اليوت (توماس ستيرنز)Eliotشاعر وناقد مسرحي فيلسوف انكليزي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اليوت (توماس ستيرنز)Eliotشاعر وناقد مسرحي فيلسوف انكليزي



    اليوت (توماس ستيرنز)

    Eliot (Thomas Stearns-) - Eliot (Thomas Stearns-)

    إليوت (توماس ستيرنز ـ(
    (1888 ـ 1965)

    توماس ستيرنز إليوت Thomas Stearns Eliot شاعر وناقد ومسرحي وفيلسوف إنكليزي من أصل أمريكي، ولد بمدينة سانت لويس في ولاية ميسوري. تخرج في جامعة «واشنطن» بمدينة سانت لويس. كان جده لأبيه وليم غرينليف إليوت مؤسس تلك الجامعة، ومؤسس كنيسة الموحدين Unitarian في مدينته. هاجر أسلاف الشاعر من قرية إيست كوكر بإقليم ديفونشاير في إنكلترة واستقروا قرب مدينة بوسطن في شمال شرقي الولايات المتحدة. وكانت والدة الشاعر شارلوت ستيرنز، وهي من أصل إنكليزي، امرأة ذات علم ودين، كتبت مسرحية شعرية عن حياة الراهب سافونارولا Savonarola.
    بعد دراسة تحضيرية في سانت لويس، التحق توماس إليوت بجامعة هارفرد، وتخرج فيها عام 1910، ثم ذهب إلى باريس ليقضي سنة في السوربون يدرس الأدب الفرنسي والفلسفة، وعاد بعدها إلى هارفرد للدراسة العليا في الفلسفة والمنطق وعلم النفس واللغة السنسكريتية. ثم التحق بجامعة ماربرغ Marburg في ألمانية عشية الحرب العالمية الأولى، وما لبث أن انتقل إلى جامعة أكسفورد ليمضي سنة في أقدم كلياتها (كلية مِرْتُن Merton) يَدرُس الفلسفة الإغريقية، وينشر دراسات في الفلسفة والآداب في الدوريات الأدبية.
    وفي عام 1915 ظهرت أولى قصائده «أغنية حب ج. ألفريد بروفرُك» The Love Song of J. Alfred Prufrock في مجلة «شعر» الأمريكية التي كانت تصدرها الشاعرة الأمريكية هارييت مونرو.
    تزوج إليوت في تموز 1915 فتاة إنكليزية تدعى فيفيان هيغ وود، واشتغل سنة بالتعليم، ثم انتقل إلى العمل في مصرف لويد Lloyd's Bank في لندن عام 1917. وازداد نشاطه في النشر والكتابة حتى عام 1922، فتسلم تحرير مجلة «المعيار» Criterion، حتى عشية الحرب العالمية الثانية، وأصبح مدير دار «فيبر وفيبر» للنشر. وفي عام 1927 غدا من أتباع الكنيسة الأنغليكانية وحصل على الجنسية البريطانية. وفي عام 1932 عينته جامعة هارفرد أستاذاً للشعر فيها. توفيت زوجته عام 1947، وبعد ذلك بسنة حصل على وسام الاستحقاق Order of Merit وجائزة نوبل في الأدب. وفي عام 1957 تزوج أمينة سره فاليري فليتشر Valerie Fletcher. وتواصل نشاطه في كتابة الشعر التأملي، والمسرحيات الشعرية والدراسات النقدية، إلى جانب إنجاز كثير من الأعمال الأدبية؛ حتى توفي في لندن بعد أن طبع بطابعه نصف قرن من الإنتاج الشعري والنقدي المكتوب باللغة الإنكليزية.
