انده (ميخاييل)
Ende (Michael-) - Ende (Michael-)
إنده (ميخائيل ـ)
(1929ـ 1995)
ميخائيل إنده Michael Ende ابن الرسام السريالي إدغار إنده، أديب ألماني ولد في مدينة غارمش بارتنكيرشن Garmisch Partenkirschen، وانتقلت أسرته عام 1931 إلى مونيخ، حيث نشأ في محيط الرسامين والنحاتين والأدباء وأبنائهم. ودخل عام 1936 المدرسة. وفي عام 1940 التحق بثانوية ماكسيميليان Maximilian Gymansium، وفي عام 1943 أُخليت مدارس مونيخ جرّاء الحرب، فأكمل تعليمه الثانوي في مدينة شتوتغارت Stuttgart ثم درس المسرح في معهد أوتو فالكنبرغ Otto Falkenberg Schule، وتعرّف عام 1951 في مدينة مونيخ زوجته الممثلة المسرحية إنغبورغ هوفمان Ingeborg Hoffmann التي دخل بتأثيرها عالم المسرح السياسي بقوة وكتب عدداً من الاسكتشات والأغاني. وعمل من عام 1954 حتى 1961 ناقداً سينمائياً للإذاعة في بافارية. وحطَّ به الرحال عام 1970 في فيلا لياكورنو Villa Liacorno جنوبي رومة مع زوجه، وهناك انصرف إلى الكتابة الأدبية، وعاد إلى ألمانية بعد وفاة زوجه عام 1985 وتوفي في مدينة شتوتغارت.
حصل إنده إبّان مسيرته الأدبية على عدد من الجوائز الأدبية منها جائزة الأدب لمدينة برلين Literaturpreis der Stadt Berlin عام 1960 عن عمله «الجيل الشاب»، وجائزة الكتاب الألماني عام 1961، وجائزة هوغو - ياكوبي Hugu-Jakobi-Preis عام 1967 وجائزة ناكموري - طوكيو Nakamori-Tokio-Preis عام 1976، ثم جائزة الأكاديمية الألمانية الكبرى لأدب الشبيبة والأطفال Grosser Preis der deutschen Akadamie Für Kinder und Jugend Literatur عام 1980، وكذلك الجائزة الأوربية لكتاب الشباب Europäischer Jugendbuchpreis كما اختير عدة مرات «أديب السنة» ومنحته الدول الأوربية الناطقة بالألمانية عدة جوائز أدبية.
كتب إنده عام 1960 رواية أطفال بعنوان «جيم كنوبف ولوكاس سائق القاطرة» Jim Knopf und Lukas der Lokomotivführer ورواية أخرى عنوانها «مومو» Momo عام 1973، و«القصة اللانهائية» Die unendliche Geschichte و«الأراجوز الصغير» Das kleine Lumpenkasperle و«الوليمة الخيالية» Das Traumfresserchen. كما ألف إلى جانب روايات الأطفال أعمالاً درامية وعدداً من المسرحيات منها «ميراث المعتوه» Das Erbe des Narren و«أسطورة المهرج» Das Gauklermärchen. وعُرضت مسرحياته على الكثير من المسارح. وهي تدور في جلِّها، كما في رواياته، في عالمين، عالم الواقع وعالم الخيال. وفي عام 1984 ألّف أوبرا «غوغولوري» Der Goggolori، وهي مقتبسة من أسطورة بافارية من القرن السادس عشر. وفي عام 1989 ألَّف أحجية بعنوان «مشروب الأماني» Der Wunschpunsch تعالج بأسلوب لاذع وبلغة مفهومة للأطفال قضايا تشويه البيئة، لكنها نداء للكبار كي يفكروا في عواقب تشويه البيئة على مستقبل البشرية.
في روايات إنده يأخذ الأطفال الدور الرئيسي، ويتم إبراز عنصر «الفانتازيا» بوضوح. ومع الزعم السائد بأن إنده كتب للأطفال قصصاً خيالية، فإنما كان يقصد بها الكبار. فهي من ناحية الشكل روايات مغامرات للأطفال، ومن ناحية المضمون تخاطب عقول الكبار، لأن إنده يرفض الفصل بين أدب الأطفال وأدب الكبار «فالأطفال يريدون العيش في عالم الكبار وليس في عالم معزول» بحسب رأيه، والفصل بين العالمين مستحيل.
