كوروساوا (أكيرا) Kurosawa (Akira-)عبقري السينما اليابانية أو المعلم الأكبر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كوروساوا (أكيرا) Kurosawa (Akira-)عبقري السينما اليابانية أو المعلم الأكبر

    كوروساوا (اكيرا) Kurosawa (Akira-) - Kurosawa (Akira-)
    كوروساوا (أكيرا ـ)

    (1910ـ 1998)




    أكيرا كوروساوا Akira Kurosawa عبقري السينما اليابانية أو المعلم الأكبر (كما يسميه المخرجون اليابانيون الجدد). وألقاب أخرى كان ينتزعها بعد إخراج كل فيلم من أفلامه. ولد في طوكيو وتوفي فيها. وكوروساوا هو الولد السابع في العائلة، لأب مدرس في إحدى الكليات العسكرية، تخصص بعد أن أنهى دراسته الثانوية- أكاديمياً- في الفن التشكيلي، واشتهر مدة في هذا المجال، وأقام معارض عدة في اليابان، وذلك في الوقت نفسه الذي بدأ كوروساوا يهتم بالسينما بتشجيع من أخيه الأكبر هيغو الذي كان يعمل مفسّراً للأفلام الصامتة في دور العرض، ويحمل كلاهما تقديراً عميقاً للأدب الروسي في القرن التاسع عشر الذي يتضح أثره وشحنته الدرامية في معظم أعمال كوروساوا السينمائية فيما بعد. ويذكر كوروساوا أن معلوماته الأولية عن السينما تعود إلى أخيه الذي انتحر في السابعة والعشرين من عمره، وقد تأثر كوروساوا بوفاته كثيراً.

    في عام 1936 انضم كوروساوا بصفته مساعد مخرج إلى إحدى الشركات السينمائية اليابانية «توهو»، واستمر حتى عام 1942 يتدرب على يدي المخرج الياباني الكبير ياماسان، فعمل تحت إدارته في عدد من الأفلام الروائية والتسجيلية، فقد كان كوروساوا يجلّه كثيراً ويعدّه أكبر وأغلى معلم عرفه.

    ويعد كوروساوا الياباني الأكثر شهرة خارج حدود بلاده، والياباني الأكثر عزلة فيها، ذلك أنه كان يجد صعوبة في تمويل أفلامه. وتظهر حياته الصراع الذي يخوضه فنان السينما الحقيقي في كل مكان من العالم، والثمن الذي يدفعه كي يعبر عن نفسه في إطار تحكمه قوانين السوق أكثر من أي فن آخر.

    على الرغم من النجاح الكبير الذي حققه كوروساوا على مختلف المستويات، منذ فوزه بالجائزة الكبرى لمهرجان البندقية (إيطاليا عام 1951)، ثم بجائزة أوسكار أحسن فيلم أجنبي في العام نفسه عن فيلمه «راشومون» الذي فتح السوق الغربية للأفلام اليابانية، ثم بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين عام 1952، عن فيلمه «حياة»، وبجائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية عام 1954 عن فيلمه «الساموراي السبعة»، ثم الدب الفضي مرة أخرى في مهرجان برلين عام 1958عن فيلمه «الغابة المخيفة»؛ إلا أن الإخفاق التجاري لفيلمه «دودسكادن» عام 1969 أدى إلى تعطله عن العمل سنوات عدة، مما دفعه إلى محاولة الانتحار عام 1971.

    نجى كوروساوا من الموت بصعوبة، ولم يتمكن من العمل في بلاده ولم ينقذه من أزمته غير (استديو موسفيلم) في موسكو، حيث أخرج هناك فيلمه الوحيد «دورسو أوزالا» في السبعينات، الذي فاز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو عام 1975، ثم بجائزة الأوسكار لأحسن فيلم أجنبي.

    وعلى الرغم من نجاح «دورسو أوزالا» راح كوروساوا مثل أي مخرج مبتدئ يبحث عن عمل طوال ثلاث سنوات. وفي عام 1978، وبمساعدة من المخرجين فورد كوبولا، وجورج لوكاس، وافقت الشركة الأمريكية فوكس على المشاركة في تمويل فيلم «ظل المحارب» مع شركة توهو اليابانية، وليحصل كوروساوا عن فيلمه «ظل المحارب» على الجائزة الكبرى لمهرجان كان عام 1980.

