كفلكانتي (غويد) Cavalcanti (Guido-) - Cavalcanti (Guido-)
كڤلكانتي (غويدو ـ)
(نحو 1255ـ 1300)
يعد الشاعر الغنائي غويدو كڤلكانتي Guido Cavalcanti، إلى جانب دانتي[ر] وبتراركا[ر] وبوكاتشو[ر]، من أبرز الشعراء الإيطاليين ومن مؤسسي ما أطلق عليه دانتي «الأسلوب العذب الجديد» dolce stil nuovo في الشعر الإيطالي. كذلك كان من الرعيل الثاني الذي خلف غوينتسِلّي G.Guinizelli الذي كان قد أسس لأسلوب اللغة العامية الرفيعة volgare illustre الذي جعل اللغة الإيطالية ما هي عليه اليوم.
ولد كڤلكانتي في فلورنسا Firenze لأب انتمى إلى حزب البابويين Guelfi، وصفه دانتي باحترام كبير في النشيد العاشر من جزء «الجحيم» من «الكوميديا الإلهية»، إلا أنه صنَّفه بين المجدِّفين. وكان الشاعران صديقين؛ إلا أن كڤلكانتي ـ مثله مثل دانتي ـ أحب فتاة تدعى بياتريشه، وهي ابنة زعيم حزب الامبراطوريين غيبلِّيني Ghibellini المنافس، فتزوجها. وهنا بدأت مسيرتا الشاعرين الكبيرين تفترقان، وقد أدَّت النزاعات الحزبية والعائلية في المدينة ـ إضافة إلى المنافسة الشخصية بينهما ـ إلى نفي كڤلكانتي في آخر حياته إلى بلدة سَرزانا Sarzana حيث أصيب بالملاريا، فأُذن له بالعودة إلى مسقط رأسه ليموت فيه.
كانت فلورنسا في ذلك الوقت معقلاً للأفلاطونية الجديدة ولفلسفة ابن رشد[ر] وتلامذتها إلا أن معالجة كڤلكانتي الحب في شعره أخذت منحى يمجد الحواس، في حين كان حب دانتي لبياتريشه أفلاطونياً مصعَّداً يوصل في نهاية المطاف إلى حب خالص للخالق. وقد كان للشعراء الجوالين التروبادور[ر] والشعر البروفنسي[ر] ـ المتأثرَين إلى حد كبير بالشعر العربي في الأندلس وصقلية ـ الأثر الواضح في تطور الشعر في جنوبي القارة (إيطاليا وفرنسا) أولاً، ثم في شماليها (ألمانيا وإنكلترا). وتبدّى هذا الأثر في شعر كڤلكانتي الغزلي الحسي، وهو نقيض شعر الحب العذري في النظرة إلى الحب والحبيب على أنه مصدر العذاب والمعاناة بسبب رفض الحبيبة وازدرائها الذي يحث المحب على الإصرار طلباً للاستجابة؛ وفي الحنين الذي يتطلب الوصل الذي يولِّد بدوره المزيد من العشق، إلا أنه يؤدي في النهاية إما إلى الجنون وإما إلى الموت، وأيضاً في النظرة إلى علاقة الحبيب بالمحبوب من منظور ذكوري؛ فالرجل هو الطرف الموجب فيها، إلا أن للمرأة دوراً أساسياً محرضاً.
كتب كڤلكانتي نحو خمسين قصيدة وجَّه عدداً كبيراً منها لامرأتين؛ أولاهما مَنديتا Mandetta التي تعرفها في مدينة طولوز Toulouse، وثانيهما مادونا جوڤانا Madonna Giovanna التي أطلق عليها في شعره تسمية «بريمافيرا» Primavera أو «الربيع»، ووجه إليها قصيدته المعنونة «سيدة تتوسل إلي» Donna mi prega، وقد عد النقاد هذه القصيدة أطروحةً مطوَّلة في فلسفة الحب وماهيته وأسبابه وخصائصه وسلطته ومن أفضل ما كتب. كذلك تركت القصائد من نوع البالادة[ر] التي كتب آخرها في المنفى ومطلعها «لأنني لا آمل في العودة أبدا» Perch’o non spero di tornar giammai، والسونيتات[ر: السونيته] أثراً كبيراً في الشعر المعاصر.
