قام علماء في وكالة ناسا بإنشاء وصفة جديدة تمثّل النكهات الأساسية للغلاف الجوي البني-البرتقالي حول أكبر أقمار زحل، تايتان. الوصفة تستخدم في التجارب المختبرية المصممة لمحاكاة كيمياء تايتان. مع هذا البحث، الفريق تمكّن من تصنيف مادة مجهولة مكتشفة سابقًا من قِبَل مركبة ناسا الفضائية “كاسيني” في ضباب القمر الدخاني.
“الآن نستطيع أن نقول أنّ لهذه المادة صفة عطرية قوية، تساعدنا أكثر على فهم الخليط المعقد للجزيئات المكونة لضباب تايتان.” قالت ميليسا ترينر، عالمة الكواكب في مركز غودّارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا. المادة تمّ اكتشافها في وقتٍ سابق في بيانات جمعها مطياف الأشعة تحت الحمراء المُركّب للمركبة كاسيني. التحليلات تقترح بأن المادة تكونت من خليط من الجزيئات.
من أجل فحص هذا الخليط، قام الباحثون بتجميع غازات داخل غرفة والسماح لها بالتفاعل. الفكرة هي أنّ التجربة تبدأ بالغازات الصحيحة تحت الظروف الصحيحة، إذن التفاعلات في المختبر ستنتج نفس المواد التي وجدت في الغلاف الجوي الدخاني لتايتان. العملية مشابهة لاعطائك قطعة من الكعكة ومحاولة إيجاد الوصفة من خلال تذوقها. إذا كان بمقدورك صنع كعكة مذاقها مثل مذاق القطعة الأصلية، فقد قمت بإختيار المكونات الصحيحة.
التحدي هو أنّ الاحتمالات تكاد أن تكون بلا حدود في هذه الحالة. اللون البرتقالي المتسخ لتايتان يأتي من مزيج من الهايدروكاربونات (جزيئات تحتوي على هيدروجين وكاربون) و مواد كيميائية ناقلة للنيتروجين تدعى بالنيتريلات. عائلة الهيدروكاربونات تحتوي على مئات االالاف من الاعضاء تم تحديدهم من النباتات والوقود الاحفوري على الارض, ويمكن تواجد المزيد منهم.
نقطة البداية المنطقية هي البدء باثنين من الغازات الأكثر وفرة في الغلاف الجوي لتايتان، وهما: النيتروجين والميثان. ولكن هذه التجارب لم تنتج أبدًا مزيج لديه توقيع طيفي مماثل للذي رصدته مركبة كاسيني، ولم تنجح في هذا تجارب مشابهة قامت بها مجموعات أخرى.
نتائج واعدة ظهرت أخيرًا عندما قام الباحثون بإضافة غاز ثالث، مبدئيًا تغيّرت النكهات في الوصفة للمرة الأولى. الفرق بدأ بالبنزين، الذي تّم تحديده في الغلاف الجوي لتايتان، تبعه سلسلة من المواد الكيميائية المرتبطة به بشكل وثيق والتي من المحتمل وجودها هناك. كل هذه الغازات تنتمي إلي فصيلة من الهايدروكاربونات تدعى بالعطريات.
وتمّ الحصول على أفضل النتائج عندما قام العلماء بإختيار عطري يحتوي على النيتروجين. عندما قام أعضاء الفريق بتحليل تلك النتائج المختبرية، رصدوا ملامح طيفية تتطابق بشكل جيد مع التوقيع المميز الذي تمّ استخلاصه من بيانات تايتان من قبل “كيري أندرسون”، وهو عالِم مشارِك في كاسيني في غودارد، وهو أيضاً كاتب مشارك في هذه الدراسة.