زيتون
Olive - Olive
الزيتون
الزيتون olive tree شجرة معمرة مستديمة الخضرة، من فصيلة الزيتونيات Oleaceae والجنس Olea spp.. يحتل الزيتون موقعاً مهماً بين الأشجار المثمرة الأخرى لما ينتجه من ثمار وزيت بعد عصرها (الشكل ـ1) تستعمل في تغذية الإنسان، وتحضير بعض المواد الطبية، واستعمال مخلفات عصر ثماره وبذوره في علائف الحيوانات. كما يعد خشبه من بين أجود أخشاب الوقيد والتفحيم.
لمحة تاريخية والأهمية الاقتصادية في الوطن العربي والعالم
يعدّ الزيتون إحدى أهم الزراعات في المناطق المطرية (البعلية) الجافة ونصف الجافة في سورية، وترتبط زراعته بحياة وعادات مجتمعها ثقافياً وتراثياً واقتصادياً. وتعدّ سورية الطبيعية الموطن الأصلي لشجرة الزيتون ومهد انتشارها إلى مناطق واسعة جداً، لمقدرتها الكبيرة على مقاومة شروط البيئة القاسية، ولسهولة تكاثرها ولمرونتها البيئية. يصفها عدد كبير من المؤرخين بأنها شجرة السلام والأيام السعيدة والخلود، كما أتت على ذكرها الكتب السماوية كافة وأشاد بذكرها الرسول محمدr في حديثه: «كلوا الزيت وادّهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء منها الجذام».
ويعدّ الزيتون شجرة الحضارات القديمة ويبدو أنها انتشرت من الشرق الأوسط، منذ نحو 6آلاف سنة، وهذا ما أكدته الكشوف الآثارية في أغاريت على الساحل السوري، واليونانيون هم أول من بدأ بزراعة الزيتون منذ نحو 3آلاف سنة ق.م ووصفوها بأنها شجرة السلام والتواضع والخير والبركة. وقام الفينيقيون واليونانيون والرومان والعرب بدورٍ كبيرٍ في انتشار هذه الشجرة في الأقطار المختلفة. وتقع اليوم منطقة انتشار هجنها البرية وزراعة أصناف الزيتون في المنطقة المعتدلة بين خطي عرض 27و44 من نصف الكرة الأرضية الشمالية.
الأهمية الاقتصادية
تعدّ سورية من بين الأقطار العريقة بزراعة الزيتون، إذ تشغل اليوم الموقع الثاني في الوطن العربي بعد المغرب، والموقع السادس عالمياً بعد إيطاليا وإسبانيا واليونان وتركيا والمغرب. ومازالت تولي هذه الزراعة الأهمية المرموقة والخاصة بها لمردودها الجيد والمميز عن بقية الأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية المنتشرة في المناطق الجافة ونصف الجافة التي تشغل نحو 90% من مساحة القطر السوري، وتحتل فيها المرتبة الثانية بعد الأقماح كمحصول مرتفع الريعية، كما تتزايد أهميتها مساحة وعدداً وإنتاجاً، وقد بلغت في عام 2002 نحو 500ألف هكتار ونحو 70مليون شجرة أنتجت نحو 940ألف طن زيتون وبما يعادل نحو 195 ألف طن من الزيت و150 ألف طن من ثمار زيتون المائدة.
كانت زراعة الزيتون في الماضي منتشرة في شمالي وغربي سورية، في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وطرطوس، ولكنها امتدت في العقود الثلاثة الأخيرة لتعمّ تقريباً جميع المناطق البعلية السورية، إذ تقدر نسبة الزراعة البعلية للزيتون فيها بنحو 95%، وتنتشر هذه الشجرة في مناطق يراوح معدل أمطارها السنوية بين 280 و900مم وارتفاعها فوق سطح البحر بين 8م في اللاذقية و180م في السويداء. وتعود ملكية معظم المساحة المزروعة فيها للقطاع الخاص الذي يمتلك نحو 70% من المساحة العامة. وتشغل هذه الشجرة نحو 8% من إجمالي المساحة المزروعة و60% من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة، أما نسبة المساحات المروية لهذه الزراعة فتقدر بنحو 2ـ3% وتقتصر على غوطة دمشق وواحة تدمر والمساحات المستزرعة حديثاًَ في محافظتي دير الزور والحسكة. وتشغل مساحات وعدد الأشجار في محافظة حلب المرتبة الأولى بين المحافظات السورية، تليها المحافظات إدلب وطرطوس واللاذقية ودرعا، وغيرها. ومن المتوقع أن يصل عدد الأشجار إلى ما يزيد على 75مليون شجرة. وتعدّ سورية عضواً أساسياً في المجلس الدولي لزيت الزيتون.
وقد صنفت عالمياً البلاد التي تهتم بزراعة الزيتون وفق الترتيب الآتي:
إيطاليا ـ إسبانيا ـ اليونان ـ تركيا ـ المغرب ـ سورية ـ تونس ـ الجزائر ـ ليبيا ـ البرتغال ـ الأرجنتين ـ لبنان ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ الأردن ـ قبرص ـ يوغسلافياـ فلسطين ـ إيران ـ مصر ـ فرنسا ـ العراق ـ البيرو ـ المكسيك ـ أستراليا.
الفوائد الطبية والغذائية
لشجرة الزيتون فوائد واستعمالات كثيرة، فمنقوع أوراقها يستعمل لخفض ضغط الدم الشرياني ومستوى السكر في الدم، ولتخفيف حموضة المعدة، ويستعمل منقوع أزهارها ضمادات لعلاج الصداع، وتخفيف آلام الروماتيزم. أما ثمارها وزيتها فلها فوائد طبية عظيمة فهي غذاء ودواء، ومن أبرزها تدعيم نمو الأطفال، فقد تبين أن زيت الزيتون يحتوي على نسب متوازنة ومهمة من حمض اللينولينيك وحمض ألفا ـ لينولينيك، إذ يؤدي نقصهما إلى تأخير النمو وانخفاض الخصوبة وانحطاط وظائف الكبد والتخلف العقلي وخمول عمليات التحول والتمثيل الغذائي ونقص المناعة للأمراض الالتهابية وغيرها. إضافة إلى ذلك يحتوي زيت الزيتون على كميات متوازنة من الفيتامينات المضادة للأكسدة anti-oxidants (E,C) والبيتاكاروتين التي تفيد في نمو العظام وتقويتها وتخفيض آلام الروماتيزم والمفاصل بالتدليك، لاحتواء الزيت على كميات وافرة من المواد الأولية اللازمة لبناء أنسجة العظام مثل الكالسيوم وفيتامين D. كما يفيد زيت الزيتون في معالجة القرحة المعدية ومنع الإمساك، ويدر إفراز المرارة، ويمنع تشكل الحصوات، ويحفز عملية تمثيل الدهون، ويطرد أو يحيد السموم المتراكمة في الكبد. كما يساعد على تخفيض كوليسترول الدم، لاحتوائه على كميات كبيرة من حمض الأوليك. ويمنع تراكم الصفيحات الدموية وتجمعها محافظاً على ميوعة الدم ومانعاً حدوث الجلطات الدموية. ويحفظ بياض الأسنان، ويشفي أمراض اللثة. ويحافظ على طراوة الجلد ورونقه، وعلى مرونة الشعر. وقد قدمت مؤتمرات دولية عدة لأطباء دوليين دراسات علمية مهمة للخصائص البيولوجية والقيمة الحيوية والدوائية لزيت الزيتون.
ويساعد زيت الزيتون على إنقاص ظهور أعراض الشيخوخة والخرف، لاحتوائه على أحماض دهنية متوازنة. ويعتقد أن أحماض الزيتون تعد مسؤولة عن حماية المادة الوراثية للدنا DNA من تأثير المواد المسرطنة. وقد أثبتت الأبحاث أن تسخين زيت الزيتون حتى 200 ْم مدة ثلاث ساعات لم يفقده خواصه وتأثيراته البيولوجية، لغناه بحمض الأوليك والمواد المضادة للأكسدة، فهو ملائم للقلي على عكس الزيوت والدهون الأخرى التي تسبب الأمراض السرطانية عندما تتعرض للتسخين المتكرر.
التركيب الكيمياوي للثمار
يشكل اللب نحو 79ـ82% من الوزن الكلي للثمرة، شكل الثمرة كروي أو بيضوي متكامل يراوح وزنها بين 1.5و10غ ونسبة زيتها بين 10ـ36% من الوزن الطازج، وتحتوي 100غ من الثمار الخضراء الطازجة على المكونات المبينة في الجدول (1) والتي تبين أهمية الزيتون في تغذية الإنسان.
