إسماعيل بن إبراهيم الخليل aël ben Ibrahim Al-Khalil

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إسماعيل بن إبراهيم الخليل aël ben Ibrahim Al-Khalil

    إسماعيل بن إبراهيم الخليل
    aël ben Ibrahim Al-Khalil

    إسماعيل بن إبراهيم الخليل

    نبي الله إسماعيل، الابن البكر لخليل الرحمن إبراهيم، وأمه هاجر. يعدّه علماء أنساب العرب رأس السلالة العربية من العرب المستعربة ـ أي العدنانية. وهي السلالة الثالثة بعد العرب البائدة والعرب العاربة، وكانت مواطنها الأجزاء الشمالية من الجزيرة العربية.
    لا يعرف تاريخ مولد إسماعيل ولا وفاته، ولا تتوافر مصادر مباشرة يمكن الرجوع إليها لمعرفة سيرته ونبوته، سوى ما جاء في الكتب السماوية وبعض الأحاديث النبوية، وما رواه أهل الأخبار. ومن هذه المصادر استقت كتب التفسير والتأريخ وقصص الأنبياء أخبار إسماعيل وقرنتها بسيرة أبيه إبراهيم وأخيه الأصغر إسحاق. ويرجح الباحثون أنه عاش مع أبيه وأخيه في أواخر القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وتذكر التوراة أنه عمَّر زهاء مئة وسبع وثلاثين سنة.
    وأصل اسم إسماعيل كنعاني يتألف من كلمتي: «يسمع» و«إيل» ومعناه «الرب يسمع» لأن «إيل» اسم الإله عند الكنعانيين ومعناه سيد السماء المتعالي عن الأرض والطبيعة. ويلفظ الاسم بالعبرية «يِشْمْعئِل»، وقد ورد ذكره بهذا اللفظ في سفر التكوين والترجوم، وفيه إشارة إلى أن الله «سمع» هاجر في ضيقها بعد أن بدأت سارة تضطهدها فهربت إلى البرية.
    ورد حديث إسماعيل في مواضع مختلفة من القرآن الكريم وفي الحديث الشريف. ويصفه القرآن بأنه كان «رسولاً نبياً» و«من الأخيار الصابرين» وأنه كان «صادق الوعد» ومن «الذين فضلهم الله على العالمين». وتتفق المصادر الإسلامية والتوراتية ورواة الأخبار في بعض سيرته، وتختلف في بعضها الآخر، ولاسيما المكان الذي قضى فيه إسماعيل طفولته مع أمه، وقصة زواجه، وكذلك قصة الذبيح. ويمكن تلخيص سيرة إسماعيل بحسب تلك المصادر على النحو التالي:
    كانت سارة زوج إبراهيم الخليل عاقراً وقد طعنت في السن فعرضت على زوجها أن يتزوج جاريتها هاجر، فإن حملت كان الولد ابناً شرعياً لسارة في شرائع ذلك العصر. ولما حملت السيدة هاجر اغتمت سارة وداخلتها الغيرة فراحت تسيء معاملة هاجر وتضطهدها. وكان عمر إبراهيم حين وضعت هاجر ابنها ستاً وثمانين سنة، فسماه «إسماعيل»، وشب الغلام في كنف أبيه حتى بلغ الثالثة عشرة من العمر. وفي أحد الأيام بدت للوالد في المنام رؤيا أن يذبح وحيده ويقدمه أضحية للرب، ولكن الله افتداه بذبح من الغنم، وبشر الوالد بغلام آخر من زوجه سارة فولدت له إسحاق. ولما وضعت أصرت على إبعاد هاجر وابنها إسماعيل ليبقى الإرث كله لابنها، وأطاعها إبراهيم كما أوحي إليه. فانطلق بهاجر وإسماعيل إلى البرية، وتركهما فيها بعد أن أخبر هاجر أن الله أمره بهذا، وترك عندهما جراباً فيه تمر وسقاء. وتذكر التوراة أنها برية فاران. وقد اختُلف فيها، فثمة من يقول إنها بادية التيه شمالي جزيرة سيناء، ومن يقول إنها جبال مكة، وفي تحديد موضعها أقوال أخرى. وأما القرآن الكريم فلم يذكر عن هذه الرحلة سوى قوله تعالى على لسان إبراهيم: )ربَّنا إنّي أسكنتُ من ذُريّتي بوادٍ غير ذي زَرْع عندَ بيْتك المُحَرَّم، رَبَّنا ليُقيموا الصَّلاة، فاجعَلْ أَفئِدةً من النّاسِ تهوي إليهم، وارزُقهم من الثَّمراتِ لعلَّهم يشكروُن( (سورة إبراهيم 37). ولا شك أن الإشارة إلى البيت المحرّم هنا تعني «مكة» بإجماع المفسرين.
