الصالح (صبحي ـ)
(1345 ـ 1407هــ/1926 ـ 1986م)
ولد الشيخ الدكتور صبحي الصالح في مدينة الميناء بطرابلس ـ لبنان عام 1926، وبدأ رحلة كفاح ينهل فيها العلم منذ كان فتى في حلقات الجامع المنصوري الكبير بطرابلس، يغترف من علماء المدينة مكنونات خزائنهم وموروثات أسلافهم. جمع الشيخ الصالح منذ بدايات دراسته الثانوية بين العلوم الشرعية والمدنية في دار التربية والتعليم الإسلامية بطرابلس، وكان قد لمع نجمه وهو ابن الثانية عشرة من عمره خطيباً في مساجد المدينة، يتنادى لسماع هذا الشيخ الفتى أهالي طرابلس مشدوهين معجبين. وسافر إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، فحصل منها على الشهادة العالمية (الإجازة الجامعية) في أصول الدين عام 1949وهو منتسب في الوقت نفسه إلى كلية الآداب في جامعة القاهرة وحصل على الإجازة في الأدب العربي بإمتياز. ثم تابع دراسته العليا في جامعة السوربون في باريس، حيث أسّس أوّل مركز ثقافي إسلامي في باريس وعاد متأبّطاً شهادة دكتوراه دولة في الآداب.
تلقفته الجامعات العربية:جامعة بغداد 1954ـ 1956، جامعة دمشق، 1956ـ1963، تونس1970، الأردن 1971ـ 1973 واستقر في لبنان أستاذاً في جامعة بيروت العربية، وأستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانية فرئيساً لقسم اللغة العربية فيها، ثم عميداً لكليّة الآداب، وأستاذاً زائراً لجامعة محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ومحاضراً في جامعة محمد الخامس في الرباط.
وتولى، إضافةً إلى مناصبه الجامعية، مهمّات دينية، فكان نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يرأسه مفتي الجمهو رية اللبنانية ونائب رئيس المجلس الاستشاري لمفتي الجمهو رية، والأمين العام لرابطة العلماء في لبنان.
أفكاره وإهتماماته
انصبّ اهتمام الشيخ الصالح على الدراسات اللغوية والحضارية وتحقيق العديد من كتب التراث، وتزويد كبرى المجلات الإسلامية والفكرية بالبحوث والدراسات في كل مجال، كما كانت الموسوعات العربية والعالمية تستكتبه في أجزائها وخصوصاً في أبواب الحضارة الإسلامية والفكر والأدب واللغة، مما يدل على سعة آفاقه ورسوخ قدمه في هذه المجالات. وقد نأى في كتاباته عمّا هو مألوف، وأضاف إلى نتاج السلف من المباحث الإسلامية واللغوية ما يغري على القول بأنّه عالم مغزار مبدع، ضمن منهج علمي دقيق لا إنقياد فيه لعاطفة أو هوى، أو مسايرة والتفاف حول الحقيقة، أو تجاهل لأي مطعن أو تحدّ، حتى أقرّ أقرانه بأنّ الفكر الإسلامي في لبنان شهد مع الشيخ الصالح وثبة جديدة انتقل فيها من الدفاع إلى الاقتحام، ومن السذاجة والبساطة والانزواء إلى المقارعة والعمق والتباهي.
وقد أمسك بمنهج السوربون وثقافة الأزهر، فصار للفكر الإسلامي محبون وللحضارة الإسلامية معجبون وللشريعة الإسلامية مؤمنون ومريدون.
وكان نصير المرأة، يبرئها من شطط المتآمرين الموتورين، ومن ضيق أفق الجهلة المتشنجين، وكان الشيخ الصالح دائم التطلع إلى قضية التجدد والتجديد، أرقه واقع المسلمين وركود الحياة الاجتهادية، وكان يرى أنّ حرية الاجتهاد هي أعظم ضمانات النمو واليقظة الإسلامية، وكان فريداً في الشخصية، وقد شبّهوه مرّة بالإمام الشيخ محمد عبده.