الوصف النباتي والخصائص البيولوجية الرئيسية
يميز نوعان أساسيان من الزيتون، الزيتون البري Olea europea sylvestris أو O.E.oleaster، والزيتون المستزرع Olea europea sativa الذي يشتمل على نحو 500صنف، ينتشر منها نحو 70صنفاً في سورية. ويتميز النوع البري بكون عصيره أكثر كثافة وأوراقه أكثر قساوة منها في النوع الزراعي.
شجرة الزيتون قوية جداً، يعلو بعض أصنافها حتى ارتفاع 20م، ويحافظ دوماً، بعمليات التربية والتقليم، على ارتفاع بين 3ـ4م. أما في سورية فيراوح ارتفاع الأشجار بين 6و10م بحسب الصنف وطريقة التربية التقليدية، الجذع صلب كثير العقد، أسطواني الشكل أو مضلع، يرتكز على قاعدة عريضة «الأرومة» عليها تدرنات ساقية عدة. تاج الشجرة هرمي أو كروي الشكل، ويمكن تربيته على شكل قدحي أو كروي أو عيصي سياجي بالطريقة المناسبة[ر]، الأوراق بسيطة جلدية الملمس ومتقابلة، عنقها قصير، تعيش 3ـ4 سنوات. الأزهار عنقودية صغيرة (3ـ5مم)، تحمل كل زهرة ميسماً قمياً على قلم قصير (الشكل ـ2).
وتتكون في بعض الأصناف أزهار مذكرة الوظيفة فيها أسدية فقط، وأزهار ثنائية الجنس، وتختلف نسبتها بحسب الأصناف وشروط التغذية الجذرية. ثمرة الزيتون لحمية وزيتية. وتكتسب الثمرة اللون الأحمر أو الأخضر الناصع والأسود البني عند نضجها الكامل. يبدأ إزهار الأشجار في شهر نيسان، ويمتد حتى أوائل شهر حزيران، بحسب الطبيعة الصنفية والشروط البيئية، وتنضج الثمار في نهاية فصل الخريف وأحياناً في أوائل فصل الشتاء.
تتكون البراعم الزهرية على طرود ثمرية في عمر سنة، وقبل ثمانية أسابيع تقريباً من تاريخ بدء إزهارها، وقد تتكون أيضاً على طرود ثمرية في أثناء نموها السنوي، ولا تثمر الطرود الثمرية سوى مرة واحدة في أثناء حياتها (الشكل ـ3). يزهر الزيتون عندما تثبت الحرارة الجوية في درجة أعلى من 20 ْم. الإلقاح الزهري رياحي ذاتي أو خلطي.
وتتميز شجرة الزيتون بقدرتها على تكوين طرود جديدة من البراعم الساكنة على الفروع المختلفة، مما يسهم في تجديد مجموعتها الخضرية كلياً أو جزئياً بعد عمليات التقليم الشجري.
تبدأ الأشجار البذرية المنشأ بالإثمار في عمر 10ـ12سنة بعد غرسها، أما الأشجار الناتجة من العقل المتجذرة ففي عمر 3ـ5سنوات، ويمكن أن يستمر إثمار الأشجار حتى عمر 200سنة فأكثر ولكن أغزر وأجود الإنتاج يكون في عمر بين 15و50سنة مع ضرورة إجراء عمليات التربية اللازمة. ويمكن لشجرة الزيتون أن ينتظم حملها السنوي إذا ما قدمت لها الخدمات الزراعية اللازمة في حينها. أما الشروط المناخية غير الملائمة مثل الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة ودرجات الحرارة العالية في أثناء الإزهار فتؤدي حتماً إلى خفض المردود الإنتاجي على نحو محسوس جداً.
جرت العادة بذكر شجرة الزيتون عند التحدث عن طول الحياة، والواقع أن هذه الشجرة يمكنها أن تعيش آلاف السنين وتوجد مثل هذه الأشجار المعمرة في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا. تقسم عموماً حياة الشجرة البذرية، من الناحيتين الزراعية والإنتاجية أربعة أطوار رئيسية كما في الجدول (2).
وتهدف عمليات التربية والتقليم والتطعيم والخدمات الزراعية الأخرى إلى إطالة الطورين الثاني والثالث وتقصير الطورين الأول والرابع، لتكون عملية الإنتاج مربحة اقتصادياً وبيئياً، وتحتاج ثمار الزيتون إلى 5ـ7 شهور تقريباً بين الإلقاح الزهري وظهور اللون الخاص المميز لثمار الأصناف. ويبدأ تراكم الزيت في الثمار بعد توقف النمو الخضري، وتسهم درجات الحرارة الجوية العالية في هذه المدة (في شهري أيلول وتشرين الأول) وغزارة الأِشعة الشمسية في زيادة نسبة الزيت في الثمار.
المتطلبات البيئية
شجرة الزيتون محبة جداً للضوء، ولاتتحمل البرودة الشديدة (الأقل من -12 ْم)، إذ تلحق أضراراً بالغة في الأوراق والطرود والفروع وجذوع الأشجار، لكنها تعد أكثر الأِشجار المستديمة الخضرة تحملاً للبرودة والصقيع. وتموت الشجرة كاملة في درجة حرارة بين 19ـ20 ْم. وتراوح احتياجات الأصناف من ساعات البرودة الأقل من 10 ْم في شهري كانون الأول وكانون الثاني، بين 200و600ساعة برودة كي تتحول البراعم من الحالة الخضرية إلى الحالة الزهرية وتتفتح طبيعياً. ويختلف مجموع درجات الحرارة الفاعلة الأعلى من 10ْم، والضرورية لنمو الثمار ونضجها، في أثناء موسم النمو السنوي، بحسب الأصناف ويراوح هذا المجموع بين 3500 ْم للأصناف المبكرة و 5300 ْم للأصناف المتأخرة. تتحمل الأشجار درجات الحرارة التي تزيد على 40 ْم في حال توافر الشروط الإيجابية للتغذية الجذرية والمائية، قبل المدة الحرجة وبعدها، وقد تتعرض للإصابة بلفحة الشمس في الحالة المغايرة.
ويمكن أن تنجح زراعة الزيتون على ارتفاع بين 800ـ1200م على المنحدرات الجنوبية وحتى 600م على المنحدرات الشمالية فوق سطح البحر. ومن الجدير بالذكر أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وجفاف الهواء قد يسببان سقوط الثمار. تنتشر زراعة الزيتون في المناطق التي يزيد فيها الهطل المطري على 600مم سنوياً، ولابد من إجراء الري التكميلي عند انخفاض الهطل المطري السنوي دون ذلك في سنوات الجفاف الموسمي. وتشجع زيادة الرطوبة الجوية على انتشار الأمراض الفطرية ويستحسن أن تبعد مزارع الزيتون عن ساحل البحر مسافة كيلو متر واحد على الأقل.
تبدي أشجار الزيتون في شهري أيار وحزيران، فترة حرجة لوظائفها الفيزيولوجية، لارتفاع سرعة التنفس الورقي وتفتح البراعم الزهرية وحدوث النمو الأعظمي للطرود عموماً، إذ تتطلب فيها كميات كبيرة من المياه، ويؤدي أي نقص فيها إلى تدني المحصول، وثبت أن الأمطار الخريفية الغزيرة، في أوائل فصل الربيع، قبل الفترة الحرجة، تسهم، إلى حد كبير، في خفض عدد البراعم الزهرية غير الجيدة التكوين مما يزيد في مقدار المردود الثمري. ولابد في الأحوال كافة من إجراء الري في فصل الشتاء وفي أوائل فصل الربيع والتسميد العضوي والمعدني اللازمين بحسب مراحل النمو التي يمر بها الصنف المحدد في موقعه البيئي.
تنجح زراعة الزيتون في أنواع مختلفة من الأراضي، تبدأ من القاحلة الفقيرة إلى الأراضي الخصبة، على أن تكون التربة جيدة النفاذية والتهوية وقادرة على الاحتفاظ بالماء وأن تخلو من الأملاح الضارة، ولاسيما كلوريد الصوديوم، ولاينصح عموماً بزراعة الزيتون في ترب تزيد نسبته فيها على واحد في الألف. وقد يسبب ارتفاع رطوبة التربة اختناق الجذور وموتها، مما يسيء إلى عملية التغذية الجذرية والإنتاج الثمري والنمو الجذري عميقاً في التربة.
ويؤدي الثلج والبَرَدْ إلى تكسير الطرود والفروع ويحدثان فيها خدوشاً قد تصير بؤراً للإصابات المرضية، وخاصة لمرض سل الزيتون. أما الرياح الشديدة فتؤدي إلى السقوط المبكر للثمار وتكسير الطرود والفروع وتشويه الثمار، ولا بد من إقامة مصدات الرياح لحماية مزارع الزيتون من الرياح الشديدة والرياح البحرية المالحة.
