تويت
تفصيل أسباب استمرار ارتفاع سعر البيتكوين
منذ 16 ديسمبر، ارتفعت عملة البيتكوين نحو 195% خلال عام واحد، لتتجاوز 23000 دولار أميركي، لكن ما سبب هذا الارتفاع الصاروخي؟ تختلف وجهات النظر حول الأسباب، لكن البيتكوين نمت من كونها عملية احتيال كما اعتبرها الكثيرون في السابق إلى شيء ناضج كاستثمار قابل للتطبيق من قبل المستثمرين أصحاب المليارات المشهورين، والمؤسسات الكبيرة، ومستثمري التجزئة على حد سواء. لماذا يتفاءل المستثمرون للغاية بشأن البيتكوين حتى بعد تجاوزها أعلى مستوياتها على الإطلاق؟
توجيهات رئيسية
منذ إلغاء معيار الذهب عام 1971 من قبل ريتشارد نيكسون، ازدادت كمية الدولارات المتداولة باضطراد. بين عام 1975 لغاية ظهور فيروس كورونا مباشرة، ارتفع إجمالي المعروض النقدي من 273.4 مليار دولار إلى أكثر من 4 تريليون دولار وذلك في 9 مارس 2020. ومنذ ذلك التاريخ، ارتفع إجمالي المعروض النقدي من 4 تريليون دولار إلى أكثر من 6.5 تريليون دولار وذلك في 30 تشرين الثاني 2020. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى حِزَم التحفيز المتعلقة بفيروس كورونا.
حاليًا هناك محادثات في الكونغرس لتمرير حزمة تحفيز أخرى بقيمة تريليون دولار تقريبًا، بهدف مساعدة المتضررين من فيروس كورونا. إذا تم إقرار حزمة التحفيز الجديدة، يعني أنّه منذ ظهور فيروس كورونا، ستتم طباعة حوالي 50% من إجمالي المعروض العالمي من الدولار الأمريكي عام 2020.
بالتأكيد هناك أشخاص يعانون نقص الوظائف وإغلاق الأعمال، لكن الزيادة في المعروض النقدي لها آثار كبيرة طويلة الأجل على القوة الشرائية للدولار.
أثار الإنفاق التحفيزي خشية المستثمرين من معدلات تضخم كبيرة جدًا -وهم محقون في ذلك- ولمواجهة هذا التضخم سعى المستثمرون إلى الحصول على الأصول التي تحافظ على قيمتها أو تزيد قيمتها. خلال عام 2020، قادهم البحث عن أصل ذي قيمة إلى البيتكوين. لماذا؟
هناك العديد من الأصول التي تعتبر مخزنًا للقيمة. ربما تكون الأصول الأكثر شيوعًا التي تتبادر إلى الذهن هي المعادن الثمينة مثل الذهب أو الأشياء الأخرى التي يكون المعروض منها محدودًا. بالنسبة للذهب، نعلم أنه مورد نادر، لكن لا يمكننا التحقق بشكل مؤكد تمامًا من كميته. مع أنه قد يبدو بعيد المنال، فالذهب موجود خارج الأرض ويمكن الحصول عليه يومًا ما عن طريق التنقيب على الكويكبات مع تقدم التكنولوجيا.
لماذا يعتبر هذا الأمر مهمًا بالنسبة إلى البيتكوين ؟
هذا هو المكان الذي تميز فيه البيتكوين نفسها، إذ يُكتب في كود البيتكوين الكمية النهائية التي ستكون موجودة منها. يمكننا التحقق بشكل موثوق من عدد ما هو موجود الآن وكم سيكون موجودًا في المستقبل. هذا يجعل البيتكوين الأصل الوحيد على هذا الكوكب الذي يمكننا إثبات أن لديه عرضًا محدودًا وثابتًا.
