صو دونغ بو
( 1037 ـ 1101)
صو دونغ بو Su Dong Po اللقب الذي اشتهر به الكاتب صو شي Su Shi، ومعناه «صو ساكن الجبل»، وهو شاعر وسياسي وناثر ورسام صيني. ولد صو في مدينة مَي شان Mei Shan(مدينة الشعر والشعراء) في مقاطعة سيتشوان Si Chuan ونشأ في أسرة مثقفة، إذ كان جده لأبيه صو شو Su Xuشاعراً، وكان أبوه صو شون Su Xun سياسياً، وتتلمذ في طفولته على يد أمه التي كانت سيدة مثقفة. تقدم إلى الامتحانات الامبراطورية عام 1057، ونجح فيها وعُيّن وأخوه الأصغر في وزارة المراسم. عاد عام 1059 إلى مسقط رأسه بعد وفاة والدته براً بها، وعَبَر بصحبة أبيه وأخيه نهر اليانغتسي إلى مدينة بيان Bian، وجمع في أثناء رحلته تلك المواد اللازمة لكتابة «ديوان رحلة إلى الجنوب». تقدم عام 1061، بترشيح من الكاتب والمفكر أو يانغ شيو Ou Yang Xiu، إلى امتحانات قسم صياغة المراسيم الامبراطورية. عمل في مدينة فنغ شيانغFeng Xiang إلى أن استدعاه الامبراطور ينغ زونغ Ying Zongعام 1065 إلى عضوية الأكاديمية الامبراطورية وكلفه صياغة المراسيم. ترك صو عمله وعاد إلى مسقط رأسه بعد وفاة والده عام 1066وتفرغ للكتابة. عاد صو للعمل مرة أخرى في البلاط الامبراطوري عام 1069 عندما كان وانغ آن شي Wang An Shi رئيساً للوزراء، وقد اختلف معه أكثر من مرة حول سياسته في الإصـلاح، فنُفي إلى هوانغ تشـو Huang Zhou(في مقاطعة خوبي حالياً) لخلافه معه وبسبب دسائس أعدائه، وشكَّل النفي ضربة قاسية، فظهرت تأثيراته في فكره وكتاباته. تم إبعاده مرة ثانية عام 1094 إلى خوي تشو Hui Zhou بسبب وشاية، إلى أن عاد إلى البلاط عام 1100 إثر عفو عام، وتوفي في تشانغ تشو Chang Zhou.
كتب صو القصيدة والموشح، كما كتب المقالة والبحث السياسي، ويحتل الشعر المكانة الرئيسة في إبداعه، فقد كتب أكثر من ألفين وسبعمئة قصيدة في موضوعات مختلفة، منها في وصف الطبيعة «مطر فوق بحيرة الخيزران الصافية»، و«المطر يهطل على يو مي تانغ»، و«أغنية الحصان والغراس» كما كتب في التأمل الفلسفي «جبل لو شان»، وفي المجتمع والسياسة مثل «تأوهات فلاحة» و«رباعيات الحصان والجبل» و«تأوهات لي تشي»، وفي العادات والتقاليد وحياة العامة «ثلاث قصائد لرأس السنة». وقد امتازت قصائده بتعدد وتنوع المضامين، وببساطة وعمق اللغة، وبغنى وشفافية العاطفة وصياغة ما هو مألوف بمعان وأشكال جديدة تحمل المرء على التفكر والتأمل.
بدأ صو كتابة الموشحات عام 1072، ومن أهم كتاباته في هذا النوع موشح على نغمة «هانغ شيانغ دزه»، وآخر على نغمة «الربيع يتغلغل في البستان»، و«عشرة سنوات طويلة» كتبه في تأبين زوجته. جدد صو في فن الموشحات حين تناول فيها مضامين حياتيّة متعددة، وحررها من الإسراف البياني والتنميق اللغوي، وأدخل عليها أوزاناً جديدة، فامتازت بأسلوب سهل ولغة طبيعية ومشاعر عميقة.
يُعد صو أحد أهم كتّاب النثر في عهدي تانغ وسونغ، ومن مقالاته «مدخل إلى البحث السياسي»، و«حياة فانغ شان دزه»، و«مقصورة المطر»، و«جبل الجرس الحجري»، و«الأدب والرسم على القصب»، و«خواطر زيارة ليلية إلى معبد تشنغ تيان». ينطلق صو في مقالاته تلك من هدف واضح هو المصلحة الوطنية، وقد دعا فيها إلى إصلاح وتأهيل الكوادر البشرية مع المحافظة على القانون، وأكد فيها أيضاً القدرة على التحمل والصبر. امتازت مقالاته بجرأة الطرح وحرية الفكر وبغنى وتنوع في المضامين. وقد كتب أيضاً في المقامة ومن أهمها «مقامات تشي بي».
