موجهاً بهدى التكعيبية ، أصبح من دعاة الأشكال المبتدعة . بيد أنها لا تزال تبدي بعض الذكريات المتسامية من الحياة . وإن منحوتاته المصنوعة من مرمر مناجم كاراره ، لبعيدة كل البعد أن تقتحم عالمنا . وإنما تجتذبنا إليها برقة ، إلى هذا الضوء الذي يحلم فوق نعومة جوانبها ود واثرها المداعبة . وبعض هذه المنحوتات تبدو وكأنها تهدف إلى إبراز مافيها من تحفظ واحتشام. فهي قليلة السمك ، بحيث تكاد تعطي الانطباع بأنها ذات بروز مزدوج .
وهذه الملاحظة عينها يمكن أن تنطبق على أكثر الأعمال الفنية التي صنعها ها جدو Hajdu منذ نهاية الحرب. إلا أن القولبة لديه لا تنعطف بالرقة التي نراها في أعمال سينيوري. فقد تكون متماوجة ولكنه يرسم أيضاً متكسرات وزوايا ورؤوس . ومع ذلك ، فليس ثمة شيء من القسوة أو شيء من الصلابة. فالأشكال محدبة قليلاً وتبدو في أكثر الأحيان وكأنها مضغوطة في المعدن . وهاجدو قد صنع أيضاً أعمالاً نافرة من الألمنيوم المطرق ، بيد أنه يؤثر أن ينحت المرمر البنتيلي أو مرمر باروس ، ويحب أن يبرز ما فيها من ضياء حنون مخفف .
ومع أن الكثير من منحوتاته مسماة ( الرؤوس ) أو بأسماء نسائية ، ومع فهو لا يعني بأن يجعلها مشابهة للوجه البشري. وإنما تعبر بالأحرى عن صفات بشرية ، ( من لطف وبراءة واباء وأناقة ) لكنها ليست مجرد تجسيد لأي من هذه الصفات . والواضح للعيان أنها قبل كل شيء استجابة للاعتبارات التشكيلية وإن النحت النافر الذي يحتل مكاناً هاماً في انتاج هاجدو يجتذب غالباً المحدثين من الفنانين ، ومن الأمثلة على ذلك أن المصور ( اوباك Ubac ) يلجأ إليه ، وأن منحوتاته من حجر الاردو از تشکل دون ريب أكثر نواحي فنه ابتداعاً . وقد دأب في منحوتاته الحديثة على إنعاش السطوح الخشنة بأخاديد متوازية ، ينشأ عنها ما يشبه سلسلة النور والظل ، يظهر وراءها تارة تكوين في من الأشكال النقية ، وطوراً جذع بشري ممثل باحتشام .
ويصنع «ستاهلي Stahly » أيضاً أعمالاً نافرة معدة في العادة لندمج في منشآت معمارية. إلا أن أعماله الأكثر دلالة في مجال التماثيل الكاملة المجسمة من جميع جوانبها . وكذلك هو شأن صديقه » اتيين مارتن Etienne - Martin الذي يجمعه به بعض التجانس . فكلاهما يحبان أن يستعملا مادة لم يستعملها النحاتون المحدثون إلا قليلاً. ونعني بذلك : الخشب بالذات . وهما يحرصان "
أكثر من حرص جميع من سبقوهما على أن يحسبا حساباً صحيحاً و كاملاً للصفات الخاصة بالخشب . وهما لا ينسيان أبداً أن الخشب كان في الأصل شجرة ، وأنه نجم عن قدرة الشجرة على النمو والتشعب وهما يستلهمان الخشب ، حتى فيما يتعلق باسلوبيهما الى درجة انهما يذكران فيه حتى عندما تكون منحوتاتهما مصنوعة من البرونز .
ويحب ستاهلي المجمعات المكونة من أشكال متعرجة . ومن حجوم تنتفخ ثم تعود إلى أصلها ببطء. وربما ظن المرء نفسه أنه أمام نقط ضخمة تتساقط فتتجمد وتتجمع كأنها تخبىء سراً ما ( قصر الدموع ١٩٤٧ ١٩٥٣ ) . إلا أن المنحوتات الأكثر حداثة أكثر حيوية وأكثر تعقيداً أيضاً . وهي منحوتة في جذور الأشجار ، فتنمو وتتفتح كما تنبسط أجنحة الطيور عند طيرانها ، أو كأنها حركات جمهور يتفرق بعجلة ، أو كأنها لهبات تتصاعد من موقد فتجرفها الريح العاتية وتمزقها . غير أن هذه التلوينات ، وهذه التجويفات ، وهذه الزوايا العظمية ، ليس فيه شيء من الفوضى. فالعمل الفني كله ، وفي جميع نواحيه يظل تحت سيطرة الفنان .
