الصوم
الصوم لغة: الإمساك والكف عن الشيء، وشرعاً: هو الإمساك نهاراً عن المفطرات بنية من أهله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والمفطرات تشمل شهوتي البطن والفرج.
والصوم في شهر رمضان كل عام، ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه، لقوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ((البقرة 183)، وقول النبيr في الصحيحين عن ابن عمر: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، وقد فرض الصوم لعشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة بسنة ونصف إجماعاً. وشهر رمضان أحد الأشهر القمرية، ومتوسط دورة القمر (28ثانية +44دقيقة+12ساعة +29يوم).
زمن الصوم
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في رمضان عند ثبوت مطلع الهلال، ويؤخذ في البلاد التي يتساوى فيها الليل والنهار أو في حالة طول النهار كثيراً بتوقيت أقرب البلاد المعتدلة لبلد الصائمين.
والصوم كما قال تعالى: )كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقون( كان مفروضاً على الأنبياء والأمم من لدن آدم عليه السلام إلى اليوم، والمراد بالمماثلة: إما المماثلة في أصل الوجوب، وإما في الوقت والمقدار (أي في رمضان) بناءً على أن أهل الكتاب فرض عليهم صوم رمضان، فتركه اليهود إلى صوم يوم من السنة وهو ما زعموا أنه يوم عاشوراء المحرم وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى عليه السلام، وزاد فيه النصارى يوماً قبل ويوماً بعد، احتياطاً حتى بلغوا فيه خمسين يوماً، فصعب عليهم في الحر، فنقلوه إلى زمن نزول الشمس برج الحَمل. أخرج الطبراني وغيره عن مغفل ابن حنظلة مرفوعاً: «كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم، فقالوا: لئن شفاه الله تعالى لنزيدن عشراً، ثم كان آخر فأكل لحماً فأوجع فوه (فمه) فقالوا: لئن شفاه الله لنزيدن سبعة، ثم كان عليهم ملك آخر، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة أيام شيئاً أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل، فصارت خمسين يوماً».
حكمته
الصوم مشروع في جميع الأديان، لفوائده الكثيرة الدينية والخلقية والنفسية والصحية، فهو طاعة لله تعالى، يثاب عليها المؤمن ثواباً مفتوحاً لا حدود لـه، ومدرسة خلقية يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة هي جهاد النفس، ومقاومة الأهواء، وتقوية الإرادة، وشحذ العزيمة، وتعلُّم الصبر والنظام، وصفاء الذهن، وتنمية عاطفة الرحمة نحو المحتاجين، والشعور بالأخوة الإنسانية، وتجديد نشاط الجسم وإراحة جهاز الهضم والتخلص من الفضلات والرواسب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن السني وأبو نعيم: «صوموا تصحوا».
وفي شهر رمضان: ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ورمضان سيد الشهور، والصوم إلى الصوم يكفر الخطايا، والصوم يدرّب على عفة اللسان، والخشوع لله تعالى.
شروطه
يشترط لوجوب الصوم خمسة شروط، هي: الإسـلام والبلوغ والعقل والمقدرة أو الصحة والإقامة غير السفر، فلا يجب على غير المسلم حال عدم إيمانه، ولا على الصبي والمجنون والمغمى عليه والسكران، والمريض والمسافر، وعليهم إن كانوا مكلفين القضاء بعد زوال الإغماء وبعد الصحو والصحة والإقامة.
ويشترط لصحة الصوم ثلاثة شروط أخرى، هي: النية، والخلو عما ينافي الصوم من حيض ونفاس، وعن كل ما يفسده، فإذا حاضت المرأة أفطرت وقضت أيامها.
والنية مطلوبة في كل أنواع الصيام فرضاً أو تطوعاً، ومحل النية القلب، ويشترط تبييت النية (إيقاعها ليلاً) للحديث النبوي الذي أخرجه الدار قطني والبيهقي: «من لم يبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له»، وأجاز الحنفية في أداء رمضان والنوافل عقد النية إلى الضحوة الكبرى.
ركن الصوم
الإمساك عن المفطرات، أي الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، كما تقدم.