في اتصال هاتفي لموقع Investopedia (موسوعة الاستثمار) مع رئيس التحرير كايلب سيلفر، قال مايكل سونينشين، عضو مجلس إدارة Grayscale Bitcoin Trust: «أظن أن مقدار الحوافز المالية الذي ضُخ في النظام عقب جائحة كورونا لتحفيز الاقتصاد وتحريك الأسواق دفع المستثمرين إلى التفكير فيما يشكل مخزنًا للقيمة، وما قد يجنبهم التضخم وكيف ينبغي عليهم حماية محافظهم الاستثمارية».
وأوضح سونينشين بمزيد من التفصيل قائلًا: «من المهم أن يفكر المستثمرون في ذلك. وأعتقد أن الكثير منهم يفكرون بمقاربات واقعية بين العملات الرقمية، مثل البيتكوين، التي لديها ندرة يمكن التحقق منها وبين العملات الورقية، مثل الدولار الأمريكي الذي يبدو أنه يُطبع بشكل غير محدود».
بالتأكيد يعود السبب في ارتفاع سعر البيتكوين بمعظمه إلى مخاوف التضخم واعتبارها وسيلة لتجنبه. في الأفق يبدو أن هناك المزيد من طباعة الأموال من خلال حزم التحفيز، وكذلك الحديث عن إعفاء الطلاب من قروضهم من إدارة بايدن. من العدل أن نقول إن التضخم سيستمر، ما يجعل قضية تخزين الأصول ذات القيمة أكثر إقناعًا.
التنصيف (المناصفة)
لكي نفهم بشكل أكبر السبب الذي يجعل لعملة البيتكوين كميةً محدودة يمكن التحقق منها، من المهم أن نفهم آلية بناء الكود الخاص بها والمعروف باسم Halving (التنصيف). في كل مرة يُعدَّن فيها 210,000 كتلة أو كل أربع سنوات تقريبًا، يجري تخفيض الأرباح الممنوحة للمُعدنين لتجهيز صفقات البيتكوين إلى النصف.
بعبارة أخرى، فإن البيتكوين المدمجة هو شكل اصطناعي من التضخم لأن مكافأة البيتكوين الممنوحة إلى عامل المنجم تضيف بيتكوين جديدة إلى التداول. يُخفض معدل هذا التضخم إلى النصف كل أربع سنوات ويستمر هذا حتى يجري طرح 21 مليون بيتكوين في السوق. حاليًا، هناك 18,5 مليون بيتكوين متداولة، أو نحو 88.4% من إجمالي البيتكوين المعروضة. لماذا يعدّ هذا مهمًا؟
مثلما نوقش من قبل، التضخم المتزايد والكمية المتزايدة للدولار الأميركي خفّضت قيمته بمرور الوقت. بالنسبة للذهب، هناك معدل ثابت إلى حد ما للذهب الجديد المستخرج من الأرض كل عام، ما يجعل معدل التضخم ثابتًا نسبيًا.
بالنسبة للبيتكوين، فكل تخفيض إلى النصف يؤدي إلى زيادة نسبة الأصول إلى التدفق. فنسبة الأصول إلى التدفق تعني الأصول المتاحة حاليًا المتداولة في السوق منسوبةً إلى الأصول المتدفقة حديثًا والتي تضاف إلى التداول في كل عام. نظرًا لأننا نعلم أنه كل أربع سنوات، تتضاعف نسبة الأصول إلى التدفق، أو التداول الحالي بالنسبة إلى العرض الجديد، يمكن رسم هذا المقياس في المستقبل.
منذ بداية البيتكوين، كان سعرها قريبًا للغاية من نسبة الأصول إلى التدفق المتنامية. شهدت كل عملية تنصيف صعودًا في الأسواق محطمًا المستويات الأعلى.
شهد التنصيف الأول، الذي حدث في نوفمبر 2012، زيادة من نحو 12 دولار إلى ما يقارب 1150 دولار في غضون عام. حدث التنصيف الثاني في يوليو 2016.
