الأسد (باسل حافظ-)
اسد (باسل حافظ)
Al-Assad (Bassel Hafez-) - Al-Assad (Bassel Hafez-)
الأسد (باسل حافظ ـ)
(1381-1414هـ/1962 - 1994)
النجل الأكبر لرئيس الجمهورية العربية السورية حافظ الأسد.
ولد الرائد الركن المهندس المظلي باسل الأسد في 23/3/1962 بمدينة دمشق، وفيها أنهى دراسته الثانوية عام 1978، في معهد الحرية الذي يحمل اليوم اسمه «معهد الشهيد باسل الأسد».
لفت انتباه أساتذته وأقرانه في وقت مبكر من شبابه بتفوقه وحسن خلقه وسلوكه، إذ كان مثلاً أعلى في انضباطه ومعاملته لزملائه، وتعدّد مواهبه، وتنوّع اهتماماته ونشاطه، فقد انضم إلى اتحاد شبيبة الثورة وهو في الحادية عشرة من عمره، وبدأ يتدرب على الرماية وركوب الخيل والقفز بها فوق الحواجز في هذه السن.
وفي الثالثة عشرة من عمره، أي في عام 1975 انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي [ر] وثابر على القيام بالنشاط الحزبي الذي كان يُطلب منه أو يوكل إليه. وبدأ رياضة القفز المظلي منذ عام 1978 فحقق تفوقاً ملحوظاً، وعندما اشتر ك في أول دورة للقفز المظلي الحر للشبيبة عام 1980 كان بطل تلك الدورة. وفي عام 1981 فاز ببطولة دمشق في الرماية.
بعد حصوله على الثانوية العامة ـ الفرع العلمي، انتسب إلى كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق عام 1979-1980 وحصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1983-1984، ثم انتسب إلى القوات المسلحة متطوعاً في 24/9/1984، وتخرّج في كلية المدرعات مهندساً قيادياً برتبة ملازم أول، وكان الأول على أفراد دورته. وفي عام 1987، رُفِّع إلى رتبة نقيب، والتحق بدورة كلية القيادة العليا في القوات المسلحة السورية، وتخرج فيها «ضابط ركن مدرعات»، وكان الأول على أفراد دورته، وذلك عام 1988.
وبروح الطموح إلى مزيد من المعرفة والتعمق في التخصص أعدّ النقيب المظلي الركن باسل الأسد بحثاً علمياً في المجال العسكري تقدم به إلى الأكاديمية العليا للعلوم العسكرية في الاتحاد السوفييتي ولقي تقدير المسؤولين فيها وموافقتهم على تشكيل لجنة علمية لمناقشته في البحث المذكور، وجرت هذه المناقشـة فعلاً في أكاديميـة (ك.ي. فوروشيلوف) بموسكو، وحضر المناقشة خمسة عشـر عالماً عسـكرياً بتاريـخ 27/11/1991، وفي نهاية المناقشـة منحتـه لجنـة التحكيم شـهادة الدكتوراة في العلـوم العسـكرية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
وكان من جملة تحصيله العلمي في القوات المسلحة اتّباعه دورة تدريبية على قيادة الحوامات القتالية عام 1980، ودورة على قيادة الطائرات المقاتلة فوق الصوتيـة (الميغ 21) ولكنه لم يستكملها.
وفي حياته العسكرية القصيرة نال وسام التدريب في الجيش العربي السوري مرات عدة لتفوقه ولتفوق وحدته العسكرية وتحقيقها أفضل النتائج، وخاصة عام 1993.
وكانت إنجازات الشهيد باسل الأسد في مضمار الرياضة متعددة، وخاصة في الفروسية التي بدأ اهتمامه بها منذ عام 1971، فقد فاز بأول بطولة للأشبال في الفروسية عام 1973، كما نال بطولة سورية للفروسية عام 1981، وكان بطل دورة ألعاب المتوسط للفروسية عام 1987 فأطلقت عليه الصحافة لقب «الفارس الذهبي». ولشدة حبه للفروسية واهتمامه بها فقد طور رياضتها، وأسهم في إحداث النوادي لها في المحافظات السورية، ولم يكن للفروسية حضور يذكر قبله، كما شجع رياضة كرة القدم والسباحة بأنواعها ومارس رياضة التزلج على الماء، وأسس نادي اليخوت بمدينة الأسد الرياضية في اللاذقية.