أما اتتيين مارتان ففنه أكثر خشونة وأشكاله أكثر ثقلاً ، ولها نغمة أكثر تأثيراً في المشاعر. فإذا نحت ( العذراء منتحبة ) وهي لا تزال تعبيرية النهج ( عام ١٩٤٥ ) أو ( زوجين ) وهي أكثر حرية في الابتداع ( عام ١٩٤٦ ) ، وإذا ما استوحى من تجويف جذع شجرة وضعاً أو تعبيراً يحمله على تسميته ( الصرخة عام ١٩٦٣ ) ، فإن فنه رصين وغالباً قاس. وفي منحوتته المسماة » تحية الاكبار لبرنان » عام ١٩٥٤ ) نراه ينتزع من الخشب حركة تكاد تكون يائسة كما ينتزع تشنجات النشوة العارمة . ثم اننا نجد أيضاً جذراً كبيراً من جذور الشجر وقد أصبح عملاً فنياً عنيداً وممزقاً تفوح منه المأساة . وقد صنع اتيين مارتان أيضاً منحوتات رائعة لصور الأشخاص ، وسلسلة من مر كبات فنية بالجبس سماها ( مساكن ) . ولكأنها تجسد الأحلام الهندسية التي تراود انسانية كأنسانية ماقبل التاريخ كأنسانية ، عندما تعتلج فيها الرغبة الشديدة في بناء مآوى الخرافاتها وأساطيرها .
وهذا ( الباروك ) الذي يزدهي وينتصر في فن اتيين مارتن نراه أيضاً لدى دزفو بادا Zwobada في منحوتاته اندفاع جامح ، كما نراه على الأخص في المنحوتة المسماة « الجولة الليلية على الجواد إذ نجد الحب تثير مخلوقين ، لهما شكل الحيوانات ، ولكنهما ليسا غريبين تماماً عن الجنس البشري. ومع ذلك ، فمهما كان الشكل ديناميكياً فإنه يظل متين البنية . فشدة العاطفة اللاهثة لاتؤدي إلى تمزيق الأحجام . ونرى الباروك مسيطراً أيضاً في أعمال أخرى . لأن أشياع هذا المنحى الغني أخذوا يتكاثرون في نفس الوقت الذي كان الفن
وهذه الملاحظة عينها يمكن أن تنطبق على أكثر الأعمال الفنية التي صنعها ها جدو Hajdu منذ نهاية الحرب. إلا أن القولبة لديه لا تنعطف بالرقة التي نراها في أعمال سينيوري. فقد تكون متماوجة ولكنه يرسم أيضاً متكسرات وزوايا ورؤوس . ومع ذلك ، فليس ثمة شيء من القسوة أو شيء من الصلابة. فالأشكال محدبة قليلاً وتبدو في أكثر الأحيان وكأنها مضغوطة في المعدن . وهاجدو قد صنع أيضاً أعمالاً نافرة من الألمنيوم المطرق ، بيد أنه يؤثر أن ينحت المرمر البنتيلي أو مرمر باروس ، ويحب أن يبرز ما فيها من ضياء حنون مخفف .
ومع أن الكثير من منحوتاته مسماة ( الرؤوس ) أو بأسماء نسائية ، ومع فهو لا يعني بأن يجعلها مشابهة للوجه البشري. وإنما تعبر بالأحرى عن صفات بشرية ، ( من لطف وبراءة واباء وأناقة ) لكنها ليست مجرد تجسيد لأي من هذه الصفات . والواضح للعيان أنها قبل كل شيء استجابة للاعتبارات التشكيلية وإن النحت النافر الذي يحتل مكاناً هاماً في انتاج هاجدو يجتذب غالباً المحدثين من الفنانين ، ومن الأمثلة على ذلك أن المصور ( اوباك Ubac ) يلجأ إليه ، وأن منحوتاته من حجر الاردو از تشکل دون ريب أكثر نواحي فنه ابتداعاً . وقد دأب في منحوتاته الحديثة على إنعاش السطوح الخشنة بأخاديد متوازية ، ينشأ عنها ما يشبه سلسلة النور والظل ، يظهر وراءها تارة تكوين في من الأشكال النقية ، وطوراً جذع بشري ممثل باحتشام .