كان السعر عند هذا التنصيف نحو 650 دولار وبحلول 17 ديسمبر 2017، ارتفع سعر البيتكوين إلى أقل من 20,000 دولار بقليل. ثم انخفض السعر على مدار عام من هذه الذروة إلى نحو 3200 دولار، وهو سعر أعلى بنحو 400% من سعره قبل التنصيف. حدث ثالث تنصيف للبيتكوين في 11 مايو 2020، وقد ارتفع سعرها منذ ذلك الحين بنحو 120%.
قد تُرد أسباب زيادة أسعار البيتكوين إلى نسبة الأصول إلى التدفق والانكماش المالي أيضًا. إذا استمرت البيتكوين في هذا المسار كما كانت في الماضي، فإن المستثمرين يتطلعون إلى ارتفاع كبير في الأسعار في المستقبل القريب والبعيد. من الناحية النظرية، ربّما يرتفع السعر إلى 100,000 دولار على الأقل في وقت ما عام 2021 بناءً على نموذج الأصول إلى التدفق الموضح في الشكل السابق.
وضعت بعض الشركات الاستثمارية توقعات لأسعار البيتكوين استنادًا إلى هذه النماذج الأساسية للتحليل والندرة. في تحليل لشركة سيتيفكس التقنية (CitiFX Technicals) جرى تسريبه، قال توم فيتزباتريك، المدير العام لمجموعة سيتي بانك (Citi Bank) الأمريكية، إن قيمة البيتكوين سترتفع لتصل إلى 318,000 دولار في وقت ما عام 2021. قال سكوت مينرد، كبير مسؤولي الاستثمار في غوغنهايم غلوبال (Guggenheim Global)، في بث مباشر على شبكة بلومبيرغ إنه بناءً على «عملهم الأساسي» ينبغي أن تبلغ قيمة البيتكوين 400 ألف دولار.
الاعتماد المؤسساتي
كما سبق، ازداد تداول البيتكوين باعتبارها مخزنًا للقيمة بشكل كبير في عام 2020، ليس فقط مع مستثمري التجزئة، إذ جمعت عدد من المؤسسات، العامة والخاصة، عملات البيتكوين بدلًا من الاحتفاظ بالنقود في خزائنها.
يشمل المستثمرون الجدد Square، وMicroStrateg، ومؤخرًا شركة التأمين العملاقة MassMutual وغيرها الكثير. في المحصلة، تم شراء 938,098 بيتكوين الآن في وقت كتابة هذا التقرير بقيمة 19,450,247,760 دولار بواسطة الشركات، والتي تمت حيازة معظمها هذا العام. كانت أكبر نسبة استحواذ لـ Bitcoin Trust التابع لشركة Grayscale والذي يمتلك الآن 546,544 بيتكوين.
تشير الاستثمارات بهذا الحجم إلى ثقة قوية بين هؤلاء المستثمرين المؤسسيين بأن الأصل سيكون تأمينًا جيدًا ضد التضخم إضافة إلى توفير ارتفاع قوي في الأسعار بمرور الوقت.
بصرف النظر عن الشركات التي تشتري بيتكوين بشكل ثابت، بدأت العديد من الشركات الآن في تقديم الخدمات لها. على سبيل المثال، قررت باي بال (PayPal) السماح بالوصول إلى التشفير لأكثر من 360 مليون مستخدم نشط. قدمت Fidelity Digital Assets، التي أُطلقت في أكتوبر 2018، خدمات الحراسة للعملات المشفرة لبعض الوقت، لكنها تسمح الآن للعملاء بتعهد البيتكوين كضمان في المعاملة.
تخطط CBOE وCME لإطلاق منتجات العملة المشفرة العام المقبل. عدد البنوك والوسطاء والتجار والمؤسسات الأخرى التي تتطلع إلى إضافة مثل هذه المنتجات كثيرة جدًا، ولكن بنفس الطريقة التي يجب أن تثق بها الشركة في الاستثمار، يجب أن تثق أيضًا في أن المنتجات التي تبيعها لها قيمة.