تكون المجموعة الجذرية سطحية في الأشجار البالغة، إذ إن عمق تجمعها الأعظمي في التربة يراوح بين 20و90سم، وقد يصل إلى 150سم في المناطق الجافة البعلية بحثاً عن الرطوبة الأرضية. تتكون القاعدة المنتفحة للجذع (الأرومة) مباشرة تحت سطح التربة ويكون قطرها 3ـ4مرات ضعف قطر الجذع في الأشجار القديمة والبالغة. وتمتد شبكات الجذيرات النشطة الماصة مباشرة تحت سطح التربة، وتختفي في عمق 20سم تحت سطح التربة، بسبب الحراثات السطحية. أما امتداد المجموعة الجذرية أفقياً فيعادل نحو 2ـ 3مرات خارج حدود ظل تاج أشجارها.
طرائق الإكثار وإنتاج الغرس
1ـ تجذير العقل الغضة في الدفيئات الزجاجية واللدائنية: انتشرت هذه الطريقة الحديثة سريعاً للأسباب الآتية:
ـ إنتاج أعداد كبيرة من غراس الزيتون تحمل مواصفات الشجرة الأم (نحو 400غرسة متجذرة في المتر المربع الواحد من حوض الإكثار).
ـ قصر مدة الإنتاج، إذْ لاتتجاوز السنة الواحدة.
ـ دخول الغراس في طور الإثمار بوقت مبكر (في عمر 2ـ3 سنوات).
تعتمد هذه الطريقة على زراعة عقل، عمرها أقل من سنة ويراوح طولها بين 6و12سم وعليها 2ـ3 أزواج من الأوراق، في وسط زراعي في أحواض التجذير مكون من البرليت Perlite والخفان الأسود، وذلك بعد غمس قواعد العقل في محلول هرموني لحامض أندول بيوتيريك بتركيز 4 آلاف جزء في المليون، لتنشيط عملية تجذيرها في جو مشبع بالرطوبة (85ـ90%) بالري الضبابي، وفي درجة حرارة بين 20ـ 24 ْم ولمدة 30ـ40 يوماً. تنقل بعد ذلك الغراس المتجذرة إلى وسط زراعي مؤلف من خلطة غذائية مناسبة في أكياس لدائنية موضوعة في دفيئات متخصصة لتقسيتها. تراوح مدة التقسية بين 15و40 يوماً في جو تكون درجات الحرارة والرطوبة الجوية النسبية فيه قريبة من مثيلاتها خارج الدفيئات في حقول التربية. وتقدم الخدمات الزراعية اللازمة لها، من تسميد وري ووقاية، حتى تصير الغراس جاهزة للزراعة في الأرض الدائمة.
2ـ تجذير الأُرومات (القرم): طريقة تقليدية لا تزال متبعة على نطاق ضيق جداً في بعض أقطار البحر المتوسط، تتميز بسهولتها ومقاومة غراسها للجفاف، ولكن يعاب عليها تأخر الغراس في الإثمار وضعف عددها، واحتمال نقل مرض الذبول وآفات أخرى إلى الأرض السليمة.
3ـ الإكثار بالفسائل: طريقة تقليدية متبعة على نطاق ضيق، وتتلخص بقطع الفسائل (الخلائف) التي تتكون حول جذع الشجرة مع جزء من القرمة بوزن 300 ـ400غ، وتزرع مباشرة في الأرض الدائمة. ثم تطعم بعد نموها بالصنف المرغوب فيه إذا كانت من صنف مجهول.
4ـ تجذير العقل الخشبية: يستفاد من نواتج تقليم الأشجار بتقطيعها إلى عقل يراوح طولها بين 25و30سم وقطرها بين 3و10سم وعمرها بين 3و6سنوات، تزرع في مساكب أو أكياس لدائنية في المشتل بعد معاملتها بمحلول هرموني لتنشيط تجذيرها. وتروى باستمرار لحين ظهور نموات كثيرة عليها بعد مضي نحو 3 شهور، ثم تنقل إلى الأرض الدائمة بعد تجذيرها وتكوين مجموعة خضرية مناسبة عليها.
5ـ الإكثار بزراعة النسج: [ر].
6ـ الإكثار البذري: طريقة قديمة جداً ومتبعة على نطاق ضيق جداً في بعض أقطار البحر المتوسط وذلك بغية إنتاج غراس بذرية لتطعيمها بالأصناف المرغوبة تجارياً.
7ـ الإكثار بالتطعيم: بالبرعمة والقلفي وباللصق[ر].
إنشاء بستان الزيتون وطرائق تربية الأشجار في المناطق الجافة والمروية
تتبع خطوات التأسيس كما يأتي:
1ـ تسوية سطح التربة وإقامة المدرجات في الأراضي المنحدرة بنسبة 30% وأكثر.
2ـ تحليل التربة لتحديد سوية خصوبة التربة والأسمدة اللازمة.
3ـ نقب التربة لعمق 80ـ100سم في فصل الصيف، باتجاهين متعامدين، من دون قلب التربة، ثم استبعاد الأحجار وتمشط التربة لتنعيم سطحها.
4ـ تسميد التربة بالأسمدة الأساسية الآتية (للهكتار): 220كغ سوبرفوسفات، /46%/ و200كغ سلفات البوتاس /50%/ و30م3 سماد بلدي متخمر.
5ـ تخطيط الأرض بعد تسوية سطحها بالشكل المربعي لكونه يسهل تنفيذ الخدمات الزراعية المختلفة، ويتوقف عدد الأشجار المزروعة في وحدة المساحة وأبعاد زراعتها على معدلات الأمطار وخصوبة التربة ومقدرتها على الاحتفاظ بالماء وطبيعة نمو الصنف. وتراوح المسافة بين خطوط الأشجار وبين الأشجار على خطوطها بين 8×8م في الساحل السوري (منطقة الاستقرار الأولى) و 10×10م في المناطق الداخلية (في محافظتي إدلب وحلب) وكذلك في الأراضي الثقيلة في حوران، وفي المناطق المماثلة في الأقطار العربية.
6ـ حفر الجور في أواخر فصل الصيف يحدد عمقها وفق منشأ الغراس كما في الجدول (3):
7ـ تزرع الغراس بدءاً من شهر كانون أول، ويفضل التبكير في المناطق التي يقل فيها المعدل المطري السنوي، والتأخير في المناطق التي يشتد فيها خطر الصقيع. وينبغي زراعة الغراس في منتصف الحفرة، على عمق بين 35ـ40سم بعد إزالة وعاء الغرسة اللدائني.
تزرع القرم في حفر سطحية في المناطق الساحلية الغزيرة الأمطار، وفي حفر أكثر عمقاً في المناطق الداخلية لتستفيد من رطوبة أعماق التربة من أسفل الحفر في فصل الصيف في مناطق الزراعة البعلية. وتغطي القرمة بنحو 10ـ15سم من التراب السطحي.
أما الغراس فتزرع بصلاياها الترابية وبقربها الدعامة. مع إضافة تراب السطح العلوي إلى الحفرة، والضغط جيداً بالأرجل حولها لطرد الفراغات الهوائية ورص التربة حول المجموعة الجذرية، وعلى أن تردم الخلطة الترابية لارتفاع أعلى بمقدار 10سم منه في وعاء الغرسة. ويفضل ري الغراس مباشرة بعد الزراعة وبمعدل 3ـ4ريات على الأقل شهرياً بحسب الشروط المناخية ويراعى تقليمها تقليماً خفيفاً في أثناء زراعتها. وتسمد الغرسة بالكميات الآتية : 200غ سوبر فوسفات و200غ سلفات البوتاس، و5كغ سماد بلدي متخمر، تضاف جميعها أسفل وجانب المجموعة الجذرية مع الخلطة الترابية في أثناء الغرس، وذلك في المناطق التي يزيد الهطل المطري السنوي فيها على 400ملم، أما المناطق التي يقل فيها الهطل المطري الشتوي عن 400ملم فتخفض هذه الكميات إلى النصف.
وتختلف كميات الأسمدة المضافة في أثناء الأطوار الحياتية لنمو ثمار الأشجار بحسب عمرها ومناطق الزراعة (الجدول (4).
وتضاف الأسمدة العضوية والفوسفورية والبوتاسية وسماد اليوريا في المناطق البعلية بعد انتهاء موسم القطاف مع الحراثة الخريفية. أما الأسمدة السريعة الذوبان فتضاف نثراً تحت مسقط المجموعة الخضرية في النصف الثاني من شهر شباط وقبل انقطاع موسم الأمطار. أما في المناطق المروية فتضاف الأسمدة العضوية والفوسفورية والبوتاسية ونصف كمية الآزوتية بعد انتهاء موسم القطاف مباشرة، ثم يضاف النصف الثاني من الآزوتية في شهر شباط أو آذار مع مراعاة ري الحقل مباشرة بعد حراثة سطحية لخلط الأسمدة بالتراب.