سننه
السحور على شيء وإن قل، ولو جرعة ماء، وتأخيره لآخر الليل قبل الفجر، وتعجيل الفطر عند تيقن الغروب وقبل صلاة المغرب، والدعاء عقب الفطر بالمأثور، بأن يقول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى، يا واسع الفضل اغفر لي، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت» ويسن تفطير الصائم ولو على تمرة أو شربة ماء، والاغتسال عن الجنابة والحيض والنفاس إذا انقطع الدم قبل الفجر، وكف اللسان والأعضاء عن الإثم كالسب والشتم والنظر إلى العورات المحرمة، والغيبة والنميمة والكذب، مما هو محظور شرعاً، ويتأكد المنع منه في رمضان، وترك الشهوات واللذائذ من مسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم الريحان ولمسه والنظر إليه، وترك الفصد والحجامة، والتوسعة على الأسرة، والإحسان إلى الأرحام، والإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين، والاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن، والاعتكاف (المكث في المسجد للتفرغ للعبادة) ولاسيما في العشر الأواخر من رمضان.
ويكره صوم الوصال (متابعة صوم يومين من غير طعام ولا شراب)، والمثيرات الجنسية كالقبلة، والترفه بالمباحات كشم الطيب والحمام، وذوق الطعام والعلك.
أعذار الفطر
يباح الفطر للأعذار الآتية: السفر لمسافة القصر (86 أو 89كم) والمرض، والحمل، والرضاع، والهرم، وإرهاق الجوع أو العطش، والإكراه على المفطرات، والجهاد.
مفسدات الصوم
يفسد الصوم بتناول الغذاء والدواء ولو لعذر شرعي، والجماع، وإنزال المني، ويجب القضاء والكفارة بتناول المفطرات عمداً عن طريق الفم أو الأنف أو الأذن أو الشرج أو الإحليل.
ولا يفسد الصوم بتناول مفطر سهواً، وبالقطرة في العين، والاكتحال في العين، والحجامة، والسواك، والمضمضة والاستنشاق، والاغتسال أو السباحة، والاغتياب، وإدخال الغبار أو الدخان عمداً في الفم وبلعه، وخلع الضرس، وصب الماء أو الدهن في الإحليل، وإدخال العود في الأذن، وابتلاع النخامة، والقيء غير المتعمد، وأكل ما بين الأسنان من دون الحمصة، لأنه تبع لريقه، والإصباح جنباً والحقن في العضل أو تحت الجلد أو في الوريد، وشم الروائح العطرية.
قضاء الصوم
يجب القضاء على من أفطر يوماً أو أكثر من رمضان، بعذر كالمرض والسفر والحيض ونحوه، أو بغير عذر كترك النية عمداً أو سهواً في رأي غير الحنفية، لقوله تعالى: )فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ( (البقرة184).
ويأثم المفطر بلا عذر، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه: «من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه صوم الدهر كله، وإن صامه».
وقت القضاء
ما بعد انتهاء رمضان إلى مجيء رمضان المقبل، ويندب تعجيل القضاء إبراء للذمة ومسارعة إلى إسقاط الواجب، ويستحب موالاة القضاء أو تتابعه، ولكن لا يشترط ذلك.
ومن مات وعليه صوم، فإن مات قبل إمكان القضاء فلا شيء عليه ولا إثم عليه، لعدم تقصيره، لأنه فرض لم يتمكن منه إلى الموت، فسقط حكمه إلى غير بدل كالحج، وأما إن مات بعد إمكان القضاء، فيطعم عنه مكان كل يوم مُدّاً من حنطة (والمد 675غ) ولا يصوم عنه وليه عند الجمهور. واستحب الحنابلة للولي أن يصوم عن الميت، لأنه أحوط لبراءة الذمة.
وتجب الفدية (نصف صاع، والصاع 2751غ) للعجز عن الصيام، كالشيخ الكبير والعجوز، والمرض الدائم الذي لا يرجى برؤه، وعلى الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما، فإن خافتا على أنفسهما، فلهما القضاء فقط، وتجب الفدية عند الأكثرين على من فرط في قضاء رمضان حتى جاء رمضان آخر ولم يقض ما فاته من الأيام.
ويجب الصوم أيضاً بالنذر، لقوله تعالى:)وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ( (الحج29) حتى ولو كان معلقاً بشرط وتحقق الشرط، ولا يجزئه الصوم قبل وجود الشرط، لأن المعلق بالشرط عدمٌ قبل وجوده، وإنما يجوز الأداء بعد وجود السبب الذي علق النذر به.
وهبة الزحيلي
الصوم لغة: الإمساك والكف عن الشيء، وشرعاً: هو الإمساك نهاراً عن المفطرات بنية من أهله من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والمفطرات تشمل شهوتي البطن والفرج.