تأثر كلفكانتي بفلسفة القدماء من أرسطو [ر] وأفلاطون [ر] مروراً بتوما الأكويني [ر] وابن رشد، وأثر في كثيرين، فحذوا حذوه، وإن اختلفوا في الرأي أحياناً كما كانت حال تاسو Tasso، والفيلسوف الإنساني الأفلاطوني مرسيليو فيتشينو M.Ficino، وليوني إبريو (العبري) Leone Ebreo الأندلسي المولد، وتشوسر [ر] Chaucer، وجون دَن[ر] J.Donne الذي دافع في شعره الميتافيزيقي عن ارتباط الروح بالجسد وبألا غنى للواحد عن الآخر، وشكسبير[ر] الذي رسخ في شعره المرسل وفي السونيتات فكرة الحلقة التي تبدأ بالازدياد المطرد للحنين بمقدار ما تشبع الرغبات، والذي يستهلك بدوره الإنسان، وتنتهي بهلاكه.
يعد شعر كڤلكانتي ـ الذي يعبر عما يجول في ذهن كاتبه من صور حسية شخصية وعن نزقه وطبيعته المتقلبة ـ حداثياً بالمقارنة مع معاصريه؛ لذلك استساغه الشعراء المحدثون، واستعار إليوت [ر] Eliot منه كثيراً، وترجمت قصائده إلى الإنكليزية أول مرة على يد روزيتي Rossetti، ومرة أخرى على يد باوند [ر] E.Pound الذي حقق أعمال الشاعر ونشرها بعنوان «قوافٍ» Rime.
طارق علوش
كڤلكانتي (غويدو ـ)
(نحو 1255ـ 1300)
يعد الشاعر الغنائي غويدو كڤلكانتي Guido Cavalcanti، إلى جانب دانتي[ر] وبتراركا[ر] وبوكاتشو[ر]، من أبرز الشعراء الإيطاليين ومن مؤسسي ما أطلق عليه دانتي «الأسلوب العذب الجديد» dolce stil nuovo في الشعر الإيطالي. كذلك كان من الرعيل الثاني الذي خلف غوينتسِلّي G.Guinizelli الذي كان قد أسس لأسلوب اللغة العامية الرفيعة volgare illustre الذي جعل اللغة الإيطالية ما هي عليه اليوم.
ولد كڤلكانتي في فلورنسا Firenze لأب انتمى إلى حزب البابويين Guelfi، وصفه دانتي باحترام كبير في النشيد العاشر من جزء «الجحيم» من «الكوميديا الإلهية»، إلا أنه صنَّفه بين المجدِّفين. وكان الشاعران صديقين؛ إلا أن كڤلكانتي ـ مثله مثل دانتي ـ أحب فتاة تدعى بياتريشه، وهي ابنة زعيم حزب الامبراطوريين غيبلِّيني Ghibellini المنافس، فتزوجها. وهنا بدأت مسيرتا الشاعرين الكبيرين تفترقان، وقد أدَّت النزاعات الحزبية والعائلية في المدينة ـ إضافة إلى المنافسة الشخصية بينهما ـ إلى نفي كڤلكانتي في آخر حياته إلى بلدة سَرزانا Sarzana حيث أصيب بالملاريا، فأُذن له بالعودة إلى مسقط رأسه ليموت فيه.
