يوهان برنهارد فيشر فون إرلاخ Johann Bernhard Fischer von Erlach الأب. معمار ونحات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يوهان برنهارد فيشر فون إرلاخ Johann Bernhard Fischer von Erlach الأب. معمار ونحات

    فيشر فون إرلاخ (أسرة ـ)

    يوهان برنهارد فيشر فون إرلاخ Johann Bernhard Fischer von Erlach الأب. معمار ونحات، ولد في مدينة غراز Graz عام 1656 في النمسا، وتُوفِّي في العاصمة فيينا عام 1723. أخذ عن والده فن النحت، وتعلّم في مشغله، كما زاول مهنة الحدادة في مطلع عمره، وجمع في أسلوبه المعماري والنحتي بين تأثيرات من الكلاسية classicisme وعصر النهضة والباروك baroque، ولاسيما العناصر الباروكية الجنوبية، وقد كان أسلوبه هذا السمة العامة للذوق الفني الذي ساد في إمبراطورية هابسبورغ Habsburg.
    يوهان برنهارد فيشر فون إرلاخ:«واجهات المستشارية البوهيمية»
    زار يوهان برنارد روما وهو في السادسة عشرة من العمر. وكان حظه كبيراً عندما تمكّن من الانتساب إلى محترف النحات الباروكي والمعمار الكبير جان لورنزو برنيني Gian Lorenzo Bernini، حيث اكتسب في أثناء وجوده في روما معارف واسعة بالفن القديم، والأساليب الفنية الرفيعة، وتسلح بالخبرة العملية العميقة، ما شكل أرضية صلبة لأسلوبه الذي تصدى من خلاله للنحت والعمارة وإعادة تشكيلهما بصورة جديدة.
    اطّلع جان برنارد على الطرز المعمارية الرومانية القديمة، وأساليب عصر النهضة، وفن الباروك. وحوالى العام 1684 سافر إلى نابولي في إيطاليا، ومن ثم انتقل؛ ليعمل في خدمة نائب الملك الإسباني، وبفضل طموحه الكبير ودأبه جمع ثروة لابأس بها. وبعد أن أمضى نحو ستة عشر عاماً ناجحاً في إيطاليا، عاد جان برنارد في الوقت المناسب إلى وطنه.
    في عام 1687 بدأ العمل مهندساً معمارياً لدى ثلاثة أباطرة هم: ليوبولد الأول Leopold I، وجوزيف الأول Joseph I، وتشارلز السادس Charles VI، وصمم أبنية للطبقة الأرستقراطية، وكذلك أسقفية سالزبورغ Salzburg.
    في العام 1689 اختاره الامبراطور ليبولد الأول لتعليم ابنه «المنظور وتاريخ العمارة وطرزها». وفي العام 1690 استطاع الفوز بتقدير العامة ومحبتهم واعترافهم بمواهبه، نتيجة قيامه بتصميم أقواس النصر في ڤيينا؛ احتفاءً بدخول ابن الامبراطور إلى المدينة عقب تتويجه في مدينة فرانكفورت على الماين Frankfurt am Main الألمانية.
    وفي السنوات العشر التالية، صار جان برنارد المهندس المعماري الأبرز والأهم في ڤيينا، وسالزبورغ، وأراضي هابسبورغ.
    «كنيسة كارليس» التي بدأ يوهان برنهارد فيشر فون إرلاخ تنفيذها ثم أكملها
    ابنه يوزيف إيمانويل
    في عام 1693 كُلِّف وضع تصاميم لأربعة عشر بناءً، كما تمكّن من إيجاد طراز معماري جديد للمنازل الريفية؛ جامعاً فيها أهم خصائص هندسة عمارة الضواحي المنجزة في القرن السادس عشر.
    دمج جان برنارد في تصاميمه المعمارية بين جملة من الطرز والأساليب، من بينها القصور الفرنسية الباروكية المكونة من أجنحة متصلة؛ جامعاً إياها مع أسلوب فيلات عصر النهضة.
    غير أن أهم إنجازاته المعمارية هي واجهات المستشارية البوهيميةBohemian Chancellery، وقصر تروتسون Trautson Palace في براغ Prague، وهذه الأعمال صارت منطلقاً لكل مهندسي العمارة في امبراطورية هابسبورغ.
    في العقد الأول من القرن الثامن عشر، تضاءل عدد تصاميم جان برنارد عما قبل، بسبب انهماكه في المهام الإدارية، وتفرغه للعمل مفتشاً رئيساً لأبنية الامبراطورية؛ إضافة إلى انشغاله بوضع كتاب حول تاريخ الهندسة المعمارية، تضمن نماذج وعينات معمارية مصرية وفارسية وإغريقية ورومانية وإسلامية وهندية وصينية، مزودة برسوم توضيحية وشروح وافية، كما خصص فصلاً من الكتاب لأعماله التي قام بتصميمها، بوصفها امتداداً طبيعياً للتقاليد الرومانية في هندسة العمارة، وقد نشر هذا الكتاب في العام 1721.