وفي خلال الأحداث الأهلية التي عصفت بلبنان انصبّت اهتمامات الشيخ الصالح على ايجاد حوار بين الإسلام والمسيحية أراده بعيداً عن الجدال بين الطوائف، ولعلّه تنبأ في مقدمة كتاب «فلسفة الفكر الديني» الذي ترجمه عن الفرنسية مع الأب الدكتور فريد جبر عندما أطلق صرخة تحذير بما سيؤول إليه لبنان، إنْ لم يبدأ التفاهم الفعلي بين الفئتين اللتين لا يحيا لبنان إلا بما يكون بينهما من تراحم وتواصل.
نتاجه الفكري
زاد إنتاجه الفكري على عشرين عنواناً ومئات الدراسات العلمية والأدبية باللغتين العربية والفرنسية في العديد من المجلات والموسوعات العربية والعالمية. وأبرز كتبه التي كانت ولا تزال تدرّس في الجامعات اللبنانية ما يلي: «مباحث في علوم القرآن» 24طبعة، «علوم الحديث ومصطلحه» 20طبعة، «دراسات في فقه اللغة» 18طبعة، «النظم الإسلامية» 15طبعة، «الإسلام ومستقبل الحضارة» الإسلام والمجتمع العصري، المرأة في الإسلام، الأمّة ثم الدولة، فلسفة الفكر الديني 3مجلدّات بالاشتراك مع الأب الدكتور فريد جبر، ورد الإسلام على تحدّيات عصرنا (بالفرنسية). فضلاً عن تحقيق وشرح: أحكام أهل الذمّة (ابن القيّم الجوزية)، وشرح الشروط العمرية لإبن القيم، ورياض الصالحين، ونهج البلاغة. وقدحاز جائزة التفكير الإجتهادي في الإسلام من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1986.
حرص الشيخ الصالح في العقد الأخير من عمره على تأسيس الجمعية الخيرية لرعاية أطفال المسلمين في لبنان يمنحهم عطفه ورعايته ودعمه، وكان لهم متسّع في قلبه يخلوإليهم ويخطط لتطوير شؤونهم إلى أن سقط شهيداً وهو في الطريق إلى مقرّهم على يد معلني الحرب العبثية في 7 تشرين الأول 1986، ليخسر لبنان والعالم العربي والإسلامي، أبرز العلماء والمفكرين المجددين في مطلع القرن الخامس عشر الهجري.
ناصر الصالح
(1345 ـ 1407هــ/1926 ـ 1986م)
ولد الشيخ الدكتور صبحي الصالح في مدينة الميناء بطرابلس ـ لبنان عام 1926، وبدأ رحلة كفاح ينهل فيها العلم منذ كان فتى في حلقات الجامع المنصوري الكبير بطرابلس، يغترف من علماء المدينة مكنونات خزائنهم وموروثات أسلافهم. جمع الشيخ الصالح منذ بدايات دراسته الثانوية بين العلوم الشرعية والمدنية في دار التربية والتعليم الإسلامية بطرابلس، وكان قد لمع نجمه وهو ابن الثانية عشرة من عمره خطيباً في مساجد المدينة، يتنادى لسماع هذا الشيخ الفتى أهالي طرابلس مشدوهين معجبين. وسافر إلى القاهرة ليلتحق بالأزهر الشريف، فحصل منها على الشهادة العالمية (الإجازة الجامعية) في أصول الدين عام 1949وهو منتسب في الوقت نفسه إلى كلية الآداب في جامعة القاهرة وحصل على الإجازة في الأدب العربي بإمتياز. ثم تابع دراسته العليا في جامعة السوربون في باريس، حيث أسّس أوّل مركز ثقافي إسلامي في باريس وعاد متأبّطاً شهادة دكتوراه دولة في الآداب.
تلقفته الجامعات العربية:جامعة بغداد 1954ـ 1956، جامعة دمشق، 1956ـ1963، تونس1970، الأردن 1971ـ 1973 واستقر في لبنان أستاذاً في جامعة بيروت العربية، وأستاذاً متفرغاً في الجامعة اللبنانية فرئيساً لقسم اللغة العربية فيها، ثم عميداً لكليّة الآداب، وأستاذاً زائراً لجامعة محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ومحاضراً في جامعة محمد الخامس في الرباط.
وتولى، إضافةً إلى مناصبه الجامعية، مهمّات دينية، فكان نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى الذي يرأسه مفتي الجمهو رية اللبنانية ونائب رئيس المجلس الاستشاري لمفتي الجمهو رية، والأمين العام لرابطة العلماء في لبنان.
