جزيرة فيلكا Failaka تقع على مسافة عشرين كيلو متراً شمال شرقي مدينة الكويت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جزيرة فيلكا Failaka تقع على مسافة عشرين كيلو متراً شمال شرقي مدينة الكويت

    فيلكا
    تقع جزيرة فيلكا Failaka على مسافة عشرين كيلو متراً شمال شرقي مدينة الكويت، يبلغ طولها 12كم وعرضها 6كم، وأرضها منبسطة ما عدا هضبة ترتفع نحو عشرة أمتار وتعدّ من أجمل الجزر الكويتية.
    جرت فيها تنقيبات متعددة منذ نهاية خمسينيات القرن العشرين، قامت بها بعثة دنماركية، ثمّ بعثة فرنسية من عام 1983 حتى اليوم، وقد اكتشفت هاتان البعثتان آثاراً موغلة في القدم تعود إلى عصور عدة.
    كان اسم فيلكا في عصر دلمون، نهاية الألف الثالث وبداية الألف الرابع ق.م، وهو غالباً أجارومِ، وكانت محطّة على طريق التجارة، الذي يصل بلاد الرافدين بشواطئ المحيط الهندي.
    في نهاية الخمسينيات عثرت البعثة الدنماركية على معبد من عصر البرونز الوسيط (2000ـ1600ق.م.)، دلّت عليه مصطبة مقدسة مخصصة للإله إنزاك Inzak إله مملكة دلمون، وعلى مسكن كبير يعود غالباً إلى أحد الأعيان أو لحاكم الجزيرة، وأظهرت بعض الكتابات الطابع المقدس للجزيرة.
    كما كشفت البعثة الفرنسية عن أساسات بناء كبير ورائع، يدلّ مخططه ومحتوياته على أنه معبد برجي من العصر الدلموني، مثل المعابد الممتدّة بين ساحل المتوسط وبلاد الرافدين.
    في القرن الرابع ق.م، العصر الهلينستي، دخل الإغريق الجزيرة التي أطلق عليها الإسكندر وبحارته «إيكاروس» Ikaros، لكنهم لم يقيموا فيها حقيقة إلا منذ القرن الثالث ق.م، حيث بنى السلوقيون فيها حصناً صغيراً بأمر من سلوقس الأول وابنه أنطيوخوس الأول. خصص هذا الحصن ـ كما في عصر دلمون ـ لحماية مصبّ دجلة والفرات، ومراقبة الطرق البحرية المتجهة إلى جنوب الجزيرة العربية ونحو الهند، ثمّ أصبح الحصن موطناً حقيقياً للعسكريين الإغريق حيث مارسوا نشاطات متعددة (زراعة، صيد سمك وحيوانات، حرف صغيرة).
    منظر جوي لجزيرة فيلكا
    عثرت البعثة الفرنسية على كنيسة تعود إلى نهاية العصر الساساني، تتألف من رواق وثلاثة أجنحة، ومحراب مستطيل الشكل، وهي تعود إلى دير يقع في موقع القصور في قلب الجزيرة. وقد هجر هذا الدير منذ بدايات العصر الإسلامي، ولكن تشكّلت حوله مستوطنة زراعية كبيرة امتدت عبر العصرين الأموي والعباسي.
    أهمّ اللُقى الأثرية التي ظهرت في الجزيرة الأختام الأسطوانية من طراز أختام بلاد الرافدين، ومن الطراز الدلموني المدبب، وأختام مربعة تنتمي إلى حضارة وادي السند، وأختام محلية من فيلكا مصنوعة من حجر الستياتيت (حجر الطّلْق) stéatite، تحمل نقوشاً، لها أسلوب فني مميز يعبر عن الطبيعة، إضافة إلى أشكال إنسانية وحيوانية، حيث صوّرت النجوم والسماء والطيور، وصراع الإنسان مع الحيوانات والزواحف.
    كما عُثر على رأس صغير لرجل يلبس طاقية مدببة وله لحية شبيهة بلحى سكان وملوك آشور، وجعران يشبه الجعرانات المصرية، وعلى صور للبطل الأسطوري غلغامش منقوشة على بعض الأختام المستديرة ذات الوجهين، وعثر على ختم مستدير من حجر الستياتيت يعود إلى عصور البرونز (وهو أكبر ختم عثر عليه في العالم حتى اليوم)، إضافة إلى بعض مخلّفات من زمن خلفاء الإسكندر، منها كتابة يونانية على حجر، تقدمة إلى الآلهة زيوس Zeus وبوسيدون Poseidon وأرتيميس Artemis.
    وكشف عن كتابة مدوّنة على حجر إكاروس الشهير، تفيد أن ثاني ملوك السلوقيين بعث برسالة إلى أهالي إكاروس حول موافقته على إقامة معبد في تلك الجزيرة، إضافة إلى أعداد كثيرة من قطع النقود باسم الإسكندر الأكبر وفي عهد أنطيوخوس الثالث السلوقي.
    كانت الجزيرة محطة على طريق التجارة الذي يصل بلاد الرافدين بشواطئ المحيط الهندي، وكان لها دور أساسي نتيجة موقعها المتميز على مخرج شطّ العرب، إضافة إلى وجود المياه الحلوة الصالحة للشرب فيها.
    اختار الإسكندر وقوّاده هذه الجزيرة لأهميتها العسكرية من ناحية رسو سفن الجيش اليوناني على شواطئها، والهيمنة على مصب النهرين في الخليج العربي، والدفاع عن جنوب العراق.
    ومن الناحية التجارية والحضارية كانت لفيلكا علاقات مع كثير من البلدان، بدليل وجود لُقى كثيرة تعود إلى تلك الحضارات، كبلاد الرافدين ومصر ووادي الهندوس وغيرها.
    إبراهيم توكّلنا
يعمل...
X