عاصر صو خمسة من أباطرة أسرة سونغ الشمالية، وعانى النفي والإبعاد، والنقمة والاضطهاد. كان مولعاً بالتاريخ والبحوث السياسية القديم منها والحديث. انتقد نظام الامتحانات الامبراطورية القديم، وله في ذلك بحوث منها «دور المراسم في إعداد الفرد». أُحرقت أعماله بمرسوم امبراطوري في عهد وي زونغ Wei Zong، ثم أُعيد جمعها في عهد أسرة سونغ الجنوبية بتمويل من البلاط، وأُطلق على أعماله تلك عنوان «مجموعة وثائق الوفاء لأدب صو شي». وقد عمل مع أبيه وأخيه على إنجاز مؤلف «سيرة حياة آل صو».
كان صو متعدد المواهب، غزير الإنتاج، واسع الثقافة وصفه أبناء جيله بأنه كان كمن يغرف من بحر. لم يتخلَ طوال حياته عن معتقداته السياسية ومبادئه الأخلاقية، لذلك كانت كتاباته تُعنى بالتناقضات الاجتماعية والسياسية، وتعبر عن مصير الوطن وهموم المواطن وتناولت قضايا راهنـة أكدتها كتب التاريخ.
أما صو دونغ بو الرسام فينتمي إلى مدرسة الأدباء التي استمدت موضوعاتها من الطبيعة كالصخور والأشجار والحيوانات. وتمتاز لوحاته بالبساطة والاختزال، وتخلو من الزخرفة والبهرجة اللونية، كما أنها تفتقر إلى التقنية العالية. تعد لوحاته أقرب للتمرين منها إلى اللوحة المكتملة، وهي تشبه شعره من حيث الغزارة حتى كأنها لقطات، تؤكد ذاتية الفنان، أخذت على عجل. من أشهر لوحاته «الصخرة الغريبة والشجرة اليابسة».
فؤاد حسن
( 1037 ـ 1101)
صو دونغ بو Su Dong Po اللقب الذي اشتهر به الكاتب صو شي Su Shi، ومعناه «صو ساكن الجبل»، وهو شاعر وسياسي وناثر ورسام صيني. ولد صو في مدينة مَي شان Mei Shan(مدينة الشعر والشعراء) في مقاطعة سيتشوان Si Chuan ونشأ في أسرة مثقفة، إذ كان جده لأبيه صو شو Su Xuشاعراً، وكان أبوه صو شون Su Xun سياسياً، وتتلمذ في طفولته على يد أمه التي كانت سيدة مثقفة. تقدم إلى الامتحانات الامبراطورية عام 1057، ونجح فيها وعُيّن وأخوه الأصغر في وزارة المراسم. عاد عام 1059 إلى مسقط رأسه بعد وفاة والدته براً بها، وعَبَر بصحبة أبيه وأخيه نهر اليانغتسي إلى مدينة بيان Bian، وجمع في أثناء رحلته تلك المواد اللازمة لكتابة «ديوان رحلة إلى الجنوب». تقدم عام 1061، بترشيح من الكاتب والمفكر أو يانغ شيو Ou Yang Xiu، إلى امتحانات قسم صياغة المراسيم الامبراطورية. عمل في مدينة فنغ شيانغFeng Xiang إلى أن استدعاه الامبراطور ينغ زونغ Ying Zongعام 1065 إلى عضوية الأكاديمية الامبراطورية وكلفه صياغة المراسيم. ترك صو عمله وعاد إلى مسقط رأسه بعد وفاة والده عام 1066وتفرغ للكتابة. عاد صو للعمل مرة أخرى في البلاط الامبراطوري عام 1069 عندما كان وانغ آن شي Wang An Shi رئيساً للوزراء، وقد اختلف معه أكثر من مرة حول سياسته في الإصـلاح، فنُفي إلى هوانغ تشـو Huang Zhou(في مقاطعة خوبي حالياً) لخلافه معه وبسبب دسائس أعدائه، وشكَّل النفي ضربة قاسية، فظهرت تأثيراته في فكره وكتاباته. تم إبعاده مرة ثانية عام 1094 إلى خوي تشو Hui Zhou بسبب وشاية، إلى أن عاد إلى البلاط عام 1100 إثر عفو عام، وتوفي في تشانغ تشو Chang Zhou.
