الأمين (محمد-)
امين (محمد)
Al-Amin (Mohammad-) - Al-Amin (Mohammad-)
الأمين (محمد ـ)
(170 - 198هـ/787 - 813م)
أبو عبد الله محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور الهاشمي العباسي أمير المؤمنين، سادس الخلفاء العباسيين، أمه أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وهذا النسب جعله مفضلاً على أخيه المأمون، كما حظي لذلك النسب بتأييد العرب لخلافته وعمل على الاستعانة بهم ولاسيما في أيام محنته.
كان الأمين جميل الصورة، فصيحاً على حظ وافر من الأدب، ينشد الشعر ويعطي عليه الجوائز الكثيرة، وكان أبو نواس شاعره الأثير. تأدب على الكسائي، وقرأ عليه القرآن. رماه أعداؤه بالانصراف إلى اللهو والمجون، والحق أن ما كتب عنه لا يخلو من مبالغة. بويع بالخلافة في بغداد في 19 جمادى الآخرة سنة 193هـ/799م بعد وفاة أبيه. وكان أبوه هارون الرشيد قد جعله ولياً لعهده منذ سنة 175هـ/781م، وجعل له ولاية العراق والشام حتى أقصى المغرب، ولقبه بالأمين. ثم ما لبث أن بايع الرشيد ابنه عبد الله بعد الأمين في سنة 182 هـ/788م ولقبه بالمأمون على أن تكون له ولاية خراسان وما يتصل بها من الولايات الشرقية، وفي سنة 186هـ/792م بايع الرشيد ابنه القاسم بعد أخيه المأمون ودعاه المؤتمن، وجعل له ولاية الجزيرة والثغور. وكتب الرشيد بذلك صحيفة أشهد عليها القضاة والفقهاء وأكابر بني هاشم وعلقت في الكعبة. كما أنه تأكيداً لتنفيذ وصيته في ولاية العهد، دعا الأمين لكتابة كتاب يشهد فيه على نفسه بالوفاء للمأمون، كما دعا المأمون إلى كتابة كتاب آخر بالوفاء للأمين. ووضع هذين الكتابين إلى جانب الصحيفة التي كتبها للمؤتمن، وأشهد الجميع على ذلك.
وضع الرشيد بذلك بذرة التفكك السياسي، وأوقع الخلافة في خضم حرب أهلية كبيرة كانت لها نتائجها الخطيرة على مستقبل الخلافة. وأدى فيها الوزيران الفضل بن الربيع[ر] والفضل بن سهل[ر] الدور الأكبر في اندلاع نار العداوة والحرب بين الأخوين. فقد انحاز الفضل بن الربيع وزير هارون الرشيد ثم الأمين للأمين، واستجابة لرغبته عاد إليه بالجيش والمال والمتاع والرقيق والخيل التي أوصى الرشيد أن تعطى بعد وفاته للمأمون، وأخذ يوغر صدره شيئاً فشيئاً على أخيه المأمون وحرضه على خلعه والبيعة لابنه.
بدأ الأمين الموقف العدائي من أخيه المأمون بالدعاء لابنه موسى على المنابر بعد اسمه وقبلَ المأمون وذلك سنة 194 هـ /800م وعزل أخاه المؤتمن عن الجزيرة، ثم استدعى المأمون إلى بغداد، فامتنع من الحضور، ورد على فعل أخيه بقطع بريد خراسان عنه، وقطع الخطبة له، وأطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين.
