القضبان في رأسها أكثر تنوعاً . وينتج عن كل ذلك شعور بتأرجحات أثيرية ، ورقصات خفيفة بارعة ، وارتعاشات أشبه بارتعاشات أغصان شجرة النخيل . وبوجيز العبارة نقول أن المواد التي يبدو أنها مخصصة للقسوة والتصلب ، تظهر هنا بمظهر اللعب اللطيف ، ويمكننا أن نقول يتجاوز التسلية ليثير ويعجب .
وذلك أمر لابد من الاعتراف به ... وحتى « المنحوتات الثابتة Les stabiles » التي يصنعها كالدر تنجو من كل ثقل وغلظة ، وإن الأوراق الحديدية الكبيرة التي تشكلها مقصوصة بوضوح تام ، وكذلك ، بذكاء ، ومع أنها لا تشكل أي حجم ، فهي توحي بأنها تمثل فارساً أو عنكبوتاً أو كلباً ، كلها خيالية .
وبعد . فهل استطاعت الاتجاهات التي تميز بها الفنانون المعلمون الذين ذكر ناهم آنفاً أن تجتذب إليها فنانين أصغر عمراً ؟ وهل اتيح لأمثال لورنز و برانکوزی وليشبتيز وبفسنر و كالدر مكملون يعرفون كيف يجددون في اسلوبهم ؟ لا تلامذة يقلدونهم . إن الأمر لا يحتمل الشك مطلقاً . . . ومجمل الكلام أن تطور النحت كان هذه المرة أيضاً مشابهاً لتطور التصوير .
وبالنسبة للفنانين الجدد الأكثر تشويقاً ، فإنهم لا يفكرون مطلقاً في نكران ماجاء به سابقوهم المباشرون . وإنما يفكرون في تطويره بإتجاه شخصي . ومثلما سبق لنا أن لاحظنا اتجاهاً موازياً واهتمامات متعارضة لدى المصورين ، كذلك نجد هنا بين النحاتين تشابهاً وتعارضاً في الوقت نفسه. وبالإضافة إلى ذلك ، ففي هذا المجال أيضاً يرى الفنانون الفرنسيون مثل آدام وجيليولي واتيين مارتان وزوفو بادا أنفسهم محاطين برجال ، بعضهم يحمل الجنسية الفرنسية ، ولكنهم من أصل أجنبي أتوا من الأرجنتين فيتولز ومن الدانمرك ( ياكوبسن ) ومن اسبانيا لوبو ومن المجر شوفر ومن إيطاليا ( لارديرا و سينيوري ) ومن رومانيا هايدو ومن سويسرا ( مولر وستاهلي ) .
ووقع ( فيتولو Vitullo ) أولاً تحت تاثیر « بورديل Bourdelle . ولما تحرر من هذا التأثير في آخر الأربعينيات ، التفت صوب الفن غير التشبيهي أو ، على الأقل ، صوب فن تشبيهي بلغ من الحرية درجة تبدو كأنها من الفن التجريدي ، لولا عنوانها أو اسمها ( الثور ) يدا النحات أو المثال ( ١٩٥١ ). ومنذ ذلك الحين، أصبح لهذا الفنان مناخ وطابع لا ينتميان تماماً لأوروبا . فعندما ينحت الحجر ، يذكرنا بالأحرى بفناني التولتيك والأزتيك . فإذا ما أختار الخشب لينحته ذكرنا بتلك الشعوب التي كانت تصنع الأقنعة والطواطم المخصصة في الطقوس الدينية. ومعنى هذا ان فنه رصين رزين ، بل ربما كان ذا جفاء وقسوة . وإن مافي الأحجار من كثافة ، وما فيها من صلابة ، يبرزان بصورة أقوى وأوضح من جراء المعالجة الدقيقة للمستويات وبواسطة وضوح الزوايا الناتئة .