تحرث بساتين الزيتون سنوياً بمعدل 3ـ5مرات الأولى خريفية لعمق 12ـ15سم، والثانية ربيعية لعمق 8ـ10سم و1ـ3حرثات سطحية صيفاً لعمق 5ـ7سم بمعدل مرة واحدة كل شهر لحفظ رطوبة التربة ومكافحة الأعشاب وتقليل التبخر.
طرائق تربية الزيتون وتقليمه
تربية الزيتون عملية مهمة جداً، تهدف إلى المحافظة على التوازن الغذائي فيزيولوجياً وحيوياً بين المجموعتين الخضرية والجذرية للشجرة وبين النمو الخضري والإثمار، وإلى تجديد نشاط النمو في الأشجار الفتية، أو إعادة الشباب إلى الأشجار المتقدمة في السن والهرمة، وإلى تسهيل جني الثمار وتخفيض ارتفاع الأشجار وتأمين الإضاءة والتهوية الجيدتين داخل الأشجار، وإلى تقصير مدة حياة شباب الأشجار وإطالة مدة إنتاجيتها الثمرية المنتظمة. وتربى أشجار الزيتون بعد جمع الثمار في وقت السكون النسبي الممتدة بين شهري تشرين أول وأوائل شهر شباط قبل موعد الإزهار بمدة شهر.
وتشتمل التربية عموماً على تربية تاج الشجرة، وتربية الإثمار والقطع التجديدي.
1ـ تربية تاج الشجرة (تقليم التربية): يجب عدم تقليم الغراس قبل السنة الثالثة من عمرها لتمكينها من تكوين مجموعتها الخضرية والجذرية القويتين في الغراس القرمية المنشأ مع التركيز على تربية الخلفة التي ستكون الجذع الرئيسي، أما في حال كون الغراس ناتجة من تجذير العقل أو من تطعيم الغراس البذرية المنشأ، فإنها تربّى على جذع واحد مع المحافظة على 4أو5فروع هيكلية عليه بالتبادل وذلك في السنتين الرابعة والخامسة من عمرها وعلى ارتفاع 90ـ100سم فوق سطح التربة (الشكل ـ4).
2ـ أما تربية الإثمار فتهدف إلى إنتاج طرود خضرية تحمل الثمار في العام المقبل، ويراعى أن تقلمّ الطرود الخضرية المتكونة على خشب السنة السابقة، بالتفريد أو تخفيف عددها إلى النصف وبالتبادل، وبإزالة رؤوس الطرود الأخرى المتبقية عليه بغية تكوين براعم زهرية جيدة وقوية البنية و بالتوازن مع النمو الخضري العام. كما يراعى عدم إجراء تقليم جائر، وخاصة بعد سني الحمل الغزير، وإزالة الفروع والطرود المتشابكة والمريضة لضمان إضاءة وتهوية جيدتين ومتجانستين في جميع أجزاء الشجرة. وتربى أشجار الزيتون إثمارياً مرة واحدة كل سنتين.
3ـ القطع التجديدي التشبيبي: ويهدف إلى تجديد حياة
الشجرة (تشبيبها) التي تظهر عليها علائم الضعف في تاجها أو تاجيها أو أكثر. ويجري هذا القطع على كل الفروع الهرمة التي تجاوز عمرها 5ـ8سنوات وذلك بإزالة ثلث إلى نصف طولها بحسب قوة نموها. وتتفرع هذه الفروع مكونة التاج المغزلي، ثم الكروي، في طور الإثمار، بحسب طبيعة الصنف. ويراعى أن تكون التربية التاجية شبه كأسية في المناطق الساحلية للتخفيف من تأثير الرطوبة وكأسية كروية في المناطق الداخلية للتخفيف من تأثير الحرارة وضربة الشمس الموجعة.
ـ القطع التجديدي الجزئي أو الكلي للشجرة: يجري هذه القطع عادة على الجذوع المريضة والأِشجار المسنة الهزيلة الضعيفة بإنتاجها وثمرها. وتقطع الأشجار على ارتفاع متر تقريباً فوق مكان الطعم في حالة الأشجار المطعمة، وتختار النموات الحديثة اللازمة في السنة القادمة لتربى من جديد بشكل متوازن، وتزال النموات الفائضة بهدف تكوين شجرة جديدة، أما في الأشجار غير المطعمة فيقطع الجذع على مستوى الأرض، ويحتفظ بـ 2ـ3 فروع جذعية متساوية بقوة نموها من الخلائف في السنة الخامسة أو السادسة من عمرها والتي تظهر عليها دلائل بداية الإنتاج الثمري. وقد اتبعت هذه الطريقة في إدلب عام 1950 إثر وقوع صقيع شديد جداً (-25 ْم).
4ـ التربية الحديثة السياجية: تربى في إيطاليا وإسبانيا أشجار الزيتون بطريقة حديثة تسمى التربية السياجية أو الدغلية كما هو المتبع في تربية التفاحيات، وبهدف زراعة عدد كبير من الأشجار على أبعاد (6×2م) وتبكير الإنتاج وتسهيل مكننة عمليات التربية والقطاف. وقد باشر بعض المزارعين في سورية بتطبيق هذه الطريقة وبدأت تعطي أكلها منذ عام 2003م.
طريقة الري [ر]
يوضح الجدول (5) عدد الريات وموعدها وكمية مياهها وفقاً لمناطق الاستقرار السورية، ويعتمد رئيسياً على الري التكميلي في المناطق البعلية (97%).
وتتبع طرائق كثيرة في الري، منها الأحواض والخطوط الالتفافية (الكونتورية) والمساكب والرذاذ والتنقيط، وينصح اليوم باتباع الري بالتنقيط في جميع الأراضي[ر].
أهم الأصناف المحلية والعالمية
تنتشر أصناف كثيرة من الزيتون في العالم وفي الوطن العربي، وتصنف تجارياً في ثلاث مجموعات، تشمل أصناف زيتون الزيت (نسبة الزيت أكثر من 20%وزناً)، وأصناف زيتون المائدة (نسبة الزيت أقل من 15%وزناً)، وأصناف الزيتون الثنائي الغرض (نسبة الزيت بين 16ـ20%وزناً) وهناك أصناف عدة يراوح وزن ثمارها بين 2ـ10غ. وفي سورية نحو 70صنف زيتون مزروع وبري حراجي، من أهمها:
التفاحي والجلط والمصعبي وأبو سطل والدان لإنتاج زيتون المائدة، والقيسي والصوراني (المعري) ودرملالي للزيتون الثنائي الغرض (الشكل ـ5).
وفي الجزائرصنف سيفواز لإنتاج زيتون المائدة، وصنف أزيراج ثنائي الغرض، وصنف شملالي لاستخراج الزيت. وفي المغرب صنف البيشولين لإنتاج الزيت وفي تونس صنف المسيكي لإنتاج زيتون المائدة، و الشملالي والشتوي لإنتاج الزيت. وفي الأردن، الأصناف جبع1، وجبع 2، ونبالي محسن ونبالي سعادة تصل نسبة الزيت في ثمارها إلى 37%.
وتنتشر أصناف عديدة في أقطار مختلفة من العالم، من أهمها: بيشولين، مانزنيلا، اسكولانا، كونسرفوليا، وفينا، أربيكان، تانش، لوكار، فرانتويو، ميشن، كورينيولا وغيرها، وقد أدخل البعض منها إلى سورية ومازال قيد التجربة. ولابد من إجراء دراسات تفصيلية وحيوية للأصناف المحلية والأجنبية واصطفاء الأجود منها والأكثر ملائمة للبيئة السورية. وتعمل هيئة الطاقة الذرية على تقييم ومقارنة الأصناف ودرجة القرابة بينها باستخدام تقانة التضخيم العشوائي للدنا random amplified polymorphic DNA (RAPD-DNA).
القطاف
يمتد موعد القطاف بين شهري تشرين الأول وكانون الأول، ويمكن تحديد موعد النضج بجهاز قياس صلابة الثمار. تتنوع الطرائق المستعملة في قطاف الزيتون وتتلخص كما يأتي:
1ـ القطاف بالعصا: ضرباً فتتساقط الثمار على الأرض أو على شبك أو قطع قماشية أو لدائنية، ثم تجمع يدوياً. ينبغي الإحجام عن هذه الطريقة، لأنها تسبب تكسير الطرود، ورضوضاً وجروحاً للثمار مما يزيد من حموضة الزيت الناتج منها، كما تسهل إصابة الفروع بالأمراض والحشرات والمعاومة بالإنتاج.
