم قد "يؤدي إلى تفتت الغرب".

    لا شيء من هذا يبشر بأي خير. ذلك أن سياسات الـمُـعامَـلة بالمثل الصناعية تعمل على تشويه الأسعار النسبية، وتقليل الكفاءة الاقتصادية من خلال إعطاء الأولوية للنزوة السياسية قبل الميزة النسبية. مع تبني إعانات الدعم في عدد أكبر من البلدان، فإن هذا يؤدي إلى التخفيف من تأثيرها في أماكن أخرى.
يعمل...
X