الإنتحاء Tropismeاحدى حركات نباتية مرتبطة بالنمو

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإنتحاء Tropismeاحدى حركات نباتية مرتبطة بالنمو

    انتحاء

    Tropism - Tropisme

    الانتحاء

    الانتحاء tropism هو إحدى الحركات النباتية المرتبطة بالنمو،والمُوجّهُ بمحرِّض خارجي، كالجاذبية الأرضية التي تحرِّض على الانتحاء الأرضي geotropism، والضوء الجانبي الذي يحرِّض على الانتحاء الضوئي phototropism، والرطوبة التي تحرِّض على الانتحاء المائي hydrotropism.
    الانتحاء الأرضي
    يتصف أغلب النباتات باتجاه سوقها الرئيسية نحو الأعلى، محققة انتحاءً أرضياً سالباً، واتجاه جذورها الرئيسية نحو الأسفل محققة انتحاءً أرضياً إيجابياً، واتجاه أغصانها وجذورها الثانوية اتجاهاً مائلاً مُحققة انتحاءً أرضياً بين السالب والموجب يدعى بالانتحاء المائل plagiotropism. ومن الأعضاء النباتية ما يغيِّرُ انتحاءه في أثناء مراحل نموه من الاتجاه الموجب إلى الاتجاه السالب كما في رجيلة أزهار الخشخاش المنثور Papaver rhaeas ذات الانتحاء الأرضي الموجب في مرحلة البراعم الزهرية، والانتحاء الأرضي السالب في مرحلة تفتح الأزهار.
    وتؤدي الجاذبية الأرضية دوراً أساسياً في توجيه الانتحاء الأرضي. ويُوضّح هذا الدور بتطبيق قوة نابذة توجه نمو الأعضاء النباتية على النحو الذي تُوجِّهه الجاذبية الأرضية. فإذا ما ثُبِّتتْ بادراتٌ نباتية على حواف عجلة تدور بسرعة بطيئة دوراناً عمودياً يُحقق انعدام الجاذبية الأرضية، تم نمو البادرات على النحو الذي وُضِعَتْ فيه. وإذا ما دارت العجلة بسرعة تفوق قوة الجاذبية الأرضية توجهت السوق نحو الداخل وتَبِعَت الجذور الرئيسية منحى القوة النابذة، وفق محصلة موازية لمحصلة قوتي الجاذبية الأرضية والقوة النابذة. ويدعى الجهاز المستعمل لهذا الغرض باسم ناظِم الانحناء klinostat.
    ويجري الانحناء في منطقة الاستطالة الخلَوية، الواقعة مباشرة قبل القمة الجذرية، ويتم باستطالة الجدران الخلوية البعيدة عن أثر الجاذبية الأرضية، مما يؤدي إلى انعطاف الجذور إيجابياً نحو مصدر الجاذبية.
    ويتطلب إنجاز الانتحاء ثلاثة أزمنة، هي: زمن العرض، وزمن الكُمُون، وزمن الاستجابة. ويُقدَّر زمن العرض presentation time بطول مدة عرض البادرة على المنبه الممثل بوضع البادرة أفقياً، أو بتعريضها لقوة نابذة. ويقدر زمن العرض لبادرة فول Vicia faba نامية في حرارة فضلى من مرتبة 30 درجة مئوية، في حُدود خمس ثوان لكل قوة نابذة مقدارها 55 غراماً ثقلياً، وفي حدود مئة ثانية لكل قوة نابذة مقدارها 3 غرامات ثقلية. ويرتفع زمن العرض إلى حدود دقيقتين في بادرة كيس الراعي Capsella bursa-pastoris الموضوعة أفقياً.
    ويُقدر زمن الكمون latent time بالزمن اللازم لظهور الانتحاء بدءاً من تعريض البادرة المثبتة على جهاز ناظم الانحناء للمحرض الخارجي. ويقع زمن الكمون في بادرة الفول في حدود 85 دقيقة، في حين يمتد زمن الكمون في عُقَدِ النجيليات إلى بضع ساعات. ويختزل هذا الزمن إلى 20 دقيقة في الليبيديوم Lepidium، ويراوح ما بين 14 - 49 دقيقة في حالة غمد البريعم (الكوليوبتيل) في الشوفان Avena.
    ويُقَدَّر زمن الاستجابة perception time بأقصر زمن لازم للإحساس بالمنبه المؤثر تأثيراً مستمراً أو متقطعاً لا يتجاوز عتبة انقضاء الأثر. ويرى بعض الباحثين أن الاستجابة تتطلب سلامة منطقة القمة. فالقمة الجذرية أو الساقيّة المقطوعة عاجزة عن الاستجابة للمحرضات الخارجية.
    وتُفسّر استجابة النبات للمنبه، أو إحساسه به، بعدد من النظريات، أبرزها نظرية غبرة التوازن statolith التي تقول بوجود أجسام مُحرِّضة لنمو الجدار الخلوي، وتتمثل في نبات الترادِسْكانسيا Tradescantia بحبات النشاء أو بلورات الأُكْسالات المكدسة في الجزء السفلي من الخلايا؛ ونظرية الجزيئات الهيولية (السيتوبلازمية) التي تقوم مقام الغبرة التوازنية. ويذهب فريق ثالث إلى المناداة بنظرية الاستجابة الكهربائية داعماً وجهة نظره هذه بوجود فرق في الكمون بين سطحي الخلية العلوي والسفلي قدره نحو 15 مِلّي فلط.
