كيفي (الكسيس) Kivi (Aleksis-) - Kivi (Aleksis-)
كيڤي (ألكسيس ـ)
(1834ـ 1872)
ألكسيس كيڤي Aleksis Kivi، هو الاسم المستعار للأديب الفنلندي سْتِنْڤال A.Stenvall الذي كان شاعراً ومسرحياً وروائياً رائداً في تطوير الأدب الفنلندي الحديث، ولاسيما على صعيد المسرحية والرواية. يتحدر الكاتب من أسرة ريفية فقيرة تنتمي إلى الجالية السويدية المقيمة منذ أجيال عدة في فنلندا، البلد ذي الهوية الإثنية واللغوية المزدوجة (الفنلندية والسويدية)، إلا أن كيڤي ابن الخياط كتب أعماله كافة باللغة الفنلندية، وترجم معنى اسمه من «حجر الجدار» بالسويدية إلى «الحجر» بالفنلندية التي كان أحد رواد تطويرها أدبياً. ولد كيڤي في قرية بالويوكي Palojoki التابعة لأبرشية نورمييرَڤي Nurmijärvi في محافظة أوسيما Uusimaa التي كانت خاضعة للحكم الروسي في جنوب شرقي فنلندا، وتوفي في قرية أمه توسولا Tuusula مريضاً وفي فقر مدقع، وهو لم يتجاوز بعد الثامنة والثلاثين من عمره.
على الرغم من نشأته المغرقة في الفقر والتخلف الاجتماعي، تمكن كيڤي بعد إنهاء تعليمه في مدارس الجالية السويدية من الالتحاق بجامعة هلسنكي عام 1857 بهدف أن يصير قسيساً. لكنه سرعان ما غير رأيه وانتقل إلى قسم العلوم الإنسانية، حيث درس اللغات والآداب القديمة (الكلاسيكية) وآداب عصر النهضة الأوربي. وفي عام 1860 فاز كيڤي بالجائزة الأولى في المسابقة المسرحية التي نظمتها «الجمعية الأدبية الفنلندية»، وذلك بمسرحيته المأساوية (التراجيدية) «كولَّرڤو» Kullervo التي استقى موضوعها من الملحمة الفنلندية القومية «كالِڤلا»[ر] Kalevala. ولما بقي تأثيرها منحصراً بالنخبة المثقفة، التفت كيڤي في مسرحياته اللاحقة إلى الملهاة (الكوميديا) الشعبية، لقدرتها التنويرية على التأثير في وعي الجمهور، فكتب «إسكافيو الريف» Nummisuutarit (1864) التي تعالج مشكلة الزواج المدّبر مسبقاً بقصد الحصول على البائنة (المهر الذي تدفعه العروس لعريسها) وفي أجواء هزلية ناقدة، تشي بتأثر كيڤي بشكسبير[ر] وبفصول intermezzo الإسباني ثربانتس[ر] وهزليات الدنماركي هولبرغ Holberg، وقد حازت المسرحية جائزة الدولة عام 1865. وبعد ذلك بسنتين، صدرت ملهاته الجديدة «الخطوبة» Kihlaus (1867) التي تشجع المرأة على تقرير مستقبلها فيما يتعلق بشؤون الزواج وتأسيس العائلة. إن ما يلفت النظر في كوميديات كيڤي هو صلاحية موضوعاتها ومعالجاتها لأي زمان ومكان، وما يؤكد ذلك كونها مدرجة في ريبرتوار (برنامج الموسم) المسرح القومي في هلسنكي حتى اليوم. أما مسرحيته الإنجيلية الشهيرة والوحيدة في هذا النوع «ليّا» Lea، فقد كان لها من التأثير الفني والفكري عند عرضها الأول عام 1869 في هلسنكي أن أدت إلى ولادة مشروع المسرح القومي الفنلندي الذي تحقق بانطلاقة قوية وواعدة عام 1872. وتعتمد مقولة المسرحية على الفكرة المسيحية الأولى أن حب الآخر يُعتق الروح من إسارها المادي البحت إلى حالة من السمو العاطفي الذي يحقق الأخوة الصادقة بين البشر. وما يسترعي الانتباه درامياً في هذه المسرحية هو عرضها جميع التيارات الدينية- الفكرية التي سادت في عصر السيد المسيح من دون أحكام مسبقة أو تنميط مبتسر للشخصيات الفاعلة.
