فيزيولوجية النبات plant physiology هو علوم خاصة بالإنتاج النباتي وعوامل تكثيفه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فيزيولوجية النبات plant physiology هو علوم خاصة بالإنتاج النباتي وعوامل تكثيفه

    فيزيولوجية النبات

    فيزيولوجية النبات plant physiology أو علم وظائف النبات وأعضائه، هو من أهمّ العلوم الخاصة بالإنتاج النباتي وعوامل تكثيفه، إذ يختص بدراسة وتوضيح وظائف أجزاء النبات المختلفة وأعضائها ومظاهر الحياة فيها وكيفية حدوثها ودور كل منها منفردة ومجتمعة، وربطها بالشروط البيئية المحيطة بالنبات، وذلك بغية توجيه هذه الوظائف من قبل الإنسان بمختلف الوسائل المتاحة، ولإيجاد الطرائق الفاعلة للتوسع العمودي بالرقعة الزراعية، وأفضل الأوساط المغذية للنباتات التي تهمّ تغذيتها الاقتصاد الزراعي القومي بهدف الحصول على أعلى مردود ممكن نوعاً وكماً. مما يساعد على زيادة الإنتاج الزراعي ويساير مشكلة ازدياد السكان. ومن مهام هذا العلم تفهم آليات الاستقلاب داخل النبات ويتضح هذا الدور المهم بأن أكثر من ربع مليون طن من الفحم يقتنصها النبات يومياً من الجو ليحولها بإبداع إلى ركيزات طاقوية بعمليات التمثيل اليخضوري الضوئي والتنفس والنتح مستفيداً من الطاقة الضوئية، وإلى طاقة كيمياوية، ويعد ذلك من دون شك، المصدر الوحيد للإنسان لسد احتياجه من السكريات والدفء والطاقة للقيام بأعماله الحيوية واليومية المختلفة.
    أقسامها ومؤسسوها
    تشتمل فيزيولوجية النبات على دراسة أربعة أقسام رئيسة هي:
    القسم الأول: ويختص بمعالجة التغذية المعدنية للنباتات بشقيها الجذري والمائي وبالاتجاهات العلمية الحديثة.
    القسم الثاني: هدفه دراسة الاستقلاب الكيمياوي الداخلي للنبات، واصطناع المواد العضوية المركبة وتوزعها وانتقالها بالاستعانة ببعض المفاهيم الخاصة بالكيمياء الحيوية.
    القسم الثالث: ويهدف إلى دراسة النمو الخضري plant growth والتكاثر النباتي (الإزهار والإثمار وتكوّن البذور) plant propagation، والظواهر التي تجمع تحت عنوان التطور في النمو وخاصة الإنتاش والإزهار مستعيناً ببعض المعلومات التشريحية والمورفولوجية والخصائص الحيوية ورفع مقاومة النباتات وخاصة الأشجار للجفاف.
    القسم الرابع: ويرتبط باستخدام الإشعاعات النووية في الزراعة، إذ إنها أدت دوراً مهماً في الأبحاث البيولوجية والتمثيل اليخضوري والتغذية المعدنية، كما تتيح إمكانية تتبع العمليات الجارية في التربة، وسرعة استعمال الأسمدة بالنباتات، واستقلابات مواد التغذية التي تحدث في أنسجة النباتات، ومشاركة هذه المواد في الحلقة العامة لعمليات تبادل الأغذية بعضوية النبات، وإسراع التفاعلات الحيوية والأنزيمية والتأكسد، إلى جانب عمليات حفظ المحاصيل الغذائية والتحسين الوراثي والحصول على طفرات جديدة لصالح الإنتاج الزراعي وتحسين نوعه وزيادة غلّته.
    وما يتصل بمؤسسي علم الفيزيولوجية يمكن إيجاز مراحله كما يأتي:
    في نهاية القرن الثامن عشر تقدم علما الفيزياء والكيمياء تقدماً مذهلاً على يدي العالم لافوازيه (1743ـ1794) Lavoisier، إذ أمكن تحديد طبيعة الهواء والعناصر الرئيسة في الكيمياء والمبادلات الغازية للنباتات. ونشر العالم دوسوسّور (1741ـ1809) De Saussure مجموعة من الأبحاث الكيمياوية عن المزروعات، وبيّن أن الهواء والماء مهمان لتغذية النبات ولكنهما غير كافيين لتأمين النمو الكامل له وتكاثره، واستطاع تركيب محاليل للعناصر الملحية استنبت عليها النباتات، وتحليلها مع وسط الاستنبات في إطار التغذية المعدنية والنفاذية.