والصوم في شهر رمضان كل عام، ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه، لقوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ((البقرة 183)، وقول النبيr في الصحيحين عن ابن عمر: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، وقد فرض الصوم لعشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة بسنة ونصف إجماعاً. وشهر رمضان أحد الأشهر القمرية، ومتوسط دورة القمر (28ثانية +44دقيقة+12ساعة +29يوم).
زمن الصوم
من طلوع الفجر إلى غروب الشمس في رمضان عند ثبوت مطلع الهلال، ويؤخذ في البلاد التي يتساوى فيها الليل والنهار أو في حالة طول النهار كثيراً بتوقيت أقرب البلاد المعتدلة لبلد الصائمين.
والصوم كما قال تعالى: )كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقون( كان مفروضاً على الأنبياء والأمم من لدن آدم عليه السلام إلى اليوم، والمراد بالمماثلة: إما المماثلة في أصل الوجوب، وإما في الوقت والمقدار (أي في رمضان) بناءً على أن أهل الكتاب فرض عليهم صوم رمضان، فتركه اليهود إلى صوم يوم من السنة وهو ما زعموا أنه يوم عاشوراء المحرم وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون ونجى موسى عليه السلام، وزاد فيه النصارى يوماً قبل ويوماً بعد، احتياطاً حتى بلغوا فيه خمسين يوماً، فصعب عليهم في الحر، فنقلوه إلى زمن نزول الشمس برج الحَمل. أخرج الطبراني وغيره عن مغفل ابن حنظلة مرفوعاً: «كان على النصارى صوم شهر رمضان، فمرض ملكهم، فقالوا: لئن شفاه الله تعالى لنزيدن عشراً، ثم كان آخر فأكل لحماً فأوجع فوه (فمه) فقالوا: لئن شفاه الله لنزيدن سبعة، ثم كان عليهم ملك آخر، فقال: ما ندع من هذه الثلاثة أيام شيئاً أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع، ففعل، فصارت خمسين يوماً».
حكمته
الصوم مشروع في جميع الأديان، لفوائده الكثيرة الدينية والخلقية والنفسية والصحية، فهو طاعة لله تعالى، يثاب عليها المؤمن ثواباً مفتوحاً لا حدود لـه، ومدرسة خلقية يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة هي جهاد النفس، ومقاومة الأهواء، وتقوية الإرادة، وشحذ العزيمة، وتعلُّم الصبر والنظام، وصفاء الذهن، وتنمية عاطفة الرحمة نحو المحتاجين، والشعور بالأخوة الإنسانية، وتجديد نشاط الجسم وإراحة جهاز الهضم والتخلص من الفضلات والرواسب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن السني وأبو نعيم: «صوموا تصحوا».
وفي شهر رمضان: ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ورمضان سيد الشهور، والصوم إلى الصوم يكفر الخطايا، والصوم يدرّب على عفة اللسان، والخشوع لله تعالى.
شروطه
يشترط لوجوب الصوم خمسة شروط، هي: الإسـلام والبلوغ والعقل والمقدرة أو الصحة والإقامة غير السفر، فلا يجب على غير المسلم حال عدم إيمانه، ولا على الصبي والمجنون والمغمى عليه والسكران، والمريض والمسافر، وعليهم إن كانوا مكلفين القضاء بعد زوال الإغماء وبعد الصحو والصحة والإقامة.
ويشترط لصحة الصوم ثلاثة شروط أخرى، هي: النية، والخلو عما ينافي الصوم من حيض ونفاس، وعن كل ما يفسده، فإذا حاضت المرأة أفطرت وقضت أيامها.
والنية مطلوبة في كل أنواع الصيام فرضاً أو تطوعاً، ومحل النية القلب، ويشترط تبييت النية (إيقاعها ليلاً) للحديث النبوي الذي أخرجه الدار قطني والبيهقي: «من لم يبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له»، وأجاز الحنفية في أداء رمضان والنوافل عقد النية إلى الضحوة الكبرى.
ركن الصوم
الإمساك عن المفطرات، أي الإمساك عن شهوتي البطن والفرج، كما تقدم.