تعد روايـة «الإخوة السـبعة» Seitsemän Veljestä (1870) أول روايـة ناضجة فنيـاً في الأدب الفنلندي، وتمهيداً للواقعية[ر] Realism. وقد تبنتها «جمعية الأدب الفنلندي» وعملت على إصدارها، قناعة منها بأهميتها وجدتها، لكن أستاذ الأدب والناقد آلكڤيست A.Ahlqvist ذا الميول الرومنسية المثالية مزقها شر ممزق واصفاً إياها بالفجاجة والركاكة، كما فعل بأعمال كيڤي سابقاً، مما أدى إلى أن سحبت الجمعية طبعة الرواية من الأسواق. وبعد وفاة الكاتب المفاجئة أعيدت الطبعة إلى واجهات المكتبات وحظيت بنجاح كبير أدى منذئذ إلى ترجمتها لما يزيد على خمس وعشرين لغة، وحازت مكانة قومية تماثل موقع ملحمة «كالڤلا» لدى المواطن الفنلندي، وتحولت إلى مسرحية وفيلم سينمائي ناجحين، أما آلكڤيست فقد ذاع صيته في تاريخ الأدب عدواً للإبداع الحقيقي. تحكي الرواية قصة سبعة إخوة، أكبرهم في الخامسة والعشرين وأصغرهم في الثامنة عشرة، يلجؤون بعد وفاة والدهم إلى الغابة احتجاجاً على المواضعات الاجتماعية التي تحرم الفرد حقه في تقرير حياته الخاصة، فيعيشون على الصيد وينضجون إنسانياً من خلال تجاربهم الذاتية وتنوع مواهبهم، وليس بالخضوع للعادات والتقاليد السائدة. تحفل الرواية بالنقد الاجتماعي ذي النزعة الإنسانية[ر]، وتقدم صورة دقيقة عن الحياة الفنلندية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، بلغة غنية بالحس المرهف وبالفكاهة اللطيفة، فكانت تتويجاً لإبداع ألكسيس كيڤي.
نبيل الحفار
كيڤي (ألكسيس ـ)
(1834ـ 1872)
ألكسيس كيڤي Aleksis Kivi، هو الاسم المستعار للأديب الفنلندي سْتِنْڤال A.Stenvall الذي كان شاعراً ومسرحياً وروائياً رائداً في تطوير الأدب الفنلندي الحديث، ولاسيما على صعيد المسرحية والرواية. يتحدر الكاتب من أسرة ريفية فقيرة تنتمي إلى الجالية السويدية المقيمة منذ أجيال عدة في فنلندا، البلد ذي الهوية الإثنية واللغوية المزدوجة (الفنلندية والسويدية)، إلا أن كيڤي ابن الخياط كتب أعماله كافة باللغة الفنلندية، وترجم معنى اسمه من «حجر الجدار» بالسويدية إلى «الحجر» بالفنلندية التي كان أحد رواد تطويرها أدبياً. ولد كيڤي في قرية بالويوكي Palojoki التابعة لأبرشية نورمييرَڤي Nurmijärvi في محافظة أوسيما Uusimaa التي كانت خاضعة للحكم الروسي في جنوب شرقي فنلندا، وتوفي في قرية أمه توسولا Tuusula مريضاً وفي فقر مدقع، وهو لم يتجاوز بعد الثامنة والثلاثين من عمره.