    ومهما يكن من أمر هذه النظريات فالموضوع مرتبط بانتقال الأُكسين[ر] auxin وتوزعه توزعاً متبايناً، يتبع ذلك تباين نمو الجدران الخلوية، إذ يُصنع الأكسين في النسج المتقسمة القميَّة وينتقل بالرَحَلان الكهربائي electrophoresis إلى الخلايا الآخذة بالاستطالة والموَجِّهة للانتحاء.
    وتُرَد إيجابية الانتحاء الجذري، وسلبية الانتحاء الساقي فيما يتصل بالجاذبية الأرضية، إلى تباين في حساسية الخلايا الجذريّة من جهة والخلايا الساقيّة من جهة أخرى بالنسبة للأكسين الذي يوجه تباين التفاعلات.
    الانتحاء الضوئي
    هو حركة مرتبطة بالنمو يثيرها ويوجهها مصدر ضوئي وحيد الجانب. ويكون الانتحاء الضوئي إيجابياً إذا ما اتجه عضو آخذ بالنمو نحو مصدر الضوء كما هي الحال في أغلب السوق، وفي جميع أغماد بريعمات الفصيلة النجيلية؛ ويكون سلبياً إذا ما ابتعد عضو آخذ بالنمو عن مصدر ضوئي كما هي الحال في أغلب الجذور والأعضاء تحت التراب، وفي بعض السوق كما في الدبْق الأبيض Viscum album، وفي بعض الرجيلات الثمرية كما في كتانية الشَقوق Linaria cymbalaria.
    ويتطلب إنجاز الانتحاء الضوئي الأمور التالية: أن يتجاوز المنبه عتبة محددة، وأن يستمر مدة من الزمن، وأن تنقضي مدة بين زمن التنبيه وظهور الأثر تُعرف بزمن التفاعل reaction time، وأن يَخْضع العضو المُنَبَّه لفعل التراكم accumulation effect إذا ما تعرض لنوبات ضوئية.
    ويُفسَّر الانتحاء الضوئي بتكون هرمون الأُكسين في قمة العضو المتأثر بالمنبه الضوئي، ثم يَنْتقل هذا الهرمون أفقياً باتجاه منطقة الظِّل، ثم يَهبِط عمودياً باتجاه الجاذبية الأرضية ويقوم على بُعْد مليمتريْن من سطح بشرة غمد بريعم الشوفان بتنشيط استطالة الجدران الخلوية الظليلة فينحني العضو باتجاه مصدر الضوء. وترتبط فعالية منطقة الاستطالة بأطوال الأمواج الضوئية. فكلما ضَعُفَتْ شدة الإنارة نشطت القدرة على امتصاص الأشعة ذات الموجات القصيرة كالزرقاء والبنفسجية (500 - 400 نانومتر) بوساطة أصبغة الريبوفلافين riboflavin والكاروتين بيتا β carotin أو بوساطة أصبغة أخرى قادرة على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية.
    الانتحاء المائي
    يقوم بعض الأعضاء النباتية كالجذور مثلاً بالاتجاه نحو الرطوبة، وهذا ما يُدعى بالانتحاء المائي الإيجابي الذي يمكن إيضاحه بالتجربة التالية: تُزرع بادرات فتية في غربال مائل مفروش بنشارة خشب رطبة، فيلاحظ نمو الجذور عمودياً خارِجَةً من ثقوب الغربال مُوجَّهةً بالجاذبية الأرضية، ثم تنعطف الجذور ثانية نحو ثقوب الغربال منجذبة نحو الرطوبة. وهنالك أجهزة كثيرة أخرى تُوضِّح العلاقة بين الانتحاء الأرضي والانتحاء المائي.
    ويُصَنَّف الانتحاء المائي في زمرة الانتحاءات الكيمياوية chemotropism لعلاقته بالمواد المذابة في الماء. فخيوط الفطريات إيجابية الانتحاء نحو السكروز، والغلوكوز، والببتون، وخلاصة مرق اللحم، وأملاح الفسفات والأمونيوم، وسلبية الانتحاء نحو الحموض العضوية واللاعضوية. وخيوط الكشوث Cuscuta الطفيلي، إيجابية الانتحاء نحو الأنابيب الغربالية.
    ويتضح الانتحاء الكيمياوي في النباتات الذاتية التغذي باتجاه الأنابيب الطلعية نحو المياسم أو البييضات ovule. فإذا ما استُنْبِتَ طَلْعُ العُنصل Scilla patula في آغارٍ مُغَذٍ في طبق زجاجي وُضِعَتْ في وسطه قطعة مَيْسِم، اتجهت الأنابيب الطلعية كيمياوياً نحو الميسم. كما تنفر الأنابيب الطلعية من أكسجين الهواء. ويُفْرِزُ بعض الجذور مركبات كيمياوية تُثَبِّط نمو جذور أخرى أو تمنعه. ولهذا الأمر دور كبير في بناء نُظُم علم الاجتماع النباتي phytosociology.
    وأخيراً يمكن الحديث في مجال الانتحاء عن نماذج أخرى لم تدرس كما درست الانتحاءات السابقة كالانتحاء الغلفاني galvanotropism المرتبط بالاتجاه نحو منبهٍ كهربائي، والانتحاء الرضّي traumatotropism المرتبط بالرُضُوض أي الجروح، والانتحاء الحراري thermotropism المرتبط بتفاوت درجات الحرارة.

    دياب أبو خرمة

يعمل...
X