تدرس البنوك المركزية والحكومات أيضًا في جميع أنحاء العالم الآن إمكانات العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC). في حين إن هذه ليست عملات مشفرة لأنها ليست لامركزية، والتحكم الأساسي في العرض والقواعد في أيدي البنوك أو الحكومات، إلا أنها ما تزال تُظهر اعتراف الحكومة بضرورة وجود نظام دفع أكثر تقدمًا مما يوفره النقد الورقي. هذا يضفي أيضًا ميزة على مفهوم العملات المشفرة وراحتها بشكل عام.
الاستحقاق
قطعت البيتكوين شوطًا طويلًا منذ إطلاقها عام 2009، من استخدامها في البداية كوسيلة لشراء المخدرات عبر الإنترنت إلى أن أصبحت وسيلة نقدية جديدة توفر ندرة يمكن إثباتها، وشفافية مطلقة مع سجل حسابات غير قابل للتغيير. حتى بعد إدراك أنه يمكن استخدام البيتكوين وتقنية سلسلة الكتل الخاصة بها لأكثر من مجرد طريق الحرير، كان صعبًا تقريبًا على الشخص العادي المشاركة في السنوات السابقة حين كانت المحافظ، والمفاتيح، والتبادلات، والمنصات مربكة ومعقدة.
اليوم أصبح الوصول أسهل من أي وقت مضى. تتوفر التبادلات المرخصة والمنظمة التي يسهل استخدامها بكثرة في الولايات المتحدة، وخدمات الإيداع من المؤسسات المالية القديمة التي اعتاد الناس عليها متاحة للأقل خبرةً من الناحية التقنية. تتيح الصكوك الاشتقاقية وصناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بسلسلة الكتل للمهتمين بالاستثمار ولكنهم يخشون التقلبات المشاركةَ فيها. ويزداد عدد الأماكن التي تُقبل فيها عملات البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى مع تزايد الدفع بسرعة.
في المدونة الصوتية لـ Investopedia (موسوعة الاستثمار)، قال ساننشاين من غريسكيل (Grayscale): «تطور السوق اليوم أكثر بكثير مما كنا عليه في ذلك الوقت (ذروة 2017)، لقد رأينا بأعيننا تطور خيارات الصكوك الاشتقاقية للسوق ذات الاتجاهين، وإقراض واقتراض أسواق العقود الآجلة. إنه مجرد سوق ذي اتجاهين أكثر نشاطًا على مدار 24 ساعة والذي بدأ العمل بشكل أكثر نضجًا مع مرور كل يوم».
إلى جانب كل هذا، فإن الثقة التي أظهرها المتداولون المؤسساتيون الكبار، عن طريق عرضهم المنتجات ذات الصلة بالتشفير وكذلك الاستثمار الصارخ في البيتكوين، تتحدث عن الكميات. 99bitcoin هو الموقع الذي يحصي عدد المرات التي أعلن فيها مقال عن انتهاء عصر البيتكوين، يحسب الآن 386 حالة وفاة للبيتكوين، وكانت آخر وفاة لها في 18 نوفمبر 2020 وأقدم وفاة في 15 أكتوبر 2010. مع اختراق البيتكوين لأعلى المستويات السابقة على الإطلاق وامتلاكها البنية التحتية والاستثمار المؤسساتي أكثر من أي وقت مضى، يبدو أنها باقية.