    ومنذ عهد دوسوسور وحتى عهد ليبيغ (1840) Liebig،ظهر علم الخلية وتقدمت المعرفة في الكيمياء بخطى واسعة، كما أوضح العالم دوتروشيه (1776ـ1837) Dutrochet ظاهرة الحلول (الأوزموزية) osmosis وقياسها ودورها المهم في حركات النسغ صعوداً أو هبوطاً في النباتات وتبعاً لنمط النمو، وأثار الانتباه إلى ظاهرة الانتشار diffusion.
    وقام العالم ليبيغ (1803ـ1873) بمعالجة مبادئ تغذية النباتات وأصل كل من الكربون والهدروجين والآزوت والكبريت والأكسجين وبعض العناصر العضوية الأخرى وموضوعات تتعلق بالدورات الزراعية والأسمدة، وبيّن أن الهواء هو المصدر الرئيسي لعنصر الفحم وليس الدبال ويكون فيه على شكل CO2، وأن الهدروجين لايمكن أن ينشأ إلا عن الماء عند تحللّه، وأن النبات يستمد N2 (الآزوت) من نشادر الهواء، ويستمد الكبريت من بعض الأغذية الحيوانية. كما أثار موضوعي إصلاح التربة وترميمها بتعويضها عما فقدته من المواد المعدنية التي استمدتها المزروعات، وفكرة التساند synergisme في تأثيرات الأسمدة المعدنية، وأن البول وروث الحيوانات عموماً يعيدان إلى التربة قسماً كبيراً مما فقدته، وحمض الآزوت والنترات قد وجدت في الطبيعة لتمد النبات بالآزوت.
    أما العالم بوسنغول (1802ـ1882) Boussingault فقد أعار اهتمامه إلى مجالات التغذية النباتية وخاصة لأصل الآزوت ومدى تأثيره في نمو النباتات وتطورها، إلى جانب دور الفوسفات والبوتاسيوم والكالسيوم والأسس العضوية وغيرها.
    وفي عهد باستور Pasteur، المؤسس لعلم الأحياء الدقيقة microbiology، وتلامذته والباحثين في معهد باستور في باريس تمكنوا من دفع هذا العلم خطوة جريئة إلى الأمام وخاصة في مجالات التغذية المعدنية ودورة الآزوت الطبيعية وبيان دور الجراثيم في النباتات والاختمارات الكحولية ودور العناصر المعدنية الزهيدة فيها.
    وفي عام 1886، تمكن العالمان ڤيلفارت Wilfarth وهِلريغل Hellriegel في ألمانيا من توضيح أن جذور البقوليات تحمل عقداً فيها أنواع خاصة من البكتريا تؤدي دوراً مهماً في تثبيت الآزوت الجزيئي من الهواء.
    وفي عام 1901، تمكّن العالم بايرنيك Beijernick من عزل بكتريا من جنس الآزوتوباكتر azotobacter القادرة على تثبيت الآزوت الجوي وتوضيح ظاهرتي النترزة (تحول الأمونياك إلى نتريت) والنترجة (تأكسد النتريت إلى نترات) باستخدام الطاقة الكيمياوية.
    ويعدُّ ساكس (1832ـ1897) Sachs مؤسس علم الفيزيولوجية النباتية وفق مفهومها الحديث ومؤلف أول كتاب في فيزيولوجية النبات الذي يعدّ نقطة انطلاق للمعرفة والتجريب والتمييز بين مختلف المواد النباتية من بنائية matières plastiques أو كحاملة للقوى المسماة بالمواد الوظيفية matières fonctionnelles، وعلاقة ذلك بالخلايا المختلفة والمجموعة الجذرية.