على الرغم من نشأته المغرقة في الفقر والتخلف الاجتماعي، تمكن كيڤي بعد إنهاء تعليمه في مدارس الجالية السويدية من الالتحاق بجامعة هلسنكي عام 1857 بهدف أن يصير قسيساً. لكنه سرعان ما غير رأيه وانتقل إلى قسم العلوم الإنسانية، حيث درس اللغات والآداب القديمة (الكلاسيكية) وآداب عصر النهضة الأوربي. وفي عام 1860 فاز كيڤي بالجائزة الأولى في المسابقة المسرحية التي نظمتها «الجمعية الأدبية الفنلندية»، وذلك بمسرحيته المأساوية (التراجيدية) «كولَّرڤو» Kullervo التي استقى موضوعها من الملحمة الفنلندية القومية «كالِڤلا»[ر] Kalevala. ولما بقي تأثيرها منحصراً بالنخبة المثقفة، التفت كيڤي في مسرحياته اللاحقة إلى الملهاة (الكوميديا) الشعبية، لقدرتها التنويرية على التأثير في وعي الجمهور، فكتب «إسكافيو الريف» Nummisuutarit (1864) التي تعالج مشكلة الزواج المدّبر مسبقاً بقصد الحصول على البائنة (المهر الذي تدفعه العروس لعريسها) وفي أجواء هزلية ناقدة، تشي بتأثر كيڤي بشكسبير[ر] وبفصول intermezzo الإسباني ثربانتس[ر] وهزليات الدنماركي هولبرغ Holberg، وقد حازت المسرحية جائزة الدولة عام 1865. وبعد ذلك بسنتين، صدرت ملهاته الجديدة «الخطوبة» Kihlaus (1867) التي تشجع المرأة على تقرير مستقبلها فيما يتعلق بشؤون الزواج وتأسيس العائلة. إن ما يلفت النظر في كوميديات كيڤي هو صلاحية موضوعاتها ومعالجاتها لأي زمان ومكان، وما يؤكد ذلك كونها مدرجة في ريبرتوار (برنامج الموسم) المسرح القومي في هلسنكي حتى اليوم. أما مسرحيته الإنجيلية الشهيرة والوحيدة في هذا النوع «ليّا» Lea، فقد كان لها من التأثير الفني والفكري عند عرضها الأول عام 1869 في هلسنكي أن أدت إلى ولادة مشروع المسرح القومي الفنلندي الذي تحقق بانطلاقة قوية وواعدة عام 1872. وتعتمد مقولة المسرحية على الفكرة المسيحية الأولى أن حب الآخر يُعتق الروح من إسارها المادي البحت إلى حالة من السمو العاطفي الذي يحقق الأخوة الصادقة بين البشر. وما يسترعي الانتباه درامياً في هذه المسرحية هو عرضها جميع التيارات الدينية- الفكرية التي سادت في عصر السيد المسيح من دون أحكام مسبقة أو تنميط مبتسر للشخصيات الفاعلة.
تعد روايـة «الإخوة السـبعة» Seitsemän Veljestä (1870) أول روايـة ناضجة فنيـاً في الأدب الفنلندي، وتمهيداً للواقعية[ر] Realism. وقد تبنتها «جمعية الأدب الفنلندي» وعملت على إصدارها، قناعة منها بأهميتها وجدتها، لكن أستاذ الأدب والناقد آلكڤيست A.Ahlqvist ذا الميول الرومنسية المثالية مزقها شر ممزق واصفاً إياها بالفجاجة والركاكة، كما فعل بأعمال كيڤي سابقاً، مما أدى إلى أن سحبت الجمعية طبعة الرواية من الأسواق. وبعد وفاة الكاتب المفاجئة أعيدت الطبعة إلى واجهات المكتبات وحظيت بنجاح كبير أدى منذئذ إلى ترجمتها لما يزيد على خمس وعشرين لغة، وحازت مكانة قومية تماثل موقع ملحمة «كالڤلا» لدى المواطن الفنلندي، وتحولت إلى مسرحية وفيلم سينمائي ناجحين، أما آلكڤيست فقد ذاع صيته في تاريخ الأدب عدواً للإبداع الحقيقي. تحكي الرواية قصة سبعة إخوة، أكبرهم في الخامسة والعشرين وأصغرهم في الثامنة عشرة، يلجؤون بعد وفاة والدهم إلى الغابة احتجاجاً على المواضعات الاجتماعية التي تحرم الفرد حقه في تقرير حياته الخاصة، فيعيشون على الصيد وينضجون إنسانياً من خلال تجاربهم الذاتية وتنوع مواهبهم، وليس بالخضوع للعادات والتقاليد السائدة. تحفل الرواية بالنقد الاجتماعي ذي النزعة الإنسانية[ر]، وتقدم صورة دقيقة عن الحياة الفنلندية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، بلغة غنية بالحس المرهف وبالفكاهة اللطيفة، فكانت تتويجاً لإبداع ألكسيس كيڤي.
نبيل الحفار