فيليب السادس دوفالوا
(1263 ـ 1350)
فيليب السادس دو فالوا Philippe VI de Valois ملك فرنسا (1328ـ1350)، وهو يتحدر من أسرة فالوا الفرنسية الحاكمة التي تحدّرت من شارل فالوا الابن الثالث لفيليب الثاني، والتي خلفت أسرة آل كابيه Capet، وحكمت في تسلسل مباشر حتى عام 1498، ثم تلتها أسرة مكملة أخرى هي فالوا أنغوليم Valois Angoulême التي انقرضت عام 1589، وتلتها أسرة بوربون.
عُيّن فيليب السادس ملكاً على فرنسا بعد وفاة الملك الفرنسي شارل الرابع بن فيليب الرابع عام 1328، من دون أن يعقب ولدا ذكرا يخلفه على العرش، وكان سبب تعيينه أنَّ ادوارد الثالث ملك انكلترا (1327ـ1377) طمع في حكم فرنسا، فبعث إلى مجلس النبلاء في فرنسا يطالب بحقه في العرش الفرنسي، باعتباره حفيداً لفيليب الرابع، ذلك أن إيزابيلا والدة إدوارد الثالث هي ابنة فيليب الرابع، ومن ثمَّ شقيقة الملك الراحل شارل الرابع، وقد خاطب النبلاء الفرنسيين داعيّاً إياهم بحق الأنثى في وراثة العرش الفرنسي، وأن القانون لايحرمها من نقل حقها في العرش إلى أبنائها الذكور، فرد النبلاء الفرنسيون على مطالب ادوارد الثالث بالرفض، لأن قوانين وراثة العرش التي صدرت في فرنسا عام 1316 وعام 1322 لاتسمح لإيزابيلا بنقل التاج إلى ابنها.
وهكذا اجتمع مجلس طبقات الأمّة عام 1328، وانتخبوا أقرب وارث من الذكور لآل كابيه فكان فيليب فالوا، وأصبح بذلك ملكاً على فرنسا باسم فيليب السادس حسماً للنزاع حول العرش الفرنسي.
غير أن إدوارد الثالث ملك إنكلترا لم يعترف بهذا الانتخاب، واستمر يحلم في أن يزيّن رأسه بالتاج الإنكليزي والفرنسي معاً، وكان يتحين الفرصة المناسبة للإطاحة بفيليب السادس، وبالوقت نفسه أخذ أركان دولته يزينون له بأن فيليب فالوا حاكم ضعيف، وأنه على وشك الخروج في حملة صليبية إلى الشرق بهدف استرداد الأماكن المقدسة عام 1332، في أثناء ذلك قام راهب ألماني اسمه بروكارديوس، وكان قد أمضى بعضاً من الوقت في أرمينيا بكتابة رسالة قدم فيها نصائح للملك، وحديثاً عن المخاطر المحدقة بحملة كهذه إلى الشرق، والاحتياطات التي يجب اتخاذها للوقاية منها، وبدا لهم جميعا أن الفرصة مناسبة للبدء بغزو فرنسا.
وقد كانت الأوضاع الداخلية لفرنسا عاملاً مشجعاً لإنكلترا على مهاجمتها، ذلك أن نبلاء فرنسا كانوا قد انغمسوا بعد انتهاء الحروب الصليبية في حروب محلية، وأخذوا يسومون الفلاحين والأقنان ألوان الظلم والاضطهاد، وانعدم لديهم الإحساس بالخطر الذي يهدد فرنسا من إنكلترا المتماسكة سياسياً واجتماعياً، هذا فضلا عن أن الدولة الفرنسية كانت تعاني آنذاك عجزاً مالياً كبيراً وتعيش في ظل نظام ضريبي مالي فاسد، فالفرنسيون رفضوا دفع ضريبة مجزية لحكومتهم، وعندما كانت تجمع الضرائب، تجمع بطريقة التخمين، وكان الضامن يبتز من دافعيها أموالاً أكثر مما كان يحمل إلى خزينة الدولة، وناءت كواهل الفلاحين الفقراء بالضرائب وضاق التجار بالمكوس والتلاعب بالأسعار، ولهذا كله فإن أحوال فرنسا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كانت عامل جذب لإنكلترا في إعلان الحرب عليها.