ولا يفتقر لوبو إلى الرصانة هو الآخر ، إلا انها تخلو لديه من الشدة . وقد عمل لوبو بعض الوقت عند لورنز وتعاون معه في الانتاج . فلا غرو أن تكون منحوتته المسماة « الأمومة ، وهي من المرمر ( ١٩٤٨ ) قد حوت الكثير من ذكرى معلمه ، بيد أن التمثال المسمى « الأمومة » أيضاً ، والموضوع عام ١٩٥٤ من البرونز ، ينأى عن تأثير لورنز بحيث أصبح على بعد واحد منه ومن برانكوزي ، وبعبارة أخرى أصبح فنه ، في الوقت نفسه ، أكثر انتظاماً وأكثر تجريداً . فإذا مثل لوبو جسماً عارياً مضجعاً ، أو جدعاً بشرياً واقفاً ، أو رأس امرأة أو رأس جواد ، أو حمامة أو سمكة ، ( وسواء كانت المادة التي يعمل فيها مرمراً أو غرانيتاً أسود ، أو حجراً أو برونزا ) فهو يسعى أكثر فأكثر إلى الشكل المبسط على أنه ، عندما يجعل كتله تقترب من الهندسة ، يعطيها حدوداً غير متصلبة ، ويجعلها مترابطة ، ويداعبها بلطف ، بحيث تكتسب متانة كثيفة صافية ، وناعمة .
إن الجسد الانساني الذي تنطلق منه منحوتات عديدة للوبو ، يلهم أيضاً أوائل المنحوتات التي صنعها آدام. فمنحوتاته المسماة ( مسجى – ١٩٤٣ ) و ( امرأة نائمة - ١٩٤٥ ) و العري الكبير - ( ١٩٤٩ ) ، تحدد مراحل الطريق التي سارها ، وقادته من التعبيرية التي أثر فيها بيكاسو، إلى فن يتحول فيه الجسد العاري إلى مجموعة فخمة من الأشكال الهندسية . أنه يحتفظ دائماً ومع ، بل شهواني ، فهذا الفن ينقي نفسه ويتحول بفضل الأبعاد إلى درجة أنه يصبح هندسة مؤلفة من أحجام واسعة ودقيقة تتعادل فيها التضادات . وإن حب الأعمال الفنية الضخمة ، وحب النحت المعماري يثيران أكثر فأكثر اهتمام هذا النحات في السنوات التالية . وان أحجامه ، سواء أكانت نافرة أم مسطحة ، بسيطة أم مؤلفة من مجموعات معقدة تظل دائماً قوية البنية ويبدو فيها شي مـــن الجزم والحزم . . وبعض هذه الأحجام تمتلك صفة خاصة اضافية . وهي وجود مساحات ينعشها رسم وفي عام ١٩٤٩ ، صنع آدام عملاً اسمه ( المرأة المنقوشة ) . وقد وضع على أجزاء متعددة . خطوطاً شبيهة بالتي تؤلف منقوشاته بالمنقاش . وعاد إلى هذه الطريقة فيما بعد غير أن الخطوط أصبحت بارزة. وأصبحت الأشكال الهندسية التي يرسمها ، تغطي الشكل بشبكية من الزوايا ، تأتي الأضواء والظلال فتتجابه في داخلها بأوضاع مختلفة ... وفي زمن أقرب إلينا ، صنع آدام منحوتات كبيرة من المرمر كمنحوتة ( الورقة ) مثلاً ( ١٩٦٥ ) . ذات جانب مليء بيضوي أملس. وجانب آخر هو عبارة عن سطح منبطح كامد تزينه الخطوط والخروز ، وهكذا نرى أن الطابع النحتي والطابع التصويري والطابع الخطي، تتجاور في «الورقة» لأن لون المادة التي صنعت منها المنحوتة تلعب دورها هي الأخرى ، ويأتي الصقل فيزيدها غنى ورقة . ثم إن فيها تضاداً بليغاً وهو القائم بين الخطوط التي يصنعها آدام عن قصد وتعمد ، وبين الطبيعة التي رسمت من قبل تلك الأوردة والشرايين في المرمر .. وهكذا فإن التناقض يبدو وكأنه جاء عن نزوة وهوى .
أما جيليولي Gilioli فنرى أن النحت لديه هو في العادة عبارة عن كتلة مصقولة . ولذلك ينزلق النور عليه انزلاقاً لطيفاً وإذا كانت المنحوتة من البرونز ينعكس الضوء منها ، كما هو الأمر في منحوتات برانكوزي. إلا أن الكتل في فن جيليولي أقل انغلاقاً عليه لدى ذلك المعلم الروماني فنرى المنحنيات تتناقض غالباً مع الخطوط المستقيمة ، ونرى الشكل المستدير تعترضه المستويات ذات الزوايا . ومن جهة أخرى فإن جيليولي يشدد أكثر من برانكوزي على أهمية الثقل في المادة المستعملة . بحيث تظهر لنا أعماله الفنية جسيمة ومتحذلقة في الوقت نفسه .