وفي ميدان الرياضة نال منزلة خاصة وتكريماً دولياً في حفل أقامته اللجنة الأولمبية الدولية ورعته اليونسكو في باريس مساء الخميس 15/10/1992 بعد أن أشادت بالروح الرياضية واللعب النظيف اللذين لمستهما عنده.
وكان باسل الأسد منذ دخوله الجامعة توّاقاً إلى المعرفة، مهتماً كل الاهتمام بالعلوم الحديثة المتطورة في مجال المعلوماتية والحواسيب الإلكترونية، ولذلك تبنّى، بالتعاون مع بعض المختصين، مشروع إنشاء أول جمعية في سورية تضم العاملين في حقل المعلوماتية، فاتصل بهم في مختلف قطاعات الدولة ومؤسساتها ودوائرها الرسمية، وبالقطاع الخاص وأساتذة الجامعات، حتى تكونت اللبنة الأولى لهذه الجمعية عام 1989 باسم «الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية». ولهذا فهو يُعدّ بحق رائد المعلوماتية في سورية، وإليه يرجع فضل السبق والتخطيط لأن تكون سورية مركزاً مهماً للمعلوماتية في الوطن العربي. وبُدىء بإنشاء هذا المركز في مقره الأوّلي بمكتبة الأسد الوطنية، وشارك المهندس الشهيد باسل الأسـد الأعضاء والمؤسـسين في وضع النظام الداخلي للجمعية، كما شارك في اجتماعاتها التأسـيسيّة وفي وضع الخطط لإنجاحهـا وتنظيـم عملها وملاحقـة تنفيذ مراحله، وكان يتابـع عن كثـب كل ما هو جديـد في هـذا التخصص بالاتصال بمراكـز الأبحاث والمؤسسات المعلوماتية العالميـة، وآخر ماتبنّاه كان اقتراح إقامة مؤتمر دولي في مدينة دمشق لمناقشة القضايا الإدارية والعلمية المتعلقة بتنظيم الشبكة الوطنية للمعلومات وربطها بالشبكة العالمية. وقد انعقد هذا المؤتمر فعلاً بعد رحيله في المدة من 9-13 أيار عام 1994م برعاية الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي، وحضور الدكتور بشار الأسد، النجل الثاني للرئيس حافظ الأسد.
إن فكرة إنشاء الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية كانت تهدف إلى تجميع العاملين في حقل الحواسيب بدوائر الدولة ومؤسساتها لدعم هذه المرافق بكل ما هو جديد في هذا العلم، وفق خطة تطمح إلى تحديث أجهزة الدولة في أكثر مرافقها أهمية وحيوية. وهذا الهم الوطني كان وجهاً من وجوه التفكير العلمي الجاد الذي أولاه الرائد المهندس باسل الأسد ما استطاع من جهد ورعاية.
وكان الشهيد باسل الأسد رجلاً مؤمناً كلفاً بمعرفة أركان الدين الإسلامي وفقهه، وقد أدى شعائر العمرة في الشهر الثاني عشر من عام 1992، كما كان قارئاً مثابراً على المطالعة، وقد تشعّب اهتمامه الثقافي إلى الكتب التاريخية والعسكرية والاقتصادية والعلمية. وكان محللاً ومحاوراً سياسياً هادئاً يشهد له بذلك ما نقل عنه ممّن حاوروه وجالسوه وسمعوه.
ويلخص السيد الرئيس الأب حافظ الأسد شخصية ابنه في خطاب وجهه إلى الجماهير التي شاركته مشاعر الفقد والأسى فيقول عنه: «إنه يحمل في شخصه الكثير من المواهب والقدرات والصفات التي برزت فيه منذ طفولته، ونمت مع الزمن، وبلغت مرحلة متقدمة من النضج والرسوخ والوضوح».
ثم يتابع قائلاً: «كان باسل محباً لأقرانه وأصدقائه ومواطنيه، ومن هنا أيضاً كان تفاؤله وثقته بمستقبل الوطن، ومستقبل الشعب، فأحب الخير وخدمة الناس والمصلحة العامة».