ومن جديد طالب إدوارد عام 1337 رسمياً بالعرش الفرنسي، وكان رفض طلبه السبب المباشر لحرب المئة عام[ر] بين إنكلترا وفرنسا، والتي انتهت بهزيمة عسكرية فرنسية في الفصول الأولى من هذه الحرب إثر معركة كريسي Crécy عام 1346، وتدمير الجيش الفرنسي تدميراً كاملاً، حيث استخدمت المدافع لأول مرّة في التاريخ، وفي السنة التالية (1347) استولى الإنكليز على مدينة كاليه Calais التي طالما طمعوا بها لتكون منفذاً سهلاً وقريباً للأراضي الفرنسية، وزاد الوضع سوءاً كارثة كبرى ألمّت بأوربا، وعالم البحر المتوسط، وهي انتشار وباء الطاعون الذي جاء من منطقة البحر الأسود، وسمي الموت الأسود، أدى إلى تحطيم اقتصاديات عالم البحر المتوسط والغرب الأوربي معاً، وفناء ربع سكان العالم المتحضر، وكانت خسارة فرنسا مضاعفة في تلك الظروف نتيجة ما لحقها من خراب ودمار على أيدي الإنكليز من ناحية، وما جرّه عليها الموت الأسود من كوارث، ونكبات من ناحية أخرى.
وتأسّى فيليب السادس من الطاعون والهزيمة، وزاد الأمر سوءاً زواجه وهو في السادسة والخمسين من عمره من بلانش، أميرة نافار البالغة من العمر ثماني عشرة سنة، وهي التي كان ينوي خطبتها لابنه، فتوفي بعد ذلك بسبعة أشهر فقط، من دون أن يتمكن من الثأر لبلاده مما ألحقه الإنكليز بها في عهده.
شكران خربوطلي
(1263 ـ 1350)
فيليب السادس دو فالوا Philippe VI de Valois ملك فرنسا (1328ـ1350)، وهو يتحدر من أسرة فالوا الفرنسية الحاكمة التي تحدّرت من شارل فالوا الابن الثالث لفيليب الثاني، والتي خلفت أسرة آل كابيه Capet، وحكمت في تسلسل مباشر حتى عام 1498، ثم تلتها أسرة مكملة أخرى هي فالوا أنغوليم Valois Angoulême التي انقرضت عام 1589، وتلتها أسرة بوربون.
عُيّن فيليب السادس ملكاً على فرنسا بعد وفاة الملك الفرنسي شارل الرابع بن فيليب الرابع عام 1328، من دون أن يعقب ولدا ذكرا يخلفه على العرش، وكان سبب تعيينه أنَّ ادوارد الثالث ملك انكلترا (1327ـ1377) طمع في حكم فرنسا، فبعث إلى مجلس النبلاء في فرنسا يطالب بحقه في العرش الفرنسي، باعتباره حفيداً لفيليب الرابع، ذلك أن إيزابيلا والدة إدوارد الثالث هي ابنة فيليب الرابع، ومن ثمَّ شقيقة الملك الراحل شارل الرابع، وقد خاطب النبلاء الفرنسيين داعيّاً إياهم بحق الأنثى في وراثة العرش الفرنسي، وأن القانون لايحرمها من نقل حقها في العرش إلى أبنائها الذكور، فرد النبلاء الفرنسيون على مطالب ادوارد الثالث بالرفض، لأن قوانين وراثة العرش التي صدرت في فرنسا عام 1316 وعام 1322 لاتسمح لإيزابيلا بنقل التاج إلى ابنها.