    فيزيولوجية النبات في التطوير الزراعي ـ الصناعي وتطبيقاتها المختلفة
    أسهمت الفيزيولوجية النباتية بدورها الرئيسي في حلّ المشكلات التي تواجه العاملين في الزراعة، وكانت ومازالت عوناً لهم في تعليل ما يدور من انحرافات في نمو النبات عموماً. وصارت العلم الذي يمكِّن من تحديد ما يتطلبه كل نوع من النباتات من العناصر المغذية الكبرى والزهيدة، وكان ذلك نتيجة للدراسات المتعمقة لمسائل التغذية والعلاقات المائية للنباتات، وكانت الأساس الموجِّه في ابتكار الطرائق المختلفة لخزن الثمار والخضراوات، ونقلها وتسويقها. كما يقوم المختصون في فيزيولوجية النبات بأبحاث تهدف إلى إنتاج المواد المغذية من دسم وبروتينات صالحة للتغذية من العديد من النباتات وضروبها المنتشرة على سطح الكرة الأرضية. ويتطلع الباحثون إلى الفيزيولوجية النباتية الحديثة أساساً في دراسة أسباب نقصان خصب التربة بهدف إيجاد طرائق الاستصلاح وأوساط مغذية رخيصة الثمن، تساعد على الاستنبات والإنتاج وإزاحة اللثام عن طرائق جديدة للتحكم في النمو وتطوره وفي الإثمار ومكافحة سقوط الثمار، وفي تكوين الثمار اللابذرية، ووضع الأساس العلمي في استخدام منظمات النمو المختلفة، وخاصة مبيدات الأعشاب الضارة التي تستخلص من الترب عناصرها الديناميكية المغذية مسببة المرض والعوز والفاقة للمحاصيل الزراعية وتؤدي إلى ضعفها. كما أسهمت قي تقدم استخدام الأنزيمات في توجيه الاستقلاب نحو الشروط الأمثل. أما الاختمارات عموماً من زراعية وصناعية وبشتى أشكالها ومجالاتها فقد أضحت فرعاً أساسياً من فروع فيزيولوجية النبات. وكانت عوناً للإنسانية باكتشافها المضادات الحيوية (الصَادَّات) antibiotics بفعل اختماري لوسط مناسب يستنبت عليه فطر البنسليوم وأمثاله. وأدَّت البحوث في هذا المجال إلى إيجاد الأوساط الاختمارية المفضلة لسلالات معينة من الفطور لتصطنع البنسلين والستريبتوميسين، وغيرها بمردود عال واقتصادي.
    الآفاق المستقبلية
    في ضوء ما تقدم يتبين أن علم الوظائف النباتية (فيزيولوجية النبات)، والخاص بالتغذية النباتية لم يتبلور إلا منذ نحو قرن وربع من الزمن، وقصارى القول: إن النبات الأخضر يتغذى من الهواء ومن التربة، وينمو ويتطور في نموه مستفيداً من المواد المعدنية المتوافرة في الوسط ومتكيفاً مع المبادلات الغازية التنفسية والأخرى الخاصة بالتمثيل الضوئي اليخضوري.
    وحديثاً، تستعمل الهرمونات النباتية أو منظمات النمو الطبيعية والصنعية لتمثل إحدى أهم التطبيقات الزراعية، لفوائدها الكبرى إذا أحسن استعمالها، خاصة بعد ظهور الأسمدة الصنعية المختلفة واستخدامها المبرمج، إضافة إلى طرائق التحسين الوراثي والتربية النباتية بهدف تحسين الإنتاجية كماً ونوعاً لمعظم المحاصيل الحقلية والبستانية والرعوية. وإنَّ تقدم علوم الكيمياء، وخاصة الكيمياء الحيوية والتحليلية، والإحصاء والنظائر النووية المشعة، قد أسهم كثيراً في معرفة العديد من وظائف الأعضاء النباتية والتغذيات المعدنية والجذرية والمائية في النباتات. وسيؤدي المزيد من التجريب إلى مزيد من المعرفة وما يعدّ اليوم مجهولاً في فيزيولوجية النبات سيصبح، اعتماداً على قدرات المختصين الزراعيين، معروفاً وبديهياً عاجلاً أم آجلاً، وإن الخطوات الكبيرة التي توصل إليها العلماء في العالم جعلت من علم فيزيولوجية النبات حجر الأساس للعلوم التطبيقية في زراعة المحاصيل الحقلية والبساتين والغابات وفي الصناعات الزراعية وغيرها.
    هشام قطنا
يعمل...
X