كتب صو القصيدة والموشح، كما كتب المقالة والبحث السياسي، ويحتل الشعر المكانة الرئيسة في إبداعه، فقد كتب أكثر من ألفين وسبعمئة قصيدة في موضوعات مختلفة، منها في وصف الطبيعة «مطر فوق بحيرة الخيزران الصافية»، و«المطر يهطل على يو مي تانغ»، و«أغنية الحصان والغراس» كما كتب في التأمل الفلسفي «جبل لو شان»، وفي المجتمع والسياسة مثل «تأوهات فلاحة» و«رباعيات الحصان والجبل» و«تأوهات لي تشي»، وفي العادات والتقاليد وحياة العامة «ثلاث قصائد لرأس السنة». وقد امتازت قصائده بتعدد وتنوع المضامين، وببساطة وعمق اللغة، وبغنى وشفافية العاطفة وصياغة ما هو مألوف بمعان وأشكال جديدة تحمل المرء على التفكر والتأمل.
بدأ صو كتابة الموشحات عام 1072، ومن أهم كتاباته في هذا النوع موشح على نغمة «هانغ شيانغ دزه»، وآخر على نغمة «الربيع يتغلغل في البستان»، و«عشرة سنوات طويلة» كتبه في تأبين زوجته. جدد صو في فن الموشحات حين تناول فيها مضامين حياتيّة متعددة، وحررها من الإسراف البياني والتنميق اللغوي، وأدخل عليها أوزاناً جديدة، فامتازت بأسلوب سهل ولغة طبيعية ومشاعر عميقة.
يُعد صو أحد أهم كتّاب النثر في عهدي تانغ وسونغ، ومن مقالاته «مدخل إلى البحث السياسي»، و«حياة فانغ شان دزه»، و«مقصورة المطر»، و«جبل الجرس الحجري»، و«الأدب والرسم على القصب»، و«خواطر زيارة ليلية إلى معبد تشنغ تيان». ينطلق صو في مقالاته تلك من هدف واضح هو المصلحة الوطنية، وقد دعا فيها إلى إصلاح وتأهيل الكوادر البشرية مع المحافظة على القانون، وأكد فيها أيضاً القدرة على التحمل والصبر. امتازت مقالاته بجرأة الطرح وحرية الفكر وبغنى وتنوع في المضامين. وقد كتب أيضاً في المقامة ومن أهمها «مقامات تشي بي».
عاصر صو خمسة من أباطرة أسرة سونغ الشمالية، وعانى النفي والإبعاد، والنقمة والاضطهاد. كان مولعاً بالتاريخ والبحوث السياسية القديم منها والحديث. انتقد نظام الامتحانات الامبراطورية القديم، وله في ذلك بحوث منها «دور المراسم في إعداد الفرد». أُحرقت أعماله بمرسوم امبراطوري في عهد وي زونغ Wei Zong، ثم أُعيد جمعها في عهد أسرة سونغ الجنوبية بتمويل من البلاط، وأُطلق على أعماله تلك عنوان «مجموعة وثائق الوفاء لأدب صو شي». وقد عمل مع أبيه وأخيه على إنجاز مؤلف «سيرة حياة آل صو».
كان صو متعدد المواهب، غزير الإنتاج، واسع الثقافة وصفه أبناء جيله بأنه كان كمن يغرف من بحر. لم يتخلَ طوال حياته عن معتقداته السياسية ومبادئه الأخلاقية، لذلك كانت كتاباته تُعنى بالتناقضات الاجتماعية والسياسية، وتعبر عن مصير الوطن وهموم المواطن وتناولت قضايا راهنـة أكدتها كتب التاريخ.
أما صو دونغ بو الرسام فينتمي إلى مدرسة الأدباء التي استمدت موضوعاتها من الطبيعة كالصخور والأشجار والحيوانات. وتمتاز لوحاته بالبساطة والاختزال، وتخلو من الزخرفة والبهرجة اللونية، كما أنها تفتقر إلى التقنية العالية. تعد لوحاته أقرب للتمرين منها إلى اللوحة المكتملة، وهي تشبه شعره من حيث الغزارة حتى كأنها لقطات، تؤكد ذاتية الفنان، أخذت على عجل. من أشهر لوحاته «الصخرة الغريبة والشجرة اليابسة».
فؤاد حسن