فيشي (حكومة ـ)
حكومة فيشي Gouvernement de Vichy حكومة فرنسية موالية لألمانيا النازية، تشكلت في أثناء الحرب العالمية الثانية بعد أن اقتحمت القوات الألمانية الأراضي الفرنسية عبر هولندا وبلجيكا بقيادة الجنرال غورديان في أيار/مايو 1940م، وهي منسوبة إلى مدينة فيشي (منتجع في جنوبي فرنسا)، واستمرت حتى عام1944م.
ومع وصول القوات الألمانية إلى باريس سقطت حكومة بول رينو Renaud، وأسند تشكيل الحكومة إلى نائبه المارشال هنري فيليب بيتان H.Ph.Pétain الذي أعلن من فوره قطع علاقات فرنسا الدبلوماسية مع بريطانيا، معلناً موالاته لألمانيا النازية تحت ذريعة حماية البلاد والدفاع عن مصالحها العليا، ووقّع مع الحكومة الألمانية اتفاقية هدنة تضمنت نزع سلاح القوات الفرنسية، وقسمت البلاد إلى قسمين، الأول وهو الأكبر (ثلاثة أخماس فرنسا) يكون خاضعاً للنفوذ الألماني المباشر، والثاني تقوم عليه الدولة الفرنسية الجديدة برئاسة بيتان ولكنه في حقيقته كان خاضعاً كذلك للإملاءات الألمانية، ولم يكن لحكومة بيتان، إلا قدر ضئيل من الصلاحيات. ومع أن قبول هذه الحكومة لشروط المعاهدة المعقودة بين الطرفين جاء بحجة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، غير أن واقع الحال أثبت أن حكومة فيشي تجاوزت ماهو مطلوب منها عندما تبنّت بعض المبادئ النازية واليمين المسيحي المتطرف، مما دعا إلى رفضها من قبل عدد كبير من الفرنسيين، وعلى رأسهم العقيد (الجنرال فيما بعد) شارل دوغول[ر] بوصفها مهينة بحق فرنسا، ولا تتفق مع المبادئ والمثل التي يتطلع إليها الشعب الفرنسي، فغادر إلى لندن وترأس هناك مايعرف باللجنة الوطنية الفرنسية، داعياً إلى المقاومة المسلحة معتمداً على بعض رفاقه من العسكريين، وقام دوغول بتشكيل حكومة وطنية عرفت بحكومة (فرنسا الحرة) بمساعدة الحكومتين البريطانية والأمريكية، ودعا الفرنسيين في داخل فرنسا ومستعمراتها في الخارج إلى مقاومة الألمان.
نالت حكومة فيشي موافقة شبه إجماعية (395 مقابل3) في مجلس النواب، وعَيَّن بيتان بيير لافال Pierre Laval رئيساً للحكومة، فأصبح الحاكم الفعلي لفرنسا، وقد كان لافال عضواً بارزاً في الحزب الاشتراكي، ثم أصبح من أكبر المتعاونين مع هتلر والقوات الألمانية الموجودة في فرنسا، وحصر بيده جميع السلطات، ولم يكن بيتان أكثر من رئيس شكلي لدولة فيشي الفرنسية.
وقد نظر أتباع دوغول إلى الفيشيين أنهم خونة، وبلغ الصراع أشده مابين الفريقين، وقام الدوغوليون بمساعدة القوات البريطانية بضرب قوات فيشي في المستعمرات الفرنسية في سورية ولبنان وإفريقيا، وتمكن الأسطول الأنكلو أمريكي من إنزال ضربات قوية بالأسطول الفرنسي الموجود في المغرب والجزائر وداكار. وفي عام 1943عقد كل من تيودور روزفلت Th.Roosevelt وونستون تشرشل W.Churchill مؤتمر الدار البيضاء، حضره دوغول، وتقرر فيه وضع خطة عسكرية لتحرير فرنسا و القضاء على الوجود الألماني فيها. وفي حزيران/يونيو 1944م بدأ الهجوم على شواطئ النورماندي من قبل قوات مشتركة بريطانية وأمريكية وكندية بقصف جوي شارك فيه نحو2000 طائرة، وبعد معارك ضارية وصلت القوات المتحالفة إلى باريس في 25 آب/أغسطس 1944، بصحبة شارل دوغول بعد أن تكبدت ألمانيا خسائر فادحة (نحو مليوني جندي بين قتيل وجريح وأسير) وفقد الحلفاء نحو نصف هذا العدد تقريباً. وقام دوغول بتشكيل حكومة مؤقتة ألقت القبض على بيتان وحكمت عليه بالموت، بيد أن دوغول أبدل بالحكم السجن مدى الحياة وسط تشكيك كثيرين بعدالة المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لعدم قناعتهم بجدية تعاون بيتان مع الألمان. أما بيير لافال فقد هرب إلى النمسا في نيسان/أبريل 1945، ومنها إلى برشلونة، ومنها إلى إينسبروك Innsbruck حيث ألقت القوات الأمريكية القبض عليه وسلمته إلى السلطات الفرنسية التي حكمت عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، ونُفّذ فيه الحكم رمياً بالرصاص في تشرين الأول/أكتوبر1945.