بالمعايير الإنسانية والسياسية تبدو القيمة الفردية لشاب كباسل الأسد نموذجاً مرموقاً، ومثلاً سامياً لقدرة الشباب العربي على التفوق والإرادة وإحياء الأمل في النفوس التي تستشرف صورة المستقبل المشرق ورؤاه الناصعة، ويبدو استشهاده حدثاً في أمة، وهزة اتسعت دائرتها على نطاق تجاوز رقعة الوطن، فقد خرجت جموع المواطنين يوم الدفن في قوافل من السيارات، وتدفقت تلقائياً من المـدن والقرى في سورية ولبنان متجهة نحو «القرداحة» حيث بيت الأسرة، وعلت المساجد أصوات ترتيل آي الذكر الحكيم، وقرعت الأجراس في الكنائس على اختلاف رعاياها، وأغلقت المحالّ والمتاجر والمقاهي والنـوادي والأسـواق، وشارك في تشييع الجنازة ومجالس العزاء كبـار المسؤولين في الدولة، وجماهير المواطنين: أحزاباً ومنظمات شعبية واتحادات ونقابات مهنية، رجالاً ونساءً وأطفالاً، عسكريين وطلاباً ورجال دين وأساتذة جامعات وأدباء ومفكرين ورياضيين وفنانين. وكان وقع المصاب الجلل ترجماناً للتقدير العميق الذي تكنه الأوساط الشعبية والعربية للرئيس السـوري حافظ الأسـد ولنجله الفقيد، فقد شـارك في التعزية والمواسـاة عدد من الملـوك والرؤسـاء والمسؤولين العرب والأجانـب، بالحضور، أو بإرسـال المندوبين والمبعوثين، أو بالاتصال الهاتفي، أو بإرسال البرقيات والرسائل وأكاليل الزهر.
وزاد من وقع هذه الخسارة الوطنية الكبيرة أنها جاءت في أعقاب قمة جنيف التي عقدت قبل أسبوع من الخطب الجلل بين الرئيسين حافظ الأسد وبل كلنتون، إذ كان هذا اللقاء محطّ أنظار العالم وموضع تقديره، فقد عدّه المراقبون والمعلقون السياسيون خطوة متقدمة في الحوار السياسي الندِّي بين سورية الأسد وأعظم دولة في العالم اليوم، وهذا مما جعل رحيل باسل الأسد يزداد أثراً وانتشاراً في عواصم العالم كله.
ولم يُكتب في حدث وطني، أو شخصية عربية معاصرة بحميمية خاصة بقدر ما كتب في سجايا الباسل ومناقبه الحميدة شعراً ونثراً، حتى بلغت الكتب التي أُلِّفت عنه في بداية عام 1999 زهاء أربعين كتاباً، فضلاً عن المقالات والأبحاث والمحاضرات والخواطر والأشعار والأزجال، مما توزعته الصحف والمجلات والدوريات، وجمع بعضه في عمل توثيقي بعنوان «رحيل الباسل ووفاء الشعب» نَسَقَته أربعة كتب، يقع الكتاب الأول منها في نحو سبعمئة صفحة انطوت على ما قيل نثراً، ويقع الثاني في نحو ستمئة صفحة تضمنت ما قيل شعراً، ويقع الثالث في خمسمئة وخمسـين صفحـة من المختارات النثرية ومن أقوال الشهيد الباسل، أما الكتـاب الرابع فقيد الإنجاز.
وأطلق اسمه على المطار القريب من بلدته «القرداحة»، وعلى كثير من المؤسسات ومراكز العلم والمشافي والساحات والشوارع والجوامع والجمعيات والمعسكرات والمدن الرياضية والنوادي والدورات والحدائـق والغابات، في سـورية ولبنان.. وأحدثـت باسـمه الشهادات والجوائز والمجلات والأوسمة.
كان ذلك كله تخليداً لذكراه، وتقديرا ًلمكانته في نفوس مواطنيه.
ومازال كثير من الوفود والزائرين والسائحين العرب والأجانب، جماعات وأفراداً يزورون ضريحه في «القرداحة»، يقرؤون الفاتحة ويضعون أكاليل الزهر في مناسبات مختلفة.
لقد كان الشهيد باسل الأسد علماً ومنارة في العصر الذي عاش فيه، وبهذه الخصوصية وهذا التفرّد دخل تاريخ الوطن وكتب له الخلود.