فيليب السادس يتوج ملكاً على فرنسا |
غير أن إدوارد الثالث ملك إنكلترا لم يعترف بهذا الانتخاب، واستمر يحلم في أن يزيّن رأسه بالتاج الإنكليزي والفرنسي معاً، وكان يتحين الفرصة المناسبة للإطاحة بفيليب السادس، وبالوقت نفسه أخذ أركان دولته يزينون له بأن فيليب فالوا حاكم ضعيف، وأنه على وشك الخروج في حملة صليبية إلى الشرق بهدف استرداد الأماكن المقدسة عام 1332، في أثناء ذلك قام راهب ألماني اسمه بروكارديوس، وكان قد أمضى بعضاً من الوقت في أرمينيا بكتابة رسالة قدم فيها نصائح للملك، وحديثاً عن المخاطر المحدقة بحملة كهذه إلى الشرق، والاحتياطات التي يجب اتخاذها للوقاية منها، وبدا لهم جميعا أن الفرصة مناسبة للبدء بغزو فرنسا.
وقد كانت الأوضاع الداخلية لفرنسا عاملاً مشجعاً لإنكلترا على مهاجمتها، ذلك أن نبلاء فرنسا كانوا قد انغمسوا بعد انتهاء الحروب الصليبية في حروب محلية، وأخذوا يسومون الفلاحين والأقنان ألوان الظلم والاضطهاد، وانعدم لديهم الإحساس بالخطر الذي يهدد فرنسا من إنكلترا المتماسكة سياسياً واجتماعياً، هذا فضلا عن أن الدولة الفرنسية كانت تعاني آنذاك عجزاً مالياً كبيراً وتعيش في ظل نظام ضريبي مالي فاسد، فالفرنسيون رفضوا دفع ضريبة مجزية لحكومتهم، وعندما كانت تجمع الضرائب، تجمع بطريقة التخمين، وكان الضامن يبتز من دافعيها أموالاً أكثر مما كان يحمل إلى خزينة الدولة، وناءت كواهل الفلاحين الفقراء بالضرائب وضاق التجار بالمكوس والتلاعب بالأسعار، ولهذا كله فإن أحوال فرنسا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كانت عامل جذب لإنكلترا في إعلان الحرب عليها.
ومن جديد طالب إدوارد عام 1337 رسمياً بالعرش الفرنسي، وكان رفض طلبه السبب المباشر لحرب المئة عام[ر] بين إنكلترا وفرنسا، والتي انتهت بهزيمة عسكرية فرنسية في الفصول الأولى من هذه الحرب إثر معركة كريسي Crécy عام 1346، وتدمير الجيش الفرنسي تدميراً كاملاً، حيث استخدمت المدافع لأول مرّة في التاريخ، وفي السنة التالية (1347) استولى الإنكليز على مدينة كاليه Calais التي طالما طمعوا بها لتكون منفذاً سهلاً وقريباً للأراضي الفرنسية، وزاد الوضع سوءاً كارثة كبرى ألمّت بأوربا، وعالم البحر المتوسط، وهي انتشار وباء الطاعون الذي جاء من منطقة البحر الأسود، وسمي الموت الأسود، أدى إلى تحطيم اقتصاديات عالم البحر المتوسط والغرب الأوربي معاً، وفناء ربع سكان العالم المتحضر، وكانت خسارة فرنسا مضاعفة في تلك الظروف نتيجة ما لحقها من خراب ودمار على أيدي الإنكليز من ناحية، وما جرّه عليها الموت الأسود من كوارث، ونكبات من ناحية أخرى.
وتأسّى فيليب السادس من الطاعون والهزيمة، وزاد الأمر سوءاً زواجه وهو في السادسة والخمسين من عمره من بلانش، أميرة نافار البالغة من العمر ثماني عشرة سنة، وهي التي كان ينوي خطبتها لابنه، فتوفي بعد ذلك بسبعة أشهر فقط، من دون أن يتمكن من الثأر لبلاده مما ألحقه الإنكليز بها في عهده.
شكران خربوطلي