العاصي يُخاطِبُكُمْ مِنْ تدمر

العاصي يُخاطِبُكُمْ مِنْ تدمر؟!؟!؟!....
أنا العاصي الشهيرُ أيضاً باسمي الآخر الرديف "الأُرُنْدْ" أَتَحَدَّثُ إليكُم مِنْ تدمر؟!؟!....
كيفَ يُمكِنُني أنا العاصي أن أكونَ في تدمر؟!؟!... وكُلّكُم يعلمُ أنَّي أَنبُعُ من سهل البقاع (نبع اللبوة قرب بعلبك ونبع الهرمل شمال البقاع) وأجري في جوف سوريا صاعداً شمالاً مروراً بقطينة وحمص وحماة وسهل الغاب عبوراً بجسر الشغور فدركوش فسلقين وحارم وأنطاكية ولينتهي بي المطاف في مصَبّي بالبحر عند خليج السويدية؟!؟!؟!.....
أَجَلْ يا أحبتي، أنا العاصي أو الأُرُنْــــدْ الذي تعرفونه، وليسَ سواي، لي حضــورٌ مميّزٌ في تدمر، وأخاطِبُكُمْ منها، ولـــكِنْ، و يا أسفي عليكم إنَّكُم لا تعلمون بحضوري هناك وأنا أُرْقَبُ، منذ دهــــــــــــــور، جميـــــــــــــع المارة من تحت قوس النصر (أو القوس التذكاري لِمَن يشاء تسميته كذلك) دون ان يحسَّ أو يشعُرَ أحدٌ بمرورِي وإطلالَتي، و يا حيفٌ عَلَيْــكُم.....
ولَوّْوْوْوْوْ.....يا أحبتي السوريين؟!: أنا العاصي، وأنتم تدرونَ ما أنا، ومَنْ أنـــا؟!، ماثِلٌ هناك ولا أحد يشعر أو يُحِسُّ أو يكترث بمروري؟!...لأنهُ لا أحد يدري بوجودي هناكَ أصلاً؟!؟!؟!....وهنا أتساءَلُ عما إذا كان ذلكَ غضاضةً بِحَقّي أَمْ بِحَقِّكُم؟!؟!...
ليس فقط هذا، ولكني هناكَ لَسْتُ مُتَطّفِّلاً ولا دخيـــلاً؟؟؟!!!...بَلْ إنني كُنتُ مسرحاً لنصرٍ جليل لأحدِ مُلوكِكُم ضِدَّ الفُرْس في تاريخكم السوري، بل وشاهداً عليه يا أحِبّتي السوريين ؟!.... ومع ذلك لا أحد يكترث؟!.... عَجَباً منكم وألــــــــــــــف عجب؟!؟!... وإن كنتم تستغربون أو لا تُصَدِّقون ما أنا أزعم، فإليكُم الدليل والبرهان والشاهدة على ما أزعُم.....
هذه اللوحة المنقوشة باليونانية على وجهِ قُنْصُلِيّةٍ عريضة بارزة ، لغة التداول في تلكَ الأيّام، وهي بحذاءِ أهم آبدة وعلامة فارقة لتدمر.... وقَلَّما تلحظونها أو يلْحَظُها أَحدٌ وأنتم تدخلون من تحت قوس النصر وهي إلى أعلى يمينكم لحظة الدخول مباشرةً من بوابتها التي هي في الذاكرة المقيمة للعالَم بأسرِه وليسَ فقط لتدمر أو سورياها، حيث توجدُ قُنصُلِيّةٌ عريضة (console) بارزة كانت تحمل تمثالاً لَم يعُد موجوداً اليوم لِمَلِكٍ تدمري سَبَقَ أذينة على عرشِ تدمر اسمُه هيروديان اعتلى سدة عرش تدمر بدليل وصفِهِ بلقب "ملِكِ الملوك". والبعض يقرنوه بِأُذَيْنَةَ على أنه أخيه(؟) في حين يجعله آخرون ابنه(؟) ولا أحد يدري الحقيقة على وجهِ الدِّقَة. وهذا ما وَدَدْتُ إعلامَكُم عنه من خلال النقش التذكاري باليونانية هذا الذي ينقُلُهُ إليْكم السيد ملاتيوس جغنون ويترجِمُهُ لكم إلى العربية يا أحبَّتي رعاكُمُ الله.
وأخيراً أقول إنَّ النقوش الأثرية التي تُسَمّيِني باسمي لا يتعَدّى تعدادُها أصابع اليد الواحدة أذكر منها نقش دركوش المُطِلْ عليَّ أنا نهر العاصي....

ملاتيوس حغنون