    نشر إليوت أولى مجموعاته الشعرية عام 1917 بعنوان «بروفروك وملاحظات أخرى» وكانت تضم قصائد تعود إلى عام 1909. تظهر هذه القصائد أثراً واضحاً من الرمزية الفرنسية، اهتدى إليها الشاعر عام 1908 عن طريق كتاب آرثر سايمنز Arthur Symons «الحركة الرمزية في الأدب». وقد تأثر إليوت في هذه المرحلة بوجه خاص بشعر جول لافورغ[ر] Jules Laforgue وأمثاله من الرمزيين الفرنسيين.
    وتتصف قصائد هذه المجموعة بالتركيز الشديد في العبارة التي تؤدي إلى نقل صورة محددة المعالم تكاد تكون ملموسة، وهو المبدأ الذي أشاعه في الشعر إزرا باوند[ر]، ودُعي بالحركة الصورية Imagist، ويلاحظ كذلك في قصائد هذه المجموعة الأولى أنها تتضمن إشارات إلى كثير من المسائل الثقافية وأشعاراً بلغات أوربية عدة يوردها الشاعر من دون ترجمة أو تفسير. وترد بعض العناوين بلغة أوربية غير الإنكليزية، وكذلك بعض العناوين الفرعية. ينطوي هذا الأسلوب في التضمين على رأي نقدي للشاعر، يقول إن الشعر الجيد يجب أن يكون ثمرة خمسة وعشرين قرناً من الحضارة الأوربية والعالمية، تكون ماثلة في ذهن الشاعر والقارئ معاً، مما أكسب شعر إليوت صفة الصعوبة والغموض، لأنه يفترض الكثير في ثقافة القارئ. وقد استمر إليوت يكتب الشعر بهذا الأسلوب، فنشر قصيدته «جيرونشن» Gerontion عام 1919 التي ضمتها مجموعته «قصائد» عام 1920، وجميعها تعتمد أسلوب الشعر الحر بمعناه الدقيق. وهذه القصائد جميعاً، ابتداءً من «مقدمات» Preludes (وهي أربع قصائد نشرها عام 1909) ومعظم ما نشر إليوت من شعر حتى أوائل العشرينات من القرن العشرين، كل ذلك يعكس صورة التهافت النفسي والحضاري لدى الإنسان الأوربي في مطلع ذلك القرن، ولاسيما في أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها. وقد كانت تلك القصائد كلها تمهيداً لقصيدة إليوت الكبرى «الأرض اليباب» The Waste Land التي نشرها عام 1922 فأحدثت أثراً في الشعر الأوربي ـ الأمريكي ونقده ما يزال مستمراً حتى اليوم. تتكون قصيدة «الأرض اليباب» من 434 بيتاً، بعد أن خضعت لتنقيح إزرا باوند الذي قلّصها من 734 بيتاً في الأصل، وتضم خمسة مقاطع تتحدث عن غياب الإيمان بمعناه الأوسع لدى الإنسان المعاصر كما يراه إليوت. وفي القصيدة إشارات تضمينية إلى 35 كاتباً وكتاباً، أغلبها لا يقع في حدود ثقافة معظم القراء. إن هذه الصفات في القصيدة، إضافة إلى الجو الكئيب فيها وتقصيرها في تقديم حل لمشكلة تدهور الحضارة كما يراها الشاعر، قد جعلت القصيدة موضع جدل طويل منذ صدورها عام 1922 حتى أيامنا هذه، وقد يستمر الجدل إلى مستقبل غير منظور.
    وبعد «الأرض اليباب» توجه الشاعر إلى كتابة الشعر التأملي ذي الطابع المغرق في المسيحية فنشر «الرجال الجُوْف» The Hollow Men عام 1925 و«أربعاء الرماد» Ash Wednesday عام 1930.