    يوزف إيمانويل فيشر فون إرلاخ Joseph Emanuel Fischer von Erlach الابن (1693ـ1742) مهندس معماري وميكانيكي ومخترع. ولد وتُوفِّي في ڤيينا Vienna، أكمل بعض المشروعات التي لم يتسنَّ لوالده إنجازها بسبب وفاته، مع إضافة بعض التعديلات الواسعة عليها، منها كنيسة كارلس Karlskirche التي بدأها والده بأمر من الملك تشارلز السادس عام 1723، وأنهاها يوزيف إيمانويل عام 1739، وقد تم تشييدها إعلاناً للشكر بمناسبة خلاص المدينة من وباء الطاعون، وفيها تداخلت وامتزجت الطرز المعمارية لأهم المباني الدينية المقدسة في الماضي والحاضر، بدءاً من المعبد في القدس Temple of Jerusalem، مروراً بالبانثيون Pantheon، وآيا صوفيا Hagia Sophia في اصطنبول، وكنيسة الأنفاليدDôme des Invalides في باريس.
    ومن الإنجازات المتميزة التي حققها يوزيف إيمانويل مع والده، المكتبة الامبراطورية Imperial Library ما بين عامي 1723ـ1726، وكان الجزء الداخلي فيها، من أكثر الحلول المعمارية فخامة وجلالاً في زمنها، وميدان ترويض الخيل Imperial Stables الذي نُفذ ما بين عامي 1717ـ1723، ومستشارية بوهيميا وقصر أوسترليتز Austerlitz وفندق الأنفاليد في بودابست.
    درس يوزيف إيمانويل طرز العمارة وأساليبها إبان رحلاته إلى فرنسا، وإنكلترا وإيطاليا ما بين عامي 1713ـ1714. وفي العام 1722 عُيِّن مهندساً معمارياً في البلاط الملكي، ثم صار في العام 1725 المفتش الرئيس لمنشآت البلاط، وهو منصب كان والده قد شغله قبله.
    اتبع يوزيف إيمانويل أسلوب والده، لكنه تأثر كثيراً ببدايات الكلاسية الفرنسية. ما بين عامي 1721ـ1722 صنع أول مضخة تعمل بالبخار في مدينة كاسل Kassel، أعقبتها أدوات أخرى كثيرة. وما بين عامي 1729ـ1735 شيد المدرسة الشتوية لركوب الخيل في ڤيينا، ومنذ العام 1732 بدأ اهتمامه بفن العمارة يفتر تدريجياً، ليتفرغ إلى قطاع التقانة الميكانيكية.
    يجزم جمعٌ من الباحثين أن كثيراً من المباني التي تُنسب إلى يوزيف إيمانويل كانت قد صممت من قبل معماريين آخرين، واقتصر دوره على إكمالها، أو تعديل بعض جوانبها، كما حصل مع عدد غير قليل من تصاميم وضعها والده وهو مازال على قيد الحياة، فجاء هو وأكملها وفق أسلوبه الذي لم يَرْقَ، بأي حال من الأحوال، إلى أسلوب والده الذي تتلمذ على يده، واشتغل معه أشهر أعماله، وربما يعود هذا إلى عدم تفرغه الكامل لهندسة العمارة، وانشغاله باهتمامات تقانية علميّة عدة، تتعلق بالعدد والآلات الصناعيّة. بمعنى أنه جمع في شخصيته بين الفنان والعالم، فجاءت إنجازاته على الصعيدين متواضعة، ولعلها أكثر توفيقاً وبروزاً في الجانب العلمي التقاني.
    والملاحظ أن قيامه بإكمال غالبية إنجازاته المعماريّة التي سبق للآخرين أن وضعوا تصاميمها حال دون غرس بصمته الخاصة فيها، فجاءت واهنة ومرتبكة، على الرغم من قيامه بالتعديل والإضافة على معظمها. وهكذا ذابت شخصيته بشخصية المصمم الأول؛ ليصعب معها تقدير مستوى موهبته وإبداعاته الحقيقية والأصيلة التي كان بالإمكان تحقيقها لو قام هذا الفنان العالم بإنجازها من ألفها إلى يائها، ذلك لأن العمل الفني الإبداعي كان ذاتياً ولايزال، ولاسيما على صعيد ابتكار الفكرة والتصميم، أما التنفيذ فيمكن لاختصاصيين آخرين المساهمة فيه.
    محمود شاهين
يعمل...
X