الذي تأثر وكذلك نجد طابعاً أكثر تحذلقاً في أعمال ( سينيوري Signori الآخر ببرانكوزي . وبعد أن كان يمارس فناً تشبيهياً
وذلك أمر لابد من الاعتراف به ... وحتى « المنحوتات الثابتة Les stabiles » التي يصنعها كالدر تنجو من كل ثقل وغلظة ، وإن الأوراق الحديدية الكبيرة التي تشكلها مقصوصة بوضوح تام ، وكذلك ، بذكاء ، ومع أنها لا تشكل أي حجم ، فهي توحي بأنها تمثل فارساً أو عنكبوتاً أو كلباً ، كلها خيالية .
وبعد . فهل استطاعت الاتجاهات التي تميز بها الفنانون المعلمون الذين ذكر ناهم آنفاً أن تجتذب إليها فنانين أصغر عمراً ؟ وهل اتيح لأمثال لورنز و برانکوزی وليشبتيز وبفسنر و كالدر مكملون يعرفون كيف يجددون في اسلوبهم ؟ لا تلامذة يقلدونهم . إن الأمر لا يحتمل الشك مطلقاً . . . ومجمل الكلام أن تطور النحت كان هذه المرة أيضاً مشابهاً لتطور التصوير .
وبالنسبة للفنانين الجدد الأكثر تشويقاً ، فإنهم لا يفكرون مطلقاً في نكران ماجاء به سابقوهم المباشرون . وإنما يفكرون في تطويره بإتجاه شخصي . ومثلما سبق لنا أن لاحظنا اتجاهاً موازياً واهتمامات متعارضة لدى المصورين ، كذلك نجد هنا بين النحاتين تشابهاً وتعارضاً في الوقت نفسه. وبالإضافة إلى ذلك ، ففي هذا المجال أيضاً يرى الفنانون الفرنسيون مثل آدام وجيليولي واتيين مارتان وزوفو بادا أنفسهم محاطين برجال ، بعضهم يحمل الجنسية الفرنسية ، ولكنهم من أصل أجنبي أتوا من الأرجنتين فيتولز ومن الدانمرك ( ياكوبسن ) ومن اسبانيا لوبو ومن المجر شوفر ومن إيطاليا ( لارديرا و سينيوري ) ومن رومانيا هايدو ومن سويسرا ( مولر وستاهلي ) .
ووقع ( فيتولو Vitullo ) أولاً تحت تاثیر « بورديل Bourdelle . ولما تحرر من هذا التأثير في آخر الأربعينيات ، التفت صوب الفن غير التشبيهي أو ، على الأقل ، صوب فن تشبيهي بلغ من الحرية درجة تبدو كأنها من الفن التجريدي ، لولا عنوانها أو اسمها ( الثور ) يدا النحات أو المثال ( ١٩٥١ ). ومنذ ذلك الحين، أصبح لهذا الفنان مناخ وطابع لا ينتميان تماماً لأوروبا . فعندما ينحت الحجر ، يذكرنا بالأحرى بفناني التولتيك والأزتيك . فإذا ما أختار الخشب لينحته ذكرنا بتلك الشعوب التي كانت تصنع الأقنعة والطواطم المخصصة في الطقوس الدينية. ومعنى هذا ان فنه رصين رزين ، بل ربما كان ذا جفاء وقسوة . وإن مافي الأحجار من كثافة ، وما فيها من صلابة ، يبرزان بصورة أقوى وأوضح من جراء المعالجة الدقيقة للمستويات وبواسطة وضوح الزوايا الناتئة .
ولا يفتقر لوبو إلى الرصانة هو الآخر ، إلا انها تخلو لديه من الشدة . وقد عمل لوبو بعض الوقت عند لورنز وتعاون معه في الانتاج . فلا غرو أن تكون منحوتته المسماة « الأمومة ، وهي من المرمر ( ١٩٤٨ ) قد حوت الكثير من ذكرى معلمه ، بيد أن التمثال المسمى « الأمومة » أيضاً ، والموضوع عام ١٩٥٤ من البرونز ، ينأى عن تأثير لورنز بحيث أصبح على بعد واحد منه ومن برانكوزي ، وبعبارة أخرى أصبح فنه ، في الوقت نفسه ، أكثر انتظاماً وأكثر تجريداً . فإذا مثل لوبو جسماً عارياً مضجعاً ، أو جدعاً بشرياً واقفاً ، أو رأس امرأة أو رأس جواد ، أو حمامة أو سمكة ، ( وسواء كانت المادة التي يعمل فيها مرمراً أو غرانيتاً أسود ، أو حجراً أو برونزا ) فهو يسعى أكثر فأكثر إلى الشكل المبسط على أنه ، عندما يجعل كتله تقترب من الهندسة ، يعطيها حدوداً غير متصلبة ، ويجعلها مترابطة ، ويداعبها بلطف ، بحيث تكتسب متانة كثيفة صافية ، وناعمة .