جهز الأمين سنة 195هـ/801م جيشاً بقيادة علي بن عيسى بن ماهان لقتال أخيه، ولكن طاهر بن الحسين، قائد جيش المأمون، هزمه وقتله بظاهر الرّي، وتتابعت جيوش الأمين إلا أنها أخفقت في إحراز النصر، واستولى طاهر على الجبل والأهواز وأعمالهما، وواسط والمدائن، ولمّا وصل هرثمة بن أعين مدداً لطاهر، توجه جيش المأمون إلى بغداد سنة 197هـ وحاصرها حتى اشتد الضيق بأهلها ونفد الطعام من بغداد واضطربت الأحوال فيها، واستولى جيش المأمون على ضياع من لم يستسلم من بني هاشم وقواد الأمين وغيرهم، واضطر الأمين إلى بيع كل ما يملك لينفق على من بقي من الجند وليحمّسهم ويبقيهم إلى جانبه، فلما استسلم عدد من بني هاشم ومن القواد إلى طاهر بن الحسين ومن هؤلاء صاحب شرطة الأمين، أدرك الخليفة أن لا فائدة من الاستمرار في القتال فقرر الاستسلام، وأرسل يطلب الأمان لنفسه فأمنه هرثمة وصار إليه الأمين فأركبه حَراقة وركب هو معه وأحسن لقاءه ولكن طاهر بن الحسين لم يرض عن صنيع هرثمة فأمر بنقب الحراقة فغرقت، واستطاع الأمين أن يسبح ونجا بنفسه، ثم لجأ إلى بيت رجل من العامة، ولكن جند طاهر ظفروا به وقتلوه، وأمر طاهر بنصب رأس الأمين فوق رمح ليراه الناس، ثم بعث به مع البردة والقضيب والنعل إلى المأمون كما بعث موسى وعبد الله ابني الأمين إلى عمهما المأمون، وأمر بتحويل والدته زبيدة من قصر أبي جعفر إلى قصر الخلد. وكان ذلك في آخر محرم 198هـ/ أيلول813م. فكانت خلافته أقل من خمس سنين. وقد رثاه عدد من الشعراء. كانت نهاية الخليفة الأمين على يد أخيه المأمون سبباً في سلبه كل مميزات شخصيته وأن ينسب إليه كل صفات السوء من لهو وتبذير ومشاركة النساء والإماء له في الرأي. ومما لاشك فيه أن سوء سياسة الأمين، وقلة خبرته الحربية، وسوء اختياره لقادته واستهانته بأخيه وقادته، كان لذلك كله الأثر الأكبر في الهزيمة التي مني بها. ومهما يكن من أمر فإن هذا الصراع بين الأخوين الأمين والمأمون انتهى بانتصار القوة الفارسية بزعامة المأمون، وأصبح لها منذ ذلك الوقت دور بارز في المجتمع وفي السياسة والحرب. وكان بروز هذه القوة يضعف القوة العربية ويخلخل التوازن بين القوتين.
أمينة بيطار
امين (محمد)
Al-Amin (Mohammad-) - Al-Amin (Mohammad-)
الأمين (محمد ـ)
(170 - 198هـ/787 - 813م)
أبو عبد الله محمد الأمين بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور الهاشمي العباسي أمير المؤمنين، سادس الخلفاء العباسيين، أمه أم جعفر زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور، وهذا النسب جعله مفضلاً على أخيه المأمون، كما حظي لذلك النسب بتأييد العرب لخلافته وعمل على الاستعانة بهم ولاسيما في أيام محنته.
كان الأمين جميل الصورة، فصيحاً على حظ وافر من الأدب، ينشد الشعر ويعطي عليه الجوائز الكثيرة، وكان أبو نواس شاعره الأثير. تأدب على الكسائي، وقرأ عليه القرآن. رماه أعداؤه بالانصراف إلى اللهو والمجون، والحق أن ما كتب عنه لا يخلو من مبالغة. بويع بالخلافة في بغداد في 19 جمادى الآخرة سنة 193هـ/799م بعد وفاة أبيه. وكان أبوه هارون الرشيد قد جعله ولياً لعهده منذ سنة 175هـ/781م، وجعل له ولاية العراق والشام حتى أقصى المغرب، ولقبه بالأمين. ثم ما لبث أن بايع الرشيد ابنه عبد الله بعد الأمين في سنة 182 هـ/788م ولقبه بالمأمون على أن تكون له ولاية خراسان وما يتصل بها من الولايات الشرقية، وفي سنة 186هـ/792م بايع الرشيد ابنه القاسم بعد أخيه المأمون ودعاه المؤتمن، وجعل له ولاية الجزيرة والثغور. وكتب الرشيد بذلك صحيفة أشهد عليها القضاة والفقهاء وأكابر بني هاشم وعلقت في الكعبة. كما أنه تأكيداً لتنفيذ وصيته في ولاية العهد، دعا الأمين لكتابة كتاب يشهد فيه على نفسه بالوفاء للمأمون، كما دعا المأمون إلى كتابة كتاب آخر بالوفاء للأمين. ووضع هذين الكتابين إلى جانب الصحيفة التي كتبها للمؤتمن، وأشهد الجميع على ذلك.