ويتطرق إنده في روايته الأولى «جيم كنوبف» إلى موضوع العلاقات الاجتماعية الوظيفية، إذ يتم اندماج الأقليات المضطهدة في البناء الاجتماعي، من دون أن يتأثر المجتمع سلباً من هذا الاندماج. لقد أوجد إنده في رواياته عالماً يمكن العيش فيه للصغار وللكبار على حد سواء. وعلى منوال الرواية الرومنسية ينتقد الطفل الصغير مجرى التاريخ، ويمثل الشاب فيها الإنسان الحقيقي والصافي. وهو بهذا يطور ميثولوجية جديدة، لكنه يؤيد أنصار «اللاعقلانية» Antiratio nalismus التي وصلت إلى ذروتها في الرومنسية وفي أدب حقبة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وذلك برفضه مفهوم التفكير الأحادي المجرَّد وتأييده للقوى والمؤثرات الحسية - العاطفية، بيد أن اللاعقلانية لا تعني لإنده إعادة عملية التنوير Enlightenment إلى الوراء، وإنما تحريرها من مأزق العقلانية الاستدلالية الصارمة. فهو يرى أن الفن أهم الساحات للتغلب على الواقع، ويدعو إلى شعر جديد، وإلى رومنسية جديدة. «فما هو الشعر؟» يقول إنده «إنه المقدرة الإبداعية للإنسان في أن يجد نفسه في العالم ويجد العالم في نفسه. لأن هناك صلة متبادلة بين العالمين» وفي رواية «مومو» وهي رواية عن الزمن، ينقل إنده الحدث إلى ما لا نهاية، فالتاريخ يمكن أن يحصل في المستقبل. وفي «القصة اللانهائية» يقدم إنده 26 فصلاً، بحسب الترتيب الأبجدي. ويتوضح المعنى العميق لهذا التقسيم من: «إذا فكَّر المرء مليَّاً فعليه الاعتراف بأن كل قصص العالم تتكون من 26 حرفاً. وهي نفسها دائماً، والذي يتبدل هو ترتيبها. فمن الأحرف تتشكل الكلمات والجمل، ومن الجمل الفصول ومن الفصول القصّة. ومن هذا الترتيب الصارم لشمولية النظام ينبثق اللا متناهي».
يكتب إنده بلغة شعرية ترتبط فيها الصور الإبداعية بالواقع المعيش، ويُسقط الرموز والإشارات للمعالجة الأدبية على القضايا الحياتية - المعاصرة، مثل مشاكل التكنولوجية والبيئة والأسرة. وهو لا يرى أن من واجب الأديب حلَّ مشاكل المجتمع بل توجيه الأنظار إليها بقالب أدبي يؤثر في تكوين سيرورة الوعي عند الإنسان ليكون مدركاً للمشاكل والقضايا المحيطة به.
حسين عمران
Ende (Michael-) - Ende (Michael-)
إنده (ميخائيل ـ)
(1929ـ 1995)
ميخائيل إنده Michael Ende ابن الرسام السريالي إدغار إنده، أديب ألماني ولد في مدينة غارمش بارتنكيرشن Garmisch Partenkirschen، وانتقلت أسرته عام 1931 إلى مونيخ، حيث نشأ في محيط الرسامين والنحاتين والأدباء وأبنائهم. ودخل عام 1936 المدرسة. وفي عام 1940 التحق بثانوية ماكسيميليان Maximilian Gymansium، وفي عام 1943 أُخليت مدارس مونيخ جرّاء الحرب، فأكمل تعليمه الثانوي في مدينة شتوتغارت Stuttgart ثم درس المسرح في معهد أوتو فالكنبرغ Otto Falkenberg Schule، وتعرّف عام 1951 في مدينة مونيخ زوجته الممثلة المسرحية إنغبورغ هوفمان Ingeborg Hoffmann التي دخل بتأثيرها عالم المسرح السياسي بقوة وكتب عدداً من الاسكتشات والأغاني. وعمل من عام 1954 حتى 1961 ناقداً سينمائياً للإذاعة في بافارية. وحطَّ به الرحال عام 1970 في فيلا لياكورنو Villa Liacorno جنوبي رومة مع زوجه، وهناك انصرف إلى الكتابة الأدبية، وعاد إلى ألمانية بعد وفاة زوجه عام 1985 وتوفي في مدينة شتوتغارت.
حصل إنده إبّان مسيرته الأدبية على عدد من الجوائز الأدبية منها جائزة الأدب لمدينة برلين Literaturpreis der Stadt Berlin عام 1960 عن عمله «الجيل الشاب»، وجائزة الكتاب الألماني عام 1961، وجائزة هوغو - ياكوبي Hugu-Jakobi-Preis عام 1967 وجائزة ناكموري - طوكيو Nakamori-Tokio-Preis عام 1976، ثم جائزة الأكاديمية الألمانية الكبرى لأدب الشبيبة والأطفال Grosser Preis der deutschen Akadamie Für Kinder und Jugend Literatur عام 1980، وكذلك الجائزة الأوربية لكتاب الشباب Europäischer Jugendbuchpreis كما اختير عدة مرات «أديب السنة» ومنحته الدول الأوربية الناطقة بالألمانية عدة جوائز أدبية.