    وقد أقامت أم إسماعيل وولدها في ذلك المكان حتى نفد ما معهما من ماء، وظمئ إسماعيل فجعل يدحض الأرض برجله، ورأت هاجر نشزاً من الأرض، هو مرتفع «الصفا» فهرولت تصعده لعلّها تجد أحداً، ولما لم تر شيئاً رجعت إلى الوادي ثم صعدت نشزاً آخر، هو صخرة «المروة»، فلم تر أحداً. وكانت في سعيها بين الصخرتين تدعو الله أن يستجيب لها، ويفرّج عنهما. فكان عملها هذا أصل السعي في الحج. ولما يئست عادت إلى الصبي فوجدت الماء قد انبجس تحت قدميه، فجعلت تفحص الأرض بيدها، وكلما اجتمع الماء أخذته في سقائها، وكان ذلك أصل بئر «زمزم»، وبقيا على هذه الحال حتى مر بهما أهل حي من جُرهم، فقالوا لهاجر: «إن شئت آنسناك والماء ماؤك»، فأذنت لهم، وشب إسماعيل فيهم، وتعلم العربية منهم، وكانت لغته من قبل الآرامية، ومهر في الرماية والصيد. وماتت هاجر فدفنت في «الحِجْر» قرب زمزم. وتزوج إسماعيل امرأة من جرهم أو من العماليق، قيل إنها الجدّاء بنت سعد العمليقي. ورغب إبراهيم في أن يعرف ما حل بابنه فقصده، وكان قد خرج يصطاد، فلم تحسن زوجه استقبال إبراهيم فغادرها وقفل راجعاً، بعد أن قال لها كلمات فهم منها إسماعيل أن أباه يأمره أن يطلقها ففعل. وتزوج امرأة أخرى من جرهم قيل إن اسمها شامة بنت مُهلهِل بن سعد بن عوف، أو رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، فولدت له اثني عشر ولداً هم أصل المستعربة، وبنتاً واحدة تزوجها عيسو بن إسحاق البكر جد الأدوميين.
    ظل إبراهيم يتردد على بيت ابنه إسماعيل، وفي إحدى زياراته أوحي أليه أن يرفع قواعد البيت، وكان البيت رابية مرتفعة، فصدع بالأمر، وأعانه ابنه إسماعيل فأقاما الكعبة المشرفة، فكانت أول بيت وضع للناس ليعبد فيه الله. وغدت مكة أقدس الأماكن عند العرب كافة فلما جاء الإسلام زاد من قداستها، إذ جعل الكعبة المشرفة قبلة للمسلمين، وجعل الحج إليها فريضة على كل مسلم وركناً من أركان الإسلام. وغدت بعض وقائع سيرة إبراهيم وإسماعيل وهاجر جزءاً من مناسك الحج كالسعي والطواف والهدي وغيرها. وفي القرآن الكريم إشارات واضحة إلى بناء البيت ومكانته ومناسك الحج (البقرة 125-129، آل عمران 96-97، إبراهيم 35-37، الحج 26-37 وغيرها).
    ولي إسماعيل سدانة البيت بقية حياته، فلما مات دفن في الحجر إلى جانب أمه هاجر، وولي البيت بعده ابنه نابت (أو نبايوت)، فلما مات نابت غلبت جرهم على ولاية البيت.
    اختلفت المصادر والروايات في أمر الذبيح، وهل هو إسماعيل أو إسحاق، ومع أن القرآن لم يذكر اسم الذبيح ونصت التوراة صراحة على أنه إسحاق فإن أكثر المفسرين وعلماء الدين يؤكدون بالاستناد إلى تفسير تلك النصوص أن الذبيح هو إسماعيل وليس إسحاق. وقد لخصت سورة الصافات قصة التضحية بابن إبراهيم من دون ذكر الاسم: )فَبشَّرناهُ بغُلامٍ حَليمٍ، فلمّا بَلَغَ معَهُ السَّعِيَ قَال يا بُنَيّ إنّي أَرى في المَنامِ أنّي أَذْبَحُك فانظُرْ ماذا تَرى، قال يا أَبَتِ افعَلْ ما تُؤْمر سَتَجدُني إنْ شاءَ الله مِنَ الصَّابرين، فلمّا أَسْلَما، وتَلَّه للجَبيِن، ونادَيْناه أنْ يا إبراهيمُ قد صَدَّقْت الرُّؤْيا، إِنَّا كذلك نجزِي المُحسِنين، إنّ هذا لَهو البَلاءُ المُبِين، وَفَدَيْناه بِذِبْحٍ عَظيمٍ، وَتَرْكنا عليه في الآخرين، سَلامٌ على إبراهيمَ، كذلك نجَزي المُحْسِنين، إنَّه من عِبادِنا المُؤمنِين، وبَشَّرناه بإسحاق نبيّا من الصّالحِين، وباركْنَا عليه وعلى إسحاق( (الصافات 99-112) وهذا