أفكاره وإهتماماته
انصبّ اهتمام الشيخ الصالح على الدراسات اللغوية والحضارية وتحقيق العديد من كتب التراث، وتزويد كبرى المجلات الإسلامية والفكرية بالبحوث والدراسات في كل مجال، كما كانت الموسوعات العربية والعالمية تستكتبه في أجزائها وخصوصاً في أبواب الحضارة الإسلامية والفكر والأدب واللغة، مما يدل على سعة آفاقه ورسوخ قدمه في هذه المجالات. وقد نأى في كتاباته عمّا هو مألوف، وأضاف إلى نتاج السلف من المباحث الإسلامية واللغوية ما يغري على القول بأنّه عالم مغزار مبدع، ضمن منهج علمي دقيق لا إنقياد فيه لعاطفة أو هوى، أو مسايرة والتفاف حول الحقيقة، أو تجاهل لأي مطعن أو تحدّ، حتى أقرّ أقرانه بأنّ الفكر الإسلامي في لبنان شهد مع الشيخ الصالح وثبة جديدة انتقل فيها من الدفاع إلى الاقتحام، ومن السذاجة والبساطة والانزواء إلى المقارعة والعمق والتباهي.
وقد أمسك بمنهج السوربون وثقافة الأزهر، فصار للفكر الإسلامي محبون وللحضارة الإسلامية معجبون وللشريعة الإسلامية مؤمنون ومريدون.
وكان نصير المرأة، يبرئها من شطط المتآمرين الموتورين، ومن ضيق أفق الجهلة المتشنجين، وكان الشيخ الصالح دائم التطلع إلى قضية التجدد والتجديد، أرقه واقع المسلمين وركود الحياة الاجتهادية، وكان يرى أنّ حرية الاجتهاد هي أعظم ضمانات النمو واليقظة الإسلامية، وكان فريداً في الشخصية، وقد شبّهوه مرّة بالإمام الشيخ محمد عبده.
وفي خلال الأحداث الأهلية التي عصفت بلبنان انصبّت اهتمامات الشيخ الصالح على ايجاد حوار بين الإسلام والمسيحية أراده بعيداً عن الجدال بين الطوائف، ولعلّه تنبأ في مقدمة كتاب «فلسفة الفكر الديني» الذي ترجمه عن الفرنسية مع الأب الدكتور فريد جبر عندما أطلق صرخة تحذير بما سيؤول إليه لبنان، إنْ لم يبدأ التفاهم الفعلي بين الفئتين اللتين لا يحيا لبنان إلا بما يكون بينهما من تراحم وتواصل.
نتاجه الفكري
زاد إنتاجه الفكري على عشرين عنواناً ومئات الدراسات العلمية والأدبية باللغتين العربية والفرنسية في العديد من المجلات والموسوعات العربية والعالمية. وأبرز كتبه التي كانت ولا تزال تدرّس في الجامعات اللبنانية ما يلي: «مباحث في علوم القرآن» 24طبعة، «علوم الحديث ومصطلحه» 20طبعة، «دراسات في فقه اللغة» 18طبعة، «النظم الإسلامية» 15طبعة، «الإسلام ومستقبل الحضارة» الإسلام والمجتمع العصري، المرأة في الإسلام، الأمّة ثم الدولة، فلسفة الفكر الديني 3مجلدّات بالاشتراك مع الأب الدكتور فريد جبر، ورد الإسلام على تحدّيات عصرنا (بالفرنسية). فضلاً عن تحقيق وشرح: أحكام أهل الذمّة (ابن القيّم الجوزية)، وشرح الشروط العمرية لإبن القيم، ورياض الصالحين، ونهج البلاغة. وقدحاز جائزة التفكير الإجتهادي في الإسلام من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1986.
حرص الشيخ الصالح في العقد الأخير من عمره على تأسيس الجمعية الخيرية لرعاية أطفال المسلمين في لبنان يمنحهم عطفه ورعايته ودعمه، وكان لهم متسّع في قلبه يخلوإليهم ويخطط لتطوير شؤونهم إلى أن سقط شهيداً وهو في الطريق إلى مقرّهم على يد معلني الحرب العبثية في 7 تشرين الأول 1986، ليخسر لبنان والعالم العربي والإسلامي، أبرز العلماء والمفكرين المجددين في مطلع القرن الخامس عشر الهجري.
ناصر الصالح