كانت فلورنسا في ذلك الوقت معقلاً للأفلاطونية الجديدة ولفلسفة ابن رشد[ر] وتلامذتها إلا أن معالجة كڤلكانتي الحب في شعره أخذت منحى يمجد الحواس، في حين كان حب دانتي لبياتريشه أفلاطونياً مصعَّداً يوصل في نهاية المطاف إلى حب خالص للخالق. وقد كان للشعراء الجوالين التروبادور[ر] والشعر البروفنسي[ر] ـ المتأثرَين إلى حد كبير بالشعر العربي في الأندلس وصقلية ـ الأثر الواضح في تطور الشعر في جنوبي القارة (إيطاليا وفرنسا) أولاً، ثم في شماليها (ألمانيا وإنكلترا). وتبدّى هذا الأثر في شعر كڤلكانتي الغزلي الحسي، وهو نقيض شعر الحب العذري في النظرة إلى الحب والحبيب على أنه مصدر العذاب والمعاناة بسبب رفض الحبيبة وازدرائها الذي يحث المحب على الإصرار طلباً للاستجابة؛ وفي الحنين الذي يتطلب الوصل الذي يولِّد بدوره المزيد من العشق، إلا أنه يؤدي في النهاية إما إلى الجنون وإما إلى الموت، وأيضاً في النظرة إلى علاقة الحبيب بالمحبوب من منظور ذكوري؛ فالرجل هو الطرف الموجب فيها، إلا أن للمرأة دوراً أساسياً محرضاً.
كتب كڤلكانتي نحو خمسين قصيدة وجَّه عدداً كبيراً منها لامرأتين؛ أولاهما مَنديتا Mandetta التي تعرفها في مدينة طولوز Toulouse، وثانيهما مادونا جوڤانا Madonna Giovanna التي أطلق عليها في شعره تسمية «بريمافيرا» Primavera أو «الربيع»، ووجه إليها قصيدته المعنونة «سيدة تتوسل إلي» Donna mi prega، وقد عد النقاد هذه القصيدة أطروحةً مطوَّلة في فلسفة الحب وماهيته وأسبابه وخصائصه وسلطته ومن أفضل ما كتب. كذلك تركت القصائد من نوع البالادة[ر] التي كتب آخرها في المنفى ومطلعها «لأنني لا آمل في العودة أبدا» Perch’o non spero di tornar giammai، والسونيتات[ر: السونيته] أثراً كبيراً في الشعر المعاصر.
تأثر كلفكانتي بفلسفة القدماء من أرسطو [ر] وأفلاطون [ر] مروراً بتوما الأكويني [ر] وابن رشد، وأثر في كثيرين، فحذوا حذوه، وإن اختلفوا في الرأي أحياناً كما كانت حال تاسو Tasso، والفيلسوف الإنساني الأفلاطوني مرسيليو فيتشينو M.Ficino، وليوني إبريو (العبري) Leone Ebreo الأندلسي المولد، وتشوسر [ر] Chaucer، وجون دَن[ر] J.Donne الذي دافع في شعره الميتافيزيقي عن ارتباط الروح بالجسد وبألا غنى للواحد عن الآخر، وشكسبير[ر] الذي رسخ في شعره المرسل وفي السونيتات فكرة الحلقة التي تبدأ بالازدياد المطرد للحنين بمقدار ما تشبع الرغبات، والذي يستهلك بدوره الإنسان، وتنتهي بهلاكه.
يعد شعر كڤلكانتي ـ الذي يعبر عما يجول في ذهن كاتبه من صور حسية شخصية وعن نزقه وطبيعته المتقلبة ـ حداثياً بالمقارنة مع معاصريه؛ لذلك استساغه الشعراء المحدثون، واستعار إليوت [ر] Eliot منه كثيراً، وترجمت قصائده إلى الإنكليزية أول مرة على يد روزيتي Rossetti، ومرة أخرى على يد باوند [ر] E.Pound الذي حقق أعمال الشاعر ونشرها بعنوان «قوافٍ» Rime.
طارق علوش