    كذلك كتب إليوت المسرحيات الشعرية، لكنها في رأي كثير من النقاد، تأتي في الأهمية بعد شعره التأملي، وبعضها لا يكاد ينطوي على فعل مسرحي، بل إنها مثقلة بأفكار تدعو إلى النظر والتوقف، وتقصّر عن الحركة التي هي من أسس المسرحية الناجحة. فبعد محاولاته المسرحية الأولى في «الصخرة» The Rock عام 1934 قدّم مسرحية «جريمة قتل في الكتدرائية» Murder in the Cathedral عام 1935، ثم قدم مسرحية «اجتماع شمل الأسرة» The Family Reunion عام 1939. ثم جاءت «حفلة الكوكتيل» The Cocktail Party عام 1949 وقد كانت أكثر نجاحاً لما انطوت عليه من عنصر كوميدي. وبعد ذلك نشر إليوت مسرحية «الكاتب المؤتمن» The Confidential Clerck، و«السياسي المحنك» The Elder Statesman عام 1959.
    وفي مجال النقد نشر إليوت «وظيفة الشعر ووظيفة النقد» The Use of Poetry and the Use of Criticism في عام 1933. وكان مما قاله فيها إنه يرغب في مخاطبة أوسع الجماهير وأكثرها تنوعاً وقد وجد السبيل إلى ذلك في كتابة المسرحية الشعرية. فقد انتبه إلى قدرة الأسطورة على مخاطبة المشاعر الدفينة التي هي أساس التواصل الشعري، كما تعلّم من دراسة الأنتروبولوجية anthropology أهمية الشعائر والحركات الإيقاعية الجماعية لدى الأقوام البدائية. وتعلّم إليوت كذلك من دراسة المسرح الإنكليزي في العصر الإليزابيتي، وخاصة شكسبير، كيف يمكن الجمع بين التسلية والشعر النفيس في المسرحية الناضجة. وقد أدى به ذلك إلى العودة إلى المسرحية الشعرية في المسرح المعاصر.
    لكن النقاد ما يزالون ـ في الغالب ـ يرون في مسرحيات إليوت نوعاً من شعر الإيمان النفيس، لا ينصاع دائماً إلى متطلبات المسرح، كما أنه شعر لا يلقى إقبالاً إذا قدّم على المسرح.
    سمعة إليوت ناقداً تكاد تسير جنباً إلى جنب مع سمعته شاعراً. فقد بدأ إليوت يهتم بالفكر النقدي، وهو في حدود العشرين من عمره، وقد استهوته آراء الشاعر والناقد الإنكيزي ماثيو آرنولد[ر] الذي توفي عام 1888 سنة ولادة إليوت. كان آرنولد يرى أن الفكرة أساسية في الشعر وأن العاطفة لاحقة للفكرة، ويرى أن تقويم الشعر تقويماً صحيحاً يعتمد على تمثل الناقد أفضل ما فكر الشعراء فيه وكتبوه في العالم، منذ أيام هوميروس[ر] إلى العصر الحاضر، وبلغات شتى. لقد كتب إليوت دراسات نقدية كثيرة ربما كان أهمها دراسة بعنوان «التراث والموهبة الفردية» جمعها إلى دراسات أخرى في كتاب نشره عام 1920 بعنوان «الغابة المقدسة» The Scared Wood.
    يرى إليوت «أن جزءاً من مهمة النقد هو الحفاظ على التراث... وأن مهمة الناقد أن ينظر إلى الأدب في تطوره المتصل الحلقات فيراه كلاً واحداً» وأن «على المرء أن يكتب وهو لا يحس جيله بأكمله يسكن عظامه وحسب، بل يحس أن أدب أوربة برمّته منذ هوميروس، ومعه أدب بلاده برمّته يقفان معاً ويكونان نظاماً في وقتٍ معاً». وقد طبّق إليوت في شعره ما كان يدعو إليه من آراء في النقد. ويرى إليوت أن أبرز دعائم التراث في ثقافة الناقد الأدبي هي تلك القيم الروحية والفكرية التي تتمثل في شعر دانتي[ر] Dante أهم شاعر أوربي في العصر الوسيط، والدعامة الثانية هي معرفة عميقة بالشعر الإنكليزي والشعر المسرحي في القرن السابع عشر، ولاسيما شكسبير وجون دَن[ر] John Donne الذي يوجد في شعره «أبلغ مثال لذلك التصادم الجبار في الذهن الحساس بين التراث القديم والمعرفة الجديدة». والدعامة الثالثة هي معرفة عميقة بالرمزية الفرنسية وإدراك ما لدى شعراء أواخر القرن التاسع عشر في فرنسة من «ترابط بين المشاعر والأفكار» يشبه ما كان لدى الشعراء الإنكليز في القرن السابع عشر.