2ـ القطاف اليدوي: توضع الثمار المقطوفة في أوعية محمولة وقد يستفاد من ملاقط منشارية لدائنية لإسقاط الثمار من دون الأوراق على الشبك الأرضي، أو في أوعية محمولة. وتستعمل هذه الطريقة لقطف الثمار الكبيرة والمعدّة للتخليل وهي أقل ضرراً من السابقة (الشكل ـ6).
3ـ القطاف الآلي: طريقة حديثة تستعمل لجني الثمار، باستخدام هزازات القبض والهز وآلات شفط الثمار والأوراق معاً من على الأرض بعد تساقطها أو على مظلات خاصة بها، وبوساطة أمشاط مهتزة. وتراوح نسبة الثمار المقطوفة بالهزاز بين 67ـ94% من إجمالي حمل الأشجار. وتستعمل مادة الاثيفون لتسهيل فصل الثمار صنعياً.
يقدر مردود الشجرة، بحسب العمر والخدمات الزراعية، ويراوح بين 50و150كغ في الزراعة المروية وبين 30و50كغ في الزراعة البعلية.
توضع الثمار في عبوات لدائنية موحدة جيدة التهوية، أو في أكياس. ويجب أن لاتترك العبوات مدة طويلة في الحقل لأن ذلك يؤدي إلى زيادة حموضة الزيت كما ينبغي عدم تخزين الزيتون رطباً وعدم خلط الثمار الملتقطة من على الأرض مع المقطوفة وينبغي نقل الثمار بعد الجني إلى المعصرة في أقرب وقت ممكن.
أهم الآفات
آفات الزيتون كثيرة، بعضها حشري، كالحشرات القشرية وذبابة الزيتون وسوسة الطرود، والمن الأسود وبسيلا وعتة الزيتون، ودودة الأوراق وثاقبة الأوراق وحفار الساق، وبعضها الآخر حيواني، كالنيماتودا، أو فطري كتبقع الأوراق (عين الطاووس) والثمار، وذبول الزيتون وسل الزيتون وعفن الجذور، أو فيزيولوجي كاصفرار الأوراق وجفاف الثمار وتجعدها.
الآفاق المستقبلية
يتطلب تطوير زراعة الزيتون في سورية إجراء دراسات معمقة لحصر الأصناف وتحديد هويتها وتحسينها وراثياً والبحث عن ملقحات للأصناف المعاومة والكاذبة بحملها، وتحسين عمليات الإكثار وإنتاج الغراس الملائمة للبيئة السورية، وخاصة البعلية، وإنشاء حقول أنموذجية لأمهات الأصناف ومكننة عمليات الجني، وتجديد البساتين المسنة وتقديم الخدمات الزراعية المدروسة والملائمة للأصناف والمنطقة، مثل التسميد والري والتربية، والتوسع في البحوث العلمية على الأصناف المحلية والمدخلة، وإحداث بساتين للمجمعات الوراثية وتكثيف بساتين الزيتون والتركيز على الأصناف الثنائية الغرض وغيرها.
هشام قطنا
Olive - Olive
الزيتون
الزيتون olive tree شجرة معمرة مستديمة الخضرة، من فصيلة الزيتونيات Oleaceae والجنس Olea spp.. يحتل الزيتون موقعاً مهماً بين الأشجار المثمرة الأخرى لما ينتجه من ثمار وزيت بعد عصرها (الشكل ـ1) تستعمل في تغذية الإنسان، وتحضير بعض المواد الطبية، واستعمال مخلفات عصر ثماره وبذوره في علائف الحيوانات. كما يعد خشبه من بين أجود أخشاب الوقيد والتفحيم.
لمحة تاريخية والأهمية الاقتصادية في الوطن العربي والعالم
الشكل (1) |
ويعدّ الزيتون شجرة الحضارات القديمة ويبدو أنها انتشرت من الشرق الأوسط، منذ نحو 6آلاف سنة، وهذا ما أكدته الكشوف الآثارية في أغاريت على الساحل السوري، واليونانيون هم أول من بدأ بزراعة الزيتون منذ نحو 3آلاف سنة ق.م ووصفوها بأنها شجرة السلام والتواضع والخير والبركة. وقام الفينيقيون واليونانيون والرومان والعرب بدورٍ كبيرٍ في انتشار هذه الشجرة في الأقطار المختلفة. وتقع اليوم منطقة انتشار هجنها البرية وزراعة أصناف الزيتون في المنطقة المعتدلة بين خطي عرض 27و44 من نصف الكرة الأرضية الشمالية.
الأهمية الاقتصادية
تعدّ سورية من بين الأقطار العريقة بزراعة الزيتون، إذ تشغل اليوم الموقع الثاني في الوطن العربي بعد المغرب، والموقع السادس عالمياً بعد إيطاليا وإسبانيا واليونان وتركيا والمغرب. ومازالت تولي هذه الزراعة الأهمية المرموقة والخاصة بها لمردودها الجيد والمميز عن بقية الأشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية المنتشرة في المناطق الجافة ونصف الجافة التي تشغل نحو 90% من مساحة القطر السوري، وتحتل فيها المرتبة الثانية بعد الأقماح كمحصول مرتفع الريعية، كما تتزايد أهميتها مساحة وعدداً وإنتاجاً، وقد بلغت في عام 2002 نحو 500ألف هكتار ونحو 70مليون شجرة أنتجت نحو 940ألف طن زيتون وبما يعادل نحو 195 ألف طن من الزيت و150 ألف طن من ثمار زيتون المائدة.
كانت زراعة الزيتون في الماضي منتشرة في شمالي وغربي سورية، في محافظات حلب وإدلب واللاذقية وطرطوس، ولكنها امتدت في العقود الثلاثة الأخيرة لتعمّ تقريباً جميع المناطق البعلية السورية، إذ تقدر نسبة الزراعة البعلية للزيتون فيها بنحو 95%، وتنتشر هذه الشجرة في مناطق يراوح معدل أمطارها السنوية بين 280 و900مم وارتفاعها فوق سطح البحر بين 8م في اللاذقية و180م في السويداء. وتعود ملكية معظم المساحة المزروعة فيها للقطاع الخاص الذي يمتلك نحو 70% من المساحة العامة. وتشغل هذه الشجرة نحو 8% من إجمالي المساحة المزروعة و60% من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة، أما نسبة المساحات المروية لهذه الزراعة فتقدر بنحو 2ـ3% وتقتصر على غوطة دمشق وواحة تدمر والمساحات المستزرعة حديثاًَ في محافظتي دير الزور والحسكة. وتشغل مساحات وعدد الأشجار في محافظة حلب المرتبة الأولى بين المحافظات السورية، تليها المحافظات إدلب وطرطوس واللاذقية ودرعا، وغيرها. ومن المتوقع أن يصل عدد الأشجار إلى ما يزيد على 75مليون شجرة. وتعدّ سورية عضواً أساسياً في المجلس الدولي لزيت الزيتون.
وقد صنفت عالمياً البلاد التي تهتم بزراعة الزيتون وفق الترتيب الآتي:
إيطاليا ـ إسبانيا ـ اليونان ـ تركيا ـ المغرب ـ سورية ـ تونس ـ الجزائر ـ ليبيا ـ البرتغال ـ الأرجنتين ـ لبنان ـ الولايات المتحدة الأمريكية ـ الأردن ـ قبرص ـ يوغسلافياـ فلسطين ـ إيران ـ مصر ـ فرنسا ـ العراق ـ البيرو ـ المكسيك ـ أستراليا.
الفوائد الطبية والغذائية
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (1) مكونات ثمار الزيتون |
ويساعد زيت الزيتون على إنقاص ظهور أعراض الشيخوخة والخرف، لاحتوائه على أحماض دهنية متوازنة. ويعتقد أن أحماض الزيتون تعد مسؤولة عن حماية المادة الوراثية للدنا DNA من تأثير المواد المسرطنة. وقد أثبتت الأبحاث أن تسخين زيت الزيتون حتى 200 ْم مدة ثلاث ساعات لم يفقده خواصه وتأثيراته البيولوجية، لغناه بحمض الأوليك والمواد المضادة للأكسدة، فهو ملائم للقلي على عكس الزيوت والدهون الأخرى التي تسبب الأمراض السرطانية عندما تتعرض للتسخين المتكرر.