وضع الرشيد بذلك بذرة التفكك السياسي، وأوقع الخلافة في خضم حرب أهلية كبيرة كانت لها نتائجها الخطيرة على مستقبل الخلافة. وأدى فيها الوزيران الفضل بن الربيع[ر] والفضل بن سهل[ر] الدور الأكبر في اندلاع نار العداوة والحرب بين الأخوين. فقد انحاز الفضل بن الربيع وزير هارون الرشيد ثم الأمين للأمين، واستجابة لرغبته عاد إليه بالجيش والمال والمتاع والرقيق والخيل التي أوصى الرشيد أن تعطى بعد وفاته للمأمون، وأخذ يوغر صدره شيئاً فشيئاً على أخيه المأمون وحرضه على خلعه والبيعة لابنه.
بدأ الأمين الموقف العدائي من أخيه المأمون بالدعاء لابنه موسى على المنابر بعد اسمه وقبلَ المأمون وذلك سنة 194 هـ /800م وعزل أخاه المؤتمن عن الجزيرة، ثم استدعى المأمون إلى بغداد، فامتنع من الحضور، ورد على فعل أخيه بقطع بريد خراسان عنه، وقطع الخطبة له، وأطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين.
جهز الأمين سنة 195هـ/801م جيشاً بقيادة علي بن عيسى بن ماهان لقتال أخيه، ولكن طاهر بن الحسين، قائد جيش المأمون، هزمه وقتله بظاهر الرّي، وتتابعت جيوش الأمين إلا أنها أخفقت في إحراز النصر، واستولى طاهر على الجبل والأهواز وأعمالهما، وواسط والمدائن، ولمّا وصل هرثمة بن أعين مدداً لطاهر، توجه جيش المأمون إلى بغداد سنة 197هـ وحاصرها حتى اشتد الضيق بأهلها ونفد الطعام من بغداد واضطربت الأحوال فيها، واستولى جيش المأمون على ضياع من لم يستسلم من بني هاشم وقواد الأمين وغيرهم، واضطر الأمين إلى بيع كل ما يملك لينفق على من بقي من الجند وليحمّسهم ويبقيهم إلى جانبه، فلما استسلم عدد من بني هاشم ومن القواد إلى طاهر بن الحسين ومن هؤلاء صاحب شرطة الأمين، أدرك الخليفة أن لا فائدة من الاستمرار في القتال فقرر الاستسلام، وأرسل يطلب الأمان لنفسه فأمنه هرثمة وصار إليه الأمين فأركبه حَراقة وركب هو معه وأحسن لقاءه ولكن طاهر بن الحسين لم يرض عن صنيع هرثمة فأمر بنقب الحراقة فغرقت، واستطاع الأمين أن يسبح ونجا بنفسه، ثم لجأ إلى بيت رجل من العامة، ولكن جند طاهر ظفروا به وقتلوه، وأمر طاهر بنصب رأس الأمين فوق رمح ليراه الناس، ثم بعث به مع البردة والقضيب والنعل إلى المأمون كما بعث موسى وعبد الله ابني الأمين إلى عمهما المأمون، وأمر بتحويل والدته زبيدة من قصر أبي جعفر إلى قصر الخلد. وكان ذلك في آخر محرم 198هـ/ أيلول813م. فكانت خلافته أقل من خمس سنين. وقد رثاه عدد من الشعراء. كانت نهاية الخليفة الأمين على يد أخيه المأمون سبباً في سلبه كل مميزات شخصيته وأن ينسب إليه كل صفات السوء من لهو وتبذير ومشاركة النساء والإماء له في الرأي. ومما لاشك فيه أن سوء سياسة الأمين، وقلة خبرته الحربية، وسوء اختياره لقادته واستهانته بأخيه وقادته، كان لذلك كله الأثر الأكبر في الهزيمة التي مني بها. ومهما يكن من أمر فإن هذا الصراع بين الأخوين الأمين والمأمون انتهى بانتصار القوة الفارسية بزعامة المأمون، وأصبح لها منذ ذلك الوقت دور بارز في المجتمع وفي السياسة والحرب. وكان بروز هذه القوة يضعف القوة العربية ويخلخل التوازن بين القوتين.
أمينة بيطار