إن الجسد الانساني الذي تنطلق منه منحوتات عديدة للوبو ، يلهم أيضاً أوائل المنحوتات التي صنعها آدام. فمنحوتاته المسماة ( مسجى – ١٩٤٣ ) و ( امرأة نائمة - ١٩٤٥ ) و العري الكبير - ( ١٩٤٩ ) ، تحدد مراحل الطريق التي سارها ، وقادته من التعبيرية التي أثر فيها بيكاسو، إلى فن يتحول فيه الجسد العاري إلى مجموعة فخمة من الأشكال الهندسية . أنه يحتفظ دائماً ومع ، بل شهواني ، فهذا الفن ينقي نفسه ويتحول بفضل الأبعاد إلى درجة أنه يصبح هندسة مؤلفة من أحجام واسعة ودقيقة تتعادل فيها التضادات . وإن حب الأعمال الفنية الضخمة ، وحب النحت المعماري يثيران أكثر فأكثر اهتمام هذا النحات في السنوات التالية . وان أحجامه ، سواء أكانت نافرة أم مسطحة ، بسيطة أم مؤلفة من مجموعات معقدة تظل دائماً قوية البنية ويبدو فيها شي مـــن الجزم والحزم . . وبعض هذه الأحجام تمتلك صفة خاصة اضافية . وهي وجود مساحات ينعشها رسم وفي عام ١٩٤٩ ، صنع آدام عملاً اسمه ( المرأة المنقوشة ) . وقد وضع على أجزاء متعددة . خطوطاً شبيهة بالتي تؤلف منقوشاته بالمنقاش . وعاد إلى هذه الطريقة فيما بعد غير أن الخطوط أصبحت بارزة. وأصبحت الأشكال الهندسية التي يرسمها ، تغطي الشكل بشبكية من الزوايا ، تأتي الأضواء والظلال فتتجابه في داخلها بأوضاع مختلفة ... وفي زمن أقرب إلينا ، صنع آدام منحوتات كبيرة من المرمر كمنحوتة ( الورقة ) مثلاً ( ١٩٦٥ ) . ذات جانب مليء بيضوي أملس. وجانب آخر هو عبارة عن سطح منبطح كامد تزينه الخطوط والخروز ، وهكذا نرى أن الطابع النحتي والطابع التصويري والطابع الخطي، تتجاور في «الورقة» لأن لون المادة التي صنعت منها المنحوتة تلعب دورها هي الأخرى ، ويأتي الصقل فيزيدها غنى ورقة . ثم إن فيها تضاداً بليغاً وهو القائم بين الخطوط التي يصنعها آدام عن قصد وتعمد ، وبين الطبيعة التي رسمت من قبل تلك الأوردة والشرايين في المرمر .. وهكذا فإن التناقض يبدو وكأنه جاء عن نزوة وهوى .
أما جيليولي Gilioli فنرى أن النحت لديه هو في العادة عبارة عن كتلة مصقولة . ولذلك ينزلق النور عليه انزلاقاً لطيفاً وإذا كانت المنحوتة من البرونز ينعكس الضوء منها ، كما هو الأمر في منحوتات برانكوزي. إلا أن الكتل في فن جيليولي أقل انغلاقاً عليه لدى ذلك المعلم الروماني فنرى المنحنيات تتناقض غالباً مع الخطوط المستقيمة ، ونرى الشكل المستدير تعترضه المستويات ذات الزوايا . ومن جهة أخرى فإن جيليولي يشدد أكثر من برانكوزي على أهمية الثقل في المادة المستعملة . بحيث تظهر لنا أعماله الفنية جسيمة ومتحذلقة في الوقت نفسه .
الذي تأثر وكذلك نجد طابعاً أكثر تحذلقاً في أعمال ( سينيوري Signori الآخر ببرانكوزي . وبعد أن كان يمارس فناً تشبيهياً
تعليق