    هذه الدعائم الثلاث، التي يراها إليوت ضرورية لثقافة الناقد، هي كذلك خصائص الشعر الجيد في نظره. فإذا كانت هذه الأمور واضحة في ذهن الشاعر والقارئ معاً لم يبق مجال للغموض أو للصعوبة. فالشعر الجيد في نظره «قد يبلغ القلب قبل تمام الفهم»، كما قال في حديثه عن «الكوميديا الإلهية» La Divina Commedia والترابط بين الشعور والفكرة أساس المذهب الصوري عند باوند، وقد طوّره إليوت بالإفادة من الرمزية الفرنسية فتوصّل إلى فكرة «المعادل الموضوعي» Objective Correlative أو الترابط الموضوعي بين المشاعر والأفكار في القصيدة. وقد شرح إليوت مفهوم المعادل الموضوعي في دراسة بعنوان «هاملت ومشاكله» في كتابه «الغابة المقدسة». يقول إليوت: «الطريق الوحيد للتعبير عن الشعور فنياً هو إيجاد معادل موضوعي له، أو بعبارة أخرى، إيجاد مجموعة أشياء، أو حالات، أو سلسلة أحداث تؤلف مكوّنات ذلك الشعور المحدد، فعندما تقدم تلك الحقائق الخارجية، التي يجب أن تنتهي بتجربة حسية، فإن الشعور يستثار في الحال». وفي قصيدة «بروفروك» يتحدث الرجل عن تفاهة حياته وإنجازاته فيقول: «كنت أقيس حياتي بملاعق القهوة» أي كم ملعقة من القهوة يستهلك كل يوم من أيام حياته، لا كم معركة خاض، ولا كم من الأعمال الجليلة أنجز. فهذه الصورة هي المعادل الموضوعي للفكرة، تؤدي إليها إيحاءً لا تقريراً.
    منذ أن بدأت ترجمات شعر إليوت ونقده تظهر في العربية في الأربعينات، ترك شعره ونقده أثراً ملموساً في الأدب العربي المعاصر، ولاسيما في مطلع الخمسينات، فقد أعجب الشاعر العربي المعاصر المتطلع إلى الجديد، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بما لدى إليوت من تركيز على التراث واستخدام الأسطورة، والرمز، والإيحاء، والإشارة التضمينية، واستغلال الإشارات المسيحية، ولاسيما فكرة الصلب والشهادة. وقد وجد الشعراء العرب في حركة الانتعاش الشعري(التي بدأت في العراق وانتشرت إلى بقية الأقطار العربية) أن إليوت الذي استغل كتاب جيمس فريزر J.Fraser «الغصن الذهبي» The Golden Bough وأساطير الشرق إنما يدفعهم إلى استغلال ما لدى الشرق من أساطير إلى جانب الرموز الغنية في الكتاب المقدس والقرآن الكريم وسير الأبطال والمتصوفة والشهداء الذين يحفل بهم التراث العربي. وقد ظهر ذلك في شعر بدر شاكر السياب[ر] وعبد الوهاب البياتي[ر] وصلاح عبد الصبور وخليل حاوي[ر] وجماعة مجلة «شعر» في لبنان، التي كان لها دور كبير ابتداء من تأسيسها عام 1957 في إطلاع القارئ العربي على شعر إليوت ونقده.
    عبد الواحد لؤلؤة

يعمل...
X