    أهم الأفلام التي أخرجها كوروساوا:

    كان «غودوساغا» أول أفلام كوروساوا عام 1943، ويدور حول أحد أبطال المصارعة اليابانية. (أعاد كوروساوا إخراج هذا الفيلم بالاسم نفسه عام 1945). و«الملاك السكران» (1948). يقول كوروساوا: «يستحيل أن أروي شيئاً عن هذا الفيلم من دون أن أتذكر خاصة «توشيرو ميفوني» الذي يعرف بدقة كيف يقف أمام الكاميرا من دون إضاعة متر واحد من الشريط السينمائي. إنه يمتلك إحساساً مذهلاً بالإيقاع لم يعرفه ممثل ياباني آخر قبله». ويبدو كوروساوا شاعراً مكتملاً في هذا الفيلم؛ فله ديناميكية واضحة في حركة الكاميرا، وعلاقة فريدة بين مجرم سكير وطبيب يحاول أن ينتزع رصاصة من كفه بعد مطاردة له من قبل عصابة أخرى. إنه قصيدة تنتهي بمقتل الطبيب على يد زعيمه، عازف الغيتار (القاتل)، في مشهد مذهل وسط تخبطهما بين الدهانات البيضاء ويأسهما من الموت، وهي اللاجدوى التي أرخت ستائرها على المجتمع الياباني بعد «هيروشيما» و«ناغازاكي». و«المبارزة الصامتة» (1949): وهو يحكي قصة شرطي شاب يعود إلى بيته ظهراً وثمة حر شديد بعد تأدية مهمة التدرب على الرماية، وفي الحافلة، ووسط الازدحام ثمة من يسرق مسدسه الذي يحوي خمس رصاصات، ويقتل السارق المجهول ثلاثة ويصيب رئيسه بالرابعة، وتكون الخامسة من نصيب الشرطي نفسه. لا يُعرف شيء عن القاتل الذي يبقى حتى المشاهد الأخيرة دفيناً في لاوعي المشاهد حتى يظهر في المواجهة الأخيرة. القاتل يطلق النار وهو مذعور في حين يتهاوى الشرطي مع موسيقى بيانو منبعثة من شرفة تطل منها عازفة، ترى الجريمة، فتتثاءب وتعود لتعزف من جديد لحناً رتيباً، ينسجم تماماً مع نهارها. و«راشومون» (1950): عنوان هذا الفيلم مستمد من مسرحية للكاتب الياباني «وبو ميتسو أكاندز»، و«راشومون» تعني الباب الداخلي للقصر. وقد حدد فيلم «راشومون» هوية المخرج لاحقاً؛ وذلك من خلال دأبه على تأصيل شاعرية الفيلم التي يمكن تلمسها في أفلامه اللاحقة.

    أظهر «راشومون» البراعة الفنية الفائقة للمخرج، إذ يسرد أحداث القصة بأسلوب مثير مفعم بالحيوية، بلقطات محمومة متسلسلة عبر الغابة، مع أشعة الشمس التي تتلألأ عبر الأشجار في غموض يشبه غموض القضية وغموض الحقيقة ذاتها، وكذلك الموسيقى التي تشبه موسيقى البوليرو (نوع من الرقص)، وهي عوامل تآلفت جميعها لتخلق جواً ينذر بالخطر، ومما لاشك فيه أن أداء الممثلين عمّق من كثافة التوتر؛ فأداء توشيرو ميفوني شخصيةَ قاطع الطريق يجسد إحساساً متشابكاً بالتهديد الجسدي، كأسد يذرع قفصه جيئة وذهاباً، أما ماسايوكي موري فإنه يطبع في الذهن شخصية المحارب النبيل بوقار يصيب المشاهد بقشعريرة، في حين أن أداء ما شيكو كيو دور الزوجة التي تخفي شيئاً من الفسوق داخل مظهرها المحتشم يجسد كل الغموض الذي لفّ موضوعات الفيلم الرئيسة. وقام بأداء دور الحطاب تاكاشي شيمورا أحد الممثلين المفضلين الذين مثلوا باستمرار مع كوروساوا.

    طور كوروساوا في مسيرته الفنية المتميزة، عدداً من السمات الفنية الخاصة التي يلمسها المشاهد في «راشومون»؛ ذلك الولع الشديد بالحدود القصوى للأنا وللمعاناة، فهو يقول: «إنني أحب الحدود القصوى للأشياء لأنها تنبض بالحياة»، واهتمامه بالشخصيات التي تظهر صلابة لا تهتز أمام الشدائد، وروح دعابة غير متوقعة، واهتمام بكل ما هو مضحك، وفي الجزء الأخير من «راشومون»، يدرك المرء اقتراب المأساة من المهزلة، ويلتقط الإيحاء بأن التبرير الذاتي في رواية كل شخصية للحادثة قد يحاول إضفاء النبل على سلوك وحدث يتضحان في الحقيقة، أنهما يتسمان بالحقارة والسخف والخسة.

    ومن أفلامه المهمة التي أخرجها طوال مسيرته السينمائية أفلام: «الأبله» (1951)، و«حياة» (1952)، و«الساموراي السبعة» (1954)، و«الحضيض» (1957)، و«اللحية» (1965)، و«درسو أوزالا» (1975)، و«ظل المحارب» (1980)، و«ران» (1987)، و«أحلام» (1991)، و«نشيد آب الحزين» (1991)، و«مادوا دايو» (1993).

    محمد عبيدو
يعمل...
X