سننه
السحور على شيء وإن قل، ولو جرعة ماء، وتأخيره لآخر الليل قبل الفجر، وتعجيل الفطر عند تيقن الغروب وقبل صلاة المغرب، والدعاء عقب الفطر بالمأثور، بأن يقول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت، وعليك توكلت، وبك آمنت، ذهب الظمأ وابتلّت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله تعالى، يا واسع الفضل اغفر لي، الحمد لله الذي أعانني فصمت، ورزقني فأفطرت» ويسن تفطير الصائم ولو على تمرة أو شربة ماء، والاغتسال عن الجنابة والحيض والنفاس إذا انقطع الدم قبل الفجر، وكف اللسان والأعضاء عن الإثم كالسب والشتم والنظر إلى العورات المحرمة، والغيبة والنميمة والكذب، مما هو محظور شرعاً، ويتأكد المنع منه في رمضان، وترك الشهوات واللذائذ من مسموع ومبصر وملموس ومشموم كشم الريحان ولمسه والنظر إليه، وترك الفصد والحجامة، والتوسعة على الأسرة، والإحسان إلى الأرحام، والإكثار من الصدقة على الفقراء والمساكين، والاشتغال بالعلم وتلاوة القرآن، والاعتكاف (المكث في المسجد للتفرغ للعبادة) ولاسيما في العشر الأواخر من رمضان.
ويكره صوم الوصال (متابعة صوم يومين من غير طعام ولا شراب)، والمثيرات الجنسية كالقبلة، والترفه بالمباحات كشم الطيب والحمام، وذوق الطعام والعلك.
أعذار الفطر
يباح الفطر للأعذار الآتية: السفر لمسافة القصر (86 أو 89كم) والمرض، والحمل، والرضاع، والهرم، وإرهاق الجوع أو العطش، والإكراه على المفطرات، والجهاد.
مفسدات الصوم
يفسد الصوم بتناول الغذاء والدواء ولو لعذر شرعي، والجماع، وإنزال المني، ويجب القضاء والكفارة بتناول المفطرات عمداً عن طريق الفم أو الأنف أو الأذن أو الشرج أو الإحليل.
ولا يفسد الصوم بتناول مفطر سهواً، وبالقطرة في العين، والاكتحال في العين، والحجامة، والسواك، والمضمضة والاستنشاق، والاغتسال أو السباحة، والاغتياب، وإدخال الغبار أو الدخان عمداً في الفم وبلعه، وخلع الضرس، وصب الماء أو الدهن في الإحليل، وإدخال العود في الأذن، وابتلاع النخامة، والقيء غير المتعمد، وأكل ما بين الأسنان من دون الحمصة، لأنه تبع لريقه، والإصباح جنباً والحقن في العضل أو تحت الجلد أو في الوريد، وشم الروائح العطرية.
قضاء الصوم
يجب القضاء على من أفطر يوماً أو أكثر من رمضان، بعذر كالمرض والسفر والحيض ونحوه، أو بغير عذر كترك النية عمداً أو سهواً في رأي غير الحنفية، لقوله تعالى: )فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ( (البقرة184).
ويأثم المفطر بلا عذر، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه: «من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه صوم الدهر كله، وإن صامه».
وقت القضاء
ما بعد انتهاء رمضان إلى مجيء رمضان المقبل، ويندب تعجيل القضاء إبراء للذمة ومسارعة إلى إسقاط الواجب، ويستحب موالاة القضاء أو تتابعه، ولكن لا يشترط ذلك.
ومن مات وعليه صوم، فإن مات قبل إمكان القضاء فلا شيء عليه ولا إثم عليه، لعدم تقصيره، لأنه فرض لم يتمكن منه إلى الموت، فسقط حكمه إلى غير بدل كالحج، وأما إن مات بعد إمكان القضاء، فيطعم عنه مكان كل يوم مُدّاً من حنطة (والمد 675غ) ولا يصوم عنه وليه عند الجمهور. واستحب الحنابلة للولي أن يصوم عن الميت، لأنه أحوط لبراءة الذمة.
وتجب الفدية (نصف صاع، والصاع 2751غ) للعجز عن الصيام، كالشيخ الكبير والعجوز، والمرض الدائم الذي لا يرجى برؤه، وعلى الحامل والمرضع إذا خافتا على ولدهما، فإن خافتا على أنفسهما، فلهما القضاء فقط، وتجب الفدية عند الأكثرين على من فرط في قضاء رمضان حتى جاء رمضان آخر ولم يقض ما فاته من الأيام.
ويجب الصوم أيضاً بالنذر، لقوله تعالى:)وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ( (الحج29) حتى ولو كان معلقاً بشرط وتحقق الشرط، ولا يجزئه الصوم قبل وجود الشرط، لأن المعلق بالشرط عدمٌ قبل وجوده، وإنما يجوز الأداء بعد وجود السبب الذي علق النذر به.
وهبة الزحيلي