مصطفى الخطيب
حكومة فيشي Gouvernement de Vichy حكومة فرنسية موالية لألمانيا النازية، تشكلت في أثناء الحرب العالمية الثانية بعد أن اقتحمت القوات الألمانية الأراضي الفرنسية عبر هولندا وبلجيكا بقيادة الجنرال غورديان في أيار/مايو 1940م، وهي منسوبة إلى مدينة فيشي (منتجع في جنوبي فرنسا)، واستمرت حتى عام1944م.
ومع وصول القوات الألمانية إلى باريس سقطت حكومة بول رينو Renaud، وأسند تشكيل الحكومة إلى نائبه المارشال هنري فيليب بيتان H.Ph.Pétain الذي أعلن من فوره قطع علاقات فرنسا الدبلوماسية مع بريطانيا، معلناً موالاته لألمانيا النازية تحت ذريعة حماية البلاد والدفاع عن مصالحها العليا، ووقّع مع الحكومة الألمانية اتفاقية هدنة تضمنت نزع سلاح القوات الفرنسية، وقسمت البلاد إلى قسمين، الأول وهو الأكبر (ثلاثة أخماس فرنسا) يكون خاضعاً للنفوذ الألماني المباشر، والثاني تقوم عليه الدولة الفرنسية الجديدة برئاسة بيتان ولكنه في حقيقته كان خاضعاً كذلك للإملاءات الألمانية، ولم يكن لحكومة بيتان، إلا قدر ضئيل من الصلاحيات. ومع أن قبول هذه الحكومة لشروط المعاهدة المعقودة بين الطرفين جاء بحجة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، غير أن واقع الحال أثبت أن حكومة فيشي تجاوزت ماهو مطلوب منها عندما تبنّت بعض المبادئ النازية واليمين المسيحي المتطرف، مما دعا إلى رفضها من قبل عدد كبير من الفرنسيين، وعلى رأسهم العقيد (الجنرال فيما بعد) شارل دوغول[ر] بوصفها مهينة بحق فرنسا، ولا تتفق مع المبادئ والمثل التي يتطلع إليها الشعب الفرنسي، فغادر إلى لندن وترأس هناك مايعرف باللجنة الوطنية الفرنسية، داعياً إلى المقاومة المسلحة معتمداً على بعض رفاقه من العسكريين، وقام دوغول بتشكيل حكومة وطنية عرفت بحكومة (فرنسا الحرة) بمساعدة الحكومتين البريطانية والأمريكية، ودعا الفرنسيين في داخل فرنسا ومستعمراتها في الخارج إلى مقاومة الألمان.
نالت حكومة فيشي موافقة شبه إجماعية (395 مقابل3) في مجلس النواب، وعَيَّن بيتان بيير لافال Pierre Laval رئيساً للحكومة، فأصبح الحاكم الفعلي لفرنسا، وقد كان لافال عضواً بارزاً في الحزب الاشتراكي، ثم أصبح من أكبر المتعاونين مع هتلر والقوات الألمانية الموجودة في فرنسا، وحصر بيده جميع السلطات، ولم يكن بيتان أكثر من رئيس شكلي لدولة فيشي الفرنسية.
وقد نظر أتباع دوغول إلى الفيشيين أنهم خونة، وبلغ الصراع أشده مابين الفريقين، وقام الدوغوليون بمساعدة القوات البريطانية بضرب قوات فيشي في المستعمرات الفرنسية في سورية ولبنان وإفريقيا، وتمكن الأسطول الأنكلو أمريكي من إنزال ضربات قوية بالأسطول الفرنسي الموجود في المغرب والجزائر وداكار. وفي عام 1943عقد كل من تيودور روزفلت Th.Roosevelt وونستون تشرشل W.Churchill مؤتمر الدار البيضاء، حضره دوغول، وتقرر فيه وضع خطة عسكرية لتحرير فرنسا و القضاء على الوجود الألماني فيها. وفي حزيران/يونيو 1944م بدأ الهجوم على شواطئ النورماندي من قبل قوات مشتركة بريطانية وأمريكية وكندية بقصف جوي شارك فيه نحو2000 طائرة، وبعد معارك ضارية وصلت القوات المتحالفة إلى باريس في 25 آب/أغسطس 1944، بصحبة شارل دوغول بعد أن تكبدت ألمانيا خسائر فادحة (نحو مليوني جندي بين قتيل وجريح وأسير) وفقد الحلفاء نحو نصف هذا العدد تقريباً. وقام دوغول بتشكيل حكومة مؤقتة ألقت القبض على بيتان وحكمت عليه بالموت، بيد أن دوغول أبدل بالحكم السجن مدى الحياة وسط تشكيك كثيرين بعدالة المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لعدم قناعتهم بجدية تعاون بيتان مع الألمان. أما بيير لافال فقد هرب إلى النمسا في نيسان/أبريل 1945، ومنها إلى برشلونة، ومنها إلى إينسبروك Innsbruck حيث ألقت القوات الأمريكية القبض عليه وسلمته إلى السلطات الفرنسية التي حكمت عليه بالإعدام بتهمة الخيانة العظمى، ونُفّذ فيه الحكم رمياً بالرصاص في تشرين الأول/أكتوبر1945.
مصطفى الخطيب