التركيب الكيمياوي للثمار
يشكل اللب نحو 79ـ82% من الوزن الكلي للثمرة، شكل الثمرة كروي أو بيضوي متكامل يراوح وزنها بين 1.5و10غ ونسبة زيتها بين 10ـ36% من الوزن الطازج، وتحتوي 100غ من الثمار الخضراء الطازجة على المكونات المبينة في الجدول (1) والتي تبين أهمية الزيتون في تغذية الإنسان.
الوصف النباتي والخصائص البيولوجية الرئيسية
الشكل (2) طبيعة الإزهار العنقودي آباط أوراق الطرود الثمرية للزيتون في مرحلة أوج التزهر |
شجرة الزيتون قوية جداً، يعلو بعض أصنافها حتى ارتفاع 20م، ويحافظ دوماً، بعمليات التربية والتقليم، على ارتفاع بين 3ـ4م. أما في سورية فيراوح ارتفاع الأشجار بين 6و10م بحسب الصنف وطريقة التربية التقليدية، الجذع صلب كثير العقد، أسطواني الشكل أو مضلع، يرتكز على قاعدة عريضة «الأرومة» عليها تدرنات ساقية عدة. تاج الشجرة هرمي أو كروي الشكل، ويمكن تربيته على شكل قدحي أو كروي أو عيصي سياجي بالطريقة المناسبة[ر]، الأوراق بسيطة جلدية الملمس ومتقابلة، عنقها قصير، تعيش 3ـ4 سنوات. الأزهار عنقودية صغيرة (3ـ5مم)، تحمل كل زهرة ميسماً قمياً على قلم قصير (الشكل ـ2).
وتتكون في بعض الأصناف أزهار مذكرة الوظيفة فيها أسدية فقط، وأزهار ثنائية الجنس، وتختلف نسبتها بحسب الأصناف وشروط التغذية الجذرية. ثمرة الزيتون لحمية وزيتية. وتكتسب الثمرة اللون الأحمر أو الأخضر الناصع والأسود البني عند نضجها الكامل. يبدأ إزهار الأشجار في شهر نيسان، ويمتد حتى أوائل شهر حزيران، بحسب الطبيعة الصنفية والشروط البيئية، وتنضج الثمار في نهاية فصل الخريف وأحياناً في أوائل فصل الشتاء.
تتكون البراعم الزهرية على طرود ثمرية في عمر سنة، وقبل ثمانية أسابيع تقريباً من تاريخ بدء إزهارها، وقد تتكون أيضاً على طرود ثمرية في أثناء نموها السنوي، ولا تثمر الطرود الثمرية سوى مرة واحدة في أثناء حياتها (الشكل ـ3). يزهر الزيتون عندما تثبت الحرارة الجوية في درجة أعلى من 20 ْم. الإلقاح الزهري رياحي ذاتي أو خلطي.
وتتميز شجرة الزيتون بقدرتها على تكوين طرود جديدة من البراعم الساكنة على الفروع المختلفة، مما يسهم في تجديد مجموعتها الخضرية كلياً أو جزئياً بعد عمليات التقليم الشجري.
الشكل (3) طبيعة إثمار الزيتون على الطرود الثمرية السنوية |
جرت العادة بذكر شجرة الزيتون عند التحدث عن طول الحياة، والواقع أن هذه الشجرة يمكنها أن تعيش آلاف السنين وتوجد مثل هذه الأشجار المعمرة في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا. تقسم عموماً حياة الشجرة البذرية، من الناحيتين الزراعية والإنتاجية أربعة أطوار رئيسية كما في الجدول (2).
|
||||||||||
الجدول (2) أطوار حياة شجرة الزيتون |
المتطلبات البيئية
شجرة الزيتون محبة جداً للضوء، ولاتتحمل البرودة الشديدة (الأقل من -12 ْم)، إذ تلحق أضراراً بالغة في الأوراق والطرود والفروع وجذوع الأشجار، لكنها تعد أكثر الأِشجار المستديمة الخضرة تحملاً للبرودة والصقيع. وتموت الشجرة كاملة في درجة حرارة بين 19ـ20 ْم. وتراوح احتياجات الأصناف من ساعات البرودة الأقل من 10 ْم في شهري كانون الأول وكانون الثاني، بين 200و600ساعة برودة كي تتحول البراعم من الحالة الخضرية إلى الحالة الزهرية وتتفتح طبيعياً. ويختلف مجموع درجات الحرارة الفاعلة الأعلى من 10ْم، والضرورية لنمو الثمار ونضجها، في أثناء موسم النمو السنوي، بحسب الأصناف ويراوح هذا المجموع بين 3500 ْم للأصناف المبكرة و 5300 ْم للأصناف المتأخرة. تتحمل الأشجار درجات الحرارة التي تزيد على 40 ْم في حال توافر الشروط الإيجابية للتغذية الجذرية والمائية، قبل المدة الحرجة وبعدها، وقد تتعرض للإصابة بلفحة الشمس في الحالة المغايرة.
ويمكن أن تنجح زراعة الزيتون على ارتفاع بين 800ـ1200م على المنحدرات الجنوبية وحتى 600م على المنحدرات الشمالية فوق سطح البحر. ومن الجدير بالذكر أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة وجفاف الهواء قد يسببان سقوط الثمار. تنتشر زراعة الزيتون في المناطق التي يزيد فيها الهطل المطري على 600مم سنوياً، ولابد من إجراء الري التكميلي عند انخفاض الهطل المطري السنوي دون ذلك في سنوات الجفاف الموسمي. وتشجع زيادة الرطوبة الجوية على انتشار الأمراض الفطرية ويستحسن أن تبعد مزارع الزيتون عن ساحل البحر مسافة كيلو متر واحد على الأقل.
تبدي أشجار الزيتون في شهري أيار وحزيران، فترة حرجة لوظائفها الفيزيولوجية، لارتفاع سرعة التنفس الورقي وتفتح البراعم الزهرية وحدوث النمو الأعظمي للطرود عموماً، إذ تتطلب فيها كميات كبيرة من المياه، ويؤدي أي نقص فيها إلى تدني المحصول، وثبت أن الأمطار الخريفية الغزيرة، في أوائل فصل الربيع، قبل الفترة الحرجة، تسهم، إلى حد كبير، في خفض عدد البراعم الزهرية غير الجيدة التكوين مما يزيد في مقدار المردود الثمري. ولابد في الأحوال كافة من إجراء الري في فصل الشتاء وفي أوائل فصل الربيع والتسميد العضوي والمعدني اللازمين بحسب مراحل النمو التي يمر بها الصنف المحدد في موقعه البيئي.
تنجح زراعة الزيتون في أنواع مختلفة من الأراضي، تبدأ من القاحلة الفقيرة إلى الأراضي الخصبة، على أن تكون التربة جيدة النفاذية والتهوية وقادرة على الاحتفاظ بالماء وأن تخلو من الأملاح الضارة، ولاسيما كلوريد الصوديوم، ولاينصح عموماً بزراعة الزيتون في ترب تزيد نسبته فيها على واحد في الألف. وقد يسبب ارتفاع رطوبة التربة اختناق الجذور وموتها، مما يسيء إلى عملية التغذية الجذرية والإنتاج الثمري والنمو الجذري عميقاً في التربة.
ويؤدي الثلج والبَرَدْ إلى تكسير الطرود والفروع ويحدثان فيها خدوشاً قد تصير بؤراً للإصابات المرضية، وخاصة لمرض سل الزيتون. أما الرياح الشديدة فتؤدي إلى السقوط المبكر للثمار وتكسير الطرود والفروع وتشويه الثمار، ولا بد من إقامة مصدات الرياح لحماية مزارع الزيتون من الرياح الشديدة والرياح البحرية المالحة.
تكون المجموعة الجذرية سطحية في الأشجار البالغة، إذ إن عمق تجمعها الأعظمي في التربة يراوح بين 20و90سم، وقد يصل إلى 150سم في المناطق الجافة البعلية بحثاً عن الرطوبة الأرضية. تتكون القاعدة المنتفحة للجذع (الأرومة) مباشرة تحت سطح التربة ويكون قطرها 3ـ4مرات ضعف قطر الجذع في الأشجار القديمة والبالغة. وتمتد شبكات الجذيرات النشطة الماصة مباشرة تحت سطح التربة، وتختفي في عمق 20سم تحت سطح التربة، بسبب الحراثات السطحية. أما امتداد المجموعة الجذرية أفقياً فيعادل نحو 2ـ 3مرات خارج حدود ظل تاج أشجارها.
طرائق الإكثار وإنتاج الغرس
1ـ تجذير العقل الغضة في الدفيئات الزجاجية واللدائنية: انتشرت هذه الطريقة الحديثة سريعاً للأسباب الآتية:
ـ إنتاج أعداد كبيرة من غراس الزيتون تحمل مواصفات الشجرة الأم (نحو 400غرسة متجذرة في المتر المربع الواحد من حوض الإكثار).