منذ 16 ديسمبر، ارتفعت عملة البيتكوين نحو 195% خلال عام واحد، لتتجاوز 23000 دولار أميركي، لكن ما سبب هذا الارتفاع الصاروخي؟ تختلف وجهات النظر حول الأسباب، لكن البيتكوين نمت من كونها عملية احتيال كما اعتبرها الكثيرون في السابق إلى شيء ناضج كاستثمار قابل للتطبيق من قبل المستثمرين أصحاب المليارات المشهورين، والمؤسسات الكبيرة، ومستثمري التجزئة على حد سواء. لماذا يتفاءل المستثمرون للغاية بشأن البيتكوين حتى بعد تجاوزها أعلى مستوياتها على الإطلاق؟
توجيهات رئيسية
- التضخم وانخفاض القوة الشرائية وسط الإنفاق التحفيزي الهائل يقودان الناس إلى تخزين الأصول ذات القيمة، من ضمنها البيتكوين.
- من ناحية أخرى تثبت آلية خفض المكافآت في تعدين البيتكوين ندرتها وجدارتها لتُصنّف كأصل ذي قيمة.
- يُظهر الاعتماد المؤسساتي كاستثمار وخدمة يمكن تقديمها ثقةً قوية في مستقبل البيتكوين والعملات المشفرة.
- أظهرت البنية التحتية المرتبطة بالعملة المشفرة والبيتكوين نضجًا هائلًا خلال السنوات الأخيرة ما يجعل الاستثمار أسهل وأكثر أمانًا من أي وقت مضى.
منذ إلغاء معيار الذهب عام 1971 من قبل ريتشارد نيكسون، ازدادت كمية الدولارات المتداولة باضطراد. بين عام 1975 لغاية ظهور فيروس كورونا مباشرة، ارتفع إجمالي المعروض النقدي من 273.4 مليار دولار إلى أكثر من 4 تريليون دولار وذلك في 9 مارس 2020. ومنذ ذلك التاريخ، ارتفع إجمالي المعروض النقدي من 4 تريليون دولار إلى أكثر من 6.5 تريليون دولار وذلك في 30 تشرين الثاني 2020. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى حِزَم التحفيز المتعلقة بفيروس كورونا.
حاليًا هناك محادثات في الكونغرس لتمرير حزمة تحفيز أخرى بقيمة تريليون دولار تقريبًا، بهدف مساعدة المتضررين من فيروس كورونا. إذا تم إقرار حزمة التحفيز الجديدة، يعني أنّه منذ ظهور فيروس كورونا، ستتم طباعة حوالي 50% من إجمالي المعروض العالمي من الدولار الأمريكي عام 2020.
بالتأكيد هناك أشخاص يعانون نقص الوظائف وإغلاق الأعمال، لكن الزيادة في المعروض النقدي لها آثار كبيرة طويلة الأجل على القوة الشرائية للدولار.
أثار الإنفاق التحفيزي خشية المستثمرين من معدلات تضخم كبيرة جدًا -وهم محقون في ذلك- ولمواجهة هذا التضخم سعى المستثمرون إلى الحصول على الأصول التي تحافظ على قيمتها أو تزيد قيمتها. خلال عام 2020، قادهم البحث عن أصل ذي قيمة إلى البيتكوين. لماذا؟
هناك العديد من الأصول التي تعتبر مخزنًا للقيمة. ربما تكون الأصول الأكثر شيوعًا التي تتبادر إلى الذهن هي المعادن الثمينة مثل الذهب أو الأشياء الأخرى التي يكون المعروض منها محدودًا. بالنسبة للذهب، نعلم أنه مورد نادر، لكن لا يمكننا التحقق بشكل مؤكد تمامًا من كميته. مع أنه قد يبدو بعيد المنال، فالذهب موجود خارج الأرض ويمكن الحصول عليه يومًا ما عن طريق التنقيب على الكويكبات مع تقدم التكنولوجيا.
لماذا يعتبر هذا الأمر مهمًا بالنسبة إلى البيتكوين ؟
هذا هو المكان الذي تميز فيه البيتكوين نفسها، إذ يُكتب في كود البيتكوين الكمية النهائية التي ستكون موجودة منها. يمكننا التحقق بشكل موثوق من عدد ما هو موجود الآن وكم سيكون موجودًا في المستقبل. هذا يجعل البيتكوين الأصل الوحيد على هذا الكوكب الذي يمكننا إثبات أن لديه عرضًا محدودًا وثابتًا.