القول قريب مما ورد في سفر التكوين (22/1 -13) سوى الحوار بين إبراهيم وابنه، إضافة إلى التصريح باسم «إسحاق» بقوله «وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم، فقال له يا إبراهيم، فقال ها أنذا، فقال الربّ: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه، إسحاق، واذهب إلى أرض الموريا، وأصعده محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك...» وقد أكد المفسرون الذين توسعوا في سرد القصة إلى أن الذبيح يجب أن يكون إسماعيل لأنه كان وحيد أبيه قبل أن يولد إسحاق وأول ولد بُشِّر به، كما يفهم من حديث الرب مع هاجر والاسم الذي أعطيه، وفي بعض روايات أهل الكتاب تذكر كلمة «بِكْرِك» بدل وحيدك، وهي لا تصدق إلا على إسماعيل. ويقول ابن كثير في تفسيره: «ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق وحكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نُقل عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظنه تُلقي إلا عن أخبار أهل الكتاب، وأُخذ ذلك مسلّماً من غير حجّة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل، فإنه ذكر البشارة بغلام حليم، وذكر أنه الذبيح، ثم قال بعد ذلك )وبَشَّرنَاهُ بإسحاق نَبيّاً مِنَ الصَّالِحين( ولما بشرت الملائكة إبراهيم بإسحاق قالوا: )إنَّا نُبَشِّركَ بغُلامٍ عَليمٍ( وقال تعالى: )فبشَّرناها بإسحاقَ، ومِنْ ورَاءِ إسحاقَ يَعقُوب( (هود 71) أي يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب، ويكون من ذريته عقب ونسل، ولا يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير». وقد شغلت هذه المسألة الناس كثيراً في العصر العباسي وكان لها دور في التنافس بين العرب والفرس الذين كانوا يميلون إلى أن الذبيح إسحاق لاعتقادهم أنهم من نسله.
    تذكر التوراة وأهل الأخبار أسماء أولاد إسماعيل الاثني عشر وهم: «نبايوت (بكر إسماعيل) وقيدار، وأدبئيل، ومِبسام، ومشماع، ودومة، ومسا، وحدار، وتيما، ويطور، ونافيش، وقدمة». وترتيبهم هذا بحسب مواليدهم (التكوين: 25/12 فما بعد).
    وينسبهم كتاب الأسفار إلى أم مصرية تزوجها إسماعيل في حياة أمه، وقد نقل أهل الأخبار هذه الأسماء وغيروا في نطقها بعض التغيير، فصارت: نابت، وقيذر، وأذبل، ومبشا، ومسمعا، وماشي، ودُما، وأذر، وطيما، ويطور، ونبش، وقيذما، أو ما شاكل ذلك، وقالوا إن أمهم جرهمية كما ذكر سابقاً. وقد أشار الطبري إلى اختلاف أهل الأخبار في ضبط هذه الأسماء بسبب اختلاف المصدر الذي أخذت عنه على ما يبدو. ونص الطبري على أن العرب هم من نسل نابت وقيدر ولم يذكر شيئاً عن بقية الأولاد. وقد حددت التوراة المنازل التي أقام بها بنو إسماعيل فجعلتها بين حويلة وشور. وآراء العلماء مختلفة في تعيين موقع حويلة، وأما شور فموضع على الحدود الشمالية الشرقية لأرض مصر في تيه بني إسرائيل.
    وقد ورد اسم نبايوت مع اسم قيدار في النصوص الآشورية، ويبدو أن قبائلهما كانت كثيرة العدد قوية الشكيمة، لورود اسمهم في رأس قائمة أولاد إسماعيل واقترانه بالأدوميين عن طريق المصاهرة في جنوب شرقي فلسطين وبادية الشام. ويرى بعض المؤرخين أن قبيلة نابت كانت مشيخة أو مملكة حكمت القصيم، وكانت معاصرة لمملكة «عريبي» وكانت ما تزال مستقلة في أيام الفرس. أما بقية القبائل فتختلف الروايات في مواطنها وإن أجمعت على أنها عربية، وأنها كانت تقطن أجزاء من شمالي الجزيرة العربية وفلسطين والأردن وسورية ولبنان.
    سعدي أبو جيب

يعمل...
X