كعب سعد غنوي Kab ibn Sa’d al-Ghanwi - Kab ibn Sa’d al-Ghanwi
كعب بن سعد الغنوي
(… هـ/… م)
كعب بن سعد بن عمرو بن عقبة ـ أو علقمة ـ بن عوف بن رفاعة الغنوي، أحد بني سالم بن عبيد بن سعد بن كعب بن جِلّان بن غُنْم بن غنيّ بن أعصر. كذا نسبه المرزباني في «معجم الشعراء»، وهذا النسب ليس موضع تسليم؛ فقد سماه أبو زيد في «النوادر»: «كعب بن سعد بن مالك الغنوي»، وسماه صاحب «اللسان»: «كعب بن سهم»، وأغرب صاحب «شعراء النصرانية» فساق له نسباً آخر جاء في أوله: «كعب بن سعد بن تيم بن مرة».
وكما اختُلف في نسبه اختلف أيضاً في عصره؛ فقد صرّح أبو عبيد البكري في «سمط اللآلي» أنه شاعر إسلامي، وقال البغدادي في «الخزانة» بعدما نقل كلامه: «وقد راجعت كتب الصحابة وكتاب الشعراء لابن قتيبة وكتاب الأغاني فلم أجد ترجمته في أحدها إلا ما قاله أبو عبيد المذكور: والظاهر أنه تابعي»، وإلى هذا الرأي مال محققا «الأصمعيات» الشيخ أحمد شاكر وعبد السلام هارون؛ خلافاً لما جزم به العلّامة الميمني ـ وتبعه صاحب «الأعلام» ـ أنه جاهلي استناداً إلى ما وقع في كتاب التيجان لابن هشام أنه: «في ذي قار الآخر قُتِل أبو المغوار الغنوي، وهو مأرب بن سعد بن قيس بن الصعل بن قراد بن غني بن يعصر بن سعد بن قيس عيلان، وقُتل معه أخوه المقداد… وكان أبو المغوار فارس بني يعصر وجوادهم، فقال أخوه كعب يرثيه…» قال الميمني: «هذا، وقد علمت أنهم جاهليون»، وإذا سلمنا بصحة هذا النص نكون قد وقعنا على نسب آخر لكعب يخالف ما عليه الأكثرون، ويخالف أيضاً ما اشتهر في المصادر وفي شعر كعب نفسه: أن اسم أبي المغوار هو شبيب لا مأرب.
ومهما يكن من أمر نسب كعب وعصره وندرة أخباره فإن ما تبقى من شعره يشهد بعلوّ كعبه، ويُظهر حلاوة ديباجته وجَوْدة سبكه، ولاسيما في باب الرثاء، وهو رثاء خصَّ به أخاه أبا المغوار، ولقد أعجب الأصمعي ببائيّته حتى قال: «ليس في الدنيا مثلها»؛ وقال فيها أبو هلال العسكري: «قالوا: ليس للعرب مرثية أجود من قصيدة كعب بن سعد» ولعل هذه القصيدة هي التي جعلت ابن سلام يعدّه في طبقة أصحاب المراثي مع متمّم بن نويرة والخنساء وأعشى باهلة.
وهذه القصيدة تناقلتها كتب الأدب كـ«الأصمعيات» و«جمهرة أشعار العرب» و«أمالي القالي» و«منتهى الطلب» وسواها، ومطلعها:
تقولُ سُلَيمى ما لجسمِكِ شاحباً
كأنّك يحميكَ الشـرابَ طبيبُ
تتابُـعُ أحداثٍ تخرّمـن إخوتـي
وشيّبن رأسي والخطوبُ تشيبُ
وقد حشد كعب في هذه القصيدة من صفات أخيه أبي المغوار ما تفرّق عند غيره من أوصاف الشجاعة والعفّة والسيادة والحِلْم والكرم وطيب المعشر، ومنها:
أخي ما أخي لا فاحــشٌ عندً بيتهِ
ولا وَرَعٌ عنـدَ اللقـاءِ هَيـوبُ
لقد كـان أمـّا حِلْــمه فمــروَّحٌ
علينـا وأمّـا جهــلهُ فعزيـبُ
يبيت النــدى يا أمَّ عمرٍو ضجيعه
إذا لم يكن في المنقيات حلـوب
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى النـدى
فلم يسـتجبهُ عند ذاك مجيـب
فقلتُ: ادعُ أخرى وارفعِ الصوت جهرةً
لعلّ أبا المغـوارِ منك قريـب
وحفظت كتب الأدب له أيضاً أبياتاً رائيّة في رثاء أخيه المذكور.
وله أيضاً في غير الرثاء أشعار جيدة في الفخر وسموّ النفس ورعاية الصديق وحفظ الأسرار والحثّ على طلب الغنى وما يرافق ذلك من تجشُّم لأهوال السفر، وهذه الأشعار تزخر بالحكم والأمثال حتى سمّاه بعض القدماء «كعب الأمثال»، وذلك ما نلمحه جليّاً في لاميته التي اختارها الأصمعي، وفيها قوله:
ألم تعلمي أنْ لا يُراخـي منيتـي
قعودي ولا يـدني الوفـاة رحيلي
وقوله:
وما أنا للشـيءِ الذي ليس نافعـي
ويغضبُ منـهُ صاحبي بقـؤول
ولستُ بلاقي المـرءِ أزعـمُ أنَّـهُ
خليـلٌ وما قـلبي له بخليـــلِ
ولست بمُبـدٍ للرجـالِ سـريرتي
ومـا أنا عن أسـرارهم بسـؤولِ
ولكعب ديوان أشار إليه صاحب «كشف الظنون»؛ لكنه لم يصل إلينا، وما زال شعره أو ما تبقى منه مبثوثاً في كتب الأدب.