في اتصال هاتفي لموقع Investopedia (موسوعة الاستثمار) مع رئيس التحرير كايلب سيلفر، قال مايكل سونينشين، عضو مجلس إدارة Grayscale Bitcoin Trust: «أظن أن مقدار الحوافز المالية الذي ضُخ في النظام عقب جائحة كورونا لتحفيز الاقتصاد وتحريك الأسواق دفع المستثمرين إلى التفكير فيما يشكل مخزنًا للقيمة، وما قد يجنبهم التضخم وكيف ينبغي عليهم حماية محافظهم الاستثمارية».
وأوضح سونينشين بمزيد من التفصيل قائلًا: «من المهم أن يفكر المستثمرون في ذلك. وأعتقد أن الكثير منهم يفكرون بمقاربات واقعية بين العملات الرقمية، مثل البيتكوين، التي لديها ندرة يمكن التحقق منها وبين العملات الورقية، مثل الدولار الأمريكي الذي يبدو أنه يُطبع بشكل غير محدود».
بالتأكيد يعود السبب في ارتفاع سعر البيتكوين بمعظمه إلى مخاوف التضخم واعتبارها وسيلة لتجنبه. في الأفق يبدو أن هناك المزيد من طباعة الأموال من خلال حزم التحفيز، وكذلك الحديث عن إعفاء الطلاب من قروضهم من إدارة بايدن. من العدل أن نقول إن التضخم سيستمر، ما يجعل قضية تخزين الأصول ذات القيمة أكثر إقناعًا.
التنصيف (المناصفة)
لكي نفهم بشكل أكبر السبب الذي يجعل لعملة البيتكوين كميةً محدودة يمكن التحقق منها، من المهم أن نفهم آلية بناء الكود الخاص بها والمعروف باسم Halving (التنصيف). في كل مرة يُعدَّن فيها 210,000 كتلة أو كل أربع سنوات تقريبًا، يجري تخفيض الأرباح الممنوحة للمُعدنين لتجهيز صفقات البيتكوين إلى النصف.
بعبارة أخرى، فإن البيتكوين المدمجة هو شكل اصطناعي من التضخم لأن مكافأة البيتكوين الممنوحة إلى عامل المنجم تضيف بيتكوين جديدة إلى التداول. يُخفض معدل هذا التضخم إلى النصف كل أربع سنوات ويستمر هذا حتى يجري طرح 21 مليون بيتكوين في السوق. حاليًا، هناك 18,5 مليون بيتكوين متداولة، أو نحو 88.4% من إجمالي البيتكوين المعروضة. لماذا يعدّ هذا مهمًا؟
مثلما نوقش من قبل، التضخم المتزايد والكمية المتزايدة للدولار الأميركي خفّضت قيمته بمرور الوقت. بالنسبة للذهب، هناك معدل ثابت إلى حد ما للذهب الجديد المستخرج من الأرض كل عام، ما يجعل معدل التضخم ثابتًا نسبيًا.
بالنسبة للبيتكوين، فكل تخفيض إلى النصف يؤدي إلى زيادة نسبة الأصول إلى التدفق. فنسبة الأصول إلى التدفق تعني الأصول المتاحة حاليًا المتداولة في السوق منسوبةً إلى الأصول المتدفقة حديثًا والتي تضاف إلى التداول في كل عام. نظرًا لأننا نعلم أنه كل أربع سنوات، تتضاعف نسبة الأصول إلى التدفق، أو التداول الحالي بالنسبة إلى العرض الجديد، يمكن رسم هذا المقياس في المستقبل.