مسعود بوبو
اسد (باسل حافظ)
Al-Assad (Bassel Hafez-) - Al-Assad (Bassel Hafez-)
الأسد (باسل حافظ ـ)
(1381-1414هـ/1962 - 1994)
النجل الأكبر لرئيس الجمهورية العربية السورية حافظ الأسد.
ولد الرائد الركن المهندس المظلي باسل الأسد في 23/3/1962 بمدينة دمشق، وفيها أنهى دراسته الثانوية عام 1978، في معهد الحرية الذي يحمل اليوم اسمه «معهد الشهيد باسل الأسد».
لفت انتباه أساتذته وأقرانه في وقت مبكر من شبابه بتفوقه وحسن خلقه وسلوكه، إذ كان مثلاً أعلى في انضباطه ومعاملته لزملائه، وتعدّد مواهبه، وتنوّع اهتماماته ونشاطه، فقد انضم إلى اتحاد شبيبة الثورة وهو في الحادية عشرة من عمره، وبدأ يتدرب على الرماية وركوب الخيل والقفز بها فوق الحواجز في هذه السن.
|
بعد حصوله على الثانوية العامة ـ الفرع العلمي، انتسب إلى كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق عام 1979-1980 وحصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية عام 1983-1984، ثم انتسب إلى القوات المسلحة متطوعاً في 24/9/1984، وتخرّج في كلية المدرعات مهندساً قيادياً برتبة ملازم أول، وكان الأول على أفراد دورته. وفي عام 1987، رُفِّع إلى رتبة نقيب، والتحق بدورة كلية القيادة العليا في القوات المسلحة السورية، وتخرج فيها «ضابط ركن مدرعات»، وكان الأول على أفراد دورته، وذلك عام 1988.
وبروح الطموح إلى مزيد من المعرفة والتعمق في التخصص أعدّ النقيب المظلي الركن باسل الأسد بحثاً علمياً في المجال العسكري تقدم به إلى الأكاديمية العليا للعلوم العسكرية في الاتحاد السوفييتي ولقي تقدير المسؤولين فيها وموافقتهم على تشكيل لجنة علمية لمناقشته في البحث المذكور، وجرت هذه المناقشـة فعلاً في أكاديميـة (ك.ي. فوروشيلوف) بموسكو، وحضر المناقشة خمسة عشـر عالماً عسـكرياً بتاريـخ 27/11/1991، وفي نهاية المناقشـة منحتـه لجنـة التحكيم شـهادة الدكتوراة في العلـوم العسـكرية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
وكان من جملة تحصيله العلمي في القوات المسلحة اتّباعه دورة تدريبية على قيادة الحوامات القتالية عام 1980، ودورة على قيادة الطائرات المقاتلة فوق الصوتيـة (الميغ 21) ولكنه لم يستكملها.
وفي حياته العسكرية القصيرة نال وسام التدريب في الجيش العربي السوري مرات عدة لتفوقه ولتفوق وحدته العسكرية وتحقيقها أفضل النتائج، وخاصة عام 1993.
وكانت إنجازات الشهيد باسل الأسد في مضمار الرياضة متعددة، وخاصة في الفروسية التي بدأ اهتمامه بها منذ عام 1971، فقد فاز بأول بطولة للأشبال في الفروسية عام 1973، كما نال بطولة سورية للفروسية عام 1981، وكان بطل دورة ألعاب المتوسط للفروسية عام 1987 فأطلقت عليه الصحافة لقب «الفارس الذهبي». ولشدة حبه للفروسية واهتمامه بها فقد طور رياضتها، وأسهم في إحداث النوادي لها في المحافظات السورية، ولم يكن للفروسية حضور يذكر قبله، كما شجع رياضة كرة القدم والسباحة بأنواعها ومارس رياضة التزلج على الماء، وأسس نادي اليخوت بمدينة الأسد الرياضية في اللاذقية.
وفي ميدان الرياضة نال منزلة خاصة وتكريماً دولياً في حفل أقامته اللجنة الأولمبية الدولية ورعته اليونسكو في باريس مساء الخميس 15/10/1992 بعد أن أشادت بالروح الرياضية واللعب النظيف اللذين لمستهما عنده.
|
إن فكرة إنشاء الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية كانت تهدف إلى تجميع العاملين في حقل الحواسيب بدوائر الدولة ومؤسساتها لدعم هذه المرافق بكل ما هو جديد في هذا العلم، وفق خطة تطمح إلى تحديث أجهزة الدولة في أكثر مرافقها أهمية وحيوية. وهذا الهم الوطني كان وجهاً من وجوه التفكير العلمي الجاد الذي أولاه الرائد المهندس باسل الأسد ما استطاع من جهد ورعاية.