نبيل أبو عمشة
كعب بن سعد الغنوي
(… هـ/… م)
كعب بن سعد بن عمرو بن عقبة ـ أو علقمة ـ بن عوف بن رفاعة الغنوي، أحد بني سالم بن عبيد بن سعد بن كعب بن جِلّان بن غُنْم بن غنيّ بن أعصر. كذا نسبه المرزباني في «معجم الشعراء»، وهذا النسب ليس موضع تسليم؛ فقد سماه أبو زيد في «النوادر»: «كعب بن سعد بن مالك الغنوي»، وسماه صاحب «اللسان»: «كعب بن سهم»، وأغرب صاحب «شعراء النصرانية» فساق له نسباً آخر جاء في أوله: «كعب بن سعد بن تيم بن مرة».
وكما اختُلف في نسبه اختلف أيضاً في عصره؛ فقد صرّح أبو عبيد البكري في «سمط اللآلي» أنه شاعر إسلامي، وقال البغدادي في «الخزانة» بعدما نقل كلامه: «وقد راجعت كتب الصحابة وكتاب الشعراء لابن قتيبة وكتاب الأغاني فلم أجد ترجمته في أحدها إلا ما قاله أبو عبيد المذكور: والظاهر أنه تابعي»، وإلى هذا الرأي مال محققا «الأصمعيات» الشيخ أحمد شاكر وعبد السلام هارون؛ خلافاً لما جزم به العلّامة الميمني ـ وتبعه صاحب «الأعلام» ـ أنه جاهلي استناداً إلى ما وقع في كتاب التيجان لابن هشام أنه: «في ذي قار الآخر قُتِل أبو المغوار الغنوي، وهو مأرب بن سعد بن قيس بن الصعل بن قراد بن غني بن يعصر بن سعد بن قيس عيلان، وقُتل معه أخوه المقداد… وكان أبو المغوار فارس بني يعصر وجوادهم، فقال أخوه كعب يرثيه…» قال الميمني: «هذا، وقد علمت أنهم جاهليون»، وإذا سلمنا بصحة هذا النص نكون قد وقعنا على نسب آخر لكعب يخالف ما عليه الأكثرون، ويخالف أيضاً ما اشتهر في المصادر وفي شعر كعب نفسه: أن اسم أبي المغوار هو شبيب لا مأرب.
ومهما يكن من أمر نسب كعب وعصره وندرة أخباره فإن ما تبقى من شعره يشهد بعلوّ كعبه، ويُظهر حلاوة ديباجته وجَوْدة سبكه، ولاسيما في باب الرثاء، وهو رثاء خصَّ به أخاه أبا المغوار، ولقد أعجب الأصمعي ببائيّته حتى قال: «ليس في الدنيا مثلها»؛ وقال فيها أبو هلال العسكري: «قالوا: ليس للعرب مرثية أجود من قصيدة كعب بن سعد» ولعل هذه القصيدة هي التي جعلت ابن سلام يعدّه في طبقة أصحاب المراثي مع متمّم بن نويرة والخنساء وأعشى باهلة.
وهذه القصيدة تناقلتها كتب الأدب كـ«الأصمعيات» و«جمهرة أشعار العرب» و«أمالي القالي» و«منتهى الطلب» وسواها، ومطلعها:
تقولُ سُلَيمى ما لجسمِكِ شاحباً
كأنّك يحميكَ الشـرابَ طبيبُ
تتابُـعُ أحداثٍ تخرّمـن إخوتـي
وشيّبن رأسي والخطوبُ تشيبُ
وقد حشد كعب في هذه القصيدة من صفات أخيه أبي المغوار ما تفرّق عند غيره من أوصاف الشجاعة والعفّة والسيادة والحِلْم والكرم وطيب المعشر، ومنها:
أخي ما أخي لا فاحــشٌ عندً بيتهِ
ولا وَرَعٌ عنـدَ اللقـاءِ هَيـوبُ
لقد كـان أمـّا حِلْــمه فمــروَّحٌ
علينـا وأمّـا جهــلهُ فعزيـبُ
يبيت النــدى يا أمَّ عمرٍو ضجيعه
إذا لم يكن في المنقيات حلـوب
وداعٍ دعا يا من يجيب إلى النـدى
فلم يسـتجبهُ عند ذاك مجيـب
فقلتُ: ادعُ أخرى وارفعِ الصوت جهرةً
لعلّ أبا المغـوارِ منك قريـب
وحفظت كتب الأدب له أيضاً أبياتاً رائيّة في رثاء أخيه المذكور.
وله أيضاً في غير الرثاء أشعار جيدة في الفخر وسموّ النفس ورعاية الصديق وحفظ الأسرار والحثّ على طلب الغنى وما يرافق ذلك من تجشُّم لأهوال السفر، وهذه الأشعار تزخر بالحكم والأمثال حتى سمّاه بعض القدماء «كعب الأمثال»، وذلك ما نلمحه جليّاً في لاميته التي اختارها الأصمعي، وفيها قوله:
ألم تعلمي أنْ لا يُراخـي منيتـي
قعودي ولا يـدني الوفـاة رحيلي
وقوله:
وما أنا للشـيءِ الذي ليس نافعـي
ويغضبُ منـهُ صاحبي بقـؤول
ولستُ بلاقي المـرءِ أزعـمُ أنَّـهُ
خليـلٌ وما قـلبي له بخليـــلِ
ولست بمُبـدٍ للرجـالِ سـريرتي
ومـا أنا عن أسـرارهم بسـؤولِ
ولكعب ديوان أشار إليه صاحب «كشف الظنون»؛ لكنه لم يصل إلينا، وما زال شعره أو ما تبقى منه مبثوثاً في كتب الأدب.
نبيل أبو عمشة