منذ بداية البيتكوين، كان سعرها قريبًا للغاية من نسبة الأصول إلى التدفق المتنامية. شهدت كل عملية تنصيف صعودًا في الأسواق محطمًا المستويات الأعلى.
شهد التنصيف الأول، الذي حدث في نوفمبر 2012، زيادة من نحو 12 دولار إلى ما يقارب 1150 دولار في غضون عام. حدث التنصيف الثاني في يوليو 2016.
كان السعر عند هذا التنصيف نحو 650 دولار وبحلول 17 ديسمبر 2017، ارتفع سعر البيتكوين إلى أقل من 20,000 دولار بقليل. ثم انخفض السعر على مدار عام من هذه الذروة إلى نحو 3200 دولار، وهو سعر أعلى بنحو 400% من سعره قبل التنصيف. حدث ثالث تنصيف للبيتكوين في 11 مايو 2020، وقد ارتفع سعرها منذ ذلك الحين بنحو 120%.
قد تُرد أسباب زيادة أسعار البيتكوين إلى نسبة الأصول إلى التدفق والانكماش المالي أيضًا. إذا استمرت البيتكوين في هذا المسار كما كانت في الماضي، فإن المستثمرين يتطلعون إلى ارتفاع كبير في الأسعار في المستقبل القريب والبعيد. من الناحية النظرية، ربّما يرتفع السعر إلى 100,000 دولار على الأقل في وقت ما عام 2021 بناءً على نموذج الأصول إلى التدفق الموضح في الشكل السابق.
وضعت بعض الشركات الاستثمارية توقعات لأسعار البيتكوين استنادًا إلى هذه النماذج الأساسية للتحليل والندرة. في تحليل لشركة سيتيفكس التقنية (CitiFX Technicals) جرى تسريبه، قال توم فيتزباتريك، المدير العام لمجموعة سيتي بانك (Citi Bank) الأمريكية، إن قيمة البيتكوين سترتفع لتصل إلى 318,000 دولار في وقت ما عام 2021. قال سكوت مينرد، كبير مسؤولي الاستثمار في غوغنهايم غلوبال (Guggenheim Global)، في بث مباشر على شبكة بلومبيرغ إنه بناءً على «عملهم الأساسي» ينبغي أن تبلغ قيمة البيتكوين 400 ألف دولار.
الاعتماد المؤسساتي
كما سبق، ازداد تداول البيتكوين باعتبارها مخزنًا للقيمة بشكل كبير في عام 2020، ليس فقط مع مستثمري التجزئة، إذ جمعت عدد من المؤسسات، العامة والخاصة، عملات البيتكوين بدلًا من الاحتفاظ بالنقود في خزائنها.
يشمل المستثمرون الجدد Square، وMicroStrateg، ومؤخرًا شركة التأمين العملاقة MassMutual وغيرها الكثير. في المحصلة، تم شراء 938,098 بيتكوين الآن في وقت كتابة هذا التقرير بقيمة 19,450,247,760 دولار بواسطة الشركات، والتي تمت حيازة معظمها هذا العام. كانت أكبر نسبة استحواذ لـ Bitcoin Trust التابع لشركة Grayscale والذي يمتلك الآن 546,544 بيتكوين.
تشير الاستثمارات بهذا الحجم إلى ثقة قوية بين هؤلاء المستثمرين المؤسسيين بأن الأصل سيكون تأمينًا جيدًا ضد التضخم إضافة إلى توفير ارتفاع قوي في الأسعار بمرور الوقت.
بصرف النظر عن الشركات التي تشتري بيتكوين بشكل ثابت، بدأت العديد من الشركات الآن في تقديم الخدمات لها. على سبيل المثال، قررت باي بال (PayPal) السماح بالوصول إلى التشفير لأكثر من 360 مليون مستخدم نشط. قدمت Fidelity Digital Assets، التي أُطلقت في أكتوبر 2018، خدمات الحراسة للعملات المشفرة لبعض الوقت، لكنها تسمح الآن للعملاء بتعهد البيتكوين كضمان في المعاملة.