ـ قصر مدة الإنتاج، إذْ لاتتجاوز السنة الواحدة.
ـ دخول الغراس في طور الإثمار بوقت مبكر (في عمر 2ـ3 سنوات).
تعتمد هذه الطريقة على زراعة عقل، عمرها أقل من سنة ويراوح طولها بين 6و12سم وعليها 2ـ3 أزواج من الأوراق، في وسط زراعي في أحواض التجذير مكون من البرليت Perlite والخفان الأسود، وذلك بعد غمس قواعد العقل في محلول هرموني لحامض أندول بيوتيريك بتركيز 4 آلاف جزء في المليون، لتنشيط عملية تجذيرها في جو مشبع بالرطوبة (85ـ90%) بالري الضبابي، وفي درجة حرارة بين 20ـ 24 ْم ولمدة 30ـ40 يوماً. تنقل بعد ذلك الغراس المتجذرة إلى وسط زراعي مؤلف من خلطة غذائية مناسبة في أكياس لدائنية موضوعة في دفيئات متخصصة لتقسيتها. تراوح مدة التقسية بين 15و40 يوماً في جو تكون درجات الحرارة والرطوبة الجوية النسبية فيه قريبة من مثيلاتها خارج الدفيئات في حقول التربية. وتقدم الخدمات الزراعية اللازمة لها، من تسميد وري ووقاية، حتى تصير الغراس جاهزة للزراعة في الأرض الدائمة.
2ـ تجذير الأُرومات (القرم): طريقة تقليدية لا تزال متبعة على نطاق ضيق جداً في بعض أقطار البحر المتوسط، تتميز بسهولتها ومقاومة غراسها للجفاف، ولكن يعاب عليها تأخر الغراس في الإثمار وضعف عددها، واحتمال نقل مرض الذبول وآفات أخرى إلى الأرض السليمة.
3ـ الإكثار بالفسائل: طريقة تقليدية متبعة على نطاق ضيق، وتتلخص بقطع الفسائل (الخلائف) التي تتكون حول جذع الشجرة مع جزء من القرمة بوزن 300 ـ400غ، وتزرع مباشرة في الأرض الدائمة. ثم تطعم بعد نموها بالصنف المرغوب فيه إذا كانت من صنف مجهول.
4ـ تجذير العقل الخشبية: يستفاد من نواتج تقليم الأشجار بتقطيعها إلى عقل يراوح طولها بين 25و30سم وقطرها بين 3و10سم وعمرها بين 3و6سنوات، تزرع في مساكب أو أكياس لدائنية في المشتل بعد معاملتها بمحلول هرموني لتنشيط تجذيرها. وتروى باستمرار لحين ظهور نموات كثيرة عليها بعد مضي نحو 3 شهور، ثم تنقل إلى الأرض الدائمة بعد تجذيرها وتكوين مجموعة خضرية مناسبة عليها.
5ـ الإكثار بزراعة النسج: [ر].
6ـ الإكثار البذري: طريقة قديمة جداً ومتبعة على نطاق ضيق جداً في بعض أقطار البحر المتوسط وذلك بغية إنتاج غراس بذرية لتطعيمها بالأصناف المرغوبة تجارياً.
7ـ الإكثار بالتطعيم: بالبرعمة والقلفي وباللصق[ر].
إنشاء بستان الزيتون وطرائق تربية الأشجار في المناطق الجافة والمروية
تتبع خطوات التأسيس كما يأتي:
1ـ تسوية سطح التربة وإقامة المدرجات في الأراضي المنحدرة بنسبة 30% وأكثر.
2ـ تحليل التربة لتحديد سوية خصوبة التربة والأسمدة اللازمة.
3ـ نقب التربة لعمق 80ـ100سم في فصل الصيف، باتجاهين متعامدين، من دون قلب التربة، ثم استبعاد الأحجار وتمشط التربة لتنعيم سطحها.
4ـ تسميد التربة بالأسمدة الأساسية الآتية (للهكتار): 220كغ سوبرفوسفات، /46%/ و200كغ سلفات البوتاس /50%/ و30م3 سماد بلدي متخمر.
5ـ تخطيط الأرض بعد تسوية سطحها بالشكل المربعي لكونه يسهل تنفيذ الخدمات الزراعية المختلفة، ويتوقف عدد الأشجار المزروعة في وحدة المساحة وأبعاد زراعتها على معدلات الأمطار وخصوبة التربة ومقدرتها على الاحتفاظ بالماء وطبيعة نمو الصنف. وتراوح المسافة بين خطوط الأشجار وبين الأشجار على خطوطها بين 8×8م في الساحل السوري (منطقة الاستقرار الأولى) و 10×10م في المناطق الداخلية (في محافظتي إدلب وحلب) وكذلك في الأراضي الثقيلة في حوران، وفي المناطق المماثلة في الأقطار العربية.
6ـ حفر الجور في أواخر فصل الصيف يحدد عمقها وفق منشأ الغراس كما في الجدول (3):
|
|||||||||
الجدول (3) |
تزرع القرم في حفر سطحية في المناطق الساحلية الغزيرة الأمطار، وفي حفر أكثر عمقاً في المناطق الداخلية لتستفيد من رطوبة أعماق التربة من أسفل الحفر في فصل الصيف في مناطق الزراعة البعلية. وتغطي القرمة بنحو 10ـ15سم من التراب السطحي.
أما الغراس فتزرع بصلاياها الترابية وبقربها الدعامة. مع إضافة تراب السطح العلوي إلى الحفرة، والضغط جيداً بالأرجل حولها لطرد الفراغات الهوائية ورص التربة حول المجموعة الجذرية، وعلى أن تردم الخلطة الترابية لارتفاع أعلى بمقدار 10سم منه في وعاء الغرسة. ويفضل ري الغراس مباشرة بعد الزراعة وبمعدل 3ـ4ريات على الأقل شهرياً بحسب الشروط المناخية ويراعى تقليمها تقليماً خفيفاً في أثناء زراعتها. وتسمد الغرسة بالكميات الآتية : 200غ سوبر فوسفات و200غ سلفات البوتاس، و5كغ سماد بلدي متخمر، تضاف جميعها أسفل وجانب المجموعة الجذرية مع الخلطة الترابية في أثناء الغرس، وذلك في المناطق التي يزيد الهطل المطري السنوي فيها على 400ملم، أما المناطق التي يقل فيها الهطل المطري الشتوي عن 400ملم فتخفض هذه الكميات إلى النصف.
وتختلف كميات الأسمدة المضافة في أثناء الأطوار الحياتية لنمو ثمار الأشجار بحسب عمرها ومناطق الزراعة (الجدول (4).
أ – في الحقول البعلية تضاف الكميات الآتية سنوياً وحسب عمر الغراس كغ/سماد/دونم | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ب – في الحقول المروية تضاف الكميات الآتية سنوياً وحسب عمر الغراس كغ سماد/دونم | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (4) التسميد السنوي لغراس الزيتون في طوري التربية والإنتاج الثمري |
تحرث بساتين الزيتون سنوياً بمعدل 3ـ5مرات الأولى خريفية لعمق 12ـ15سم، والثانية ربيعية لعمق 8ـ10سم و1ـ3حرثات سطحية صيفاً لعمق 5ـ7سم بمعدل مرة واحدة كل شهر لحفظ رطوبة التربة ومكافحة الأعشاب وتقليل التبخر.
طرائق تربية الزيتون وتقليمه
تربية الزيتون عملية مهمة جداً، تهدف إلى المحافظة على التوازن الغذائي فيزيولوجياً وحيوياً بين المجموعتين الخضرية والجذرية للشجرة وبين النمو الخضري والإثمار، وإلى تجديد نشاط النمو في الأشجار الفتية، أو إعادة الشباب إلى الأشجار المتقدمة في السن والهرمة، وإلى تسهيل جني الثمار وتخفيض ارتفاع الأشجار وتأمين الإضاءة والتهوية الجيدتين داخل الأشجار، وإلى تقصير مدة حياة شباب الأشجار وإطالة مدة إنتاجيتها الثمرية المنتظمة. وتربى أشجار الزيتون بعد جمع الثمار في وقت السكون النسبي الممتدة بين شهري تشرين أول وأوائل شهر شباط قبل موعد الإزهار بمدة شهر.
وتشتمل التربية عموماً على تربية تاج الشجرة، وتربية الإثمار والقطع التجديدي.