وكان الشهيد باسل الأسد رجلاً مؤمناً كلفاً بمعرفة أركان الدين الإسلامي وفقهه، وقد أدى شعائر العمرة في الشهر الثاني عشر من عام 1992، كما كان قارئاً مثابراً على المطالعة، وقد تشعّب اهتمامه الثقافي إلى الكتب التاريخية والعسكرية والاقتصادية والعلمية. وكان محللاً ومحاوراً سياسياً هادئاً يشهد له بذلك ما نقل عنه ممّن حاوروه وجالسوه وسمعوه.
ويلخص السيد الرئيس الأب حافظ الأسد شخصية ابنه في خطاب وجهه إلى الجماهير التي شاركته مشاعر الفقد والأسى فيقول عنه: «إنه يحمل في شخصه الكثير من المواهب والقدرات والصفات التي برزت فيه منذ طفولته، ونمت مع الزمن، وبلغت مرحلة متقدمة من النضج والرسوخ والوضوح».
ثم يتابع قائلاً: «كان باسل محباً لأقرانه وأصدقائه ومواطنيه، ومن هنا أيضاً كان تفاؤله وثقته بمستقبل الوطن، ومستقبل الشعب، فأحب الخير وخدمة الناس والمصلحة العامة».
|
وزاد من وقع هذه الخسارة الوطنية الكبيرة أنها جاءت في أعقاب قمة جنيف التي عقدت قبل أسبوع من الخطب الجلل بين الرئيسين حافظ الأسد وبل كلنتون، إذ كان هذا اللقاء محطّ أنظار العالم وموضع تقديره، فقد عدّه المراقبون والمعلقون السياسيون خطوة متقدمة في الحوار السياسي الندِّي بين سورية الأسد وأعظم دولة في العالم اليوم، وهذا مما جعل رحيل باسل الأسد يزداد أثراً وانتشاراً في عواصم العالم كله.
ولم يُكتب في حدث وطني، أو شخصية عربية معاصرة بحميمية خاصة بقدر ما كتب في سجايا الباسل ومناقبه الحميدة شعراً ونثراً، حتى بلغت الكتب التي أُلِّفت عنه في بداية عام 1999 زهاء أربعين كتاباً، فضلاً عن المقالات والأبحاث والمحاضرات والخواطر والأشعار والأزجال، مما توزعته الصحف والمجلات والدوريات، وجمع بعضه في عمل توثيقي بعنوان «رحيل الباسل ووفاء الشعب» نَسَقَته أربعة كتب، يقع الكتاب الأول منها في نحو سبعمئة صفحة انطوت على ما قيل نثراً، ويقع الثاني في نحو ستمئة صفحة تضمنت ما قيل شعراً، ويقع الثالث في خمسمئة وخمسـين صفحـة من المختارات النثرية ومن أقوال الشهيد الباسل، أما الكتـاب الرابع فقيد الإنجاز.
وأطلق اسمه على المطار القريب من بلدته «القرداحة»، وعلى كثير من المؤسسات ومراكز العلم والمشافي والساحات والشوارع والجوامع والجمعيات والمعسكرات والمدن الرياضية والنوادي والدورات والحدائـق والغابات، في سـورية ولبنان.. وأحدثـت باسـمه الشهادات والجوائز والمجلات والأوسمة.
كان ذلك كله تخليداً لذكراه، وتقديرا ًلمكانته في نفوس مواطنيه.
ومازال كثير من الوفود والزائرين والسائحين العرب والأجانب، جماعات وأفراداً يزورون ضريحه في «القرداحة»، يقرؤون الفاتحة ويضعون أكاليل الزهر في مناسبات مختلفة.
لقد كان الشهيد باسل الأسد علماً ومنارة في العصر الذي عاش فيه، وبهذه الخصوصية وهذا التفرّد دخل تاريخ الوطن وكتب له الخلود.
مسعود بوبو