تخطط CBOE وCME لإطلاق منتجات العملة المشفرة العام المقبل. عدد البنوك والوسطاء والتجار والمؤسسات الأخرى التي تتطلع إلى إضافة مثل هذه المنتجات كثيرة جدًا، ولكن بنفس الطريقة التي يجب أن تثق بها الشركة في الاستثمار، يجب أن تثق أيضًا في أن المنتجات التي تبيعها لها قيمة.
تدرس البنوك المركزية والحكومات أيضًا في جميع أنحاء العالم الآن إمكانات العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC). في حين إن هذه ليست عملات مشفرة لأنها ليست لامركزية، والتحكم الأساسي في العرض والقواعد في أيدي البنوك أو الحكومات، إلا أنها ما تزال تُظهر اعتراف الحكومة بضرورة وجود نظام دفع أكثر تقدمًا مما يوفره النقد الورقي. هذا يضفي أيضًا ميزة على مفهوم العملات المشفرة وراحتها بشكل عام.
الاستحقاق
قطعت البيتكوين شوطًا طويلًا منذ إطلاقها عام 2009، من استخدامها في البداية كوسيلة لشراء المخدرات عبر الإنترنت إلى أن أصبحت وسيلة نقدية جديدة توفر ندرة يمكن إثباتها، وشفافية مطلقة مع سجل حسابات غير قابل للتغيير. حتى بعد إدراك أنه يمكن استخدام البيتكوين وتقنية سلسلة الكتل الخاصة بها لأكثر من مجرد طريق الحرير، كان صعبًا تقريبًا على الشخص العادي المشاركة في السنوات السابقة حين كانت المحافظ، والمفاتيح، والتبادلات، والمنصات مربكة ومعقدة.
اليوم أصبح الوصول أسهل من أي وقت مضى. تتوفر التبادلات المرخصة والمنظمة التي يسهل استخدامها بكثرة في الولايات المتحدة، وخدمات الإيداع من المؤسسات المالية القديمة التي اعتاد الناس عليها متاحة للأقل خبرةً من الناحية التقنية. تتيح الصكوك الاشتقاقية وصناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بسلسلة الكتل للمهتمين بالاستثمار ولكنهم يخشون التقلبات المشاركةَ فيها. ويزداد عدد الأماكن التي تُقبل فيها عملات البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى مع تزايد الدفع بسرعة.
في المدونة الصوتية لـ Investopedia (موسوعة الاستثمار)، قال ساننشاين من غريسكيل (Grayscale): «تطور السوق اليوم أكثر بكثير مما كنا عليه في ذلك الوقت (ذروة 2017)، لقد رأينا بأعيننا تطور خيارات الصكوك الاشتقاقية للسوق ذات الاتجاهين، وإقراض واقتراض أسواق العقود الآجلة. إنه مجرد سوق ذي اتجاهين أكثر نشاطًا على مدار 24 ساعة والذي بدأ العمل بشكل أكثر نضجًا مع مرور كل يوم».
إلى جانب كل هذا، فإن الثقة التي أظهرها المتداولون المؤسساتيون الكبار، عن طريق عرضهم المنتجات ذات الصلة بالتشفير وكذلك الاستثمار الصارخ في البيتكوين، تتحدث عن الكميات. 99bitcoin هو الموقع الذي يحصي عدد المرات التي أعلن فيها مقال عن انتهاء عصر البيتكوين، يحسب الآن 386 حالة وفاة للبيتكوين، وكانت آخر وفاة لها في 18 نوفمبر 2020 وأقدم وفاة في 15 أكتوبر 2010. مع اختراق البيتكوين لأعلى المستويات السابقة على الإطلاق وامتلاكها البنية التحتية والاستثمار المؤسساتي أكثر من أي وقت مضى، يبدو أنها باقية.