كتب إنده عام 1960 رواية أطفال بعنوان «جيم كنوبف ولوكاس سائق القاطرة» Jim Knopf und Lukas der Lokomotivführer ورواية أخرى عنوانها «مومو» Momo عام 1973، و«القصة اللانهائية» Die unendliche Geschichte و«الأراجوز الصغير» Das kleine Lumpenkasperle و«الوليمة الخيالية» Das Traumfresserchen. كما ألف إلى جانب روايات الأطفال أعمالاً درامية وعدداً من المسرحيات منها «ميراث المعتوه» Das Erbe des Narren و«أسطورة المهرج» Das Gauklermärchen. وعُرضت مسرحياته على الكثير من المسارح. وهي تدور في جلِّها، كما في رواياته، في عالمين، عالم الواقع وعالم الخيال. وفي عام 1984 ألّف أوبرا «غوغولوري» Der Goggolori، وهي مقتبسة من أسطورة بافارية من القرن السادس عشر. وفي عام 1989 ألَّف أحجية بعنوان «مشروب الأماني» Der Wunschpunsch تعالج بأسلوب لاذع وبلغة مفهومة للأطفال قضايا تشويه البيئة، لكنها نداء للكبار كي يفكروا في عواقب تشويه البيئة على مستقبل البشرية.
في روايات إنده يأخذ الأطفال الدور الرئيسي، ويتم إبراز عنصر «الفانتازيا» بوضوح. ومع الزعم السائد بأن إنده كتب للأطفال قصصاً خيالية، فإنما كان يقصد بها الكبار. فهي من ناحية الشكل روايات مغامرات للأطفال، ومن ناحية المضمون تخاطب عقول الكبار، لأن إنده يرفض الفصل بين أدب الأطفال وأدب الكبار «فالأطفال يريدون العيش في عالم الكبار وليس في عالم معزول» بحسب رأيه، والفصل بين العالمين مستحيل.
ويتطرق إنده في روايته الأولى «جيم كنوبف» إلى موضوع العلاقات الاجتماعية الوظيفية، إذ يتم اندماج الأقليات المضطهدة في البناء الاجتماعي، من دون أن يتأثر المجتمع سلباً من هذا الاندماج. لقد أوجد إنده في رواياته عالماً يمكن العيش فيه للصغار وللكبار على حد سواء. وعلى منوال الرواية الرومنسية ينتقد الطفل الصغير مجرى التاريخ، ويمثل الشاب فيها الإنسان الحقيقي والصافي. وهو بهذا يطور ميثولوجية جديدة، لكنه يؤيد أنصار «اللاعقلانية» Antiratio nalismus التي وصلت إلى ذروتها في الرومنسية وفي أدب حقبة نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وذلك برفضه مفهوم التفكير الأحادي المجرَّد وتأييده للقوى والمؤثرات الحسية - العاطفية، بيد أن اللاعقلانية لا تعني لإنده إعادة عملية التنوير Enlightenment إلى الوراء، وإنما تحريرها من مأزق العقلانية الاستدلالية الصارمة. فهو يرى أن الفن أهم الساحات للتغلب على الواقع، ويدعو إلى شعر جديد، وإلى رومنسية جديدة. «فما هو الشعر؟» يقول إنده «إنه المقدرة الإبداعية للإنسان في أن يجد نفسه في العالم ويجد العالم في نفسه. لأن هناك صلة متبادلة بين العالمين» وفي رواية «مومو» وهي رواية عن الزمن، ينقل إنده الحدث إلى ما لا نهاية، فالتاريخ يمكن أن يحصل في المستقبل. وفي «القصة اللانهائية» يقدم إنده 26 فصلاً، بحسب الترتيب الأبجدي. ويتوضح المعنى العميق لهذا التقسيم من: «إذا فكَّر المرء مليَّاً فعليه الاعتراف بأن كل قصص العالم تتكون من 26 حرفاً. وهي نفسها دائماً، والذي يتبدل هو ترتيبها. فمن الأحرف تتشكل الكلمات والجمل، ومن الجمل الفصول ومن الفصول القصّة. ومن هذا الترتيب الصارم لشمولية النظام ينبثق اللا متناهي».
يكتب إنده بلغة شعرية ترتبط فيها الصور الإبداعية بالواقع المعيش، ويُسقط الرموز والإشارات للمعالجة الأدبية على القضايا الحياتية - المعاصرة، مثل مشاكل التكنولوجية والبيئة والأسرة. وهو لا يرى أن من واجب الأديب حلَّ مشاكل المجتمع بل توجيه الأنظار إليها بقالب أدبي يؤثر في تكوين سيرورة الوعي عند الإنسان ليكون مدركاً للمشاكل والقضايا المحيطة به.
حسين عمران