كولردج (صموييل تيلر)أحد أبرز وجوه الحياة الثقافيةوأحد أهم منظِّريها

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كولردج (صموييل تيلر)أحد أبرز وجوه الحياة الثقافيةوأحد أهم منظِّريها

    كولردج (صموييل تيلر) Coleridge (Samuel Taylor-) - Coleridge (Samuel Taylor-)
    كولرِدج (صموئيل تيلر ـ)

    (1772 ـ 1834)




    الشاعر والناقد صموئيل تَيلر كولردج Samuel Taylor Coleridge، هو أحد أبرز وجوه الحياة الثقافية الإنكليزية في الحقبة الإبداعية[ر] (الرومنسية)، وأحد أهم منظِّريها. وتعد بعض مؤلفاته ـ مثل قصيدة «البحار العجوز» التي استهل بها ديوان «قصائد غنائية»، الذي نشره مشاركة مع الشاعر وليم وردزورث[ر] W.Wordsworth وتنظيره في الشعر في «السيرة الأدبية»، التي تقع في المركز الثاني بعد «فن الشعر» لأرسطو من حيث التأثير في الشعر الإنكليزي ـ من أهم إنجازات تلك المرحلة ونموذجاً يحتذى، ومرشداً لكل من انتمى إلى تلك المدرسة في إنكلترا.

    ولد كولردج في بلدة أوتري سانت ماري Ottery St.Mary في مقاطعة ديفونشِر Devonshire، وكان منذ طفولته قارئاً نهماً. التحق بجامعة كمبرِدج، إلاّ أنه لم يتم دراسته فيها بسبب حياته العاصفة وفكره المتوقد الثائر المتعاطف مع مبادئ الثورة الفرنسية. تعرف في لندن روبرت سَذِي R.Southey وتزوج نسيبته وخططا معاً لإقامة مجتمع طوباوي في الولايات المتحدة، إلا أن المشروع أخفق في مهده، ثم تعرف وردزورث وأختَه دوروثي عام 1795، فكان ذلك محرضاً لعبقرية الشاعرين الكبيرين، وزارا معاً ألمانيا حيث بقي كولردج للدراسة في جامعة غوتينغن Göttingen فاطّلع على مؤلفات كانْت[ر] وشليغل[ر] وشيلنغ[ر] وعلى فكر التعالي[ر] Transcendentalism، والإبداعية الألمانية، وكان لكل ذلك تأثير واضح في فكره وشعره. زار العديد من بلدان أوربا وعمل في مجالات مختلفة، إلا أنه استقر أخيراً في إنكلترا، وصارع المرض والإدمان على الأفيون، وتوفي في هايغيت Highgate بالقرب من لندن.

    عمل كولردج على تأسيس صحف دورية عديدة، إلا أن أياً منها لم يدم أكثر من بضعة شهور. وكان أول إنجاز أدبي له ديوان «قصائد حول موضوعات مختلفة» Poems on Various Subjects (1796)، ثم «قصائد» Poems (1797)، إلا أن إنجازه الأبقى هو الذي تمخض عن تعاونه مع وردزورث عامي 1797-1798، في ديوان «قصائد غنائية» Lyrical Ballads (1798) الذي ضم «قصيدة البحار العجوز» Rime of the Ancient Mariner، واعتمد فيها شكل البالادة[ر]. وتروي القصيدة حكاية عودة بحار من رحلة طويلة حافلة بالصعوبات بسبب قتله طائر قطرس بغير وجه حق، فتحل اللعنة على سفينته ويموت جميع زملائه، ويظل البحار وحيداً إلى أن يتوصل إلى التوبة ويكتشف قيمة كل شيء حي فيحصل على المغفرة والخلاص. وتمثل هذه القصيدة خلاصة الفكر الإبداعي في أوجه الذي يقول بوحدة الوجود وتمثُّل الخالق في خلقه. ويعدّ النقاد هذه القصيدة أفضل وأكمل نص خيالي إبداعي في الشعر الإنكليزي. وكان كولردج قد بدأ في الفترة نفسها كتابة قصائد «كريستابل» Christabel و«قُبلا خان» Kubla Khan التي تميزت بالروح الشفافة نفسها والرؤية الإبداعية النافذة والأسلوب المتألق المبهر. وينقل الشاعر القارئ في هذه القصائد كلها إلى عالم خيالي مسحور يقع ما بين الحلم واليقظة في شعر غني بالقوافي الاستهلالية والداخلية وبالجناس والطباق.

    ترجم كولردج جزأين من ثلاثية شيلّر[ر] «فالنشتاين» Wallenstein (1800)، وكتب في عام 1802 «الاكتئاب: قصيدة أود» Dejection: An Ode خصصها لسارة هتشِنسون S.Hutchinson أخت زوجة وردزورث التي أحبها كولردج، يصف فيها حالته النفسية في تلك الفترة من حياته ويشكو فقدان قدراته الشعرية. أما في مجال النقد فقد كتب «السيرة الأدبية» Biographia Literaria (1817) التي ضمّنها خلاصة فكره حول الشعر[ر]، والخيال[ر] والمخيلة وأثرهما في العمل الإبداعي بإطلاق العنان لهما عن طريق «التعليق الإرادي للتكذيب» suspension of disbelief، وحول إيقاظ العقل من «سبات الاعتياد» lethargy of custom، ورؤية الكون بمنظار متحرر من هذا الاعتياد القاتل للإبداع.

    كان كولردج مأخوذاً بالمسرح، فكتب في عام 1797 مسرحية «أوسوريو» Osorio، إلا أن شِريدان[ر] رفضها، فأعاد كولردج كتابتها وقُدمت على مسرح دروري لين Drury Lane تحت عنوان «تأنيب الضمير» Remorse عام 1813، فحققت نجاحاً لابأس به. كان أيضاً أبرز نقاد شكسبير، على الرغم من بعض المآخذ عليه في ذلك، وألقى العديد من المحاضرات حول المسرحي والشاعر الكبير في كل من لندن وبريستول Bristol، وكان بذلك من المؤسسين للنقد الشكسبيري في القرن التاسع عشر، خاصة فيما يتعلق بتحليله الشخصيات الرئيسية مثل هملت.

    يحتل كولردج مكانة رفيعة في تاريخ الأدب والنقد الإنكليزي؛ من حيث رؤيته الإبداع «كلاً عضوياً» organic unity، ورؤيته الخاصة في الأجناس الأدبية القائمة على خلق التوازن بين العام والخاص وعلى التوفيق بين الأضداد، وعلى دور الخيال الرئيسي في كل ذلك.

    طارق علوش
يعمل...
X