لا تَقتَضي الدَينَ إِلّا بِالقَنا الذُبُلِ
وَلا تُحَكِّم سِوى الأَسيافِ في القُلَلِ
وَلا تُجاوِر لِئاماً ذَلَّ جارُهُمُ
وَخَلِّهِم في عِراصِ الدارِ وَاِرتَحِلِ
وَلا تَفِرَّ إِذا ما خُضتُ مَعرَكَةً
فَما يَزيدُ فِرارُ المَرءِ في الأَجَلِ
يا عَبلَ أَنتِ سَوادُ القَلبِ فَاِحتَكِمي
في مُهجَتي وَاِعدِلي يا غايَةَ الأَمَلِ
وَإِن تَرَحَّلتِ عَن عَبسٍ فَلا تَقِفي
في دارِ ذُلٍّ وَلا تُصغي إِلى العَذَلِ
لِأَنَّ أَرضَهُمُ مِن بَعدِ رِحلَتِنا
تَبقى بِلا فارِسٍ يُدعى وَلا بَطَلِ
سَلي فَزارَةَ عَن فِعلي وَقَد نَفَرَت
في جَحفَلٍ حافِلٍ كَالعارِضِ الهَطِلِ
تَهُزُّ سُمرَ القَنا حِقداً عَلَيَّ وَقَد
رَأَت لَهيبَ حُسامي ساطِعَ الشُعَلِ
يُخبِركِ بَدرُ بنُ عَمروٍ أَنَّني بَطَلٌ
أَلقى الجُيوشَ بِقَلبٍ قُدَّ مِن جَبَلِ
قاتَلتُ فُرسانَهُم حَتّى مَضوا فِرَقاً
وَالطَعنُ في إِثرِهِم أَمضى مِنَ الأَجَلِ
وَعادَ بي فَرَسي يَمشي فَتُعثِرُهُ
جَماجِمٌ نُثِرَت بِالبيضِ وَالأَسَلِ
وَقَد أَسَرتُ سَراةَ القَومِ مُقتَدِراً
وَعُدتُ مِن فَرَحي كَالشارِبِ الثَمِلِ
يا بَينُ رَوَّعتَ قَلبي بِالفِراقِ وَما
أَبكي لِفُرقَةِ أَصحابٍ وَلا طَلَلِ
بَل مِن فِراقِ الَّتي في جَفنِها سَقَمٌ
قَد زادَني عِلَلاً مِنهُ عَلى عِلَلي
أُمسي عَلى وَجَلٍ خَوفَ الفِراقِ كَما
تُمسي الأَعادِيُّ مِن سَيفي عَلى وَجَلِ
مَن لي بِرَدِّ الصِبا وَاللَهوِ وَالغَزَلِ
هَيهاتَ ما فاتَ مِن أَيّامِكَ الأُوَلِ
طَوى الجَديدانِ ما قَد كُنتُ أَنشُرُهُ
وَأَنكَرَتني ذَواتُ الأَعيُنِ النُجُلِ
وَما ثَنى الدَهرُ عَزمي عَن مُهاجَمَةٍ
وَخَوضِ مَعمَعَةٍ في السَهلِ وَالجَبَلِ
في الخَيلِ وَالخافِقاتِ السودِ لي شُغلٌ
لَيسَ الصَبابَةُ وَالصَهباءُ مِن شُغلي
لَقَد ثَناني النُهى عَنها وَأَدَّبَني
فَلَستُ أَبكي عَلى رَسمٍ وَلا طَلَلِ
سَلوا جَوادِيَ عَنّي يَومَ يَحمِلُني
هَل فاتَني بَطَلٌ أَو حُلتُ عَن بَطَلِ
وَكَم جُيوشٍ لَقَد فَرَّقتُها فِرَقاً
وَعارِضُ الحَتفِ مِثلُ العارِضِ الهَطِلِ
وَمَوكِبٍ خُضتُ أَعلاهُ وَأَسفَلَهُ
بِالضَربِ وَالطَعنِ بَينَ البيضِ وَالأَسَلِ
ماذا أُريدُ بِقَومٍ يَهدُرونَ دَمي
أَلَستُ أَولاهُمُ بِالقَولِ وَالعَمَلِ
لا يَشرَبُ الخَمرَ إِلّا مَن لَهُ ذِمَمٌ
وَلا يَبيتُ لَهُ جارٌ عَلى وَجَلِ
تعليق