ويصنع «ستاهلي Stahly » أيضاً أعمالاً نافرة معدة في العادة لندمج في منشآت معمارية. إلا أن أعماله الأكثر دلالة في مجال التماثيل الكاملة المجسمة من جميع جوانبها . وكذلك هو شأن صديقه » اتيين مارتن Etienne - Martin الذي يجمعه به بعض التجانس . فكلاهما يحبان أن يستعملا مادة لم يستعملها النحاتون المحدثون إلا قليلاً. ونعني بذلك : الخشب بالذات . وهما يحرصان "
أكثر من حرص جميع من سبقوهما على أن يحسبا حساباً صحيحاً و كاملاً للصفات الخاصة بالخشب . وهما لا ينسيان أبداً أن الخشب كان في الأصل شجرة ، وأنه نجم عن قدرة الشجرة على النمو والتشعب وهما يستلهمان الخشب ، حتى فيما يتعلق باسلوبيهما الى درجة انهما يذكران فيه حتى عندما تكون منحوتاتهما مصنوعة من البرونز .
ويحب ستاهلي المجمعات المكونة من أشكال متعرجة . ومن حجوم تنتفخ ثم تعود إلى أصلها ببطء. وربما ظن المرء نفسه أنه أمام نقط ضخمة تتساقط فتتجمد وتتجمع كأنها تخبىء سراً ما ( قصر الدموع ١٩٤٧ ١٩٥٣ ) . إلا أن المنحوتات الأكثر حداثة أكثر حيوية وأكثر تعقيداً أيضاً . وهي منحوتة في جذور الأشجار ، فتنمو وتتفتح كما تنبسط أجنحة الطيور عند طيرانها ، أو كأنها حركات جمهور يتفرق بعجلة ، أو كأنها لهبات تتصاعد من موقد فتجرفها الريح العاتية وتمزقها . غير أن هذه التلوينات ، وهذه التجويفات ، وهذه الزوايا العظمية ، ليس فيه شيء من الفوضى. فالعمل الفني كله ، وفي جميع نواحيه يظل تحت سيطرة الفنان .
أما اتتيين مارتان ففنه أكثر خشونة وأشكاله أكثر ثقلاً ، ولها نغمة أكثر تأثيراً في المشاعر. فإذا نحت ( العذراء منتحبة ) وهي لا تزال تعبيرية النهج ( عام ١٩٤٥ ) أو ( زوجين ) وهي أكثر حرية في الابتداع ( عام ١٩٤٦ ) ، وإذا ما استوحى من تجويف جذع شجرة وضعاً أو تعبيراً يحمله على تسميته ( الصرخة عام ١٩٦٣ ) ، فإن فنه رصين وغالباً قاس. وفي منحوتته المسماة » تحية الاكبار لبرنان » عام ١٩٥٤ ) نراه ينتزع من الخشب حركة تكاد تكون يائسة كما ينتزع تشنجات النشوة العارمة . ثم اننا نجد أيضاً جذراً كبيراً من جذور الشجر وقد أصبح عملاً فنياً عنيداً وممزقاً تفوح منه المأساة . وقد صنع اتيين مارتان أيضاً منحوتات رائعة لصور الأشخاص ، وسلسلة من مر كبات فنية بالجبس سماها ( مساكن ) . ولكأنها تجسد الأحلام الهندسية التي تراود انسانية كأنسانية ماقبل التاريخ كأنسانية ، عندما تعتلج فيها الرغبة الشديدة في بناء مآوى الخرافاتها وأساطيرها .
وهذا ( الباروك ) الذي يزدهي وينتصر في فن اتيين مارتن نراه أيضاً لدى دزفو بادا Zwobada في منحوتاته اندفاع جامح ، كما نراه على الأخص في المنحوتة المسماة « الجولة الليلية على الجواد إذ نجد الحب تثير مخلوقين ، لهما شكل الحيوانات ، ولكنهما ليسا غريبين تماماً عن الجنس البشري. ومع ذلك ، فمهما كان الشكل ديناميكياً فإنه يظل متين البنية . فشدة العاطفة اللاهثة لاتؤدي إلى تمزيق الأحجام . ونرى الباروك مسيطراً أيضاً في أعمال أخرى . لأن أشياع هذا المنحى الغني أخذوا يتكاثرون في نفس الوقت الذي كان الفن
تعليق