2ـ أما تربية الإثمار فتهدف إلى إنتاج طرود خضرية تحمل الثمار في العام المقبل، ويراعى أن تقلمّ الطرود الخضرية المتكونة على خشب السنة السابقة، بالتفريد أو تخفيف عددها إلى النصف وبالتبادل، وبإزالة رؤوس الطرود الأخرى المتبقية عليه بغية تكوين براعم زهرية جيدة وقوية البنية و بالتوازن مع النمو الخضري العام. كما يراعى عدم إجراء تقليم جائر، وخاصة بعد سني الحمل الغزير، وإزالة الفروع والطرود المتشابكة والمريضة لضمان إضاءة وتهوية جيدتين ومتجانستين في جميع أجزاء الشجرة. وتربى أشجار الزيتون إثمارياً مرة واحدة كل سنتين.
3ـ القطع التجديدي التشبيبي: ويهدف إلى تجديد حياة
الشجرة (تشبيبها) التي تظهر عليها علائم الضعف في تاجها أو تاجيها أو أكثر. ويجري هذا القطع على كل الفروع الهرمة التي تجاوز عمرها 5ـ8سنوات وذلك بإزالة ثلث إلى نصف طولها بحسب قوة نموها. وتتفرع هذه الفروع مكونة التاج المغزلي، ثم الكروي، في طور الإثمار، بحسب طبيعة الصنف. ويراعى أن تكون التربية التاجية شبه كأسية في المناطق الساحلية للتخفيف من تأثير الرطوبة وكأسية كروية في المناطق الداخلية للتخفيف من تأثير الحرارة وضربة الشمس الموجعة.
ـ القطع التجديدي الجزئي أو الكلي للشجرة: يجري هذه القطع عادة على الجذوع المريضة والأِشجار المسنة الهزيلة الضعيفة بإنتاجها وثمرها. وتقطع الأشجار على ارتفاع متر تقريباً فوق مكان الطعم في حالة الأشجار المطعمة، وتختار النموات الحديثة اللازمة في السنة القادمة لتربى من جديد بشكل متوازن، وتزال النموات الفائضة بهدف تكوين شجرة جديدة، أما في الأشجار غير المطعمة فيقطع الجذع على مستوى الأرض، ويحتفظ بـ 2ـ3 فروع جذعية متساوية بقوة نموها من الخلائف في السنة الخامسة أو السادسة من عمرها والتي تظهر عليها دلائل بداية الإنتاج الثمري. وقد اتبعت هذه الطريقة في إدلب عام 1950 إثر وقوع صقيع شديد جداً (-25 ْم).
4ـ التربية الحديثة السياجية: تربى في إيطاليا وإسبانيا أشجار الزيتون بطريقة حديثة تسمى التربية السياجية أو الدغلية كما هو المتبع في تربية التفاحيات، وبهدف زراعة عدد كبير من الأشجار على أبعاد (6×2م) وتبكير الإنتاج وتسهيل مكننة عمليات التربية والقطاف. وقد باشر بعض المزارعين في سورية بتطبيق هذه الطريقة وبدأت تعطي أكلها منذ عام 2003م.
طريقة الري [ر]
يوضح الجدول (5) عدد الريات وموعدها وكمية مياهها وفقاً لمناطق الاستقرار السورية، ويعتمد رئيسياً على الري التكميلي في المناطق البعلية (97%).
وتتبع طرائق كثيرة في الري، منها الأحواض والخطوط الالتفافية (الكونتورية) والمساكب والرذاذ والتنقيط، وينصح اليوم باتباع الري بالتنقيط في جميع الأراضي[ر].
|
||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (5) ري البساتين المنتجة للزيتون بحسب مناطق الاستقرار السورية |
تنتشر أصناف كثيرة من الزيتون في العالم وفي الوطن العربي، وتصنف تجارياً في ثلاث مجموعات، تشمل أصناف زيتون الزيت (نسبة الزيت أكثر من 20%وزناً)، وأصناف زيتون المائدة (نسبة الزيت أقل من 15%وزناً)، وأصناف الزيتون الثنائي الغرض (نسبة الزيت بين 16ـ20%وزناً) وهناك أصناف عدة يراوح وزن ثمارها بين 2ـ10غ. وفي سورية نحو 70صنف زيتون مزروع وبري حراجي، من أهمها:
الشكل (5) أهم الأصناف المحلية والعالمية للزيتون |
وفي الجزائرصنف سيفواز لإنتاج زيتون المائدة، وصنف أزيراج ثنائي الغرض، وصنف شملالي لاستخراج الزيت. وفي المغرب صنف البيشولين لإنتاج الزيت وفي تونس صنف المسيكي لإنتاج زيتون المائدة، و الشملالي والشتوي لإنتاج الزيت. وفي الأردن، الأصناف جبع1، وجبع 2، ونبالي محسن ونبالي سعادة تصل نسبة الزيت في ثمارها إلى 37%.
وتنتشر أصناف عديدة في أقطار مختلفة من العالم، من أهمها: بيشولين، مانزنيلا، اسكولانا، كونسرفوليا، وفينا، أربيكان، تانش، لوكار، فرانتويو، ميشن، كورينيولا وغيرها، وقد أدخل البعض منها إلى سورية ومازال قيد التجربة. ولابد من إجراء دراسات تفصيلية وحيوية للأصناف المحلية والأجنبية واصطفاء الأجود منها والأكثر ملائمة للبيئة السورية. وتعمل هيئة الطاقة الذرية على تقييم ومقارنة الأصناف ودرجة القرابة بينها باستخدام تقانة التضخيم العشوائي للدنا random amplified polymorphic DNA (RAPD-DNA).
القطاف
يمتد موعد القطاف بين شهري تشرين الأول وكانون الأول، ويمكن تحديد موعد النضج بجهاز قياس صلابة الثمار. تتنوع الطرائق المستعملة في قطاف الزيتون وتتلخص كما يأتي:
1ـ القطاف بالعصا: ضرباً فتتساقط الثمار على الأرض أو على شبك أو قطع قماشية أو لدائنية، ثم تجمع يدوياً. ينبغي الإحجام عن هذه الطريقة، لأنها تسبب تكسير الطرود، ورضوضاً وجروحاً للثمار مما يزيد من حموضة الزيت الناتج منها، كما تسهل إصابة الفروع بالأمراض والحشرات والمعاومة بالإنتاج.
2ـ القطاف اليدوي: توضع الثمار المقطوفة في أوعية محمولة وقد يستفاد من ملاقط منشارية لدائنية لإسقاط الثمار من دون الأوراق على الشبك الأرضي، أو في أوعية محمولة. وتستعمل هذه الطريقة لقطف الثمار الكبيرة والمعدّة للتخليل وهي أقل ضرراً من السابقة (الشكل ـ6).
الشكل (6) القطاف اليدوي السريع بالأمشاط اللاقطة المنشارية اللدائنية |
يقدر مردود الشجرة، بحسب العمر والخدمات الزراعية، ويراوح بين 50و150كغ في الزراعة المروية وبين 30و50كغ في الزراعة البعلية.
توضع الثمار في عبوات لدائنية موحدة جيدة التهوية، أو في أكياس. ويجب أن لاتترك العبوات مدة طويلة في الحقل لأن ذلك يؤدي إلى زيادة حموضة الزيت كما ينبغي عدم تخزين الزيتون رطباً وعدم خلط الثمار الملتقطة من على الأرض مع المقطوفة وينبغي نقل الثمار بعد الجني إلى المعصرة في أقرب وقت ممكن.
أهم الآفات
آفات الزيتون كثيرة، بعضها حشري، كالحشرات القشرية وذبابة الزيتون وسوسة الطرود، والمن الأسود وبسيلا وعتة الزيتون، ودودة الأوراق وثاقبة الأوراق وحفار الساق، وبعضها الآخر حيواني، كالنيماتودا، أو فطري كتبقع الأوراق (عين الطاووس) والثمار، وذبول الزيتون وسل الزيتون وعفن الجذور، أو فيزيولوجي كاصفرار الأوراق وجفاف الثمار وتجعدها.
الآفاق المستقبلية
يتطلب تطوير زراعة الزيتون في سورية إجراء دراسات معمقة لحصر الأصناف وتحديد هويتها وتحسينها وراثياً والبحث عن ملقحات للأصناف المعاومة والكاذبة بحملها، وتحسين عمليات الإكثار وإنتاج الغراس الملائمة للبيئة السورية، وخاصة البعلية، وإنشاء حقول أنموذجية لأمهات الأصناف ومكننة عمليات الجني، وتجديد البساتين المسنة وتقديم الخدمات الزراعية المدروسة والملائمة للأصناف والمنطقة، مثل التسميد والري والتربية، والتوسع في البحوث العلمية على الأصناف المحلية والمدخلة، وإحداث بساتين للمجمعات الوراثية وتكثيف بساتين الزيتون والتركيز على الأصناف الثنائية الغرض وغيرها.
هشام قطنا